الحديث التاسع عشر : معاوية يأمر بمعصية الله .. وعلماء السنة يفتقدون الأمانة العلمية .
معاوية يأمر بأكل المال بالباطل وقتل الأنفس والشرور ... فوا أسفاه على إسلام يحكمه أشباه الرجال !!
وانظروا للحديث بنفس السند لكن التدليس وبتر النصوص مهنة بني أمية وعلماء السلاطين.
روى ابن ماجة بسننه بسند صححه الألباني (1) :
حدثنا أبو كريب حدثنا أبومعاوية وعبد الرحمن المحاربي ووكيع عن الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الرحمن بن عبدرب الكعبة قال انتهيت إلى عبد الله بن عمرو بن العاص وهوجالس في ظل الكعبة والناس مجتمعون عليه فسمعته يقول بينا نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر إذ نزل منزلا فمنا من يضرب خباءه ومنا من ينتضل ومنا من هو فيجشره إذ نادى مناديه الصلاة جامعة فاجتمعنا فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطبنا فقال إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على ما يعلمه خيرالهم وينذرهم ما يعلمه شرا لهم وإن أمتكم هذه جعلت عافيتها في أولها وإن آخرهميصيبهم بلاء وأمور ينكرونها ثم تجيء فتن يرقق بعضها بعضا فيقول المؤمن هذه مهلكتيثم تنكشف ثم تجيء فتنة فيقول المؤمن هذه مهلكتي ثم تنكشف فمن سره أن يزحزح عن النارويدخل الجنة فلتدركه موتته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليأت إلى الناس الذي يحبأن يأتوا إليه ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يمينه وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع فإنجاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر قال فأدخلت رأسي من بين الناس فقلت أنشدك الله أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فأ شار بيده إلى أذنيه فقال سمعته أذناي ووعاه قلبي .
قلت : الحديث القادم هو نفسه لكن هنا تم بتر نص الإدانة لمعاوية .
أما رواية سنن أبو داوود فتحتوي على بتر خفيف وتدليس لطيف فقد روى أبو داوود بسننه بسند صححه الألباني (2) :
حدثنامسدد حدثنا عيسى بن يونس حدثنا الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا رقبة الآخر قلتأنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سمعته أذناي ووعاه قلبي قلت هذا ابن عمك معاويةيأمرنا أن نفعل ونفع لقال أطعه في طاعة الله واعصه في معصية الله .
وروى أحمد بن حنبل في مسنده بسند صححه شعيب الارناؤوط نفس الحديث لكن تم بتر المفعول به للفعل ( يأمرنا ) فبم كان يأمر معاوية ؟!!!
قال أحمد في مسنده (3) :
حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ رَبِّ الْكَعْبَةِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ:كُنْتُ جَالِسًا مَعَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ وَهُوَ يُحَدِّثُ النَّاسَ، قَالَ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ،فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا، فَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُ خِبَاءَهُ ، وَمِنَّا مَنْ هُوَ فِيجَشْرِهِ ، وَمِنَّا مَنْ يَنْتَضِلُ ، إِذْ نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الصَّلَاةَ جَامِعَةً، قَالَ:
فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ، وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ،وَيَقُولُ: " أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى مَا يَعْلَمُهُ خَيْرًا لَهُمْ،وَيُنْذِرَهُمْ مَا يَعْلَمُهُ شَرًّا لَهُمْ، أَلَا وَإِنَّ عَافِيَةَ هَذِهِ الْأُمَّةِ فِي أَوَّلِهَا، وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلَاءٌ وَفِتَنٌ، يُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا، تَجِيءُ الْفِتْنَةُ، فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: هَذِهِ مُهْلِكَتِي، ثُمَّ تَنْكَشِفُ، ثُمَّ تَجِيءُ فَيَقُولُ: هَذِهِ هَذِهِ ، ثُمَّ تَجِيءُ، فَيَقُولُ: هَذِهِ هَذِهِ، ثُمَّ تَنْكَشِفُ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ، وَيَدْخُلَ الْجَنَّةَ، فَلْتُدْرِكْهُ مَنِيَّتُهُ ،وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَيَأْتِي إِلَى النَّاسِ مَايُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ، وَمَنْ بَايَعَ إِمَامًا، فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ، فَلْيُطِعْهُ إِنِ اسْتَطَاعَ " وَقَالَ مَرَّةً: " مَا اسْتَطَاعَ " فَلَمَّا سَمِعْتُهَا أَدْخَلْتُ رَأْسِي بَيْنَ رَجُلَيْنِ،قُلْتُ :فَإِنَّ ابْنَ عَمِّكَ مُعَاوِيَةَيَأْمُرُنَا فَوَضَعَ جُمْعَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ، ثُمَّ نَكَسَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: " أَطِعْهُ فِي طَاعَةِ اللهِ، وَاعْصِهِ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ "، قُلْتُ لَهُ: أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ: " نَعَمْ ، سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ، وَوَعَاهُ قَلْبِي "
قال شعيب الأرناؤوط : إسناده صحيح على شرط مسلم .
قلت : بعد تتبعنا لطرق الحديث قمت بالاختصار ولم أذكر الحديث الذي في سنن النسائي الوارد بسند صحيح (5) ، فهو كسابقه قد تم بتر نص إدانة معاوية بن أبي سفيان .
قلت : وفي ما ذكرنا عدة فوائد منها أن معاوية المدعى أنه خليفة رسول الله يقيم الله به العدل ويحفظ بيضة الإسلام ويحمي به حقوق الناس هو الحاثّ على عصيان الله ، وقتل النفوس وإهلاكها !!
وأيضا لفتنا استغراباً ما أحدثه البعض ببعض نصوص الحديث فالشاهد من الحديث هو القول (هَذَا ابْنُ عَمِّكَ مُعَاوِيَةُ يَأْمُرُنَا أَنْ نَأْكُلَ أَمْوَالَنَا بَيْنَنَا بِالْبَاطِلِ وَنَقْتُلَ أَنْفُسَنَا ) ولكن أوردناه من طرق عدة :
- طريق ابن ماجة خالي من النص تماماً فقد حذف .
- طريق أبو داوود صار ( يأمرنا أن نفعل ونفعل ) فصارت مبهمة .
- طريق مسند أحمد صار ( يأمرنا ... ) وتم حذف المفعول به فأبهمت .
- طريق سنن النسائي ولم أذكره بغية للاختصار وهو مبتور تماماً وقد صح سنده .
- طريق صحيح مسلم هو الكاشف للمزورين !!.
ــــــــــــــــــــــ
(1) صحيح وضعيف سنن ابن ماجة للألباني ، ح رقم 3956 .
(2) صحيح وضعيف سنن أبي داوود للألباني ، ح رقم 4248 .
(3) مسند أحمد بن حنبل ، ج 11 ، ص 399-400 ، ط1 ، مؤسسة الرسالة .
(4) صحيح مسلم ، ج3 ، ص 1472 ، ح رقم 1844 ، ط دار إحياء التراث العربي .
(5) صحيح وضعيف سنن النسائي للألباني ، ح رقم 4149 .
الحديث الحادي والعشرون : جزع عمرو بن العاص عند الموت .. فهذا ما جنته يداه !!
