العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية المنتدى الفقهي

المنتدى الفقهي المنتدى مخصص للحوزة العلمية والمسائل الفقهية

إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

الصورة الرمزية alyatem
alyatem
عضو برونزي
رقم العضوية : 77639
الإنتساب : Mar 2013
المشاركات : 741
بمعدل : 0.17 يوميا

alyatem غير متصل

 عرض البوم صور alyatem

  مشاركة رقم : 21  
كاتب الموضوع : alyatem المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 09-04-2013 الساعة : 12:53 AM


العلامة الفضلي.. وأفق الإصلاح الثقافي

ثمة سؤال هام ومركزي شغل المصلحين والباحثين والمفكرين في المجال الإسلامي عبر عقود عديدة وهو: ما السبيل إلى ردم الهوة والفجوة بين المجال الإسلامي الذي يمتلك البشر والثروات الطبيعية الهائلة والمتعددة، والمجال الغربي الذي تمكن إبان نهضته وثورته الصناعية الأولى من التخلص من أهم المشاكل والأزمات التي تركسه في الحضيض وتحول دون تطوره وتقدمه في مختلف الميادين والحقول. وبفعل هذا التخلص تمكن من البروز والريادة في مضمار التقدم الإنساني والتطور الحضاري.
والتخلص الذي مارسه الغرب لم يكن فعلاً سلبيًّا فحسب، وإنما هو عملية نهوض شاملة، عاشتها المجتمعات الغربية وطردت من خلالها كل العناصر والكوابح السيئة، التي تحول دون تطورها وتقدمها.
وهذه المفارقة الحضارية الهائلة، هي المساحة «المفارقة» الهائلة التي عمل أكثر المفكرين والمصلحين على معالجتها وتحليلها والتفكير العميق في طبيعتها وسبل إنهائها من الحياة الإسلامية المعاصرة. وهذا لا يعني بطبيعة الحال استنساخ التجربة الغربية في مراحلها وأطوارها المختلفة. وإنما يعني أن تقدم الغرب وتطوره المتسارع، أعاد بشكل مركَّز وعميق طرح سؤال التقدم وكيفية ردم الهوة بين ما هو قائم وما ينبغي أن يكون في المجال الإسلامي. وفي تقديرنا إن سؤال التقدم، ومحاولة العمل على تلمس طرق الانعتاق والتحرر من آسار التخلف، هو العنوان العام، لكل الجهود والمناشط التي قامت بها النخبة الإسلامية بمختلف مشاربها ومدارسها في تلك الحقبة من الزمن.
فالتجربة الغربية في حركيتها وديناميتها وتطورها النوعي، صدمت المجال الإسلامي بكل شرائحه وفئاته، ودفعته للتفكير والبحث عن سبل الخروج من هذا الواقع المزري والمفارق.
ونحن حينما نقرأ التجربة المعرفية والفكرية للعلامة الدكتور عبد الهادي الفضلي «حفظه الله تعالى»، نجد أن هذه المفارقة الحضارية هي حجر الأساس الذي انطلق منه في عطائه الفكري وجهده الإصلاحي.
فالعلامة الفضلي كغيره من العلماء والمصلحين عملوا من أجل بناء القدرات الإسلامية المتعددة، حتى تتمكن الأمة من مواكبة عصرها، والتحرر من انحطاطها السياسي وتخلفها العلمي والثقافي. لذلك اتجهت الجهود الفكرية والثقافية والسياسية للمصلحين صوب نقد الواقع السياسي والثقافي، وتفكيك عناصر الجمود والتوقف عن العطاء النوعي في الفضاء الاجتماعي. وذلك من أجل أن يتمكن المجال الإسلامي من إنهاء المفارقة الحضارية التي اكتشفها من خلال التطور الغربي المذهل واتصاله به.
فالمفارقة الحضارية الهائلة، ليست قدراً مقدراً، وإنما هي نتاج عوامل وأسباب سواء في خط الصعود والارتقاء الحضاري، أو في خط الانحدار والسقوط الحضاري.
والأمم التي تمسكت بأسباب التقدم، وانتهجت نهج التطور وصلت إلى غاياتها، وتخلصت من محن واقعها ومآزقه. أما الأمم التي عاشت على أطلال ماضيها، ولم تتمسك بعمق بأسباب التقدم، أضحت أمماً متخلفة ولا تتمكن من السيطرة على مصيرها ومستقبلها.
والذي نعمل على معرفته واكتشافه في هذا السياق هو: الرؤية التي بلورها العلامة الدكتور الفضلي في محورين أساسيين وهما:

1 - أسباب وعوامل تخلف الأمة الإسلامية عن ركب الحضارة والتقدم.

2 - كيف ينهض المسلمون، ويتحررون من مآزق التخلف والانحطاط، ويتخلصون من ربقة الاستبداد والديكتاتورية.

وفي هذا الإطار عمل العلامة الفضلي، عبر مساهماته العلمية وعطاءاته الثقافية والتربوية، على خلق الثقافة الإسلامية المستنيرة، التي تدفع أبناء الأمة للتحرر من ربقة الانحطاط والتخلف، وتبلور لهم منهج النهوض والتخلص من كل أشكال الاستبداد والبعد عن حركة التاريخ. فالجهد الفكري والثقافي الذي بذله العلامة الفضلي، ليس جهداً مجرداً، أو بعيداً عن متطلبات النهوض للأمة. بل هو جهد يأتي في سياق المشاركة الحيوية في هموم الأمة وقضاياها المتعددة. وحتى العطاءات العلمية - المنهجية في الحوزة العلمية التي بذلها العلامة الفضلي، تأتي في سياق إيمان الفضلي العميق بأهمية أن تتطور مناهج الدراسة الحوزوية، وذلك من أجل أن تتحول الحوزة في وعطاءاتها ومشروعاتها العلمية والثقافية والاجتماعية، إلى مصدر للإشعاع الفكري والمعرفي، والذي يأخذ على عاتقه المشاركة الفعالة في جبهة الجهاد العلمي والثقافي في الأمة.
لهذا يمكننا القول: إن الأعمال والأنشطة التي قام بها العلامة الفضلي في إطار محاربة عناصر الانحطاط والتخلف في الأمة، وتحقيق النهضة والتقدم للمسلمين، تتمثل في النقاط التالية:

* المساهمة العلمية والثقافية المتواصلة، التي توضح رؤية الإسلام للعديد من القضايا والموضوعات، ونقد أسس ومرتكزات الثقافة المتخلفة والجامدة التي كانت سائدة في بلاد المسلمين.

* بناء الكفاءات والقدرات العلمية والثقافية القادرة على رفد الساحة الإسلامية بالرؤى والبصائر التي تدفعها للمشاركة في مشروع البناء والعمران الإسلامي.

* المساهمة في بناء وتطوير العديد من المؤسسات الإسلامية العلمية والثقافية، التي تأخذ على عاتقها بناء الكفاءات والطاقات الإسلامية الواعية، والمشاركة في خلق الوعي وتعميم المعرفة الدينية المستنيرة في المجتمعات الإسلامية.

* رعاية العديد من المؤسسات والمناشط الإسلامية والشخصيات الدينية والاجتماعية، والعمل على تذليل العقبات أمامها، وذلك من أجل المشاركة الفعالة في مشروعات الوعي والبناء الإسلامي الجديد.

والعطاءات العلمية والثقافية، التي بذلها العلامة الفضلي، لم تكن عطاءات سطحية أو بعيدة عن هموم وحاجات الأمة الملحة. بل هي عطاءات نوعية، وساهمت في رفد الساحة بالعديد من المعالجات الفكرية والثقافية الجادة. ونظرة فاحصة لهذه العطاءات، تكشف أن هذه العطاءات تتسم بالعناصر التالية:

1 - عمق النزعة التجديدية، التي تستهدف التحرر من كل أشكال الجمود والتوقف عن العطاء العلمي النوعي.
والنزعة التجديدية في تجربة العلامة الفضلي لا تعني بأي حال من الأحوال التفلت من القيم والمبادئ الشرعية، وإنما تعني قراءتها وفق منهجية قادرة على استنطاقها واستيعاب كل الموضوعات والحاجات المعاصرة. وعملية الاجتهاد هي الحاضنة الكبرى لمفهوم التجديد ومتطلباته المنهجية والعلمية.
ويعبر عن هذه الحقيقة العلامة الفضلي بقوله: «يستمد الاجتهاد الشرعي قيمته من أهمية الغاية المتوخاة من تشريعه، ومن أهمية المرمى الذي هدف إليه المشرع الإسلامي من الدعوة إليه، والإلزام به، كما في أمثال آية النفر: ﴿وَمَا كَانَ المُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ [1] .
والهدف هو الوصول إلى الحكم الشرعي واستفادته من النصوص الشرعية المشتملة عليه، وذلك لأن النصوص الشرعية المتضمنة للحكم الشرعي لم تصغ صياغة قانونية تعطي الحكم الذي تحتويه من غير حاجة إلى إعمال فكر يستند إلى خلفيات ثقافية وعلوم مساعدة، ويرجع هذا إلى أن القرآن الكريم انتهج في أسلوب بيانه ظاهرة الكتاب الإلهي المقدس، تلك الظاهرة التي امتدت مع الإنسان منذ صحف إبراهيم حتى قرآن محمد ، والتي تمثلت في الأسلوب الخطابي المتوافر على عناصر الدعوة إلى الله تعالى.
وذلك لأن الهدف الأساسي للكتب الإلهية المقدسة هو الدعوة إلى الله تعالى، والأسلوب المناسب للدعوة هو الأسلوب الخطابي، لأنه الأسلوب الذي يقتدر، بما يمتلك من إثارة مؤثرة وشحن عاطفي مثير، على مخاطبة العقل عن طريق القلب.
وجميع ما يذكر من شؤون أخرى إنما تذكر لأن لها علاقة بالدعوة إلى الله تعالى.
ومن هنا لم تذكر الأحكام الشرعية إلا في سياق السور أو سياق الآيات، أي أنها لم تجمع في سورة واحدة أو موضع واحد [2] .
ويضيف العلامة الفضلي في موضع آخر: «كما أن فهم معاني التشريع ودلالات ألفاظ النصوص الشرعية، سواء كان ذلك في الآيات أو الروايات، يتطلب فهم لغة عصر التشريع، تراكيب ومفردات وأسلوب بيان.
وذلك لأن أكثر الروايات التي وصلت إلينا كانت أجوبة لأسئلة من أناس يختلفون في بيئاتهم من حيث الشؤون الاجتماعية والثقافية، مما يستلزم فهمها وفهم شخصية السائل من حيث المستوى الثقافي. كل ذلك وأمثاله كان مدعاة للزوم الاجتهاد، وفي الوقت نفسه هو مدعاة لأن تقوم وظيفة الاجتهاد وممارسته على أساس من العمل المعمق في البحث والتدقيق، وبذل أقصى الطاقة في الاستقصاء والتحقيق» [3] .

2 - وضوح المنهجية التي تمزج بوعي وحكمة بين كل متطلبات الأصالة الفكرية والثقافية، وضرورات الانفتاح والتواصل مع مكاسب العصر والحضارة الحديثة في مختلف مجالات الحياة.
ويقول العلامة الفضلي في سياق بحثه عن التطور الفكري الأصولي «لم أرَ - في حدود مراجعاتي وقراءاتي - من كتب في هذا الموضوع نظير ما رأيته وقرأته في كتابات الأساتذة الجامعيين، باستثناء ما جادت به يراعة أستاذنا المجدد الشهيد الصدر في مقدمة الحلقة الأولى من كتابه «دروس في علم الأصول»، إلا أنها مختصرة وغير شاملة، لأنه أراد بها أن يلفت نظر الباحث والدارس الأصوليين إلى شيء من تطور الفكر الأصولي بما يفرض علينا إعادة النظر في الكتب المقررة لدرس علم الأصول في الحوزات العلمية الإمامية لتكون بمستوى المطلوب والمتوخى في دراسة هذا العلم، وليكون هذا التمثيل منه بياناً للداعي له لتأليف الحلقات الثلاث بشكلها المختلف عما اعتاده الطالب الديني في مقررات الدرس الأصولي.
ولكنه - أيضاً - كان الرائد المخلص والموفق في وضع اللبنات الأساس للكتابة في هذا الحقل المهم قدر أهمية علم أصول الفقه.
وإني لآمل أن يؤلف فيه، ويضاف الكتاب المؤلف إلى برامج الحوزات العلمية مقرراً دراسيًّا، لأهمية هذه المادة في إثراء الرصيد الفكري الأصولي عند الطالب وتنمية مواهبه وقدراته العلمية من ناحية تربوية بسبب ما يتحرك في فلكه من مقارنات وموازنات للفكر، وتعريفات لأعلامه وتنويهات بعطائهم وإسهاماتهم في خدمة هذا العلم [4] .
والإنتاج العلمي والثقافي المتعدد للعلامة الفضلي، لا يؤسس للعزلة والقطيعة مع العالم الحديث، وإنما هو يبلور خيار الفهم الإسلامي الذي لا يتناقض في مسيرته وخياراته مع التواصل الفعّال مع العصر والعالم الحديث. والإسلام في المحصلة النهائية يمتلك قدرة فكرية ومنهجية وثقافية هائلة، على التطور والانفتاح والتفاعل مع مكاسب العلم والحضارة الحديثة.
وتجربة العلامة الفضلي العلمية «الحوزوية والأكاديمية» والثقافية والاجتماعية والسياسية، غنية ومليئة بالعبر والدروس، وفيها الكثير من المحطات التي تثير العديد من الأسئلة. لذلك من الصعوبة بمكان الإلمام بتجربة غنية ومتعددة الأبعاد كتجربة العلامة الفضلي. والذي يزيد هذه الصعوبة أن العلامة الفضلي «أمد الله في عمره» لازال حيًّا يرزق ويواصل نشاطه وعطاءه العلمي والثقافي والاجتماعي.

