من عبق راهب آل محمد صلوات الله عليهم
نعزي الامة الاسلامية وامامها صاحب العصر القريب الظهور ومراجعنا العظام
قال الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام ( رحم الله شيعتنا خُلقوا من فاضل طينتا وعُجنوا بنور ولايتنا يفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا ))
أن الحديث عن المعذب بالقعر والسجون حديث الاباء والعزة والشهامة
فلقد سأل هارون الرشيد الإمام موسى بن جعفر عليه السلام : أنت الذي تبايعك الناس سرا
قال عليه السلام : أنا أمام القلوب وأنت أمام الأجسام )
القرآن يُقسم الأئمة على نوعين :
أئمة حق ، وأئمة باطل قال تعالى (وجعلناهم ائمة يهدون بأمرنا ) وقال في موضع أخر ( وجعلناهم ائمة يهدون إلى النار )
فحتى هارون العباسي يعلم من هو موسى بن جعفر لكنه ( الملك ) كما يقول فلقد دخل عليه موسى الكاظم عليه السلام أكرمه وعانقه ويسأله عن حاله وعياله ولما قام الإمام نهض هارون وودعه باجلال واحترام فلما خرج سأله المأمون : من هذا الذي فعلت له ما لم تفعله لأحد ٍ سواه .
فقال هارون : هذا وارث علم النبيين هذا موسى بن جعفر فأن أردت َ العلم الصحيح فعند هذا.
فلماذا أذن سجن وقتل الإمام هل هو اللؤم والحقد ؟؟
أما أنه المنصب ؟؟
أن ذات الإنسان أي أنسان تتحول من حقيقيتها قبل الحكم إلى حقيقة أخرى بعده ؟؟
بحيث أن أرباب المناصب يقيسون كل شيء بما يحفظ مناصبهم وسلطانهم فلا دين ولا عقل ولا وجدان ولا علم ولا شيء ألا المنصب
كما نرى اليوم من شخصيات كان لها وزن لكنها سقطت في هذا الداء الوبيل ؟؟
حتى الزعامة الدينية ليست ببعيدة عن هذا الداء الجاه السلطة ؟
وهذه الكلمة المشهورة لسماحة آية الله السيد محسن الحكيم ( للأنصاف أنه يصعب جدا بقاء العدالة للمرجع في الفتوى اذا لم تكن نفسه بمرتبة عالية ذات مراقبة ومحاسبة فأن في ذلك مزلة الاقدام ومخطرة الرجال العظام )
أما حال الأمة في عهد الإمام الكاظم عليه السلام كانت كاليوم فعشرات الارامل لم يملكن غير ثوب واحد فالعلويات الارامل في عهده لم يملكن غير ثوب واحد يتناقلنه في الصلاة فكانت تخلع الثوب وتعطيه للأخرى فتصلي به في البرد يحتمين بالشمس هذا الا يذكرني بالمهجرين وأزمة الوقود بالعراق الجريح وفقرائه .
ولقد كانت أمراة تستجدي في شوارع الكوفة وكانت تتبع احمال الرطب فتلتقط ما يسقط منه فتجمعه في كساء رثّ عليها , فمرَّ بها محمد بن ابراهيم بن أسماعيل بن أبراهيم بن طباطبا بن الحسن بن الأمام حسن عليه السلام وهو صاحب أبي السرايا لا فسألها عما تصنع بذلك فأنتسبت فأذا بتا من عائلة من الأنصار ، ثم قالت : أني امراة لا رجل لي يقوم بمؤونتي ولي بنات لا يملكن شيء فانا اتتبع هذا من الطريق واتقوته إنا وولدي ، فبكى بكاءا شديدا وقال : أنت ِ والله والله وأشباهكِ تخرجوني غدا حتى يسفك دمي .
أي ضرورة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن كلفه ذلك دمه لما يرى من الضيم والحيف والابتعاد عن الله جلّ في علاه واليوم نرى الفساد الاداري في كل مكان والرشوة والمحسوبية وانتهاء التعليم بالرشوة والغش حتى إن اغلب الطلبة لا يحسنون لغتهم العربية ،
أما الكاظم عليه السلام فكان يعيش في هذه المحن العظام نعم الإمام ضحى بنفسه من أجل اهداف عظام ذكرها بقوله عليه السلام
( طوبى لشيعتنا المتمسكين بحبنا في غيبة قائمنا ، الثابتين على موالاتنا والبراءة من أعدائنا أولئك منا ونحن منهم وقد رضوا بنا أئمة ورضينا بهم شيعة ، طوبى لهم ثم طوبى لهم هم والله معنا في درجتنا يوم القيامة ))
أي حبّ يعنيه الأمام الكاظم ( المتمسكين بحبنا ) حتى إن الأمام الصادق يقول ويحصر الدين بالحبّ ( وهل الدين ألا الحب ّ)
بعقيدتي ليس الحب بلقلقة لسان أنما عمل قال السجاد عليه السلام ( أحبونا حبّ الأسلام ولا تحبونا حبّ الأصنام ) لقد وقع الكثير منا في الحب الثاني حبّ الاسماء لا حبّ من يكون موسى بن جعفر لذلك في الأختبار والتمحيص يخسر المبطلون ..
موسى بن جعفر كان ثوري كما في لغة اليوم مغامر في سبيل بقاء كلمة الله هي العليا .
من خلال الثورات التي يدعمها أو الحركات الرسالية كعلي بن يقطين وغيرهم .
أن آل محمد يعلموننا ..
.قال باقرهم ( ويل لقوم لا يدينون الله بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر )
قال صادقهم عليهم السلام ( أمروا بالمعروف وأنهوا عن المنكر فأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لم يقربا أجلا ولم يبعدا رزقا ))
وهذا والله ما تيقنت منه .
فوالله ما سُجن موسى بن جعفر بل كان يحمد الله على هذا ما يسمونه سجن الطغاة كان يقول (( اللهم أنك تعلم طالما سألتك أن تفرغني لعبادتك ))
نعم إن من هوان الدنيا على الله ما يجري بها على آل محمد
قال جعفر الصادق عليه السلام ( أن أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم )
وقال أيضاً ( لو يعلم المؤمن مالهُ في المصائب من الأجر لتمنى أن يقرض بالمقاريض )
فلنؤدي واجبنا وليكن ما يكون ولنتحدى كل طاغوت كقول موس بن جعفر لهارون ( أنا أمام القلوب وأنت أمام الأجسام )
وقال له ( يا هارون ... ما ينقضي عني يوم من البلاء حتى ينقضي عنك يوم من الرخاء ثم نفنى جميعا ألى يوم ليس له أنقضاء ويخسر هنالك المبطلون )
نعم يتنقل من سجن عيسى بن جعفر إلى سجن الفضل بن ربيع إلى سجن الفضل بن يحيى وكلهم يرففضون قتله لهيبته وعبادته خوفا من نزول البلاء بهم حتى أن هارون العباسي بعث له بجارية لها من الجمال والفتنة العالية في سجنه لعله يقع في ما يتمناه هارون ولكن خرجت الجارية عابدة أثار الخشوع على نفسها واضحة ، لا ترفع رأسها وتقول : قدوس سبحانك قدوس
فقال هارون : سحرها والله موسى بن جعفر .
وفي أحد الأيام صعد هارون سطحا يشرف على السجن فكان يرى الأمام ساجدا
فقال للربيع : ما ذاك الذي أراه كل يوم
قال الربيع : يا أمير الكذا ما ذاك بثوب أنما هو موسى بن جعفر
فقال هارون : أما أن هذا من رهبان بني هاشم
فقال الربيع : فما بالك قد ضيقت عليه في الحبس
قال هارون : هيهات لا بدّ من ذلك
نعم انه المنصب والملك والجاه والرئاسة
وأذكر هنا قول الشهيد محمد باقر الصدر مخاطبا طلبته متسائلا ؟
من منا أ ُعطي دنيا هارون الذي يخاطب السحاب قائلا : أينما تمطرين يأتيني خراجك
كان يملك من الصين إلى الاندلس
نحن نلعن هارون لقتله موسى وسجنه وا عجباه لو أعطينا هذه الدنيا بيننا وبين الله ألا نقتل موسى الكاظم
صدقت يا أبا جعفر أنه التمحيص والتمييز والغربلة التي نعيشها اليوم
وكم من باكي على ظلم الشعب وهو اليوم بمكان الظالم فما قدم للشعب المظلوم
انتم أجيبوني يرحمكم الله
اللهم صل على محمد وال محمد
احسنتم اخي الغالي ثائر
عظم الله لكم ولنا الاجر بهذه المصاب العظيم
ان شاء الله اخي لن انساك بلزيارة والدعاء
عند الكاظمين (عليهم السلام)
اللهم صلي على محمد وال محمد
عظم الله لك ولنا الاجر بمصاب سيدنا ومولانا
الامام الكاظم (عليه السلام)
ان شاء الله تعالى سازور نيابة عنك اخي
واشكرك على هذه الطرح القيم
التعديل الأخير تم بواسطة عاشق الامام الكاظم ; 15-07-2009 الساعة 03:49 PM.
كيف كان الامام موسى بن جعفر(عليه السلام) يقضي أيّام سجنه :
بتاريخ : 15-07-2009 الساعة : 05:37 PM
كيف كان الامام (عليه السلام) يقضي أيّام سجنه :
خُلِقَت الارض كلّها في نظرِ الامامِ لتكونَ معبداً ومسجداً ـ كما جاء في حديث رسول الله (ص) ـ وَوُجِدَت الدُّنيالتكونَ مِحراباللعبادةِ ومجالاللتسبيح والتقديس ، ورحلةً للتقرّب إلى الله سبحانه والوصول إلى معرفته ، فلا تتغيّر عليه الاحوال ، ولا تختلفُ لديه الاماكنُ ، بل كلّما ضاقتْ عليه حلقاتُ المضيق،وعظمتِ الشّدائدُ،وتراكمتِ المحنُ ازداد قُرباً من الله،واستعانةً بالصّبرِ والصّلاة.فلقد اتّخذ الامام من السجن مسجداً،ومن وحشة الحبس ووحدته مُعْتَكَفاً ومأنساً بذكر الله وقربه سبحانه ، فنهاره صيام وليله مناجاة وقيام.
فقد روى أحد الّذين كُلِّفوا بمراقبةِ الامامِ في سجنِ عيسى بن جعفر أنّه سمع الامام يقول :
«اللّهمّ ! إنّكَ تعلم أ نّني كنتُ أسالكَ أن تُفَرِّغَني لعبادَتِك ، اللّهمَّ ! وقَد فَعلتَ فَلَكَ الحَمْدُ»
وعن أحمد بن عبد الله عن أبيه قال :
« دخلتُ على الفضل بن الرّبيع وهو جالسٌ على سطح ، فقال لي : أشرفْ على هذا البيت ، وانظر ماذا ترى ؟ فقلت : ثوباً مطروحاً . فقال : انظر حسناً ، فتأمّلت فقلت : رجلٌ ساجد . فقال لي : تعرفه ؟ هو موسى بن جعفر ، أتفقّدُهُ اللّيلَ والنّهارَ ، فلم أجِدْهُ في وقت من الاوقات إلاّ على هذه الحالة ، إنّه يصلِّي الفجرَ فَيُعَقِّبُ إلى أنْ تطلعَ الشمسُ ، ثمّ يسجدْ سجدةً ، فلا يزالُ ساجداً حتّى تزولَ الشمسُ ، وقد وكّل مَن يترصّدُ أوقاتَ الصّلاة ، فإذا أخبرهُ وثبَ يُصلِّي مِن غيرِ تجديدِ وضوء ، وهو دأبُهُ ، فإذا صلّى العُتمةَ أفطَرَ ، ثمّ يُجدِّدُ الوضوءَ ، ثمّ يسجِدُ فلا يزالُ يُصلِّي في جوفِ اللّيلِ حتّى يطلعَ الفجرُ »
وأضيف في رواية اُخرى :
«فهذا دأبه منذ حُوِّلَ إلَيَّ»
وجاء كذلك :
«فأمر بتسليم موسى إلى الفضل بن يحيى ، فجعله في بعض دوره ، وَوَضَعَ عليه الرّصد، فكانَ مشغولاً بالعبادة ، يُحيي اللّيل كلّه : صلاةً ، وقراءةً للقرآنِ ، ويصوم النّهار في أكثرِ الايّام ، ولا يصرفُ وجهَهُ عَنِ المحرابِ ، فوسّعَ عليه الفضل بن يحيى وأكرمه»
وهكذا كان الامام يؤثّر في سجّانيه وجلاّديه ، فقد كان يقضي أوقاته في السجن دعاءً ومناجاةً واستغفاراً ، وركوعاً وسجوداً وتفرغا للذكر والعبادة ، وهو يعـتبر ذلك منّةً من الله ورحمة ، إذ فرّغه لعبادته ، واستخلصه لنفسه .
أيّ رجل هذا ، وأيّة قوّة يمكنها أنْ تقهرَهُ ، لقد كان نورُ قلبه يُزيحُ ظُلماتِ السجون ، وصلابةُ صبرِهِ تُحطِّمُ قيودَ السجّان وإرادةَ الطّاغية ، ولذيذُ مناجاته يملا آفاقَ الوحدة والوحشة اُنساً وسُروراً ، فما عسى الجلاّدُ أنْ يصنعَ ، وماذا بوسعِ الطّاغية أن يفعل ؟ فالامام يؤثِّرُ فيمن حولَهُ ويشعُّ بسلوكه وخُلُقِهِ وروحِهِ على مَنْ يُجاورونَه .
فمِن روائع تأثيرِهِ وهَدْيِهِ،وإشعاعِ سلوكِهِ وإخلاصِهِ،ما رواهُ العامري في كتاب«الانوار»قال:
« إنّ هارون الرشيد أنفذ إلى موسى بن جعفر جاريةً خصيفةً ، لها جمالٌ ووضاءةٌ لِتَخدِمَهُ في السجنِ فقال : قُل له : «بَلْ أنتُمْ بهديّتكُمْ تَفرحون» . لا حاجةَ لي في هذه ولا في أمثالها ، قال : فاستطارَ هارون غضباً ، وقال : ارجع إليه وقُل له : ليسَ برضاكَ حبسناكَ ، ولا برضاكَ أخذناك ، واتركِ الجاريةَ عندهُ وانصرِفْ . قال : فمضى ورجعَ ، ثمّ قامَ هارون عن مجلسِهِ وأنفذَ الخادمَ إليهِ ليستفحّصَ عن حالِها ، فرآها ساجدة لربِّهالا ترفعْ رأسَها ، تقولُ : قدّوسٌ ، سبحانكَ ، سبحانكَ ، فقال هارون : سَحَرَها والله موسى ابن جعفر بسحره
فلعلّ هارون أراد أن يُغريَ الامامَ ويشغلَهُ عن أهدافِهِ بجمالِ الحسان ، ومُتَعِ الحياة ، منطلقاً من فهمه وتقييمه هو لنفسه ، وما درى أنّ الامام مستغرقٌ في جمال الحقِّ وفان بحبِّ الله ، قد أعرضَ عن الدُّنيا وزينَتَها ، فلا الجواري يشغلن بالَهُ ، ولا مُتَع الحياة تستهوي نفسه ، بل هو داعيةُ حقٍّ ، وصاحبُ رسالة؛ قد نذرَ نفسه لمبادئه ، وأوقفَ ذاته على ذات الله سبحانه ، فغدا مناراً يهدي بقوله وعمله ، وداعيةً يرشدُ بِصَمْتِهِ ونُطقِهِ ، فَصمتُهُ نَطَقَ بلسانِ العمل ، ونطقُهُ هَدى بكلمة الحقّ ، لذا استهوى هديُ قلبَ الجارية ، واستولى سلطانُ روحِهِ على روحها وعقلها حتّى غدت تُنادي «سبّوحٌ ، قدّوسٌ» ، مشدوهةً ساجدةً ، بعد أنْ كانت تَرتَعُ في مسارحِ اللّهوِ ، وتكرعُ في كؤوسِ الهَوى والغَرام ، وتقضي وقتها وهي تداعب أوتارَ الطّربِ وأنغامَ الشِّعر ، وتستمتعُ بِحُلَلِ الديباجِ وعقودِ اللّؤلؤ، فصار ديدنُها الصّلاةَ والتسبيحَ والتقديسَ حتّى ماتت ، وقيل إنّ موتها كان قبلَ شهادة الامام موسى بن جعفر (ع) بأيّام .
وهكذا اختطَّ الامام لاجيال المسلمين السيرة الفذّة ، والسير في طريق ذات الشوكة، رغم الصعاب والمحن، فعلّم السائرين في هذا الطّريق الصّبرَ على مرارة السّجون والثّبات على الحقِّ ، والاسـتهانةَ بأساليبِ الجلاّدين ، ووسائلِ القهرِ والارهابِ ، فقد كان الرشيدُ ينقلُ الامامَ مِن سجن إلى سجن ، فمن عيسى ابن جعفر ، إلى الفضل بن الربيع ، إلى الفضل بن يحيى ، إلى السندي بن شاهك لعلّه يُخفي شخصَ الامام ، ويقتلُ روحَ المقاومة ويُغيِّبُهُ عن الاذهان ، إلاّ أنّ وجود الامام موسى بن جعفر في السجن كان له مغزىً سياسي ، وقيمة جهادية كبرى ، وخصوصا لتنقّله بين السّجون ومتابعة أبناء الاُمّة لاخباره ، وعجز السلطة عن حسم الموقف معه .
فقد كان وجودُهُ يغذِّي روحَ الثورة والرّفض والمقاومة ، ويُضفي عليها صفةَ الشرعيّة ، لذلكَ فقد رفضَ الامام التوسّط لدى الحكّام لاخراجه من السجن ، أو اللّجوء إلى أي موقف من شأنه أنْ يُضعِفَ في الاُمّة هذه الرّوح ، فقد رفضَ وقالَ لبعضِ مَن طلبَ منه أن يُرسِلَ بعض الشّخصيات إلى هارون الرشيد للوساطة وإطلاق حرِّيّته :
« حدّثني أبي عن آبائه ، أنّ الله عزّ وجلّ أوحى إلى داودُ : يا داود ! إنّه ما اعتصمَ عبدَ مِن عبادي بأحَد مِن خَلقي دوني ، وعرفتُ ذلكَ منهُ إلاّ قطعتُ عنهُ أسبابَ السّماء ، وأسَخْتُ الارضَ مِن تحته » .
بهذا الردّ الحاسم الصادق عزّز موقِفَهُ وإباءَهُ وثقتَهُ بالله سبحانه .
ولمّا أحسَّ الرشيد أنّ روح المقاومة الصامتة الّتي أبداها الامام في السجن قد بدأت تأخذ طريقها إلى النفوس ، وأنّ مواقفه بدأت تتفاعل مع وعي الجمهور وإحساس الاُمّة ، خاف أن يتكثّف هذا الوعي ، وينمو ذلك الاحساس فيتحوّل إلى ثورة ، فاستشار وزيرَهُ يحيى بن خالد ، فأشار عليه باطلاق سراح الامام .
وقد نقل العلاّمة المجلسي صاحب «بحار الانوار» هذا الموقف من السلطة العباسية كالآتي:
« لمّا حَبَسَ هارونُ الرشـيد أبا إبراهيم ـ موسى بن جعفر ـ ، وأظهر الدلائل والمعجزات وهو في الحبس ، تحيّر الرشيد ، فدعا يحيى بن خالد البرمكي ، فقال له : يا أبا عليّ ! أما ترى ما نحنُ فيه من هذه العجائب ؟ ألا تدبِّر في أمرِ هذا الرّجل تدبيراً تُريحنا مِن غمِّهِ ؟ فقالَ يحيى بن خالد : الّذي أراهُ لكَ يا أمير المؤمنين ! أنْ تمتَنَّ عليه ، وتَصِلَ رَحِمَهُ ، فقد والله أفسدَ علينا قلوبَ شيعتنا ، وكان يحيى يتولاّه ، وهارون لا يعلم ذلك ، فقالَ هارون : انطلِق إليه ، وأطلِقْ عنهُ الحديدَ ، وأبلِغْهُ عنِّي السّلامَ وقُل له : يقولُ لكَ ابن عمّك أنّه قد سبقَ منِّي فيكَ يمينٌ أنِّي لا اُخَلِيك حتّى تقرَّ لي بالاساءة ، وتسألَني العفوَ عمّا سَلَفَ مِنكَ ، وليسَ عليكَ في إقرارِكَ عارٌ ، ولا في مسألتك إيّايَ مَنْقَصَةٌ »
ولمّا وصل يحيى إلى الامام موسى بن جعفر وأخبرَهُ برسالة الرشيد ، رفضَ الامام أن يلبّي طلب الرشيد الّذي أراد أن يوقف الامام موقف المخاطب المعتذر ، وأجابه :
«وستعلمُ غداً إذا جاثَيْتُكَ بينَ يدي الله مَنِ الظّالِم والمُعتدي على صاحبِهِ والسّلام»
وهكذا حطّمَ الامام موسى الكاظم (ع) بصبره وثقته بالله سبحانه كلَّ وسائل الجور والارهاب من السجن والضغط والقيود والتزييف وتضليل الرأي العام ، فلم يكن أمامَ الرشيد إلاّ الحلُّ الاخير وهو اغتيال الامام ، وإنهاء حياته الشريفة ، وقد تخيّل أنّه سيسدلُ الستارَ بذلك على أروعِ فصل من فصولِ الجهـادِ والثـورةِ ضدّ الطّغيان ، وسيُطفئُ نورَ الامامةِ في أهل هذا البيت ، ويتخلّصُ من أعظمِ شخصيّة علمية وقيادية في عصره ، لذلك أقدمَ على الجريمة الكبرى ، وقرّرَ اغتيال الامام
لم يكتفوا أن يسجنوا شمس الهدى ... ما بين قضبـان بسجن مظلـم ِ
لا بل أرادوا الشمس في بطن الثرى ... كي لا يشعّ ضياؤهـا للمعتـم ِ
خسئوا. فإن شمـوس آل محمّـد ... أبداً بكلّ عصورهـا لـم تُعـدَم ِ
حتى النشور تظـلّ نبـع هدايـةٍ ... وتظلّ مصباحـاً لكـلّ العالَـم ِ
التعديل الأخير تم بواسطة عاشق الامام الكاظم ; 15-07-2009 الساعة 10:08 PM.
ترعرع الامام موسى بن جعفر في حضن أبيه أبي عبد الله الصادق (ع) فنهل منه العلوم الالهية وتخلق بالأخلاق الربانية حتى ظهر في صغره على سائر إخوته، وقد ذكرت لنا كتب السيرة أن مناظرة حصلت بينه وبين أبي حنيفة حول الجبر والاختيار بيّن له فيها الامام على صغر سنه بطلان القول بالجبر بالدليل العقلي ما دعا أبا حنيفة الى الاكتفاء بمقابلة الابن عن مقابلة الامام الصادق وخرج حائراً مبهوتاً
عاش الإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع) مدة إمامته بعد أبيه في فترة صعود الدولة العباسية وانطلاقتها. وهي فترة تتّسم عادة بالقوّة والعنفوان. واستلم شؤون الإمامة في ظروف صعبة وقاسية، نتيجة الممارسات الجائرة للسلطة وعلى رأسها المنصور العباسي، ومما أوقع الشيعة في حال اضطراب إدَِّعاء الإمامة زوراً من قبل أحد أبناء الإمام الصادق (ع) وهو عبد الله الأفطح وصار له أتباع عُرفوا بالفطحية
كما كان هناك الاسماعيلية الذين اعتقدوا بإمامة إسماعيل بن جعفر الصادق (ع) الابن الأكبر للإمام الصادق مع أنه توفي في حياة أبيه. ولكن هذه البلبلة ساعدت في الحفاظ على سلامة الإمام الفعلي وهو الإمام موسى الكاظم (ع)، حيث اشتبه الأمر على الحكام العباسيين فلم يتمكنوا من تحديد إمام الشيعة ليضيقوا عليه أو يقتلوه، وهو ما أعطى الامام الكاظم فرصة أكبر للقيام بدوره الالهي كإمام مسدد للإمامة
منزلة الإمام (ع):
وبما أن الإمام في عقيدة الشيعة هو وعاء الوحي والرسالة، وله علامات وميزات خاصة لا يتمتع بها سواه فقد فرض الامام الكاظم نفسه على الواقع الشيعي وترسخت إمامته في نفوس الشيعة
فجسّد الإمام الكاظم (ع) دور الإمامة بأجمل صورها ومعانيها، فكان أعبد أهل زمانه وأزهدهم في الدنيا وأفقههم وأعلمهم. وكان دائم التوجّه لله سبحانه حتى في أحرج الأوقات التي قضاها في سجون العباسيين حيث كان دعاؤه "اللهم إنك تعلم أني كنت أسألك أن تفرغني لعبادتك وقد فعلت فلك الحمد" كما احتل الإمام (ع) مكانة مرموقة على صعيد معالجة قضايا العقيدة والشريعة في عصره. حيث برز في مواجهة الاتجاهات العقائدية المنحرفة والمذاهب الدينية المتطرفة والأحاديث النبوية المدسوسة من خلال عقد الحلقات والمناظرات الفكرية مما جعل المدينة محطة علمية وفكرية لفقهاء ورواة عصره يقصدها طلاب العلوم من بقاع الأرض البعيدة فكانوا يحضرون مجالسه وفي أكمامهم ألواح من الإبنوس (نوع من الخشب) كما ذكر التاريخ
وقد تخرّج من مدرسة الإمام الكاظم (ع) في المدينة، والتي كانت امتداداً لمدرسة الإمام الباقر (ع) واستمراراً لمدرسة الإمام الصادق (ع) الكثير من العلماء والفقهاء في مختلف العلوم الأسلامية انذاك
الإمام (ع) والسلطة:
عاصر الامام الكاظم (ع) من خلفاء العباسيين المنصور والمهدي والهادي وهارون الرشيد، وقد إتسم حكم المنصور العباسي بالشدّة والقتل والتشريد وامتلأت سجونه بالعلويين حيث صادر أموالهم وبالغ في تعذيبهم وتشريدهم وقضى بقسوة بالغة على معظم الحركات المعارضة. وهكذا حتى مات المنصور، وانتقلت السلطة إلى ولده المهدي العباسي الذي خفّف من وطأة الضغط والرقابة على ال البيت (ع) مما سمح للإمام الكاظم (ع) أن يقوم بنشاط علمي واسع في المدينة حتى شاع ذكره في أوساط الأمة
