|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 77639
|
الإنتساب : Mar 2013
|
المشاركات : 741
|
بمعدل : 0.17 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
alyatem
المنتدى :
المنتدى العام
بتاريخ : 11-03-2013 الساعة : 08:47 AM
الملحق ـ2ـ
التصوّف
كانت بداية التصوف في الإسلام نزعات فردية تدعو إلى الزهد وشدة العبادة والتقوى، فالزهد أساس التصوف في الإسلام، ثم اثّرت فيه عوامل خارجية ليتحول إلى منهج خاص وطريقة معينة ومدرسة متميزة في فهم الدين والتعامل معه، ثم ليتحول إلى طرق صوفية تقوم بتربية المنتمين إليها على الأذكار والأوراد والزهد في الدنيا بغية تنقية النفس وتطهيرها لترتقي في المراتب الروحية التي يمكن أن توصلها إلى درجة اليقين، ومن ثم الوصول بها للاتحاد بالله بالكشف والمشاهدة.
والصوفية ليست مذهبا أو دينا بل هي منهج أو طريق يسلكه العبد للوصول إلى الله تعالى كما يعرفها أصحابها، أمّا معارضيها فيعتبرونها ممارسات عبادية لم تذكر في القرآن أو السنة، ولا يوجد أي سند في إثباتها، وعليه فهي تدخل في نطاق (البدعة) المحرمة التي نهى عنها الرسول صلى الله عليه وآله، وكذلك فقد اتهمت الصوفية بأنها ثقافة دينية تنشر الخرافات، وأنها القناة أو الجسر الذي انتقلت من خلاله عقائد وخرافات الديانات الأخرى إلى الإسلام ويستدلون لذلك بالتشابه الكبير بين عقائدها وعقائد الهندوسية والبوذية والمجوسية والنصرانية واليهودية وفلسفات الإغريق.
ومن أهم ما اقتبسه التصوف الإسلامي من التصوف والعقائد الهندوسية والنصرانية وغيرها حسب قولهم هو:
1 ـ عقيدة وحدة الوجود.
2 ـ عقيدة الاتحاد والحلول.
3 ـ عقيدة التناسخ.
4 ـ نظام الرهبنة واعتزال الناس للعبادة والانقطاع عن شهوات الجسد وكل جماليات الحياة.
5 ـ التقشف واحتقار اللذات الجسدية وتعذيب الذات.
أصل التسمية:
اختلف العلماء في نسبة (التصوف) على أقوال أرجحها انه نسبة إلى الصوف، حيث كان شعار رهبان النصارى الذين تأثر بهم الأوائل من الصوفية.
مصادرهم المعرفية:
يستدل الصوفية على عقائدهم بـ (الإلهامات والأحلام والمكاشفات).
عقائد الصوفية
أولا ـ العقائد الأساسية:
1 ـ الغلو وهو عقيدة ملازمه للتصوف، فالسنّة منهم يغالون في النبي صلى الله عليه وآله فمنهم من يصل به إلى درجة الإلوهية، ومنهم من يدعى اللقاء به والأخذ عنه مباشرة ـ (تعاليم وأوراد وأذكار) وكذلك الغلو في الأولياء والأقطاب والمشايخ أمّا الشيعة فيغالون في أئمتهم ويدعون لهم نفس ادعاءات السنّة للنبي صلى الله عليه وآله والأولياء.
2 ـ يعتقدون أن الدين حقيقة وشريعة، والشريعة هي الظاهر من الدين، بينما الحقيقة هي الباطن الذي لا يصل إليه إلاّ المصطفون الأخيار.
3 ـ الإيمان بعقيدة (الاتحاد والحلول) الفناء في ذات الله التي دعى إليها (الحلاّج) الصوفي الشهير.
4 ـ الإيمان بعقيدة (وحدة الوجود) التي نادى بها أشهر المتصوفة على الإطلاق (ابن عربي).
5 ـ رفع التكاليف والإباحية: وهي من المظاهر التي ظهرت وتظهر في جنبات الحركات الصوفية عامة وهي نزعات هدامة تبشر بالفوضى الأخلاقية والاتجاهات العدمية ودعوات إسقاط الفضائل الأخلاقية المتوارثة من الاعتبار مما تسبب في قيام صراع تاريخي دام بين أدعياء التصوف وبين الفقهاء باعتبارهم حماة الشريعة، والمتكلمين باعتبارهم حراس العقيدة الصحيحة.
وهكذا ظهرت طوائف وفرق وجماعات تدّعي التصوّف صرحت بالكفر والإلحاد واستباحة الحرمات وإسقاط التكاليف والقول بالحلول والاتحاد ووحدة الوجود مما دفع الفقهاء والمتكلمين لإصدار فتاوى ضد مدّعي التصوف المنحرف، وتكفيرهم.
إن كثيراً من هؤلاء يخرجون عن ربقة العبودية مطلقا، بل يزعمون سقوط بعض الواجبات عنهم، أو حلّ بعض المحرمات لهم، فمنهم من يزعم انه سقطت عنه الصلوات الخمس لوصوله إلى المقصود، وربما قد يزعم سقوطها عنه إذا كان في حال مشاهدة وحضور، ومنهم من يزعم سقوط الحج عنه، مع قدرته عليه؛ لان الكعبة تطوف به أو لغير هذا من الحالات الشيطانية، ومنهم من يفطر في رمضان لغير عذر شرعي زعما منه استغناءه عن الصيام.
ثانيا ـ عقائد ثانوية:
1 ـ تعذيب النفس والتجويع وإماتة الشهوات.
2 ـ الغلو في المشايخ والأولياء والأقطاب.
3 ـ دعوى الولاية التكوينية للأقطاب والمشايخ وأنهم يتصرفون في الكون ويعلمون الغيب.
4 ـ الطاعة المطلقة للمشايخ، فمن المظاهر التي اقترنت باستمرار بالحركة الصوفية في مختلف أنماطها وتنوع الدائرة الدينية والثقافية التي نشأت في إطارها، ظاهرة تبعية المريد السالك للطريقة، لإرادة شيخه الروحي ـ المطاع ـ وفناء إرادته كليا في إرادة شيخه، بدعوى أن المعراج الروحي للسالك المبتدئ لا يمكن أن يتحقق ويؤتي ثماره إلاّ بالخضوع الكلي لإرشاد الزعيم الروحي، الذي تجب طاعته من غير سؤال، لتتخذ الطاعة له وتتحول إلى عبودية عمياء خرساء بكماء لا يقرها دين أو عقل، فمن شأن المريد: "أن لا يقول لشيخه قط (لِمَ) فقد اجمع الأشياخ على أن كل مريد قال لشيخه (لِمَ) لا يفلح في الطريق".
لقد طغى التصوف المنحرف في نهاية المطاف على التصوف الشرعي المعتدل الذي هو (تقويم الأخلاق، وتهذيب النفس والدعوى للزهد في الدنيا والإخلاص في العبادة).
والذي كان منهج الصالحين والعبّاد والزهّاد في صدر الإسلام، وما تبعه من عصور ليحل محله تصوف الخرافات والبدع والغلو والعقائد المنحرفة والممارسات اللاأخلاقية.
والخلاصة التي يمكن أن نصل إليها هي: إن التصوف هو (الإسلام العاطفي)، بل هو الفهم العاطفي للدين عموما، فإذا كان دليل الفيلسوف (العقل) ودليل الفقيه (الشرع) ودليل المتكلم (العقل والشرع) فان دليل الصوفي هو (العاطفة، الوجدان، والذوق، والكشف) وكلها نابعة من التجربة الشخصية التي لا تحدها حدود ولا تقيدها قيود.
إن الغلو في الصالحين والزهد في الدنيا ولبس الخشن من الثياب واكل الطعام الردئ وتنقية الباطن والسعي للتوحد مع الإله هي أركان التصوف عند جميع البشر.
وأخيرا فإن جميع العقائد والفرق المنحرفة في تاريخ الإسلام وحاضره إنّما كانت تنمو في أحضان التصوف، فهو المدرسة التي انطلقت منها دائماً كل حركات الانحراف العقيدية والسلوكية.
العلاقة الجدلية
بين مكونات الانحراف الخمسة
إن طريقة التفكير العاطفية تميل عادة إلى المبالغة والتضخيم، وهو طريق لابد وان ينتهي بصاحبه إلى المغالاة في النظرة للأمور والتعامل معها، فهناك علاقة جدلية وترابط وثيق وطردي بين العاطفة والغلو، وقد مثلت (المدرسة الصوفية) المنهج النموذجي الذي يجسد الفهم والتفسير العاطفي للدين، بل وقامت بالتنظير (للعواطف) وهي تفلسف الدين وتغوص في أعماقه البعيدة بدون قيود ومن غير أية أدلة عقلية وشرعية، وهو ما يفسر تحول (التصوف) إلى حاضنة لكل الأفكار المغالية والمتطرفة عبر التاريخ فما من دعوة للغلو إلاّ وللتصوف يد في تأسيسها وتكوينها، وما من نبتة للخرافة إلاّ وللتصوف يد في زراعتها وسقايتها وإنمائها وترويجها في المجتمع.