وإذا كانت تجارب المصلحين وجهودهم الفكرية والعلمية تحتمل أكثر من قراءة. فإن الميزة الأساسية لتجربة العلامة الفضلي أنه كسر الحدود وألغى الفواصل بين الحوزة والجامعة، وأضحى علماً ومتميزاً وقديراً في الحقل الحوزوي بكل تفاصيله ومقتضياته، كما كان بارعاً ونوعيًّا في جهده الجامعي والأكاديمي. ولبَّى في شخصه الكريم متطلبات كلا الدورين والوظيفتين «وظيفة العالم - الفقيه، ووظيفة الأستاذ الجامعي».
وبهذا التكامل المعرفي أضحى العلامة الفضلي نموذجاً متقدماً للمؤسسة العلمية التي عمل فيها العلامة أستاذاً وكان نشطا في أروقتها ألا وهي مؤسسة جمعية منتدى النشر وكلية الفقه في جامعة النجف الأشرف التي أسسها مجدد التعليم الديني في النجف الأشرف في العصر الحديث المرحوم الشيخ محمد رضا المظفر «1903 - 1963».
وبناء الجسور العلمية والثقافية بين الحوزة والجامعة، لا يفيدهما فحسب، وإنما يفيد المجال الإسلامي بأسره. لذلك فنحن مع كل خطوة ومبادرة لتجسير الفجوة بين هذه الروافد العلمية والثقافية. وتجربة العلامة الفضلي على هذا الصعيد تؤكد أهمية القيام بخطوات مدروسة في سياق التكامل العلمي والثقافي بين الحوزة والجامعة.
فنقاط القوة في التجربة الحوزوية ينبغي أن يطَّلع عليها أساتذة وأبناء الجامعة، كما أن نقاط التميز الجامعية، من الضروري أن يتواصل معها ويستوعبها الأستاذ والطالب الحوزوي. وهذه العلاقة التفاعلية، التي لا تنحبس في الشكل، وإنما تتعداه إلى المضمون والمنهج، ستساهم في خلق فضاء ثقافي حر ومبدع.
وفي هذا السياق استطاع العلامة الفضلي بعمقه الفقهي والأصولي الذي تتلمذ فيهما على أساطين العلم الحوزوي كالإمام أبو القاسم الخوئي والإمام محمد باقر الصدر «رضوان الله عليهما»، وثقافته المنهجية والعصرية التي تعمقت لديه من خلال الالتحاق بالسلك الأكاديمي الجامعي درساً وتدريساً، وتعدد أبعاد تجربته الاجتماعية والسياسية؛ استطاع أن يساهم في تأسيس مكتبة إسلامية، غنية في علومها ومعارفها، ومتنوعة في مجالاتها وأبعادها، وعميقة في مقاصدها ومآلاتها، وناضجة في خياراتها وموضوعاتها.

