بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد
يأتي الذنب إما قصداً وعمداً أو بغير قصد،
فلو أخذنا الخطيئة مثلا نجدها لا تمس الماديات،
وأنها مؤرقة ومحزنة، ولها علاقه بمكنونات الجوهر،
بينما الخطأ يكون مادي بحت ،
وعلاقته علاقة التعدّي
على الملكيه بكل أشكاله
وفي كلتا الحالتين هي المعصية غير المؤدّبة،
والمعترضة على القوانين الوضعيه
من خلال كيفيتها في استباحة واختراق المادة والروح،
والتعدي على حقوق الآخر والعبث فيما يملك،
فكراً، جسداً، مادةً،
وقد تكون شخصيةً فتسيء إلى مرتكبها مباشرة
من خلال العبث في مقتنياته،
ونعته بمسميات بعيده كل البعد عن منهجه
وطريقة تعامله في صياغة قالب الحياة له
ولمن حوله من خلال النصح والأرشاد .
الخطيئة هي وليدة التمرد والمقارنه
وطلب التفضيل بل أخذت طابع التكبر والأستعلاء
ورفض فهم النِعم وخصوصيتها ضمن حدود الملكية،
ثم دخلت قلب الإنسان على شكل الوسواس،
فالأنسان بين أن يمتلك العقل بحكمته
فيملك الصح،ويبتعد عن الخطأ،
أو يقع بالوسواس الذي يقوده إلى لحظة العماء،
ليظلم قسم من العقل،
فيرتكب الخطيئة والخطأ،
وهذا ما كان مع آدم وحواء،
إذ عصيا الأوامر الآلهيه ، وتعدّيا على المادة الممنوعة،
بأرتكابهم الخطأ الروحي:
وهو الاستجابة لفكرة الشيطان ،
ومن ثم تنفيذها بالأكل من الفاكهة المحذوره ،
وكانت النتيجة أنهما أصبحا على الأرض
ليدخلا عالم الفعل والتفاعل،
عالم الخير والشر،
عالم الصح والخطأ،
لتبدء رحلة الحياة الجديدة الممتلئة بالخطيئة والخطأ
"على مبدأ " كلُّ ابن آدم خطاء"،
فالخطأ هو أداة الخطيئة، وهو بيان وأستبيان عقلي،
مرتبط ببصيرة القلب،
وذلك لكون الفؤاد مرآة للفكر،
والخطيئة تعيش في جوهر الفكر والقلب،
لها شكل ظاهري مادي والذي نسميه الخطأ،
وله مردودان: الأول سلبي، والثاني إيجابي،
فكيف يكون ذلك ؟
مرة نستسهل الخطأ المرتكب ونعتبره أمراً عادياً
مما يؤدي إلى تعميقه والسقوط فيه،
بحيث نفقد المقدرة على إصلاحه أو تلافيه،
وهنا تكون الطامة الكبرى
التي تؤدي إلى الهاوية
ومرة أخرى يكون الخطأ فيه درساً بليغاً،
يتعلم منه المرء ويتلافاه مهما بلغ حجمه ،
أي بمعنى إدراك حجم الخطأ
من خلال النظر في واقع الشيء
وهو الذي يؤدي إلى الابتعاد والحذر منه ،
كمن يرى حفرة في طريقه فيبتعد عنها،
إن ترك الخطأ والخطيئة هو اعتراف مهم يأخذ شكل الفضيلة،
والفضيلة عكس الخطيئة، وهي مرتبة الإنسان العليا،
بحيث تعطيه لقب الفاضل والعاقل والحكيم ،
بينما الخطيئة والخطأ تعطيه لقب الشرِّ والمسيء وغير العاقل.
نعم الإنسان غير كامل، والكمال لله وحده
ونقص الأنسان يكون من خلال الخطأ الذي يرتكبه،
ولكن بالتفكر والعلم والسعي والسلوك الصحيح
، والجهد بالحبِّ والتبصّر نبتعد عن الخطأ
وإن لم يكن ابتعاداً فأنه يكون انتباهاً
وإن لم يكن كذلك
فأنه يكون خطأ غير مقصود، وهذا هو الذي يُغفر.
من الخطأ يتعلّم الإنسان ويعرف
كيف يحمي نفسه ويطوّرها ،
ليمتلك الفضيلة ويعلي من شأن الصح ويزيده
ويشير إلى الخطأ والخطيئة ويوجه لها
ويعرف الجميع أن الله غفور رحيم
ونحن بشر كذلك نغفر لبعضنا الخطأ غير المقصود؛
شرط أصلاح النيه
ونعاقب بعضنا على الخطأ المقصود
من خلال القوانين والشرائع الناظمه
لحركة الحياة ووجودها،
فإذا عرف المرء مسيره، وربط النقاط ببعضها تجاوز الخطأ،
وترك باقي معرفة المسير إلى القدر ومشيئته؛
التي نخضع جميعاً لها
لنعلم أنَّ الخطأ مرهون بالعمل
والحساب والثواب يتوقف على نوع الخطأ
هذا يعني أن الخطأ سمة البشرية
ومحكوم بالنية الصادقة،
وأن عدم العمل والانكفاء خوفاً
من الخطأ والخطيئة هو الخطأ بعينه،
فالجرأة العلمية المحسوبة والمدروسة،
والإقدام العاقل بعد فهم الأشياء وربطها،
هما من أهم أسباب استمرار الحياة،
وبدونهما لا حياة