أمّا المهدوية فإنها الوقود الذي يحرك الجماهير ويوفر لأي حركة القدسية والشرعية الدينية التي تحتاجها لتحقيق أهدافها، فالمهدي شعار الجماهير المستضعفة منذ صدر الإسلام وحتى يومنا هذا، ورفع هذا الشعار يمثل استجابة لحاجة الجماهير المظلومة البائسة إلى منقذ، ومن ناحية أخرى فإن ارتباط هذا المنقذ بشخص النبي صلى الله عليه وآله يعطي للثورة والتمرد نكهة خاصة تمور بالعواطف الجياشة تجاه النبي وآل بيته الأطهار صلوات الله عليهم أجمعين، أمّا عن علاقة الغلو بالمهدوية، فان المهدي عليه السلام هو الشخص الوحيد الباقي من سلسلة النبوة والإمامة، وبذلك يكون النموذج المثالي الذي يمكن أن تطبق بحقه وتنطبق عليه كل دعوات التأليه والاتحاد والحلول والتجلي في نظر المتصوفة، والأدعياء، والعامّة من الناس.
فالفهم العاطفي للدين (التصوف) لابد وان ينتهي إلى (الغلو)، الذي لابد وان ينتهي بدوره إلى العثور على الشخص (الكاريزمي) الذي يجسد مفاهيم الغلو في أذهان العامة والبسطاء، كيف وهذا الشخص الكاريزمي (صاحب الصفات الآسرة المؤثرة) موجود بل دائم الوجود وهو حي يرزق، وهناك باب مفتوح ليس له سقف زماني ومكاني حول ظهوره وقيادته للثورة العالمية.
فإذن سيكون هو المصداق الذي تنطبق عليه كل المفاهيم المغالية والحالمة، نعم انه (المهدي)، ومن هنا نشأ هذا الترابط الجدلي بين التصوف والغلو والمهدوية.
وبطبيعة الحال فان التكفير هنا سيكون هو سلاح المرحلة لان من لا يكون تحت لواء (المهدي) فهو عدو له وللدين وللإله، فهو كافر مرتد، ولازمة كفره وارتداده، أن يقتل مالم يبايع ويتوب، لينشأ مفهوم خامس وجديد يعتبر تحصيل حاصل لكل ما سبقه من مفاهيم مشوهة وتداعيات خطيرة وكارثية، ألا وهو القتل (الإرهاب)، فتكون النتيجة المرعبة الظلامية: (التصوف ـ الغلو ـ المهدوية ـ التكفير ـ الارهاب).
التصوف في كلام المعصومين والعلماء
1ـ قال الرسول صلى الله عليه وآله: إذا ظهرت البدع في أمتي فليظهر العالم علمه، فمن لم يفعل فعليه لعنة الله[1].
2ـ عن الرضا عليه السلام أنه قال: قال رجل من أصحابنا للصادق جعفر بن محمد عليهما السلام: قد ظهر في هذا الزمان قوم يقال لهم الصوفية فما تقول فيهم؟ قال: إنهم أعداءنا فمن مال فيهم فهو منهم ويحشر معهم، وسيكون أقوام يدعون حبنا ويميلون إليهم ويتشبهون بهم ويلقبون أنفسهم ويأولون أقوالهم ألا فمن مال إليهم فليس منا وإنّا منهم برآء، ومن أنكرهم ورد عليهم كان كمن جاهد الكفار بين يدي رسول صلى الله عليه وآله[2].
3ـ قال الإمام الرضا عليه السلام: لا يقول بالتصوف احد إلاّ لخدعة أو ضلالة أو حماقة[3].
4ـ روى الشيخ المفيد بإسناده إلى محمد بن الحسين بن أبي الخطاب أنه قال: قد كنت مع الهادي علي بن محمد عليهما الصلاة والسلام في مسجد النبي صلى الله عليه وآله فأتاه جماعة من أصحابه.. ثم دخل المسجد جماعة من الصوفية وجلسوا في ناحية مستديرا وأخذوا بالتهليل، فقال عليه السلام: لا تلتفتوا إلى هؤلاء الخداعين؛ فإنهم خلفاء الشياطين ومخربوا قواعد الدين، يتزهدون لراحة الأجسام ويتهجدون لصيد الأنعام، يتجوعون عمرا حتى يديخوا للايكاف حمرا، لا يهللون إلا لغرور الناس، ولا يقللون الغذاء إلا لملأ العساس واختلاس قلوب الدفناس، يكلمون الناس بإملائهم في الحب ويطرحون باذليلائهم في الجب، أورادهم الرقص والتصدية وأذكارهم الترنم والتغنية، فلا يتبعهم إلا السفهاء ولا يعتقد بهم إلا الحمقى، فمن ذهب إلى زيارة أحدهم فكأنما ذهب إلى زيارة الشيطان، ومن أعان أحدا منهم فكأنما أعان يزيد ومعاوية وأبا سفيان.
فقال رجل من أصحابه: وإن كان معترفا بحقوقكم؟ قال: فنظر إليه شبه المغضب وقال: دع ذا عنك، من اعترف بحقوقنا لم يذهب في عقوقنا، أما ترى أنهم أخس طوايف الصوفية، والصوفية كلهم مخالفونا وطريقتهم مغايرة لطريقتنا وإن هم إلاّ نصارى ومجوس هذه الأمة، أولئك الذين يجهدون في إطفاء نور الله والله متم نوره ولو كره الكافرون[4].
5ـ عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام أنه قال لأبي هاشم الجعفري: يا با هاشم سيأتي زمان على الناس وجوههم ضاحكة مستبشرة وقلوبهم مظلمة متكدرة، السنّة فيهم بدعة والبدعة فيهم سنة، المؤمن بينهم محقّر والفاسق بينهم موقّر، أمراؤهم جاهلون جائرون، وعلماؤهم في أبواب الظلمة، ... علماؤهم شرار خلق الله على وجه الأرض؛ لأنهم يميلون إلى الفلسفة والتصوف وأيم الله إنهم من أهل العدول والتحرف، يبالغون في حب مخالفينا ويضلون شيعتنا وموالينا، إن نالوا منصبا لم يشبعوا على الرشاء، وإن خذلوا عبدوا الله على الرياء، ألا إنهم قطاع طريق المؤمنين، والدعاة إلى نحلة الملحدين، فمن أدركهم فليحذرهم وليصن دينه وإيمانه[5].
6. قال آية الله العظمى المرعشي النجفي: وعندي فان مصيبة التصوف على الإسلام من أعظم المصائب، تهدمت بها أركانه وانثلمت بنيانه وظهر لي بعد الفحص الأكيد والتجول في مضامير كلماتهم والوقوف على ما في خبايا مطالبهم والعثور على مخبياتهم بعد الاجتماع برؤساء فرقهم، أن الداء سرى إلى الدين من رهبنة النصارى فتلقاه جمع من أبناء العامة كالحسن البصري والشبلي ومعروف وطاوس والزهري وجنيد ونحوهم ثم سرى منهم إلى الشيعة حتى رقى شأنهم وعلت راياتهم بحيث ما ابقوا حجرا على حجر من أساس الدين، أوّلوا نصوص الكتاب والسنّة، وخالفوا الأحكام الفطرية العقلية، والتزموا بوحدة الوجود بل الموجود...
ثم إن شيوع التصوف وبناء الخانقاهات كان في القرن الرابع حيث إن بعض المرشدين من أهل ذلك القرن لما رأوا تفنن المتكلمين في العقائد، فاقتبسوا من فلسفة فيثاغورس وتابعيه في الإلهيات قواعد وانتزعوا من لاهوتيات أهل الكتاب والوثنيين جملا وألبسوها لباسا إسلاميا فجعلوها علما مخصوصا ميزوه باسم علم التصوف أو الحقيقة أو الباطن أو الفقر أو الفناء أو الكشف والشهود وألفوا وصنفوا في ذلك كتبا ورسائل، وكان الأمر كذلك إلى أن حل القرن الخامس وما يليه من القرون فقام بعض الدهاة في التصوف فرأوا مجالا ورحبا وسيعا لأن يحوزوا بين الجهال مقاما شامخا كمقام النبوة بل الألوهية باسم الولاية والغوثية والقطبية بدعوى التصرف في الملكوت بالقوة القدسية فكيف بالناسوت، فوسعوا فلسفة التصوف بمقالات مبنية على مزخرف التأويلات والكشف الخيالي والأحلام والأوهام... [6]
هامش
-------------------
1 ـ الكافي ج1 ص54 ح2.
2 ـ جامع أحاديث الشيعة، البروجردي ج14 ص450 ب9 ح389.
3 ـ الإثنا عشرية، الحر العاملي ص17.
4 ـ الإثنا عشرية، الحر العاملي ص29. دوخه: أذله. اكف الحمار تأكيفا شده عليه. العساس: الأقداح العظام. الدفناس: الأحمق الدني والبخيل. اذلولا: انطلق في استخفاء وذل وانقاد.
5 ـ جامع أحاديث الشيعة، البروجردي ج13 ص377 ب11 ح322.
6 ـ شرح إحقاق الحق، المرعشي ج1 ص183.
|
|
|
|
|