الجزء الرابع
وليد -يضمُ أبيه ودموعهُ تذرف- : أبتـاه مـا بك ..؟
حيدر – يمسح دموعه- : لاشيء بُنـي
وليد – تسيـل دموعهُ على خذيه بحـرقه- : إذاً لــمَ هذهِ الدموع ..؟! لــمَ ..!!
حيـدر – يمسح دموع أبنه- : أنا بخيرٌ بُني لا تقلق علي
وليد – بنبرات حزينة- : أمتأكد من ذلك..؟
حيدر – مبتسماً بحزن- : أجـل بُني ،، هيـا أخبـرني .. هـل تناولت طعامك..؟
وليد – في حجر أبيه- : أجـل أبتي
حيدر: أحسنت ..لنذهب لغرفتك كي أدرسك
وليد: حسنـاً
ذهبا للغرفة ..بـدأ حيدر بالمذاكرة لــه .. بعـد مُضي ساعة انتهى من تدريسه
وليد: أبى هل لي بطلب..؟
حيـدر: مـا هـو بُني ..؟
وليد – خجلاً- : أريد أن أنام معك هذهِ الليلة
حيدر –متبسم- : بطبـع أنا موافق
وليد – يضمُ أبيه- : أسعدتني أبى
ذهب مع أبيه لغرفته ... استلقى على السـرير وسجًّى حيدر الغطاء عليه
حيدر – قبّـل وليد على جبينه- : تصبح على خيـر بُني
وليد -متبسماً- : وأنتَ من أهله أبتاه .. ألن تخلد إلى النوم..؟
حيدر: بعد قليل
أغمض وليد عينيه .. أطفـئ حيدر الأنوار وخـرج من الغرفة
حلت الساعة العاشـرة والنصف .. وصـل فاضل إلى المنـزل .. وجد أختهُ مستيقظة .. سلمت عليه
فاضل: لـمَ لم تنـامي بعد..؟
زهـراء: حاولت ولكن لم يغمض لي جفن
فاضل: بتأكيد بسبب التفكيـر
زهـراء – الحزن طُبع في قلبهـا- : أجل
فاضل: فيما تفكرين..؟
أحنت رأسها ولم تجب عليه..!
فاضل: لمَ تتعبين قلبكِ بالتفكيـر في شيئاً لن يحدث..؟
زهـراء : هذا خارجاً عن إرادتي
فاضل: هذا ليس صحيح أختاه .. بإرادتكِ ستستطيعين أتغلب على الصعوبات التي ستواجهكِ في الحياة وعلى رأسهـا حيدر
زهـراء: أّصبح حيـدر من الصعـوبات..؟
فاضل: حبهُ من الصعـوبات التي تواجهكـِ
زهـراء – بمقلةٍ تمتلئ بالدموع- : لا أريد النقاش في هذا الموضوع
فاضل: امحيه من قلبكِ لترتـاحي وتريحي قلب والدي .. إنه يتعذب لكونكِ تتعذبين
زهـراء : لأجلكما سأحاول
فاضل: أحسنتِ .. هذا ما يجب عليكِ أن تفعليه وستستطيعين بأذن الله .. أذهبِ الآن وأخلدي لنوم
زهـراء -بنبرات حزينة- : إنشاء الله .. تصبح على خيـر
جـلس حيدر في حديقة منزلهم يتأمـل السمـاء بعينٍ تبتلُ بالدموع
روحي غـدتْ بالهمِ مفكرةٍ
وقلبيْ بـاتَ مصابٌ بحيـرةٍ
ودموعيْ علىَ الوجنتينِ منحدرةٍ
وعينيْ منَ الدموعي محمرةٍ
والسعادةٌ باتتْ لفـؤادي محرمةٍ
..!..
بينما هـو منشغلٌ بالتفكيـر أقبـلَ إليـه أخيهِ فادي
فـادي: أخي .. لمَ تجلسُ لوحدك..؟
حيـدر: أحسست بالضيق فأردت الإنفراد بنفسي قليلاً
فـادي: لمَ..؟! .. ما الذي حدث..؟
حيـدر: عادت والدتنا لتفتح معي موضوع الزواج وهي الآن مصرةٌ على أن أتزوج بزهـراء
فـادي – مندهش- : إذاً عادت لتفتح هذا الموضوع مجدداً..!
