الرواية السابعة : رواية عتبة بن الأخنس وهو من شيعة عثمان
تاريخ الرسل والملوك للطبري - (ج 3 / ص 24) :
..
حدّثني عمر بن شبّة، قال: حدّثنا أبو الحسن، قال: أخبرنا أبو عمرو، عن عتبة بن المغيرة بن الأخنس، قال: لقي سعيد بن العاص مروان بن الحكم وأصحابه بذات عرق، فقال: أين تذهبون وثأركم على أعجاز الإبل! اقتلوهم ثمّ ارجعوا إلى منازلكم لا تقتلوا أنفسكم؛ قالوا: بل نسير فلعلّنا نقتل قتلة عثمان جميعاً...الخ.
وتكملة الرواية:
فخلا سعيد بطلحة والزبير فقال : إن ظفرتما لمن تجعلان الأمر ؟ أصدقاني .
قالا : لأحدنا أينا اختاره الناس .
قال : بل اجعلوه لولد عثمان فإنكم خرجتم تطلبون بدمه .
قالا : ندع شيوخ المهاجرين ونجعلها لأبنائهم ؟
قال : أفلا أراني أسعى لأخرجها من بني عبد مناف ؟
فرجع ورجع عبد الله بن خالد بن أسيد
فقال المغيرة بن شعبة : الرأي ما رأى سعيد بن كان هاهنا من ثقيف فليرجع فرجع ... الحديث
وسأترك للقاراء تدبر مثل هذه الرويات..
وسيجدون أن السنة والنواصب مجمعون على أن طلحة وعائشة وغيرهم من كبار الصحابة كانوا القادة الفعليين السياسيين للثورة..
اما القادة العسكريون فبعضهم صحابة وبعضهم من أجلاء التابعين..
وسنستعرض هؤلاء الكبار واحداً بعد الآخر..
ونورد من الروايات ما لا يمكن دفعه لا صحة ولا كثرة..
ثم سنطالبهم برواياتهم لتروا الفرق الواسع بين رواياتنا الصحيحة واستمزاجاتهم المصحوبة برواية سيف بن عمر الكذاب وابن العربي الفقيه الأحمق ومحب الدين الخطيب الناصبي المشهور.. هذا زادهم مع بهارات من البكائيات السلفية العاطفية التي لا تفيد معرفة ولا تترك لأتباعها النظر للموضوع بهدوء ليفهموه.. ثم بعد الفهم ليبكوا أو يضحكوا.. لا يهم
لكن لابد من فهم متا جرى اولاً..
أما استنكار مقتل عثمان فهو محل إجماع اهل السنة المتأخرين ونحن منهم...
أما السنة المتقدمين بمن فيهم الصحابة والتابعين فكانوا أصنافاً في هذا.. فمنهم من ينكر ومن من يؤيد قتل عثمان..
بل بعض الصحابة كان يرى شرعية قتله! وهذا من اغرب ما وجدته.. ولولا كثافته لما قلته هنا..
وهذا إن صح يدل على أمور خطيرة فعلها عثمان وولاته أو على تعصب أؤلئك الصحابة.. لا مناص من هذا القول أو ذاك..
ولن استعجل النتائج سأعرض الروايات ثم ننظر ..
..
وهي في الواقع عدة روايات... فالغمام علي كثيراً ما استغرب خروج أهل الجمل للمطالبة بدم عثمان!
لأنهم هم الذين حرضوا وحااصروا وأفتوا بقتل عثمان..
فكيف يخرجون للمطالبة بدمه؟
ومن الروايات السنية في هذا الباب
ما رواه الطبريفي تاريخه (ج 3 / ص 18) في قصة مشورة المغيرة التي يثبتونها..
قال الطبري: قال محمّد: وحدّثني هشام بن سعد، عن أبي هلا، قال: قال ابن عبّاس: قدمت المدينة من مكة بعد قتل عثمان رضي الله عنه بخمسة أيام، فجئت عليّاً أدخل عليه، فقيل لي: عنده المغيرة بن شعبة؛
فجلست بالباب ساعة، فخرج المغيرة فسلّم عليّ فقال: متى قدمت؟
فقلت: الساعة. فدخلت على عليّ فسلّمت عليه، فقال لي: لقيت الزّبير وطلحة؟
قال: قلت: لقيتهما بالنّواصف. قال: من معهما؟
قلت: أبو سعيد بن الحارث بن هشام في فئة من قريش.
فقال عليّ: أما إنهم لن يدعوا أن يخرجوا يقولون: نطلب بدم عثمان؛ والله يعلم أنهم قتلة عثمان!!
قال ابن عبّاس: يا أمير المؤمنين، أخبرني عن شأن المغيرة، ولم خلا بك؟... ( ثم ذكر قصة مشورة المغيرة عن علي بإبقاء معاوية، تلك المشورة التي يقرون بها، فما بالهم لا يأخذون كلام علي هنا بأن هؤلاء قتلة عثمان بالتحريض والإفتاء والحصار وربما الأمر الأخير!)
....
والرواية في مروج الذهب - (ج 1 / ص 315)
قال المسعودي: ووجدت في وجه آخر من الروايات أن ابن عباس .. فذكرها كاملة.
وهناك روياة أخرى عند ابن عبد البر في الاستيعاب - (ج 1 / ص 148) قال:
ومن حديث صالح بن كيسان عن عبد الملك بن نوفل بن مساحق والشعبي وابن أبي ليلى وغيرهم :
أن عليا رضي الله عنه قال في خطبته حين نهوضه إلى الجمل :
إن الله عز و جل فرض الجهاد وجعله نصرته وناصره وما صلحت دنيا ولا دين إلا به وإني منيت بأربعة :
أدهى الناس وأسخاهم طلحة
وأشجع الناس الزبير
وأطوع الناس في الناس عائشة
وأسرع الناس فتنة يعلى بن منبه،
والله ما أنكروا علي منكرا ولا استأثرت بمال ولا ملت بهوى وإنهم ليطلبون حقا تركوه ودما سفكوه... الخ
انظر قوله:
دماً هم سفكوه...
يعني بالأمر او التحريض أو الإفتاء أو المشاركة في الحصار.. الخ
وكل هذا روي.. إلا أن بعضه اقوى من بعض.
ونصوص علي في اتهام أهل الجمل كثيرة جداً بينما اهل الجمل لا يتهمون علياً بدم عثمان وإنما يتحججون بأن في جيشه بعض قتلة عثمان!! مع أن الذين في جيشهم من قتلة عثمان غير قليل! وكذا كان عمرو بن العاص في جيش معاوية وهو من أكبر المحرضين على عثمان حتى أنه حرض عليه الرعاة باعترافه! وكان يجابهه في وجهه وفي المسجد النبوي ويقاطعه وهو يخطب ولقي منه عثمان عنتاً بسبب عزله عن مصر! ومعاوية يعرف هذا تماماً!!
نبقى في طلحة ببن عبيد الله.. ونواصل ذكر الروايات في ثورته على عثمان من مصادر أهل السنة وفي أوثق رواياتهم التاريخية... وهذه الروايات التي أسردها في موقف طلحة ليست فقط اقوى من رواية سيف الكذاب وإنما اقوى من اكثر تاريخ المسلمين... اقوى من روايات فتح الأندلس بل ومن روايات بعض الغزوات النبوية فإن معظم اسير والمغازي بأسانيد أقل صحة من هذه الاسانيد الموصولة والقوية..
حشد من نصوص الإمام علي
في مشاركة طلحة ( ومعه عائشة والزبير) في الثورة على عثمان
وهذه الحشد في نهج البلاغة نختار منه بلا ترتيب بعض أقواله
( ولولا أن لها شواهدها في كتب السنة ما نقلتها)
و منها:
1- قال الإمام علي في طلحة و قد بلغه خروجه الى البصرة مع الزبير لقتاله : (( و اللّه ما استعجل ( يقصد طلحة ) متجرّدا للطّلب بدم عثمان إلاّ خوفا من أن يطالب بدمه ،لأنّه مظنّته . و لم يكن في القوم أحرص عليه منه . فأراد أن يغالط بما أجلب فيه ، ليلبس الأمر و يقع الشّكّ . و و اللّه ما صنع في أمر عثمان واحدة من ثلاث :
لئن كان ابن عفّان ظالما كما كان يزعم لقد كان ينبغي له أن يوازر قاتليه وأن ينابذ ناصريه .
و لئن كان مظلوما لقد كان ينبغي له أن يكون من المنهنهين عنه ( أي زاجريه عن اتيانه ) و المعذّرين فيه .
و لئن كان في شكّ من الخصلتين لقد كان ينبغي له أن يعتزله و يركد جانبا ، و يدع النّاس معه . فما فعل واحدة من الثّلاث ، و جاء بأمر لم يعرف بابه ، و لم تسلم معاذيره . ( الخطبة 172 ، 309 )
2- و من كتاب له ( ع ) الى أهل الكوفة : من عبد اللّه عليّ أمير المؤمنين إلى أهل الكوفة، جبهة الأنصار و سنام العرب . أمّا بعد فإنّي أخبركم عن أمر عثمان حتّى يكون سمعه كعيانه .
إنّ النّاس طعنوا عليه ، فكنت رجلا من المهاجرين أكثر استعتابه و أقلّ عتابه .
و كان طلحة و الزبير أهون سيرهما فيه الوجيف ( الوجيف هو السوق السريع للإبل ) و أرفق حدائهما العنيف .
و كان من عائشة فيه فلتة غضب ( يقصد بذلك حين قالت : اقتلوا نعثلا ، تشبهه برجل اسكافي من اليهود )
. فأتيح له قوم ( أي قدّر له ) فقتلوه .
و بايعني النّاس غير مستكرهين و لا مجبرين ، بل طائعين مخيّرين .
و اعلموا أنّ دار الهجرة قد قلعت بأهلها و قلعوا بها ، و جاشت جيش ( أي غليان ) المرجل . و قامت الفتنة على القطب ( يقصد به الامام نفسه قامت عليه فتنة اصحاب الجمل ) .
فأسرعوا إلى أميركم ، و بادروا جهاد عدوّكم . إن شاء اللّه عزّ و جلّ . ( الخطبة 240 ، 442 )
3-من خطبة للامام ( علي ) حين بلغه خبر الناكثين ببيعته و على رأسهم طلحة و الزبير و عائشة :
(( و إنّهم ليطلبون حقّا هم تركوه ، و دما هم سفكوه .
فلئن كنت شريكهم فيه فإنّ لهم لنصيبهم منه ،
و لئن كانوا ولوه دوني ، فما التّبعة إلاّ عندهم .
و انّ أعظم حجّتهم لعلى أنفسهم ،
يرتضعون أمّا قد فطمت ، و يحيون بدعة قد أميتت .
يا خيبة الدّاعي ( يقصد به رؤوس أهل الجمل الثلاثة ) ،
من دعا؟ و إلام أجيب ؟ و إنّي لراض بحجة اللّه عليهم و علمه فيهم . ( الخطبة 22 ، 67 )
4- و قال ( الإمام علي ) في معنى قتل عثمان :
(( لو أمرت به لكنت قاتلا ، أو نهيت عنه لكنت ناصرا ،
غير أنّ من نصره لا يستطيع أن يقول : خذله من أنا خير منه
. و من خذله لا يستطيع أن يقول : نصره من هو خير منّي .
و أنا جامع لكم أمره : استأثر فأساء الأثرة ، و جزعتم فأسأتم الجزع . و للّه حكم واقع في المستأثر و الجازع
. ( الخطبة 30 ، 83 ) اهـ قلت: ما أحسن هذا الكلام وأنصفه وألصقه بالواقع.
5- و من كلام له ( للإمام علي ) لما بلغه اتهام بني أمية له بالمشاركة في دم عثمان :
(( أو لم ينه بني أميّة علمها بي عن قرفي ( أي عيبي ) ؟
أو ما وزع الجهّال سابقتي عن تهمتي؟
و لما وعظهم اللّه به أبلغ من لساني؟
. أنا حجيج المارقين ، و خصيم النّاكثين المرتابين، و على كتاب اللّه تعرض الأمثال ، و بما في الصّدور تجازى العباد . ( الخطبة 73 ، 130 )
6- و من كلام له في شأن طلحة و الزبير :
(( و إنّهم ليطلبون حقّا هم تركوه ، و دما هم سفكوه . ( الخطبة 135 ، 248 )
وكان الإمام علي يناصح عثمان إلا أن حاشية عثمان استطاعت أن تنفي علياً إلا ينبع!
ثم طلبه عثمان... ثم عملت الحاشية على نفيه مجدداً.. فهي تخشى أن يؤثر على عثمان ..
ولذلك نجد الإمام علي يشتكي بحرقة لابن عباس قائلاً:
( « يا ابن عبّاس ما يريد عثمان إلاّ أن يجعلني جملا ناضحا بالغرب .
أقبل و أدبر
بعث إليّ أن أخرج ،
ثمّ بعث إليّ أن أقدم ،
ثمّ هو الآن يبعث إليّ أن أخرج!
و اللّه لقد دفعت عنه حتّى خشيت أن أكون آثما » .)!!
هذا هو موقف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فانظروا الفرق بين موقفه وموقف من ثار على عثمان وحرض عليه حتى قتل ثم ثار على علي مطالباً بأخذ الثأر ممن قتل وحرض!!
إنها الدنيا...
الرواية التاسعة: رواية ابن عباس
وهي طويلة سنقتصر على ما يخص طلحة:
وفيها يبدو بوضوح تنسيق طلحة مع عائشة.. على الثورة على عثمان وتولي طلحة السلطة..
فعلى عائشة الفتوى والتحريض.. وعلى طلحة قيادةالثورة والاستيلاء على بيت المال وتجريد عثمان من صلاحياته..
فالاستيلاء على بيت المال يومئذ هو استيلاء على الدولة تقريباً! ..
فكيف ومعه العسكر المصري وبعض البصري؟
ففي تاريخ الرسل والملوك - (ج 3 / ص 3):
قال محمد ( هو الواقدي، وهو ثقة عند التحقيق وليس كما يشيع هؤلاء) قال:
فحدّثني ابن أبي سبرة، ( وهو ثقة عند التحقيق) عن عبد المجيد بن سهيل ( صدوق)، عن عكرمة ( فيه خلاف إلا انه لم يكون علوياً بل فيه نصب وهو من رجال البخاري) ، قال: قال ابن عباس:
قال لي عثمان رضي الله عنه:
إني قد استعملت خالد بن العاص بن هشام على مكة؛ وقد بلغ أهل مكة ما صنع الناس؛ فأنا خائف أن يمنعوه الموقف فيأبى، فيقاتلهم في حرم الله جلّ وعزّ وأمنه. وإن قوماً جاءوا من كلّ فجّ عميق، ليشهدوا منافع لهم؛ فرأيت أن أولّيك أمر الموسم.
وكتب معه إلى أهل الموسم بكتاب يسألهم أن يأخذوا له بالحقّ ممن حصره. فخرج ابن عباس، فمرّ بعائشة في الصّلصل؛ فقالت: يا بن عباس؛ أنشدك الله - فإنك قد أعطيت لساناً إزعيلا - أن تخذّل عن هذا الرجل (وفي لفظ: عن هذا الطاغية)، وأن تشكّك فيه الناس؛ فقد بانت لهم بصائرهم وأنهجت، ورفعت لهم المنار، وتحلّبوا من البلدان لأمر قد حمّ؛ وقد رأيت طلحة بن عبيد الله قد اتّخذ على بيوت الأموال والخزائن مفاتيح، فإن يل يسر بسيرة ابن عمه أبي بكر!
قال: قلت يا أمّه لو حدث بالرّجل حدث ما فزع الناس إلاّ إلى صاحبنا.
فقالت: إيهاً عنك! إني لست أريد مكابرتك ولا مجادلتك.
قال ابن أبي سبرة: فأخبرني عبد المجيد بن سهيل؛ أنه انتسخ رسالة عثمان التي كتب بها من عكرمة، ...
(وذكر نص رسالة عثمان إلى أهل مكة وهي بليغة وتعبر عن أزمة حقيقية)..
قلت:
السند قوي.. - رغم الاختلاف في عكرمة وغيره- وشواهده صحيحة..
سواء في استيلاء طلحة على بيت المال أو تحريض عائشة.. أو تولية ابن عباس على الحج..
وقد سبق موقف عائشة.. وهو مجل إجماع..
وسبق مسألة استيلاء طلحة على بيت المال.. وهو صحيح..
وإمارة ابن عباس على الحج محل إجماع..
فأركان الرواية قائمة بهذه الرواية وبدونها..
وهؤلاء الغلاة في عثمان رضي الله عنه لهم سياسة عجيبة وهي أنهم يقفون عند راوٍ واحد أو اثنين قد صحت الرواية من غير طريقهم، لكنهم يضربون عند هذا الراوي أو ذاك الخيام ويعتكفون ويرددون كالببغاوات.. ( هذا الرجل ضعفه فلان وفلان.. ولا يذكرون التوثيق ولا أن لروايته شواهد ولا أنه اتفق مع غيره ولا إلى قيام اركان الرواية ولا إلى شيء من هذا .. فيتبعهم الغوغاء.. والشبيه يألف الشبيه.. فتضيع الحقيقة ويبقى التخلف).
فلا تلتفتوا لدقائقهم الفقيرة.. وانظروا إلى أصل القصة وعنوان القضية..
وسيأتي المزيد..
الرواية العاشرة: رواية اسلم مولى عمر ( رواها الإمام احمد)
ففي مسند أحمد بن حنبل - (ج 1 / ص 74)
حدثنا عبد الله حدثني عبيد الله بن عمر القواريري حدثني القاسم بن الحكم بن أوس الأنصاري حدثني أبو عبادة الزرقي الأنصاري من أهل المدينة عن زيد بن أسلم عن أبيه قال :
شهدت عثمان يوم حوصر في موضع الجنائز ولو ألقى حجر لم يقع الا على رأس رجل فرأيت عثمان أشرف من الخوخة التي تلي مقام جبريل عليه السلام فقال أيها الناس أفيكم طلحة؟!!
فسكتوا ثم قال أيها الناس أفيكم طلحة؟!!
فسكتوا ثم قال يا أيها الناس أفيكم طلحة؟!!
فقام طلحة بن عبيد الله
فقال له عثمان الا أراك ههنا؟! ما كنت أرى أنك تكون في جماعة تسمع ندائي آخر ثلاث مرات ثم لا تجيبني؟
.. الخ.
التعليق:
والسند ليس بذاك..
لكن يكفينا أنه روى ما يفيد أن طلحة كان من المحاصرين لعثمان..
فالإمام أحمد هنا شبه معترف بأن طلحة من محاصري عثمان..
لكن أهل الحديث يكتمون كثيراً من الأخبار ويقطعونها..
وخاصة أحمد والبخاري فهم يبترون ما لا يعجبهم من الحديث في الغالب..
غفر الله لهما...
نعم الباحث في موضوع معين من حقه أن يأخذ الشاهد فقط..
أما اصحاب المسانيد خاصة كاحمد فلا يحق له حذف شيء من الحديث إلا غذا ذكره مطولاً في مكان آخر عن طريق شيخ آخر فيحيل إليه.. كما يفعل الحاكم وغيره عندكا يشيرون أنه ( سبق مطولاًن او سيأتي مطولا)..
أما نحن فيحق لنا أن نقتصر على الشاهد ولذلك تجدون رواياتي هنا مقتصرة على محل الشاهد..
الرواية الحادية عشرة: روايةالحسن البصري التابعي المشهور..
وهو شاهد عيان أيضاً..
فقد كان يوم مقتل عثمان مراهقاً وكان في المدينة ثم انتقل إلى البصرة ثم أصبح من موالي عبد الرحمن بن سمرة الأموي والي معاوية على خراسان وله أحوال عجيبة، إلا انه ضعيف أمام السلطة لكونه مولى، وقد عمر إلى عام 110هـ وهو مشهور، وهو مستقل ليس علوياً ولا أموياً ، إلا أن مقتل عثمان أثر فيه كثيراً، فكان عثماني الهوى.. رحمه الله .. وكان يتهم طلحة والزبير وعائشة بقتل عثمان، ولا أدري هل يشك في أن لعلي بن أبي طالب بعض الدور أم لا، ولعله لا يعلم معاناة علي من الجميع ، من الثوار ومن عثمان واصحابه،..
ففي المستدرك على الصحيحين للحاكم - (ج 10 / ص 413)
4583 - فحدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه ، وعلي بن حمشاذ ، قالا : ثنا بشر بن موسى ، ثنا الحميدي ( ثقة) ، ثنا سفيان ( هو ابن عيينة ثقة) ، ثنا أبو موسى يعني إسرائيل بن موسى ( ثقة ) قال : سمعت الحسن يقول : « جاء طلحة والزبير إلى البصرة فقال لهم الناس : ما جاءكم ؟ قالوا : نطلب دم عثمان قال الحسن : أيا سبحان الله ، أفما كان للقوم عقول فيقولون : والله ما قتل عثمان غيركم ؟ قال : فلما جاء علي إلى الكوفة ، وما كان للقوم عقول فيقولون : أيها الرجل إنا والله ما ضمناك ».
والسند صحيح إلى الحسن!!
فكبار التابعين يشهدون أن رؤوس أهل الجمل هم قتلة عثمان ليس بالمباشرة في القتل، ,إنما بالتحريض والحصار والفتوى والاستيلاء على بيت المال وقيادة العساكر الواردة من الأمصار وتوجيهها ( وربما وأكرر ربما كان قتل عثمان بأمر من طلحة.. والله أعلم، وغن حصل هذا فنترضى عن الاثنين وندعو لهما، لكن بلا إخفاء للحقائق، فمرحلة التحليل لا تقوم إلا على حقائق ثابتة ولاتقوم على إخفاء أو تزييف، وإنما تنظر في مدى استحقاق عثمان عند هؤلاء للقتل أم لا، فإن كان عندهم مستحق للقتل فهم متأولون فننظر ما هي أدلتهم؟ هل هي وصية عمر بأن يقوموا من يعوج بعده من الخلفاء بالسيف؟ أم لأن عثمان سبق أن حمى قتلة الصحابي الكبير نيار بن عياض الأسلمي الذي قتلته حاشية عثمان؟ أم لأن الوليد بن عقبة قتل بعض الناس بالكوفة؟ أم لأن ابن أبي السرح قتل بعض المتظلمين وسجن آخرين؟ أم لأن عبد الله بن مسعود مات مقتولاً بعد أن ضربته حاشية عثمان حتى تكسرت أضلاعه ومات من اثر ذلك الضرب المبرح فرأوا ان عثمان كان الآمر مثلاً أو وجدوا ما يؤكد ذلك؟ أم لأنه صح عندهم أنه تسبب في قتل معصومي الدم أو لم يحاسب ولاته في قتلهم لهؤلاء وخاصة بالعراق ومصر، او لأنهم يرون أنه قد غير حكم الشريعة في الأموال وفي الحج والصلاة وغيرها من الأحكام التي يرون أن عثمان قد أخل بها وغير فيها، أم ماذا؟
وإن كان عندهم غير مستحق للقتل ثم قتلوه فقد ارتكبوا الجرم عن سابق إصرار وترصد وتعمد..
وبغض النظر عن أي نتيجة فهذا لا يمنع بل هو محفز لنا أن نستغفر للجميع وندعو لهم..
شاهد عن الحسن في نقد طلحة:
وفي تاريخ الطبري - (ج 3 / ص 433) :
وحدثني عمر قال حدثنا علي قال حدثنا أبو بكر البكري عن هشام بن حسان عن الحسن:
أن طلحة بن عبيدالله باع أرضا له من عثمان بسبعمائة ألف فحملها إليه فقال طلحة إن رجلا تتسق هذه عنه وفي بيته لا يدري ما يطرقه من أمر الله عزوجل لغرير بالله سبحانه فبات ورسوله يختلف بها في سكك المدينة يقسمها حتى أصبح فأصبح وما عنده منها درهم قال الحسن وجاءها هنا يطلب الدينار والدرهم أو قال الصفراء والبيضاء اهـ
السند قوي
والحسن يتهم طلحة أنه ما أخرجه إلى البصرة مع أهل الجمل إلا المال اهـ
والغريب أن هذا الذي قاله الحسن قد ااعترف به بعض أهل الجمل.. باسانيد صحيحة
كقول بعضهم ( علمنا أن بالبصرة دراهم)!
ولكن لا يسعنا هنا التوسع، وأنما نمشي مع المسلسل خطوة خطوة... لنكشفه في كل منعطف
وأنه مسلسل زيف لا يمت للتاريخ بصلة..
وهو عثماني ناصبي مشهور، وقد وافق السنة والشيعة بأن طلحة كان على الأقل من كبار المحرضين على عثمان..
بل زعم مروان أنه أحد قتلة عثمان..
وقد قام مروان بقتله رغم أنهما في جيش واحد!
وتذكروا رواية ابن الأخنس ( في نية مروان وأمثاله من الحريصين على ضرب الناس بعضهم ببعض)
فهو وأمثاله هم من قام بدور ابن سبأ وليس ابن سبأ
والأسانيد في اتهام مروان لطلحة رغم صحتها وكثرتها لم نكن لنأخذ بها لولا أنها صحت من غير طريقه
لأن مروان فاسق ولا نصدق أخباره ولا أحاديثه إلا ما دلت القرائن على صحتهامن غير طريقه..
وقد توسع الإمام ابن عبد البر في الإستيعاب في معرفة الأصحاب - (ج 1 / ص 232) أثناء ترجمته لطلحة في سرد الروايات الصحيحة والحسنة في قتل مروان لطلحة واعتذاره عن ذلك بأن سببه كون طلحة من قتلة عثمان
فقال ابن عبد البر في ترجمة طلحة في الاستيعاب:
(( وروى معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة عن الجارود بن أبي سبرة قال:
نظر مروان بن الحكم إلى طلحة بن عبيد الله يوم الجمل فقال: لا أطلب بثأري بعد اليوم فرماه بسهم فقتله.
وروى حصين عن عمرو بن جاوان قال: سمعت الأحنف يقول لما التقوا كان أول قتيل طلحة بن عبيد الله.
وروى حماد بن زيد عن قرة بن خالد عن ابن سيرين قال: رمي طلحة بن عبيد الله بسهم فأصاب ثغرة نحره قال: فأقر مروان أنه رماه.
وروى جويرية عن يحيى بن سعيد عن عمه قال: رمى مروان طلحة بسهم ثم التفت إلى أبان بن عثمان فقال: قد كفيناك بعض قتلة أبيك.
وذكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أسامة قال: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد قال: حدثنا قيس قال: رمى مروان بن الحكم يوم الجمل طلحة بسهم في ركبته. ...الخ
.
قال: وأخبرنا وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس قال: كان مروان مع طلحة يوم الجمل فلما اشتبكت الحرب قال مروان: لا أطلب بثأري بعد اليوم. قال: ثم رماه بسهم فأصاب ركبته فما رقأ الدم حتى مات وقالك دعوه فإنما هو سهم أرسله الله.
حدثنا عبد الوارث حدثنا قاسم حدثنا أحمد بن زهير حدثنا عبد السلام بن صالح حدثنا علي بن مسهر حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم :
أن مروان أبصر طلحة بن عبيد الله واقفاً يوم الجمل فقال: لا أطلب بثأري بعد اليوم فرماه بسهم فأصاب فخذه فشكها بسرجه فانتزع السهم عنه فكانوا إذا أمسكوا الجرح انتفخت الفخذ فإذا أرسلوه سال فقال: طلحة دعوه فإنه سهم من سهام الله تعالى أرسله فمات .. الخ
وكذلك ابن حجر صحح قتل طلحة بيد مروان واتهام مروان لطلحة بقتل عثمان
فقال في الإصابة في معرفة الصحابة - (ج 2 / ص 70)
(( وروى بن عساكر من طريق متعددة أن مروان بن الحكم هو الذي رماه فقتله منها.
وأخرجه أبو القاسم البغوي بسند صحيح عن الجارود بن أبي سبرة قال لما كان يوم الجمل نظر مروان إلى طلحة فقال لا أطلب ثأري بعد اليوم فنزع له بسهم فقتله.
وأخرج يعقوب بن سفيان بسند صحيح عن قيس بن أبي حازم أن مروان بن الحكم رأى طلحة في الخيل فقال هذا أعان على عثمان فرماه بسهم في ركبته فما زال الدم يسيح حتى مات أخرجه عبد الحميد بن صالح عن قيس وأخرج الطبراني من طريق يحيى بن سليمان الجعفي عن وكيع بهذا السند قال رأيت مروان بن الحكم حين رمى طلحة يومئذ بسهم فوقع في عين ركبته فما زوال الدم يسيح إلى أن مات وكان ذلك في جمادى الأولى سنة ست وثلاثين من الهجرة وروى بن سعد أن ذلك كان في يوم الخميس لعشر خلون من جمادى الآخرة وله أربع وستون سنة))
انتهى كلام ابن حجر .. والأسانيد في هذا الموضوع كثيرة جداً.. وهو محل إجماع الطوائف الإسلامية كافة
شيعة وسنة ونواصب ومعتزلة، وعند جميع أهل الفنون، من محدثين ومترجمين وشعراء ونسابين ومؤرخين..الخ،
وأنا اقطع من الآن بأن المسلسل سيقترح قاتلاً يستمزجه ولم يذكره قبله أحد !
فانتظروا ماذا سيفعل المسلسل...!
وانظروا الفرق بينه وبين التاريخ وحقائقه..
الرواية الثالثة عشرة : رواية عميرة بن سعد الهمداني ( نحو 80هـ):
ففي مصنف ابن أبي شيبة [ جزء 7 - صفحة 525 ]
حدثنا أبو المورع قال أخبرنا العلاء بن عبد الكريم عن عميرة بن سعد قال :
لما قدم طلحة والزبير ومن معهم قال قام رجل في مجمع من الناس فقال :
أنا فلان بن فلان أحد بني جشم فقال :
إن هؤلاء الذين قدموا عليكم إن كان إنما بهم الخوف فجاؤوا من حيث يأمن الطير
وإن كان إنما بهم قتل عثمان فهم قتلوه
وإن الرأي فيهم أن تنخسف بهم دوابهم حتى يخرجوا اهـ..
والسند شاهد... ويشهد له أن اهل البصرة رددوا هذه التهمة كثيراً في حوارهم مع عائشة وطلحة
فكانوا يجابهونهم بالاستغراب من تحريضهم على عثمان حتى قتل ثم طلبهم بدمه؟
كان خروجهم محل غرابة الناس
بعكس خروج معاوية .. فكان أهل العصبية يعقلون خروجه، وأهل الدين يعرفون نفاقه.
لكن أهل الجمل كان خروجهم محل دهشة الجميع إلى اليوم!
يتبع
الرواية الرابعة عشرة: رواية عبد الله بن الزبير ( 73هـ):
وهي من أعجب الروايات..
اما العجب فيأتي من ان ابن الزبير كان من أهل الجمل
وكان من المدافعين عن عثمان
وكان أعلم الناس بأعداء عثمان والمحرضين عليه والمحاصرين له....
تعالوا إلى الرواية.
يقول عمر بن شبة ( 262هـ) في كتابه تاريخ المدينة - (ج 4 / ص 1197):
حدثنا علي بن محمد ( هو المدائني ثقة) ، عن أبي عمرو ( عن) الزهري، عن محمد ابن كعب القرظي، عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قال:
كنت مع أبي فتلقانا علي في بني غنم فقال لأبي: إني أستشيرك في أمرنا هذا ؟
فقلت له: أنا أشير عليك، أن تطيع إمامك،
فقال أبي: بني خل عن خالك يقض حاجته، ودعني وجوابه،
فقال علي رضي الله عنه: إن ابن الحضرمية ( يعني طلحة) قد قبض المفاتيح واستولى على الامر.
فقال أبي: دع ابن الحضرمية فإنه لو قد فرغ من الأمر لم تكن منه بسبيل، الزم بيتك،
قال: قد قبلت، وانصرف وأتى أبي منزله،
فلم ألبث أن جاءني رسوله فأتيته، فإذا وسادة ملقاة، فقال: أتدري من كان على الوسادة ؟
قلت: لا،
قال: علي أتاني فقال: قد بدا لك أني لا أدع ابن الحضرمية وما يريد،
فلما كان يوم العيد صلى علي رضي الله عنه بالناس، فمال الناس إليه وتركوا طلحة،
فجاء طلحة إلى عثمان رضي الله عنه يعتذر،
فقال عثمان: الآن يا ابن الحضرمية! ألبت الناس علي حتى إذا غلبك علي على الامر، وفاتك ما أردت جئت تعتذر؟
، لا قبل الله منك) اهـ..
قلت:
وللحديث شاهد من طريق ابن سيرين في استيلاء طلحة على بيت المال..وسبقت رواية ابن عباس في المعنى أيضاً..
ومراسيل ابن سيرين في مثالب بني أمية من اصح المراسيل على وجه الأرض لأنه بصري أموي الهوى..
وروايةابن الزبير هذه قوية..
فالروايات كما ترون يدل بعضها على بعض ... ويقوي بعضها بعضاً.. وتسير في نهر واحد..
ففي التاريخ الصغير للإمام البخاري - (ج 1 / ص 108) قال:
حدثني إبراهيم بن المنذر حدثني عياش حدثني موسى عن أخيه محمد بن يعقوب عن عبد الله بن رافع عن أمه قالت: خرجت الصعبة بنت الحضرمي قالت فسمعتها تقول لابنها طلحة بن عبيد الله إن عثمان قد اشتد حصره فلو كلمت فيه حتى يرد عنه.
قلت: الصعبة هي أم طلحة..
وفي المعجم الكبير للطبراني الحنبلي - (ج 1 / ص 85):
حدثنا أحمد بن يزيد بن هارون المكي القزاز ثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي حدثنا عباس بن أبي شملة عن موسى بن يعقوب الزمعي عن أخيه محمد بن يعقوب عن عبد الله بن رافع عن أمه قالت :
خرجت الصعبة بنت الحضرمي فسمعناها تقول لابنها طلحة بن عبيد الله :
إن عثمان قد اشتد حصره فلو كلمت فيه حتى يرفه عنه
قالت : و طلحة رضي الله عنه يغسل أحد شقي رأسه فلم يجبها فأدخلت يديها في كم درعها فأخرجت ثدييها وقالت : أسألك بما حملتك وأرضعتك إلا فعلت فقام ولوى شق شعر رأسه حتى عقده وهو مغسول
ثم خرج حتى أتى عليا رضي الله عنه وهو جالس في جنب داره
فقال طلحة رضي الله عنه ومعه أمه و أم عبد الله بن رافع :
لو رفهت عن هذا فقد اشتد حصره
قال : فنقر بقدح في يده ثلاث مرات ثم رفع رأسه فقال :
والله ما أحب من هذا شيئا تكرهه ..اهـ
والخبر في تاريخ دمشق - (ج 39 / ص 367):
إبراهيم بن المنذر الحزامي نا عباس بن أبي شملة عن موسى بن يعقوب الزمعي عن أخيه محمد بن يعقوب عن عبد الله بن رافع عن أمه قال :
خرجت الصعبة بنت الحضرمي فسمعناها تقول لإبنها طلحة بن عبيدالله إن عثمان قد اشتد حصره فلو كلمت فيه حتى يرفه عنه
قالت وطلحة يغسل أحد شقي رأسه فلم يجبها فأدخلت يديها في كم درعها فأخرجت ثدييها
وقالت أسألك بما حملتك وأرضعتك إلا فعلت فقام ولوى شق شعر رأسه حتى عقده وهو مغسول
ثم خرج حتى أتى عليا وهو جالس في جنب داره
فقال طلحة ومعه أمه وأم عبد الله بن رفع لو رفهت عن هذا فقد اشتد حصره
قال فنقر بقدح في يده ثلاث مرات
ثم رفع رأسه فقال والله ما أحب من هذا شيئا يكرهه اهـ
التعليق:
هذه أم طلحة نفسه ... كانت تتشفع به ليفك الحصار عن عثمان!
ويظهر أنه لم يطعها ...
فليس في الرواية أنه نفذ رغبتها
ولا في الروايات الأخرى الأقوى والأكثر..