روى أحمد بن حنبل في مسنده (1) :
حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نَوْفَلِ بْنُ أَبِي عَقْرَبٍ، قَالَ: جَزِعَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ عِنْدَ الْمَوْتِ جَزَعًا شَدِيدًا، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ ابْنُهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، مَا هَذَا الْجَزَعُ، وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدْنِيكَ وَيَسْتَعْمِلُكَ؟ قَالَ: أَيْ بُنَيَّ، قَدْ كَانَ ذَلِكَ، وَسَأُخْبِرُكَ عَنْ ذَلِكَ: إِنِّي وَاللهِ مَا أَدْرِي أَحُبًّا كَانَ ذَلِكَ، أَمْ تَأَلُّفًا يَتَأَلَّفُنِي، وَلَكِنِّي أَشْهَدُ عَلَى رَجُلَيْنِ أَنَّهُ قَدْ فَارَقَ الدُّنْيَا وَهُوَ يُحِبُّهُمَا: ابْنُ سُمَيَّةَ، وَابْنُ أُمِّ عَبْدٍ، فَلَمَّا حَدَّثَهُ وَضَعَ يَدَهُ مَوْضِعَ الْغِلَالِ مِنْ ذَقْنِهِ وَقَالَ: اللهُمَّ أَمَرْتَنَا فَتَرَكْنَا، وَنَهَيْتَنَا فَرَكِبْنَا، وَلَا يَسَعُنَا إِلَّا مَغْفِرَتُكَ، وَكَانَتْ تِلْكَ هِجِّيرَاهُ حَتَّى مَاتَ .
قال شعيب الأرناؤوط : إسناده صحيح على شرط مسلم .
قلت : وقد يحتج أحد ٌ بأنه استغفر الله وهذا ندم ومن باب الندم فأقول الله لا يغفر مظالم العباد بل هذا من حقوق العباد فما افتراه عمرو بن العاص بحق الناس ولو كان بحق الله لكان غفر له لو شاء .
وأيضاً هذا عند الموت ... فأين كانت نفحات الإيمان هذه وهو يضرب بسيفه جيش العراق ؟
وهذا يذكرنا بنسخة أخرى من صور الظلم التي تشابه هذا الرجل .
إنه فرعون !
طغى وتجبر وماذا عند الموت ؟!!
قال تعالى :
( وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90) آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92) ) (2)
وهذه لمن يبكي على أهل الظلم .. خذوها من الله صريحة !!
قال الحق تعالى :
(وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا )
ـــــــــــــــــــــــــ
(1)مسند أحمد ، ج 29 ، ص 319 ، ط 1 ، مؤسسة الرسالة .
(2)سورة يونس .
(3)سورة النساء ، الآية 18 .
الحديث الثاني والعشرون : عمار بن ياسر يشتم عثمان ، والصحابي أبو الغادية يقتله وبذلك يدخل النار ... وابن حجر يرقع والألباني يرد على ابن حجر !!
قال الألباني في ( سلسلة الأحاديث الصحيحة ) (1) :
قال الإمام أحمد (4 / 198) وابن سعد في " الطبقات " ( 3 / 260 - 261) والسياق له: أخبرنا عثمان بن مسلم قال: أخبرنا حماد بن سلمة أخبرنا أبو حفص وكلثوم بن جبير عن أبي غادية قال: " سمعت عمار بن ياسر يقع في عثمان يشتمه بالمدينة، قال: فتوعدته بالقتل، قلت: لئن أمكنني الله منك لأفعلن، فلما كان يوم صفين جعل عمار يحمل على الناس، فقيل: هذا عمار، فرأيت فرجة بين الرئتين وبين الساقين، قال: فحملت عليه فطعنته في ركبته،قال، فوقع فقتلته، فقيل: قتلت عمار بن ياسر؟ ! وأخبر عمرو بن العاص، فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (فذكره) ، فقيل لعمرو بن العاص: هو ذا أنت تقاتله؟ فقال: إنما قال: قاتله وسالبه ".
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم، وأبو الغادية هو الجهني وهو صحابي كما أثبت ذلك جمع، وقد قال الحافظ في آخر ترجمته من " الإصابة " بعد أن ساق الحديث، وجزم ابن معين بأنه قاتل عمار: " والظن بالصحابة في تلك الحروب أنه كانوا فيها متأولين، وللمجتهد المخطئ أجر، وإذا ثبت هذا في حق آحاد الناس، فثبوته للصحابة بالطريق الأولى ".
وأقول – يعني الألباني - : هذا حق، لكن تطبيقه على كل فرد من أفرادهم مشكل لأنه يلزم تناقض القاعدة المذكورة بمثل حديث الترجمة، إذ لا يمكن القول بأن أبا غادية القاتل لعمار مأجور لأنه قتله مجتهدا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " قاتل عمار في النار "! فالصواب أن يقال: إن القاعدة صحيحة إلى ما دل الدليل القاطع على خلافها، فيستثنى ذلك منها كما هو الشأن هنا وهذا خير من ضرب الحديث الصحيح بها. ا.هـ
ــــــــــــــــــــــــ
(1) سلسلة الأحاديث الصحيحة ، ج 5 ، ص 18 – 19 ، ط 1 ، مكتبة المعارف – الرياض .
الحديث الثالث والعشرون : المغيرة بن شعبة يسب الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (1) عن حديث " نهى عن سب الأموات " :
أخرجه الحاكم (1 / 385) عن شعبة عن مسعر عن زياد بن علاقة عن عمه: " أن المغيرة بن شعبة سب علي بن أبي طالب، فقام إليه زيد بن أرقم فقال: يا مغيرة! ألم تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن سب الأموات؟ فلم تسب عليا وقد مات؟ ! " .
وقال: " صحيح على شرط مسلم "، ووافقه الذهبي.
قلت - يعني الألباني - : وهو كما قالا . انتهى .
قلت : كيف لا وهو الذي توج نفاقه ببغض علي عليه السلام بفاحشة الزنا !
ــــــــــــــــــــــــــ
(1) سلسلة الأحاديث الصحيحة ، ج 5 ، ص 520 ، ط 1 ، مكتبة المعارف – الرياض .
وأنقل هذا النقل المهم عن هامش مسند أحمد من قول المحقق شعيب الأرناؤوط (2) :
وقال ابن عبد البر: لا خلاف بين أهل العلم بالقرآن أنه نزل فيه قوله تعالى: (إن جاءكُمْ فاسِقٌ بنبأٍ ... ) الآية [الحجرات: 6] وقد بعثه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مصدقاً إلى بني المصطلق، فعاد فأخبر عنهم أنهم ارتدُّوا، ومنعوا الصدقة، وقد خرجوا يتلقونه وعليهم السلاح، فظن أنهم خرجوا يقاتلونه، فرجع، فأخبر بارتدادهم، فبعث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خالد بن الوليد، فلما دنا منهم بعث عيوناَ ليلاً، فإذا هم ينادون بالصلاة ويصلون، فأتاهم خالد فلم ير منهم إلا طاعة وخيراً، فرجع، فنزلت هذه الآية. أخرجه عبد الرزاق في تفسيره وغيره .
ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) مسند أحمد بن حنبل ، ج 30 ، ص 404 – 405 ، ط1 / مؤسسة الرسالة .
(2) هامش مسند أحمد ، ج 26 ، ص 304 ، ط1 ، مؤسسة الرسالة .
الحديث الخامس والعشرون : الوليد بن عقبة يخالف النبي (ص) والنبي يدعو عليه !!
قال البوصيري في كتابه (إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة ) (1) :
وَقَالَ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ: ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ عَلِيٍّ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: "إِنَّ امْرَأَةَ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ أَتَتِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: إِنَّ الْوَلِيدَ يَضْرِبُهَا قَالَ: قُولِي لَهُ: رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد أجارني. قال علي: فلم تلبث إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى رَجَعَتْ، فَقَالَتْ: مَا زَادَنِي إِلَّا ضَرْبًا. فَأَخَذَ هُدْبَةً مِنْ ثَوْبِهِ فَدَفَعَهَا إِلَيْهَا، وَقَالَ: قُولِي لَهُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ أَجَارَنِي. قَالَ علي: فلم تلبت إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى رَجَعَتْ إِلَيْهِ، فَقَالَتْ: مَا زَادَنِي إِلَّا ضَرْبًا. فَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِالْوَلِيدِ".
هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ، رَوَاهُ مُسَدَّدٌ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ مِنْ زِيَادَاتِهِ عَلَى الْمُسْنَدِ كُلُّهُمْ مِنْ طَرِيقِ نُعَيْمِ بْنِ حَكِيمٍ بِهِ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ بِطُولِهِ وَطُرُقِهِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ فِي بَابِ ضَرْبِ النِّسَاءِ.
قلت : وحسّن إسناده حسين أسد في تحقيقه لمسند أبي يعلى الموصلي (3) .
ومن باب الإنصاف لنشمل الكلام ونفند الحجج المعارضة فقد ضعفه شعيب الأرناؤوط ولا وجه لتضعيفه فرجاله ثقات سنده متصل وما تضعيفه إلا لخلطه بكون أبي مريم فهل هو الثقفي أم الحنفي ؟!
والصحيح أنه الثقفي واختلف في اسمه هل هو قيس أم إياس الحنفي واستدرك ابن حجر
على النسائي وبين أنه قيس ( أبو مريم الثقفي ) و ذكر أحمد في كتابه العلل أنه قيس .
و قال الذهبي في ميزان الاعتدال (4) :
أبو مريم الثقفي المدائني [د، ص] ، ويقال: كوفي.
عن علي، وعمار ، وعنه نعيم بن حكيم، وأخوه عبد الملك بن حكيم.
قال النسائي: أبو مريم قيس الحنفي ثقة.
وقال أبو حاتم: أبو مريم الثقفى المدائني قيس. انتهى
قلت : وأنوه لخطأ النسائي الذي استدركه ابن حجر عليه وعليه الثقفي ثقة وذكره أيضاً ابن حبان في كتابه الثقات (5) فقال :
قَيْس المدايني أَبُو مَرْيَم يَرْوِي عَن عَليّ بن أَبِي طَالب وعمار بْن يَاسر روى عَنهُ عَبْد الْملك بْن حَكِيم .
والمؤكد لهذا ما ذكره البخاري في التاريخ الكبير (6) :
قَيس، أَبو مَريَم، الثَّقَفيُّ، المَدائِنِيُّ ، سَمِعَ عَمّارًا، وعليا ، رَوَى عَنه: نُعَيم، وعَبد الملك، ابنا حَكِيم.
وهنا الراوي يروي عن علي وروى عنه نعيم بن حكيم فيثبت أنه هو الثقة ، أيضاً نص الكثير من الأعلام أنه هو قيس .
والعجب من رمي الأرناؤوط والألباني له بالجهالة رغم أنه ورد نص صريح بدون تخليط أسماء ، فقد جاءنا من ابن حبان التوثيق باسمه الكامل أنه هو الثقفي فقد ذكرت فيما سبق أنه وثقه في كتابه الثقات !!!!!
فعليه لا يصح ما ذكره الألباني والأرناؤوط ولا يصح إطلاق الجهالة لتوثيق ابن حبان ونحمل وهم النسائي على أنه أراد الآخر كما ذكر ابن حجر ، بل نجد جموعاً تعتبره الثقفي الثقة !
1- الهيثمي حيث عقب أنه ثقة بالسند فعلق بقوله : رجاله ثقات .
2- كذلك حسين أسد في مسند أبي يعلى .
3- وتصحيح البوصيري كما أسلفنا .
4- و تحسين الضياء المقدسي في كتابه الأحاديث المختارة (7) للسند فهذا يؤكد عدم اعتبار جهالته وإنما وثاقته بناء على قول النسائي وابن حبان ، وبمراجعة الحديث في موقع إسلام ويب قرر محررو الرواة والمصنفين من العلماء هناك أنه هو الثقة
ــــــــــــــــــــــــــ
(1) هامش مسند أحمد ، ج 26 ، ص 304 ، ط1 ، مؤسسة الرسالة .
