الصفحة (320)
على غير شيء غير أن ليس تابعا
عليَّا، ومن لايَتْبَع الحق يَنْدم
يذكرني حاميم والرمح شارع
فهلا تَلا حاميم قبل التقدم
وقد كان أصحاب الجمل حملوا على ميمنة علي وميسرته فكشفوها فأتاه بعض ولد عقيل وعليٌّ يَخْفقِ نعاساً على قَرَبُوس سرجه، فقال له يا عمر، قد بلغت ميمنتك وميسرتك حيث ترى، وأنت تخفق نعاسا؟ً قال: اسكت يا ابن أخي، فإن لعمك يوماً لا يعدوه، واللّه ما يبالي عمك وقع على الموت أو وقع الموت عليه، ثم بعث إلى ولده محمد بن الحنفية، وكان صاحب رايته: أحمل على القوم فأبطأ محمد بحملته وكان بإزائه قوم من الرماة ينتظر نفاد سه أمه م، فأتاه علي فقال: ها حملت، فقال: لا أحد متقدَّماً إلا على سهم أو سنان، وإني منتظر نَفَاد سه أمه م وأحمل، فقال له: احمل بين الأسنة؛ فأن الموت عليك جنة، فحمل محمد، فشك بين الرماح والنشاب فوقف، فأتاه علي فضربه بقائم سيفه وقال: أدركك عِرْق من أمك، وأخذ الراية وحمل، وحمل الناس معه، فما كان القوم إلا كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف، وأطافت بنو ضبة بالجمل وأقبلوا يرتجزون ويقولون:
نحن بنو ضبة أصحاب الجمل ... ننازل الموت إذا الموت نزل
ردُوا علينا شيخنا ثم بَجَلْ ... نَنْعَى ابْنَ عفان بأطراف الأسل
والموت أحلى عندنا من العسل
وقطع علي خطام الجمل سبعون يداً، من بني ضبة منهم سعد بن مود القاضي متقلداً مصحفاً، كلما قطعت يد واحد منهم فصُرِع قام آخر أخذ الخطام وقال: أنا الغلام الضبي، ورُمي الهودج بالنشَّاب والنبل حتى صار كأنه قنفذ، وعرقب الجمل وهو لا يقع وقد قطعت أعضاؤه وأخذته أسيوف حتى سقط، ويُقال: إن عبد اللّه بن الزبير قبض على خطام أجمل، فصرخت عائشة - وكانت خالته - : واثُكْلَ أسماء، خلِّ الخطام، ناشدته، فخلّى عنه، ولما سقط الجمل ووقع الهودج جاء محمد بن أبي بكر، فأدخل يده فقالت: من أنت؟ قال: أقرب الناس منك قرابة، أبغضهم إليك، أنا محمد أخوك، يقول لك أمير المؤنين هل أصابك شيء؟ قالت: ما أصابني إلا سهم لم يضرني، فجاء علي حتى وقف عيها، فضرب الهودج بقضيب، وقال: يا حُميراء، رسول اللهّ صلى الله عليه وسلم أمرك بهذا؟ ألم يأمرك أن تقري في بيتك؟ والله ما أنصفك الذين أخرجوك إذ صانوا عقائلهم وأبرزوك، وأمر أخاها محمداً فأنزلها في دار صفية بنت الحارث بن طلحة العبدي وهي أم طلحة الطلحات ووقع الهودج والناس متفرقون يقتتلون، والتقى الأشتر مالك بن الحارث النخعي وعبد الله بن الزبير فاعتركا وسقطا على الأرض عن فرسيهما وطال اعتراكهما على وجه الأرض، فعلاه الأشتر ولم يجد سبيلاً إلى قتله لشدة اضطرابه من تحته والناس حولهما يجولون، وابن الزبير ينادي:
اقتلوني ومالكاً ... واقتلوا مالكاً معي
فلا يسمعه أحد لشدة الجلاد ووقع الحديد على الحديد ولا يراهما رَاءٍ لظلمة النَقع، وترادف العَجَاج، وجاء ذو الشهادتين خزيمة بن ثابت إلى علي فقال: يا أمير المؤمنين، لا تنكس اليوم رأس محمد، واردد إليه الرايَةَ، فدعا به، وردَّ عليه الراية، وقال:
اطعنهم طعن أبيك تحمد ... لاخير في الحرب إذا لم توقد
بالمشرفِيِّ والقنا المسرَّدِ
ثم استسقى، فأتى بعسل وماء، فحسا منه حُسْوَة، وقال: هذا الطائفي، وهو غريب بهذا البلد، فقال له عبد اللهّ بن جعفر: أما شَغَلَكَ ما نحن فيه عن علم هذا؟ قال: إنه واللّه يا بني ما مَلأ صدر عمّك شيء قط من أمر الدنيا.
دخول علي البصرة
ثم دخل البصرة، وكانت الوقعة في الموضع المعروف بالْخُريْبة وذلك يوم الخميس لعشر خلون من جمادى الأخرة سنة ست وثلاثين، على حسب ما قدمنا آنفاً من التاريخ، وخطب الناس بالبصرة خطبته الطويلة التي يقول فيها: يا أهل السبخة يا أهل، المؤتفكة ائتفكت بأهلك من الدهر ثلاثاً، وعلى اللّه تمام الرابعة، يا جُنْد المرأة، يا أتباع البهيمة، رغا فأجبتم، وعقر فانهزمتم، أخلاقكم رقاق، وأعمالكم نفاق، ودينكم زيغ وشقاق، وماؤكم أجاج وزُعَاق، وقد ذم عليّ أهل البصرة بعد هذا الموقف مراراً كثيرة.
بين ابن عباس وعائشة
الصفحة (257)
وأخذت عائشة كفا من حصى ، فحصبت به أصحاب على عليه السلام ، وصاحت بأعلى صوتها شاهت الوجوه ! كما صنع رسول الله صلى الله عليه وآله يوم حنين ، فقال لها قائل : وما رميت إذ رميت ولكن الشيطان (1) رمى .
__________
الصفحة (50)
لقد أوردتنا حومة الموت أمنا ... فلم ننصرف إلا ونحن رواء ...
لقد كان عن نصر ابن ضبة أمه ... وشيعتها مندوحة وغناء ...
أطعنا بني تيم بن مرة شقوة ... وهل تيم إلا أعبد وإماء ...
كتب إلي السري عن شعيب عن سيف عن المقدام الحارثي قال كان منا رجل يدعى هانئ بن خطاب وكان ممن غزا عثمان ولم يشهد الجمل فلما سمع بهذا الرجز يعني رجز القائل ... نحن بني ضبة أصحاب الجمل ... في حديث الناس نقض عليه وهو بالكوفة ... أبت شيوخ مذجح وهمدان ... ألا يردوا نعثلا كما كان ... خلقا جديدا بعد خلق الرحمن ...
كتب إلي السري عن شعيب عن سيف عن الصعب بن عطية عن أبيه قال جعل أبو الجرباء يومئذ يرتجز ويقول ...
اسامع أنت مطيع لعلي ... من قبل أن تذوق حد المشرفي ...
وخاذل في الحق أزواج النبي ... أعرف قوما لست فيه بعني ...
ففي ذلك يقول قاتله منهم ..
. وأشعث قوام بآيات ربه ... قليل الأذى فيما ترى العين مسلم ...
هتكت له بالرمح جيب قميصه ... فخر صريعا لليدين وللفم ...
يذكرني حم والرمح شاجر ... فهلا تلا حم قبل التقدم ...
على غير شيء غير أن ليس تابعا ... عليا ومن لا يتبع الحق يندم ...
الصفحة (52)
كتب إلي السري عن شعيب عن سيف عن مخلد بن كثير عن أبيه قال أرسلنا مسلم بن عبدالله يدعو بني أبينا فرشقوه كما صنع القلب بكعب رشقا واحدا فقتلوه فكان أول من قتل بين يدي أمير المؤمنين وعائشة رضي الله عنها
فقالت أم مسلم ترثيه ...
لا هم إن مسلما أتاهم ... مستسلما للموت إذ دعاهم
... إلى كتاب الله لا يخشاهم ... فرملوه من دم إذ جاهم ... وأمهم قائمة تراهم ... يأتمرون الغي لا تنهاهم ...
الصفحة (54)
كتب إلي السري عن شعيب عن سيف عن حماد البرجمي عن خارجة بن الصلت قال لما قال الضبي يوم الجمل ...
نحن بني ضبة أصحاب الجمل ... ننعى ابن عفان بأطراف الأسل ...
ردوا علينا شيخنا ثم بجل ...
قال عمير بن أبي الحارث ... كيف نرد شيخكم وقد قحل
... نحن ضربنا صدره حتى انجفل ...
أم المؤمنين عائشة اساءت هي بنفسها افعال بين صالحة وفاسدة
وانتم تلومون الشيعة بانهم اساءة والطعن عائشة!! مشكلة عند اهل السنة يؤمنون عدول صحابة!!
ومن مؤسف جدا ان هذه مذهب تقوم على تنازل او الحل الوسطية يخص اعمال الصحابة وهكذا اتفقوا علماء اهل السنة عدول صحابة جميعا!!. مع ذلك يناقض بما ذكر في السنة والقران الكريم
التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم الخراساني ; 30-09-2010 الساعة 09:44 PM.
حدثني محمد بن الحسين الأشناني، قال: حدثنا موسى بن عبد الرحمن المسروقي، قال: حدثنا عثمان بن عبد الرحمن، قال: حدثنا إسماعيل بن راشد بإسناده، قال: لما أتى عائشة نعى علي أمير المؤمنين - عليه السلام - تمثلت:
فألقت عصاها واستقرت بها النوى ...
كما قر عيناً بالأياب المسافر
ثم قالت: من قتله؟ فقيل: رجل من مراد، فقالت:
فإن يك نائباً فلقد بغاه ... غلام ليس في فيه التراب
فقالت لها زينب بنت أم سلمة: ألعلي تقولين هذا؟
فقالت: إذا نسيت فذكروني، قال: ثم تمثلت:
ما زال إهداء القصائد بيننا ... باسم الصديق وكثرة الألقاب
حتى تركت كأن قولك فيهم ... في كل مجتمع طنين ذباب
قال: وكان الذي جاءها بنعيه سفيان بن أبي أمية بن عبد شمس بن أبي وقاص هذا أو نحوه. حدثني محمد بن الحسين الأشناني، قال: حدثنا أحمد بن حازم، قال: حدثنا عاصم بن عامر، وعثمان بن أبي شيبة، قالا: حدثنا جرير، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، قال: لما أن جاء عائشة قتل علي عليه السلام سجدت.
أعتقد بأنه صغير في السن و جديد في الحوار و ليس له معرفة بكتبه
الصفحة (29)
وقدم طلحة والزبير من المدينة فلقيا
/
فاستقام الرأي على البصرة، وقالوا لها: نترك المدينة فإنا خرجنا فكان معنا من لا يطيق من بها من الغوغاء ونأتي بلداً مضيعاً سيحتجون علينا ببيعة علي فتنهضينهم كما أنهضت أهل مكة، فإن أصلح الله الأمر كان الذي أردنا، وإلا دفعنا بجهدنا حتى يقضي الله ما أراد.
فأجابتهم إلى ذلك. ودعوا عبد الله بن عمر ليسير معهم، فابى وقال: أنا من أهل المدينة أفعل ما يفعلون. فتركوه.
وكان أزواج النبي، صلى الله عليه وسلم، معها على قصد المدينة، فلما تغير رأيها إلى البصرة تركن ذلك، وأجابتهم حفصة إلى المسير معهم، فمنعها أخوها عبد الله بن عمر. وجهزهم يعلى بن منية بستمائة بعير وستمائة ألف درهم، وجهزهم ابن عامر بمال كثير، ونادى مناديها: إن أم المؤمنين وطلحة والزبير شاخصون إلى البصرة، فمن أراد إعزاز الإسلام وقتال المحلين والطلب بثأر عثمان وليس له مركب وجهاز فليأت! فحملوا ستمائة على ستمائة بعير وساروا في ألف، وقيل: في تسعمائة من أهل المدينة ومكة، ولحقهم الناس فكانوا في ثلاثة آلاف رجل. وبعثت أم الفضل بنت الحرث أم عبد الله بن عباس رجلاً من جهينة يدعى ظفراً فاستأجرته على أن يأتي علياً بالخبر، فقدم على علي بكتابها.
وخرجت عائشة ومن معها من مكة، فلما خرجوا منها وأذن مروان بن الحكم، ثم جاء حتى وقف على طلحة والزبير فقال: على أيكما أسلم بالإمرة وأؤذن بالصلاة؟ فقال عبد الله بن الزبير: على أبي عبد الله، يعني أباه الزبير. وقال محمد بن طلحة: على أبي محمد، يعني أباه طلحة. فأرسلت عائشة إلى مروان وقالت له: أتريد أن تفرق أمرنا! ليصل بالناس ابن أختي، تعني عبد الله بن الزبير. وقيل: بلى صلى بالناس عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد حتى قتل، فكان معاذ ابن عبيد الله يقول: والله لو ظفرنا لاقتتلنا، ما كان الزبير يترك طلحة والأمر ولا كان طلحة يترك الزبير والأمر.