وفي خلافة الهادي العباسي الذي اشتهر بشراسته وتضييقه على أهل البيت (ع). قام الحسين بن علي أحد أحفاد الإمام الحسن (ع) بالثورة على العباسيين فيما عرف فيما بعد بثورة "فخ" وسيطر على المدينة واشتبك مع الجيش العباسي في قرية "فخ" قرب مكة ولكن انتهت المعركة بفاجعة مروّعة، وحملت الرؤوس والأسرى إلى الهادي العباسي الذي راح يتوعد ويهدّد بالإمام الكاظم (ع) فقال بصدده: "والله ما خرج حسين إلاّ عن أمره ولا اتبع إلا محبته لأن صاحب الوصية في أهل البيت، قتلني الله إن أبقيت عليه". ولكن وبحمد الله لم تسنح الفرصة له بذلك إذ مات بعد وقت قصير، فانتقلت السلطة إلى هارون الرشيد الذي فاق أقرانه في ممارسة الضغط والإرهاب على العلويين
إزاء هذا الأمر دعا الامام أصحابه واتباعه الى اجتناب كافة أشكال التعامل مع السلطة العباسية الظالمة التي مارست بحق العلويين ظلماً لم تمارسه الدولة الأموية ودعاهم الى اعتماد السرية التامة في تحركهم واستخدام التقية للتخلص من شر هؤلاء الظلمة
ومع كل هذا الحذر فقد عصف بقلب هارون الرشيد الحقد والخوف من الامام (ع) فأودعه السجن وأقام عليه العيون فيه لرصد أقواله وأفعاله عسى أن يجد عليه مأخذاً يقتله فيه. ولكنهم فشلوا في ذلك فلم يقدروا على ادانته في شيء، بل أثّر فيهم الامام (ع) بحسن أخلاقه وطيب معاملته فاستمالهم إليه، مما حدا بهارون الرشيد الى نقله من ذلك السجن الى سجن السندي بن شاهك بغية التشديد عليه والقسوة في معاملته
ورغم شدة المعاناة التي قاساها الامام (ع) في ذلك السجن فقد بقي ثابتاً صلباً ممتنعاً عن المداهنة رافضاً الانصياع لرغبات الحاكم الظالم
زوجاته وأولاده (ع):
كان غالب زوجاته (ع) من الاماء، لذلك لم يذكر أولاد من غيرهن وكان له منهن أولاد كثيرون أبرزهم علي بن موسى الرضا (ع)
وابراهيم وكان يكنى به والعباس والقاسم واسماعيل وجعفر وهارون والحسن ومن بناته فاطمة المعصومة المدفونة في قم المقدسة
شهادته (ع):
أمضى الامام الكاظم (ع) في سجون هارون الرشيد سبع سنوات، وفي رواية 13 سنة حتى أعيت هارون فيه الحيلة ويئس منه فقرر قتله، وذلك بأن أمر بدس السم له في الرطب فاستشهد سلام الله عليه في الخامس والعشرين من شهر رجب سنة 183ه. ودفن في الكاظمية
زيارة الإمام الكاظم عليه السلام
السَّلامُ عَلَيكَ يا وَليَّ اللهِ وَابنَ وَليِّهِ،السَّلامُ عَلَيكَ يا حُجَّةَ اللهِ وَابنَ حُجَّتِهِ، السَّلامُ عَلَيكَ يا صَفيَّ اللهِ وَابنَ صَفيِّهِ، السَّلامُ عَلَيكَ يا أمينَ اللهِ وَابنَ أمينِهِ، السَّلامُ عَلَيكَ يا نورَ اللهِ في ظُلماتِ الأرضِ، السَّلامُ عَلَيكَ يا إمامَ الهُدى، السَّلامُ عَلَيكَ يا عَلَمَ الدِّينِ وَالتُّقى، السَّلامُ عَلَيكَ يا خازنَ عِلْمِ النَبيينَ، السَّلامُ عَلَيكَ يا خازِنَ عِلمِ المُرسَلينَ، السَّلامُ عَلَيكَ يا نائِبَ الأوصياءِ السّابِقينَ، السَّلامُ عَلَيكَ يا مَعدِنَ الوَحي المُبينِ، السَّلامُ عَلَيكَ يا صاحِبَ العِلْمِ اليَقينِ، السَّلامُ عَلَيكَ يا عَيبَةَ عِلْمِ المُرسَلينَ