(2) إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة للبوصيري ، ج 6 ، ص 476 .
(3) مسند أبي يعلى الموصلي ، ج1 ، ص 253 ، ح 294 .
(4) ميزان الاعتدال ، ج4 ، ص 573.
(5) الثقات لابن حبان ، ج5 ، ص 314
(6)التاريخ الكبير للبخاري ، ج 7 ، ص 151 .
(7) الأحاديث المختارة للمقدسي ، ج 2 ، 332 .
الحديث السادس والعشرون : مروان بن الحكم يسب الإمامين الحسنين عليهما السلام ، ورسول الله صلى الله عليه وآله يلعنه !!
روى أبو يعلى الموصلي في مسنده :
حدثنا إبراهيم بن الحجاج السامي حدثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن أبي يحيى قال : كنت بين الحسين و الحسن و مروان يتشاتمان فجعل الحسن يكف الحسين فقال مروان : أهل بيت ملعونون فغضب الحسن فقال : أقلت : أهل بيت ملعونون ؟ فوالله لقد لعنك الله على لسان نبيه - صلى الله عليه و سلم - وأنت في صلب أبيك . (1)
قلت : إسناده صحيح ورجاله محتج بهم ولكي لا يستدرك على محقق الكتاب أو علينا أحد في خصوص صحة السند نقول ما يلي :
إبراهيم بن الحجاج :
وثقه ابن حبان والدارقطني وابن قانع .
حماد بن سلمة :
ثقة عابد حجة ثبت ومن رواة مسلم .
عطاء بن السائب :
ثقة روى له البخاري .
أبي يحيى ، وهو زياد الأعرج :
ثقة وثقه ابن حجر وابن حبان وابن معين وأبو داوود وغيرهم .
ولا يمكن الكلام طعناً في هذا السند إلا من جهة واحدة ، وهي اختلاط عطاء بن السائب ، والجواب عن ذلك أن الراوي حماد بن سلمة هو من روى عن عطاء بن السائب وكلمة أهل التحقيق وغالب الجمهور أن رواية حماد بن سلمة كانت قبل اختلاطه فإن غالب المحققين يرون صحة ما يرويه حماد عنه وبذلك هم يقررون أن مروياته هذه كانت قبل الاختلاط .
فحماد بن سلمة سمع من عطاء قبل اختلاطه كما عليه الجمهور .
فهذا هو الرأي السائد و عزاه الحافظ العراقي في ( التقييد والإيضاح ) لجمهور أهل العلم ، قال ابن معين : ( حديث سفيان ، وشعبة بن الحجاج ، وحماد بن سلمة ، عن عطاء بن السائب : مستقيم . وحديث جرير بن عبد الحميد وأشباه جرير : ليس بذاك ؛ لتغير عطاء في آخر عمره) (3)
وقال ابن معين أيضا :
" وحماد بن سلمة سمع من عطاء بن السائب قديما قبل الاختلاط " (4) .
وقال يعقوب بن سفيان الفسوي :
" ثقة ، حديثه حجة ما روى عنه سفيان ، وشعبة ، وحماد بن سلمة ، وسماع هؤلاء سماع قديم ، وكان عطاء تغير بأخرة ، فرواية جرير وابن فضيل وطبقتهم : ضعيفة " (5)
وقال ابن الكيال في كتابه ( الكواكب النيرات ) :
( وقد استثنى الجمهور رواية حماد بن سلمة عنه أيضا قاله بن معين وأبو داود والطحاوي وحمزة الكناني وذكر ذلك عن بن معين بن عدي في الكامل وعباس الدوري وأبي بكر بن أبي خيثمة وقال الطحاوي وإنما حديث عطاء الذي كان منه قبل تغيره يؤخذ من أربعة لا من سواهم وهم شعبة وسفيان الثوري وحماد بن سلمة وحماد بن زيد )(6)
والذي يثبت أن حماد بن سلمة سمع منه قبل الاختلاط حتى في السماعين منه :
قال أبو داود كما نقل عنه في ( الكواكب النيرات ) :
قال غير واحد : قدم عطاء البصرة قدمتين :
فالقدمة الأولى : سماعهم صحيح ، وسمع منه في القدمة الأولى : حماد بن سلمة ، وحماد بن زيد ، وهشام الدستوائي .
