7 ـ قول أبي طالب لعلي: إلزم ابن عمك
:قال ابن إسحاق: ذكر بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا حضرت الصلاة خرج إلى شعاب مكة وخرج معه علي بن أبي طالب مستخفياً من أبيه أبي طالب ومن جميع أعمامه وسائر قومه، فيصليان الصلوات فيها، فاذا أمسيا رجعا فمكثا كذلك ما شاء الله أن يمكثا، ثم إن با طالب عثر عليهما يوماً وهما يصليان، فقال لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا بن أخي ما هذا الدين الذي أراك تدين به؟ قال: «اي عم هذا دين الله ودين ملائكته ودين رسله ودين أبينا إبراهيم».
وذكروا أنه قال لعلي: اي بني ما هذا الدين الذي أنت عليه؟ فقال: «يا أبت آمنت بالله وبرسول الله وصدقته بما جاء به، وصليت معه لله واتبعته» فزعموا أنه قال له: أما إنه لم يدعك إلا إلى خير، فالزمه. وفي لفظ عن علي: إنه لما أسلم قال له أبو طالب: إلزم ابن عمك. سيرة ابن هشام (1 / 265)، تاريخ الطبري (2 / 214)، تفسير الثعلبي، عيون الأثر (1 / 94) الإصابة (4 / 116)، أسنى المطالب (ص 10) (1).
وفي شرح ابن أبي الحديد (2) (3 / 314): روي عن علي قال: قال أبي: يا بني إلزم ابن عمك فإنك تسلم به من كل بأس عاجل وآجل. ثم قال لي:
إن الوثيقة في لزوم محمدٍ * فاشدد بصحبته على أيديكا
فقال: ومن شعره المناسب لهذا قوله:
إن علياً وجعفراً ثقتي * عند ملم الزمان والنوب
لا تخذلا وانصرا ابن عمكما * أخي لأمي من بينهم وأبي
والله لا أخذل النبي ولا * يخذله من بني ذو حسب
وهذه الأبيات الثلاثة توجد في ديوان أبي طالب (3) أيضاً (ص 36) وذكرها العسكري كتاب الأوائل (4)
قال: إن أبا طالب مر بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم ومعه جعفر فرأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي وعلي معه، فقال لجعفر: يا بني صل جناح ابن عمك. فقام إلى جنب علي، فأحس النبي فتقدمهما، وأقبلوا على أمرهم حتى فرغوا، فانصرف أبو طالب مسروراً وأنشأ يقول:
إن علياً وجعفراً ثقتي * عن ملم الزمان والنوب
وذكر أبياتاً يذكرها ابن أبي الحديد ومنها:
نحن وهذا النبي ننصره * نضرب عنه الأعداء كالشهب
وأخرج أبو بكر الشيرازي في تفسيره: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما أنزل عليه الوحي أتى المسجد الحرام وقام يصلي فيه، فاجتاز به علي عليه السلام وكان ابن تسع سنين فناداه: يا علي إلي أقبل. فأقبل إليه ملبياً فقال له النبي: «إني رسول الله إليك خاصة وإلى الخلق عامة فقف عن يميني وصل معي». فقال: «يا رسول الله حتى أمضي وأستأذن أبا طالب والدي»؛ فقل له: «اذهب فإنه سيأذن لك»، فانطلق إليه يستأذنه في اتباعه، فقال: يا ولدي تعلم ان محمداً أمين الله منذ كان، إمض إليه وأتبعه ترشد وتفلح. فأتى علي عليه السلام ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قائم يصلي في المسجد، فقام عن يمينه يصلي معه، فاجتاز أبو طالب بهما وهما يصليان فقال: يا محمد ما تصنع؟ قال: «أعبد إله السموات والأرض ومعي أخي علي يعبد ما أعبد وأنا ادعوك إلى عبادة الواحد القهار» فضحك أبو طالب حتى بدت نواجده وأنشأ يقول:
والله لن يصلوا إليك بجمعهم * حتى أغيب في التراب دفينا
إلى آخر الأبيات
-
(1) السيرة النبوية: 1 / 263، تاريخ الأمم والملوك: 2 / 313، عيون الأثر: 1 / 125، أسنى المطالب: ص 17.
(2) شرح نهج البلاغة: 14 / 75 كتاب 9.
(3) ديوان أبي طالب: ص 94 ـ 95.
(4) الأوائل: ص 75.
8 ـ قول أبي طالب: صل جناح ابن عمك:
أخرج ابن الأثير:
أن أبا طالب رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلياً يصليان وعلي على يمينه
، فقال لجعفر رضي الله تعالى عنه:
صل جناح ابن عمك، وصل عن يساره،
وكان إسلام جعفر بعد إسلام أخيه علي بقليل.
وقال أبو طالب:
فصبراً أبا يعلى على دين أحمد * وكن مظهراً للدين وفقت صابرا
وحط من أتى بالحق من عند ربه * بصدق وعزم لا تكن حمز كافرا
فقد سرني إذ قلت إنك مؤمن * فكن لرسول الله في الله ناصرا
وباد قريشاً بالذي قد أتيته * جهاراً وقل ما كان أحمد ساحرا
أسد الغابة
(1 / 287)،
شرح ابن أبي الحديد
(3 / 315)، الإصابة (4 / 116)،
السيرة الحلبية (3) (1 / 286)،
أسنى المطالب (4) (ص 6)
وقال:
قال البرزنجي: تواترت الأخبار أن أبا طالب
كان يحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويحوطه
وينصره ويعينه على تبليغ دينه ويصدقه فيما يقوله؛
ويأمر أولاده كجعفر وعلى باتباعه ونصرته.
وقال في (ص10):
قال البرزنجي: هذه الأخبار كلها صريحة في أن قلبه طافح
وممتلئ بالإيمان بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم.