نستكمل البحث بعون الله تعالى ..
احتار علماء السنة أيما حيرة في تفسير الآية الشريفة منهم الرازي كما تقدم فنسب العصمة لاجماع الأمة بمن فيهم ولي أمر المسلمين أو الخليفة أو الأمير كما يحبون أن يسمونه ..
و ذلك لأنه وقف عاجزاً عن تفسير اقتران طاعة الله و رسوله بطاعة شخص و هو ولي الأمر متولي أمور المسلمين (( الخليفة )) فلم يريد الرازي أن يعترف بأن الحق مع الشيعة أعلى الله برهانهم بعصمة الأئمة الإثني عشر الطاهرين و أم الأئمة الطاهرة المطهرة فاطمة الزهراء صلوات ربي و سلامه عليهم أجمعين ففرّ الرازي من عصمة الفرد إلى عصمة الجماعة ..
إذا الرازي مقر بالعصمة لمن يتولى أمر المسلمين و لابد أنه وقف على الأدلة القاطعة بذلك لكن اشكاله الوحيد معنا هو عصمة عدد معين من الأشخاص لكل عصر امام فنفى عنهم ذلك و توّج اجماع الأمة مع ولي الأمر (( الخليفة )) بتاج العصمة ...
و سنبين فيما يلي بطلان قول الرازي بعصمة الكل فيما يلي :
1 - اصطدم قول الرازي بعصمة أولي الأمر مع الاجماع بأمر رسول الله باطاعة أميره أو خليفته ممن يتولى أمور المسلمين من عدة جوانب منها
- أن رسول الله لم يشترط في الحديث اجماع الأمة مع هذا الأمير أو الولي ..
- أن هذا الولي أو الأمير لا يطاع عند السنة إذا أمر بمعصية فماذا سيحدث لو أمر أمير بمعصية
فخالفه الاجماع المعصوم عند الرازي هل يطيحون به و يستخلفون غيره أم ماذا ..؟؟
2 - المأمورين بالطاعة هم أنفسهم (( الاجماع )) المعصومين الذين عصمهم الرازي من الخطأ و بنفس الوقت هم ولاة الأمر ..!! لا يستقيم هذا الأمر أبداً إلا عند من ألغى عقله ..
3 - إذا اختلفوا في مسألة معينة لا يعتنى بطاعتهم كما بينا في رقم (( 1 )) .. فأين هي تلك العصمة ..؟؟
4 - طاعة هؤلاء المعصومين الذين عصمهم الرازي لا فائدة منها و لا يتحقق معها الغاية من العصمة و هي عدم الوقوع بالخطأ حيث يمكن لهم أن يقعوا بالاختلاف فيما بينهم فعندها تنتفي العصمة عنهم كاجماع كما قال الرازي ..
5 - من الذي يقوم بتحديدهم للأمة أن هؤلاء هم المفروضة طاعتهم و هم الاجماع المعصوم بمعنى من يخبرنا أن هذا الشخص أو ذلك يمكن أن يدخل من ضمن هذا الاجماع لكي يكون معصوماً ؟؟
فوقوع الذي يختارهم لنا في خطأ الاختيار وارد و مرجح بقوة .. فعلى ماذا يستند الرازي في تحديد الأشخاص الذين سيدخلون بالاجماع مع ولي الأمر ليكونوا معصومين ..؟؟
6 - قلنا سابقاً أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات ربي و سلامه عليه و ثلة من الصحابة امتنعوا عن بيعة أبو بكر في بيعته الفلتة ..
و هؤلاء الأكابر بلا أدنى شك لابد أن يكونوا من أهل الاجماع فهم كبار الصحابة شاء من شاء و أبى من أبى ..
فنرى هنا أن الاختلاف وقع فعلاً فأين هي تلك العصمة للجماعة أو للأمة كما قال الرازي ..؟؟
الرازي جزم بعصمة الاجماع و الطاعة واجبة فهل يطاع من يخطئ ..؟؟
إذا بعد هذا البيان لابد للعاقل المتدبر أن يعود لما تفرضه عليه الفطرة السليمة و النصوص الواضحة الجلية و الأدلة و البراهين الساطعة بأن العصمة هي لأفراد محددين حددهم لنا الله تعالى و رسوله الكريم و هم فاطمة الزهراء و الأئمة الطاهرين المطهرين صلوات ربي و سلامه عليهم
حيث قرن الله تعالى طاعته و طاعة نبيه بطاعتهم المطلقة و هذا هو التفسير الوحيد الصحيح للآيات الشريفة ..
كما أنه التفسير الصحيح الذي تهرب منه الرازي و غيره من علماء السنة ..
هذا و الحمد لله رب العالمين