|
عضو فضي
|
رقم العضوية : 34252
|
الإنتساب : Apr 2009
|
المشاركات : 1,863
|
بمعدل : 0.33 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
الحوزويه الصغيره
المنتدى :
المنتدى الفقهي
فضح الباطل وتعريته
بتاريخ : 21-12-2012 الساعة : 03:57 AM
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم يا كريم
عظم الله أجورنا بمصابنا بالحسين عليه السلام وجعلنا و إياكم من الطالبين بثاره مع وليه الإمام المهدي من آل محمد عليهم السلام
فضح الباطل وتعريته
فضلاً عن دور التذكير بوقائع صراع الحقّ ضدّ الباطل في إحياء الحقّ وفضح الباطل، لا بدّ لإفشال خطط أتباع الباطل من فضح مؤامراتهم والكشف عن جناياتهم وجرائمهم، حتّى لا يبقى ما حدث طيّ "الكتمان".
كان لإفشاء الحقائق دائماً دور بنّاء في تنوير أذهان النّاس بواقعيّات الأحداث وفي تعبئتهم ضدّ الباطل.
وفي واقعة عاشوراء ومأساة كربلاء، كانت إحدى رسالات ومهمّات أفراد بقيّة الركب الحسينيّ فضح العدوّ وتعرية حقيقته وتوجيه الضربة إلى الحكم الأمويّ، من خلال الكشف عن حقيقة ما جرى في كربلاء.
ولعلّ أحد الأسباب التي جعلت الإمام الحسين عليه السلام يصطحب معه النساء والأطفال منذ بدء رحلته من المدينة إلى مكّة، ثمّ إلى كربلاء هو أنّ النساء والأطفال سيكونون شهود عيان لحركة أحداث النهضة وتفاصيل الواقعة ولجميع مشاهد مظلوميّة أهل البيت عليهم السلام، ووقائع مسرح الجريمة الكبرى، وسيحدّثون النّاس في مرحلة الأسر وما بعدها بكلّ ما شاهدوه، حتّى لا تبقى تلك الوقائع خلف حجب الإبهام والغموض وطيّ الكتمان.
وكان لدور الإمام السجّاد عليه السلام وزينب الكبرى عليها السلام في هذا الأمر أهميّة كبرى، إذ ما أن أتمّ الإمام السجّاد دفن أبيه عليهما السلام وبقيّة الشهداء حتّى كتب على قبر أبيه: "هذا قبر الحسين بن عليّ بن أبي طالب، الذي قتلوه عطشاناً غريباً".
ولقد كان بإمكان الإمام السجّاد عليه السلام أن يكتب عبارة أخرى غير هذه العبارة، يذكر فيها أوصافاً أخرى لسيّد الشهداء عليه السلام، لكنّ تأكيده على أنّ أباه قد قتل على هذه الحال هو نوع من فضح العدوّ وتعرية حقيقته.
وفي خطبة له في الكوفة قال عليه السلام أيضاً:
"أنا ابن من قتل صبراً وكفى بذلك فخراً!".
مع أنّ بإمكانه عليه السلام في معرض التعريف بنفسه المقدّسة وتعديده لافتخاراته أن يذكر أوصافاً أخرى!
ونراه عليه السلام يقول أيضاً في نفس تلكم الخطبة في الجموع الحاشدة من النّاس: "أيّها النّاس، من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا عليّ بن الحسين بن أبي طالب، أنا ابن من انتهكت حرمته، وسلبت نعمته، وانتهب ماله، وسبي عياله، أنا ابن المذبوح بشطّ الفرات من غير ذحل ولا ترات...".
فهو عليه السلام في تعريفه بنفسه يعرّف أباه الشهيد عليه السلام قبل أن يتعرّض لأوصافه هو ومحامده!، ويذكر الجرائم الفظيعة التي تعرّضت لها عترة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا فضح لابن زياد ولحكومة يزيد.
وفي خطابه المثير الذي فضح به الحكم الأمويّ وأيقظ به الغافلين، الذي ألقاه عليه السلام في قصر يزيد في الشام أمام جماهير النّاس ورجال السلطة الأمويّة وضيوف يزيد، كان عليه السلام قد كشف الأستار عن الحقائق التي أخفاها التعتيم الأمويّ عن النّاس، وكان ممّا قاله عليه السلام في هذا الخطاب:
".. أيّها النّاس، من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني أنبأته بحسبي ونسبي، أنا ابن مكّة ومنى، أنا ابن زمزم والصفا، أنا ابن من حمل الركن بأطراف الرداء، أنا ابن خير من ائتزر وارتدى، وخير من طاف وسعى، وحجّ ولبّى، أنا ابن من حمل على البراق وبلغ به جبرئيل سدرة المنتهى، فكان من ربّه كقاب قوسين أو أدنى، انا ابن من صلّى بملائكة السماء، أنا ابن من أوحى إليه الجليل ما أوحى، أنا ابن من ضرب بين يدي رسول الله ببدر وحنين، ولم يكفر بالله طرفة عين، أنا ابن صالح المؤمنين، ووارث النبيّين، ويعسوب المسلمين، ونور المجاهدين، وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين، ومفرّق الأحزاب، أربطهم جأشاً، وأمضاهم عزيمة، ذاك أبو السبطين الحسن والحسين، عليّ بن أبي طالب.
فلمّا بلغ إلى هذا الموضع ضجّ النّاس بالبكاء، وخشي يزيد الفتنة فأمر المؤذّن أن يؤذّن للصلاة، فقال المؤذّن: الله أكبر.
قال الإمام: الله أكبر وأجلّ وأعلى وأكرم ممّا أخاف وأحذر.
فلمّا قال المؤذّن: أشهد أن لا إله إلّا الله.
قال عليه السلام:نعم، أشهد مع كلّ شاهدٍ أن لا إله غيره، ولا ربّ سواه. فلمّا قال المؤذّن: أشهد أنّ محمّداً رسول الله.
قال (الإمام) للمؤذّن: أسألك بحقّ محمّد أن تسكت حتّى أكلّم هذا! والتفت إلى يزيد وقال: هذا الرسول العزيز الكريم جدُّك أم جدّي؟ فإنْ قلت جدّك علم الحاضرون والنّاس كلّهم أنّك كاذب، وإنْ قلت جدّي فلم قتلت أبي ظلماً وعدواناً، وانتهبت ماله، وسبيت نساءه، فويل لك يوم القيامة إذا كان جدّي خصمك!
فصاح يزيد بالمؤذّن: أقم للصلاة! فوقع بين النّاس همهمة، وصلّى بعضهم وتفرّق الآخر!".
لقد كان يزيد يتوقّع هذه النتيجة وهذا الافتضاح، ولذا فقد أبى في البداية أن يأذن للإمام السجّاد عليه السلام بالكلام حين طلب منه ذلك لكنّ من حوله من رجاله ألحّوا عليه وقالوا له: ائذن له! ما قدر أن يأتي به هذا الفتى المريض الأسير في حضور الأمير؟! "فقال يزيد: إنّ هؤلاء ورثوا العلم والفصاحة، وزقّوا العلم زقّاً! وما زالوا به حتّى أذن له"، وفي رواية أنّه قال: إذا رقى المنبر فلن ينزل إلّا بفضيحتي وفضيحة آل أبي سفيان!
كان الإمام السجّاد عليه السلام يلتزم الصمت في طول طرق رحلة الأسر، فلم يكن يكلّم جلاوزة الظالم حتّى بكلمة واحدة، ذلك لأنّه كان يعلم بخبث سرائرهم وقسوتهم، لكنّه عليه السلام كان يستثمر كلّ مكان ومجال مناسب لتنوير أذهان النّاس ببيان حقائق الأمور وفضح العدوّ وتعرية حقيقته، فمثلاً: عند أوّل دخول ركب السبايا الشام "دنا شيخ من السجّاد عليه السلام وقال له: الحمد لله الذي قتلكم وأمكن الأمير منكم!
فقال عليه السلام له: يا شيخ! أقرأت القرآن؟ قال: بلى، قال عليه السلام:أقرأت: (قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى)، وقرأت قوله تعالى: (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ)، وقوله تعالى: (وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى)
قال الشيخ: نعم قرأت ذلك.
فقال عليه السلام:نحن والله القربى في هذه الآيات.
ثمّ قال له الإمام: أقرأت قوله تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)؟ قال: بلى.
فقال عليه السلام:نحن أهل البيت الذين خصّهم الله بالتطهير.
قال الشيخ: بالله عليك! أنتم هم؟
فقال عليه السلام:وحقّ جدّنا رسول الله إنّا لنحن هم من غير شكّ.
فوقع الشيخ على قدميه يقبّلهما ويقول: أبرأ إلى الله ممّن قتلكم. وتاب على يد الإمام ممّا فرّط في القول معه، وبلغ يزيد فعل الشيخ وقوله فأمر بقتله" !
وعند عودة الركب الحسينيّ إلى المدينة المنوّرة وقد سبقه إليها بشير بن حذلم ينعى إلى النّاس الإمام الحسين عليه السلام ويخبرهم بمقدم عليّ بن الحسين عليه السلام مع عمّاته وأخواته، خرج النّاس يهرعون ولم تبق مخدّرة إلّا برزت تدعو بالويل والثبور، وضجّت المدينة بالبكاء، فلم يُر باكٍ أكثر من ذلك اليوم، واجتمعوا على زين العابدين يعزّونه، فخرج من الفسطاط وبيده خرقة يمسح بها دموعه، وخلفه مولى معه كرسيّ، فجلس عليه وهو لا يتمالك من العبرة، وارتفعت الأصوات بالبكاء والحنين، فأومأ إلى النّاس أن اسكتوا، فلمّا سكتت فورتهم قال عليه السلام:"الحمدُ لله ربّ العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الديّن، بارئ الخلائق أجمعين، الذي بَعُد فارتفع في السماوات العلى، وقرب فشهد النجوى، نحمده على عظائم الأمور، "... إنّ مجالس التعزية، إنّ مجالس عزاء سيّد الشهداء عليه السلام وتلكم وفجائع الدهور، وألم الفجائع، ومضاضة اللواذع، وجليل الرزء، وعظيم المصائب الفاظعة الكاظّة الفادحة الجائحة.
أيّها القوم! إنّ الله تعالى وله الحمد ابتلانا بمصائب جليلة، وثلمة في الإسلام عظيمة، قتل أبو عبد الله الحسين عليه السلام وعترته، وسبيت نساؤه وصبيته، وداروا برأسه في البلدان من فوق عامل السنان، وهذه الرزيّة التي لا مثلها رزيّة!".
وكانت خطب زينب الكبرى وأمّ كلثوم عليهما السلام تتضمّن أيضاً هذا المحتوى وهذا الاتّجاه.
إنّ بيان مظلوميّات أهل البيت عليهم السلام، خصوصاً ما جرى في كربلاء، كان دائماً مثيراً لغضب وسخط وانزعاج الطغاة الظلمة من الأمويّين والعبّاسيّين، وكان على الدوام أيضاً محلّاً لتأييد وتأكيد أئمّة أهل البيت عليهم السلام، ذلك لما له من دور وأثر في فضح العدوّ وتعريته.
كما أنّ مجالس عزاء أهل البيت عامّة، ومجالس العزاء الحسينيّ خاصّة، التي كانت تقام على طول التأريخ بأمر ودعم وتأييد الأئمّة عليهم السلام وكبار علماء الدين، تتمتّع أيضاً بنفس هذه الماهيّة، ولقد كان الإمام الخمينيّ (رضوان الله عليه) يشير إلى هذا البعد في مجالس العزاء في كثير من أقواله وتوجيهاته، من ذلك مثلاً قوله:
التبليغات ضدّ الظلم، وهذا التبليغ ضدّ الطاغوت، وفضح الظلم الذي وقع على المظلوم، يجب أن يبقى ويستمرّ إلى الأبد".
نسألكم الدعاء
|
|
|
|
|