( قال الأستاذ ) : الإمامة الصحيحة والأسوة الحسنة هي فيما تكون عليه الأرواح من الصفات الفاضلة والملكات العلمية التي تملك على صاحبها طرق العمل فتسوقه إلى خيرها وتزعه عن شرها ، ولا حظ للظالمين في شيء منها ، وإنما هم أصحاب الرسم وأهل الخداع والانخداع بالظاهر ، ولذلك يصفون أعمالهم وأحكامهم بالرسمية . وقد جعل الله إبراهيم إماما للناس وذكر لنا في كتابه كثيرا من صفاته الجليلة كقوله - تعالى - : ( إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ) ( 16 : 20 ) الآية ، وقوله : ( إن إبراهيم لحليم أواه منيب ) ( 11 : 75 ) ولم يذكر لنا شيئا من زيه وصفة ثيابه ، ولا وصف أنواع طعامه وشرابه ، بل أرشدنا إلى أن دعوته الصالحة لا يدخل فيها ولا ينتفع بها أحد من ذريته إلا من اجتنب الظلم لنفسه وللناس .
قال : وقد أخذوا من هذه الآية حكما أصوليا ، وهو أن الظالم لا يجوز أن يولى منصب الإمامة العظمى ، واشترطوا لصحة الخلافة فيما اشترطوا العلم والعدل ، ونقل أن أبا حنيفة ( رح ) كان يفتي سرا بجواز الخروج على المنصور ، ويساعد علي بن الحسن على ما كان ينزع إليه من الخروج عليه . اكتفى الأستاذ الإمام من الدرس بهذا القدر من الاستشهاد .
ومن الناس من يعلل إباء أبي حنيفة من الأئمة منصب القضاء في زمن المنصور وأمثاله من الأمراء ، باعتقاد عدم صحة إمامتهم ، وعدم انعقاد ولايتهم ، ويروى أن أبا حنيفة كان يرى يومئذ أن الإمامة يجب أن تكون للعلويين خاصة .
الكتب » تفسير المنار » سورة البقرة » تفسير قوله تعالى وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن