تكمله
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وال محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم ورزقنا شفاعتهم ياكريم
في بحر الاسئلة وأغوار علامات الاستفهام ::
السؤال الكبير والذي هو بحر بحد ذاته ،ماهي هذه الحياة ، ولماذا . ومن اجل ماذا علينا ان نعيشها ؟ وكيف هي ؟ وكيف لونها ؟كيف طعمها ورائحتها ؟
هل الحياة هي تلك الايام التي تجري مخلفة وراءها ركام المعاني بحلوها ومرها .. وجبال الشجن وصخورالآلام وغابات السعادة وحدائق المسرّات . مخلفة وراءها نبض التاريخ وعبره التي تملأ الهواء الذي أتنفسه . مخلفة وراءها الكد والتعب واللهاث في الجري امام متطلباتها من سد حاجات البطن والشهوة والهوى ؟
هل الحياة هي تلك الزينة التي علقها الله في رقلبنا ، وربطها الى حبل الوريد بخيط هو اوهن من خيط العنكبوت ، بحيث لا نعرف اين متى وكيف نفقدها بانقطاع ذلك الخيط ؟ او هي موهبة الله التي جاد بها كرمه علينا ، وتلطفت رحمته بإسباغها نعمة عظمى ، فما شكرناها ،وما وعتها اذن واعية .. ام انها تلك الحركة المتعلقة بقدرة الله ومشيئته .. والمنتظمة في ديمومة ارادته ، المسيطرة بلا نهاية ولا بداية على الكون ؟
ويبقى السؤال ينخر في الذهن ويلمع كحد السيف القاطع في الافكار الممزقة والرؤى الهادرة.
ما هي هذه الحياة ؟!!
هل هي تلك المسيرة نحو المجهول المخيف .. المرعب .. القاتل ..
ام هي السفر الى الموت بكل اشكاله ومعانيه؟؟
ام انها تلك القيم الانسانيه الكبرى ، والمفاهيم الرساليه ، والعقائد الالهيه؟؟
ويزداد نصل السؤال الحاد انغراسا في ذهني الذي ما كادت تكسوه المعرفه من لحمها الطري حتى راحت الاسئله الضاريه تنهشه ،لماذا نعيش ؟ وكيف يجب ان نعيش الحياة ونتدبر امرها ؟
اعتقد انني وقعت بما لم يكن في الحسبان وان هذه السنة الخامسة عشرمن عمري وهي سنة تفتح الوعي على الدنيا والحياة وما تحويانها من ظواهر ومعان ، فقد كنت مقبلا على الحياة بزهو المراهقة ، وعنفوان الشباب .. وحيوية الربيع
ولكنني الآن اعتقد ان بحر الاسئلة هذا سينقلني وبقفزة واحدة الى المشيب ويرميني الى هموم المستقبل والمصير بلا رحمة .
رحمة بي ايتها السنة الخامسة عشر . رحماك يارب الطف بي ، فهذه الاسئله التي تنهال وتتكاثر بسرعه هائلة لن يسعها ذهني وهو في اول الولادة .. انهاستقضي على وعيي الذي هو اول تبرعمه وتفتحه ولكن بلا جدوى ولا ينفع رجاء فما زالت الاسئله تهطل عليّ كمطر غيمة سوداء .. من اجل ماذا نعيش ؟؟ ولمن ؟؟ كيف ولأي ثمن نستهلك اعمارنا يوما بعد يوم ، ولحظة بعد لحظة ؟ كيف نتصدى لذلك المجهول الذي يسمونه مستقبل حياتنا .
تسائلات كثيرة تسيطر عليّ وكيف يجب ان يكون المستقبل ؟هل نجتر الايام كماتجتر البقرة الحشيش (أجلكم الله )..هل نقضي ايامنا نأكل ونلبس وننام ونكرر ذلك كل يوم ، ثم نسعى وراء رغائب النفس وأهوائها ومتطلبات الشهوة فينا .. هل هذه هي الحياة التي يجب ان نعيشها لتمر بنا كما تمر سحابة صيف ؟
ولا نجد انفسنا في النهاية الا امام المصير المحتوم وهو حفرة في الارض صغيرة يلقى فيها الجسد ، ويهال عليه التراب ، ويقال له : من التراب والى التراب تعود .
لا ..لايمكنني بأية حال من الاحوال ان اسلم بهذا الامر واوافق على هذا الشكل السقيم والعقيم للحياة .. هذا الشكل المريع والمأساوي ليس فيه الا الشقاء والبؤس المطلق ..
انني لو قبلت بمثل هذه النظرة للحياة .. لكنت مجرد حيوان اخرق .. الحمار يسخر مني ، والكلب العقور يتفاخر عليّ لا .. والف لا .. لا اريد مبرر لوجودي .
اذن ماذا اصنع لهذه الحياة ، وبالتالي ماذا اصنع لهذا الحدث الذي تقودني اليه الحياة مرغما وراضيا . ماذا اصنع بذلك القبر الذي ينتظرني بشوق ولهفة ،وانا ذاهب اليه دون اي جدل او نقاش ولا حتى تباطؤ وإمهال .
ماذا اصنع .. ماذا اصنع .. قولي لي يا سنتي الخامسة عشر التي فتحت ذهني على معنى الحياة واهوال ما ينتظرني فيها .. هل انت البداية ، والموت والقبر هما النهايه ؟؟؟
آه .. الحمد لله لقد طفرت خلسة الى ذهني فكرة منقذة قد اجد فيها احلامي . اجل ان فكرة نهاية الحياة هي التي ستنقذني ،وتفتح امام ناظري ابواب الاجابات لكل الاسئله .
سأجعل من القبر نافذة ينطلق منها الضؤ ليبدد شيئا من ظلمات هذه الحياة التي اقبل عليها . ستكون فكرة الموت التي ستقودني الى شاطيء الامان في بحر الاسئلة هذا .
صَدق ابي حين كان يسمي هذه الفكرة بحكمة الموت ، ويكرر علينا قوله- تعلموا يا اولادي من حكمة الموت فإنها تعلمكم ما لا يعلمكم اياه اي معلم ، خذوا منها دروس الحياة. حمدا لك يارب..فقد وجدت السفينة التي سأركبها ، ولم اعد اتخبط بذارعي العاريتين في امواج بحرالاسئلة ذاك .
اذن فلأعجّل واركبها لعلي اجتاز بحر الاسئلة الى شاطيء الامان، وقبل نهاية سنتي الخامسة عشر هذه .
ركبت سفينة حكمة الموت ، وراحت تبحر بي عباب بحر الاسئلة واغوار علامات الاستفهام ، ليطالعني اول ما يطالعني من جبال الامواج العاتية التي تقول لي :
- ان الحياة يا من تدعي الذكاء ما هي الا تلك القيم الانسانية والاخلاق السماوية التي يجب ان تعيش لها ومن اجلها .
وناطحتهاجبال اخرى تقول :
لن تعرف ايها الشاطر اي معنى للحياة ، مالم تعرف خالق هذه الحياة ، وواهبها ،والتي هي في قبضته يسيطر عليها ولا تخرج عن ارادته ابدا . فعليك ان تعرف الله حق المعرفة ، ثم تؤمن ، ثم تهتدي .
قلت لنفسي :
ولكني أؤمن بالله ووحدانيته ،واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وان محمد عبده ورسوله ولا اشرك بربي احدا ..
رشقتني علامات الاستفهام بسهامها مستبشرة:
- اذن لا بد لك ايها الذكي ان تهتدي لدينه والذي هو سنةالحياة وقانونها الكامل التام ونهجها الاصيل والحقيقي .
- جعلتني بشرى تلك السهام أتنفس الصعداء واحس ان الامر بدأ يهون . ولكن ذلك لم يدم طويلا ، فقدادخلتني سفينة حكمة الموت في لجة كأداء ومخاطرة شديدة .
يبدو لي انها هي عمق الاغوار ، وهي وسط ذلك البحر الذي تتساوى فيه كل الجهات ، لتقول لي تلك اللجة ::
- انظر الى مفاهيم الوجود ، وتقصى معانيه ، وتابع مفاهيم الحياة ومعاني نفسك ، وما تحمله روحك من آيات . عندها فقط تعرف ما هي الحياة ، بل وتستطيع ان تقودها الى مراميك وطموحك الكبير ايها البارع الذكاء .
وبالفعل فقد غارت بي سفينة حكمة الموت الى عمق التساؤلات والمفاهيم الحيرى ، التي كانت تمر بي فيما خلا من ايامي ، وخاصة في بيت الحكمة التي ادرس فيها كانت تمر بي دون ان تترك اي اثر في نفسي وحياتي . اما الآن فيبدوا ان هذه السنة الخامسة عشر ستكون مختلفة وحاسمة .
فها انا الآن في هذا البحر اجد نفسي اغور في اعماق المفاهيم الكبرى على امل ان استخلص منها قيم الحياة ومعناها الحقيقي .
فانطلاقا من مفهوم الوجود والعدم ... الوجود بأشكاله المادي واللامادي ، الكون وما وراء الكون ، والعدم الذي اعطى للوجود حقيقته الناصعة .
تابعوني جزاكم الله خيرا
واصبروا أن الله يحب الصابرين
ولا تنسوا والديَّ من دعاءكم