والقدمة الثانية : كان متغيرا فيها ، سمع منه : وهيب ، وإسماعيل ، وعبد الوارث ، سماعهم منه فيه ضعيف " (7)
وقال ابن حجر العسقلاني في ( تهذيب التهذيب ) :
( وقال بن الجارود في الضعفاء حديث سفيان وشعبة وحماد بن سلمة عنه جيد وحديث جرير وأشباه جرير ليس بذاك )(8)
ويقول عبد الحق الاشبيلي في كتابه ( الأحكام الكبرى ) :
( شُعْبَة بن الْحجَّاج وسُفْيَان الثَّوْريّ وَحَمَّاد بن زيد وَحَمَّاد بن سَلمَة - رووا عَن عَطاء بن السَّائِب قبل اخْتِلَاطه )(9)
وذكر ذلك ابن رجب بكتاب ( شرح علل الترمذي ) فقال عن اختلاط عطاء وحكم رواية حماد بن سلمة :
( ومنهم حماد بن سلمة: نقله (ابن الجنيد عن يحيى بن معين) .
ونقل عبد الله بن الدورقي عن ابن معين، قال: حديث سفيان وشعبة وحماد بن سلمة عن عطاء بن السائب مستقيم.
وقال ابن أبي خيثمة: سمعت يحيى يقول: شعبة وسفيان وحماد بن سلمة في عطاء خير من هؤلاء الذين بعدهم.
ونقل ابن المديني عن يحيى بن سعيد أن أبا عوانة وحماد بن سلمة سمعا منه قبل الاختلاط وبعده، وكانا لا يفصلان هذا من هذا، خرجه العقيلي . ) (10)
ويقول أيضاً بنفس الكتاب :
( قد تقدم عن شعبة أنه قال لابن علية: إذا حدثك عطاء بن السائب عن رجل واحد فهو ثقة، وإذا جمع فقال: زاذان وميسرة وأبو البختري فاتقة، كان الشيخ قد تغير ) (11)
وفي هذا شاهد على وثاقة الحديث فهو نقل عن رجل واحد .
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مسند أبي يعلى الموصلي ، ج 12 ، ص 135 ، ح رقم 6764 وصححه المحقق حسين أسد .
(2) التقييد والإيضاح ، ص 443 ، ط 1 .
(3) تاريخ ابن معين للدوري ، ج 3 ، ص 309 .
(4) سؤالات ابن الجنيد ، ص 478 ، ط 1 ، مكتبة الدار – المدينة المنورة .
(5) المعرفة والتاريخ للفسوي ، ج 3 ، ص 84 ، ط 2، مؤسسة الرسالة – بيروت .
(6) الكواكب النيرات ، ج 1 ، ص 325 ، ط1 ، دار المأمون – بيروت .
(7) المصدر السابق ، ج1 ، ص 327 .
(8) تهذيب التهذيب ، ج7 ، ص 207 ، ط1 ، مطبعة دائرة المعارف النظامية – الهند .
(9) الأحكام الكبرى للإشبيلي ، ج 2 ، ص 223 ، ط1 ، مكتبة الرشد - السعودية / الرياض .
(10) شرح علل الترمذي لابن رجب ، ج 2 ، ص 734 ، ط 1 ، مكتبة المنار - الزرقاء – الأردن
(11) المصدر السابق ، ج2 ، ص 813 .