حيـدر –بنبرات تفوحُ بالحزن- : أجـل .. وأنا في حيرةِ
صـرتُ فيْ حيـرةٍ من أمــري
بيـنَ أمــي وقـــرةَ عــينـي
أنْ عصيتهـا غضبتْ منــــي
وأنْ قبلت هَدمتُ حياةَ أبني
..!..
فـادي: سأتحدث معها وأحاول أقناعهـا .. لعلهـا تنسـى الموضوع وأنتَ أيضاً أطلب من والدي التحدث معهـا فمن غيرهُ يستطيع إقناعها..!
حيدر: هذا ما أفكر فيه حالياً
فـادي – متبسماً- : إذاً توكل على الله سبحانه وتحدث معه وبأذن الله ستقتنع
حيـدر: إن شاء الله
فـادي: قوم وأخلد لنوم الآن
حيـدر: وأنتَ أيضاً
فـادي: إذاً هيـا بنـا
حيدر – وهما يسيران- : كيف كـان التدريب..؟
فـادي: جيد والحمدُ لله والفريق كله مستعد للمباراة
حيـدر: سيشارك جواد معكم..؟
فـادي: أجـل
حيـدر: وإصابته..؟
فـادي: لقد شفيَ منهـا والحمدُ لله
حيدر: الحمدُ لله .. بأذن الله سيكون النصر لكم
فادي – وصل لغرفته- : إن شاء الله
حيدر: تُصبح على خيـر
فـادي: وأنت من أهل الخيـر أخي
دخل غرفته .. أما حيـدر فتوجهه لغرفته .. بـدل ملابسهِ وقبـَّل ابنه على جبينه .. ثمَّ أغمض جفنيَّه
بينمـا الساعاتُ تمضي وحيـدر غائطٌ في نومٍ عميق رأى في عـالم الأحـلام زوجته فـاطمة .. كـانت تجلس عـلى صخرة بجانب النهر الصغير وعلى رأسها حجابها الزاهي ومن وجهها يشع نور كبير .. اقتـرب منهـا أكثـر فأكثـر إلى أن لمح في وجهها بوادر الحزن والدموع
حيدر – جالساً بجـوارهـا- : لـمَ كـل هذا الحـزن الذي يملأ وجهكـِ .. ألا تعلمين أن قلبي ينفطـر لرؤيتكـِ هكذا ..؟
فـاطمة – تنظـر لمكانً مُظلم- : أنظـر إلى هناك
حيدر – يلتفت إلى اليمين واليسار- : أيـن..؟
فـاطمة –تشيرُ بيدها- : لذاكَ المكان المظُلم
حيدر – ينظـر إليه- : الظالم فيه دامسٌ
فاطمة – تذرف الدموع- : نعـم .. تمعن النظـر إليهِ جيداً
تمعن النظـر لذاك المكان المظلم .. فاجئهُ كثيـراً رؤية ولده ملطخاً بالدماء وملامحهُ تملأها القسوةَ وكأن هنالك وحوشٌ تحيطُ بهِ..!!
حيـدر – غدَ الخوفُ يعتريه على ابنه- : لـمَ هـو هكذا ..؟ لــمَ..؟ أجيبيني
لـم تجب بـل ظلت تبكي
حيدر: لـمَ البكـاء..؟ .. لـمَ لا تساعديني للوصـول إليه .. لعلي أستطيع أن أخلصهُ من هذهِ الأشياء المظلمة التي تحيطُ به
فـاطمة – بأســى- : ليتنـي أستطيع ليتني
ثمَّ أستيقظ من الــنــوم
استيقظَ من النومِ فـزعــاً
ينظرُ يميناً ويساراً متلهفاً
إلـىَ قــرةِ عينــهِ بـاحثــاً
أذاَ حلماً أم كـابــوساً....؟
جـالتْ الراحةُ قلبهُ مُطمأناً
فـالقـد كـانَ أبنــهُ نـــائمــاً
فانتهىَ كابوساً كانَ مزعجاً
..!..
في نفسه: الحمدُ لله لقد كان كابوساً .. أعوذُ باللهِ من الشيطان ِالرجيـم .. أعـوذُ باللهِ منْ الشيطانِ الرجيـم .. مـا هذا الكابوس ..!! إنهُ مخيفٌ جداً .. اللهمّ أجعلهُ خيـراً .. اللهمَ أجعلهُ خيـراً
في نفسه – ناظراً للساعة- : بقيه ساعة ونصف على صلاة الفـجر .. سأنهض الآن لأصلي صلاة الليـل