|
عضو فضي
|
رقم العضوية : 34252
|
الإنتساب : Apr 2009
|
المشاركات : 1,863
|
بمعدل : 0.33 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
الحوزويه الصغيره
المنتدى :
منتدى القرآن الكريم
بتاريخ : 08-08-2012 الساعة : 03:24 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم يا كريم
إجابة السؤال الرابع
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى
(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ(175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176) ) سورة آلأعراف
س/ ما تفسير هذه الآية , ومن المقصود بها ؟
الجواب
قال صاحب الميزان إن هذه قصة أخرى من قصص بني إسرائيل وهي نبأ بلعم بن باعورا أمر الله نبيه صلى الله عليه وآله وسلم أن يتلوه عليهم يتبين به أن مجرد الأتصال بالأسباب الظاهرية العادية لا يكفي في فلاح الإنسان وتحتم السعادة له مالم يشأ ذلك , وأن الله لا يشاء ذلك لمن أخلد إلى الأرض واتبع هواه فإن مصيره إلى النار ثم يذكر آية ذلك فيهم وهي أنهم لا يستعملون قلوبهم وأبصارهم وآذانهم فيما ينفعهم , والآية الجامعة أنهم غافلون .
قوله تعالى ( واتل عليهم نبأ الذي أتيناه آياتنا فانسلخ منها )
إلى آخر الآية معنى إيتاء الآيات على ما يعطيه السياق التلبس من الآيات النفسية والكرامات الخاصة الباطنية بما يتنور به طريق معرفة الله له , وينكشف له ما لا يبقى له معه ريب في الحق والانسلاخ خروج الشيء وانتزاعه من جلده , وهو كناية استعارية عن أن الآيات كانت لزمتها لزوم الجلد فخرج منها الخبث في ذاته , والإتباع كالتبع والإتباع التعقيب واقتفاء والأثر يقال : تبع وأتبع واتبع ,والكل بمعنى واحد , والغي و الغواية هي الضلال , كأنه الخروج من الطريق للقصور عن حفظ المقصد الذي يوصل إليه الطريق ففيه نسيان المقصد والغاية , فالمتحير في أمره وهو في الطريق غوي , والخارج عن الطريق وهو ذاكر لمقصده ضال , وهو الأنسب لمورد الآية فإن صاحب النبأ بعد ما انسلخ عن آيات الله وأتبعه الشيطان غاب عنه سبيل الرشد فلم يتمكن من إنجاء نفسه عن ورطة الهلاك , وربما استعمل كل من الغواية والضلالة في معنى واحد . وهو الخروج عن الطريق الموصل إلى الغاية .
وقد اختلف المفسرون في تعيين من هو صاحب النبأ في هذه الآية على أقوال مختلفة سنشير إلى جلها أو كلها في البحث الروائي الاتي إن شاء الله .
والآية –كما ترى- أبهمت اسمه واقتصرت على الإشارة إلى إجمال قصته لكنها مع ذلك ظاهرة في أنه واقع لا مجرد تمثيل فلا وقع لقول من قال : إنها مجرد تمثيل من غير نبأ واقع .
والمعنى : (واتل عليهم ) أي على بني إسرائيل أو على الناس خبراً عن أمر عظيم وهو ( النبأ ) الرجل ( الذي أتيناه آياتنا ) وكشفنا لباطنه عن علائم و آثار إلهية عظام يتنور له بها حق الأمر ( فانسلخ منها ) ورفضها بعد لزومها ( فاتبعه الشيطان فكان من الغاوين ) فلم يقو على إنجاء نفسه من الهلاك .
قوله تعالى : ( ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه ) الآية الإخلاد واللزوم على الدوام , والإخلاد إلى الأرض اللصوق بها , وهو كناية عن الميل إلى التمتع بالملاذ الدنيوية والتزامها , واللهث من الكلب إن يدلع لسانه من العطش .
فقوله : ( ولو شئنا لرفعناه بها ) أي لو شئنا لرفعناه بتلك الآيات وقربناه إلينا لأن في القرب إلى الله ارتفاعا عن حضيض هذه الدنيا التي هي بما لها من اشتغال الإنسان بنفسها عن الله وآياته أسفل سافلين , ورفعه بتلك الآيات بما أنها أسباب إلهية ظاهرية تفيد اهتداء من تلبس بها لكنها لا تحتم السعادة للإنسان لأن تمام تأثيرها في ذلك منوط بمشيئة الله , والله سبحانه لا يشاء ذلك لمن أعرض عنه وأقبل إلى غيرها . وهي الحياة الأرضية اللاهيةعن الله ودار كرامته فإن الإعراض عن الله سبحانه وتكذيب آياته ظلم , وقد حق القول منه سبحانه أنه لا يهدي القوم الظالمين , وأن الذين كفروا وكذبوا بآياته أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون .
ولذلك عقب تعالى قوله : ( ولو شئنا لرفعناه بها ) بقوله : ( لكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه ) فالتقدير : لكنا لم نشأ ذلك لأنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه وكان ذلك مورداً لإضلالنا لا لهدايتنا كما قال تعالى : ( ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء ) .
وقوله : ( فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ) أي إنه ذو هذه السجية لا يتركها سواء زجرته ومنعته أو تركته و (تحمل ) من الحملة لا من الحمل ( ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا ) فالتكذيب منهم سجية وهيئة نفسانية خبيثة لازمة فلا تزال آياتنا تتكرر على حواسهم ويتكرر التكذيب بها منهم ( فاقصص القصص ) وهو مصدر أي اقصص قصصاً أو اسم مصدر أي أقص القصة ( لعلهم يتفكرون ) فينقادوا للحق وينتزعوا عن الباطل .
في تفسير القمي في قوله تعالى : (واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا ) الآية قال : حدثني أبي عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن الرضا عليه السلام : أنه أعطي بلعم بن باعورا الإسم الأعظم , وكان يدعو به فيستجيب له فمال إلى فرعون فلما مر فرعون في طلب موسى وأصحابه قال فرعون لبلعم : ادع الله على موسى وأصحابه ليحبسه علينا فركب حمارته ليمر في طلب موسى فامتنعت عليه حمارته فأقبل يضربها فأنطقها الله عز وجل فقالت ويلك على ماذا تضربني؟ أتريد أن أجيء معك لتدعو على نبي الله وقوم مؤمنين ؟ ولم يزل يضربها حتى قتلها فانسلخ الإسم من لسانه , وهو قوله : ( فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين , ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ) وهو مثل ضربه الله .
أقول : قوله عليه السلام : ( وهو مثل ضربه الله ) الظاهر أنه يشير إلى نبأ بلعم . تفسير الميزان ج 8
|
|
|
|
|