3 - تعدد وتنوع العطاءات العلمية والثقافية، ونظرة سريعة إلى عناوين المؤلفات التي ألفها العلامة الفضلي تكشف وبشكل سريع أن هذه المؤلفات متعددة ومتنوعة في موضوعاتها ومجالاتها. فهو من أوائل من كتب الكتب المنهجية الحوزوية، وهي تجربة رائدة تستحق الدراسة والتقدير، كما كتب في علوم النحو واللغة والمنطق، إضافة إلى وعطاءاته الثقافية، التي تعالج بعض الموضوعات والقضايا التي تهم الإنسان المسلم، وتضغط عليه فكريًّا واجتماعيًّا.
فالعطاء العلمي والثقافي للعلامة الفضلي متعدد ومتنوع، ولقد استطاع بإصراره العلمي وكدحه الفكري والمعرفي أن يساهم في بناء مكتبة إسلامية - علمية - فكرية واسعة، ولقد تغذت عليها أجيال الأمة، وأفادوا منها إفادة جليلة. بحيث أضحى العلامة الفضلي أحد مفكري الساحة الإسلامية في العصر الحديث.
واهتمام العلامة الفضلي بكتابة المناهج الدراسية الحوزوية وفق رؤية ومنهجية جديدة، تنبع من إيمانه العميق بأن تطوير التعليم وإصلاحه في مختلف المجالات، هو حجر الزاوية في مشروع الإصلاح الديني والثقافي والاجتماعي. فلا يمكن أن تتبوأ الحوزة العلمية مواقع متقدمة في الحياة العامة للمسلمين دون تطوير المناهج الدراسية واستجابتها إلى ضرورات العصر وحاجاته. كما أن عالم الدين لا يستطيع أن يؤكد حضوره النوعي في الأمة دون تأهيل علمي ومعرفي ومنهجي، يُمكِّنه من مواكبة التطورات والتفاعل الخلاَّق مع الحاجات والتحديات. فإصلاح المناهج التعليمية، وتطوير منهجيتها وإعادة صياغة كتبها وموادها العلمية بما يناسب لغة العصر ومنهجيته، كلها عناوين لمشروع إصلاحي - تعليمي، عمل العلامة الفضلي عليه، واستطاع عبر كتاباته الحوزوية أن يبدع فيه، ويسجل اسمه في عداد الشخصيات العلمية والفكرية التي ساهمت بشكل مباشر في تطوير الدرس والمنهج الحوزوي.
والنهضات العلمية والثقافية في كل الأمم والشعوب بحاجة إلى مؤسسة علمية - نوعية وقادرة على استيعاب المنجز المعرفي والتواصل الفعَّال مع العصر.
وهذا لا يتأتى إلا بالتطوير الدائم لمناهج التحصيل والدراسة، التطوير الذي يستوعب القديم دون الانحباس فيه.
ولعلنا لا نجانب الصواب حين نقول: إن تجربة العلامة الفضلي على هذا الصعيد كانت نموذجاً للمحاولات التي استوعبت القديم، وأعادت صياغته وقولبته في قالب حديث، يتماشى وحاجات النص الدراسي الحديث. فهي تجربة حافظت على الثوابت، كما انفتحت على العصر ومكاسبه ومنجزاته. والذي عزز هذه التجربة وأثراها، هو أن جهود العلامة الفضلي العلمية والتدريسية لم تقتصر فقط على الحوزة العلمية، وإنما تعدتها إلى الحقل الأكاديمي الجامعي. فكان العلامة الفضلي أستاذاً متميزاً وقديراً في الحوزة العلمية، كما كان أستاذاً متميزاً وقديراً في حقل تخصصه الأكاديمي في الجامعة. وبفضل هذا التكامل أضحت تجربة العلامة الفضلي على هذا الصعيد، تجربة ثرية وعميقة، وتتطلب الكثير من الجهود لقراءتها من مختلف الأبعاد والزوايا.
ولقد تخرج على يد العلامة الفضلي أجيال ونخبة من العلماء والمشايخ والأكاديميين سواء في حوزة النجف العلمية أو جامعة الملك عبد العزيز بجدة.
وعلى كل حال نستطيع القول: إن العلامة الفضلي هو أحد رواد تجديد التعليم الديني، وأحد أعمدة تجربة التكامل والتواصل بين الحوزة والجامعة.
وكما يبدو فإن حجر الأساس في تجربة العلامة الفضلي على هذا الصعيد هو أن تقدم العلم مرهون بتقدم مناهجه، لذلك اعتنى العلامة الفضلي بصياغة المناهج الدراسية للعديد من المواد العلمية التي تدرس في الحوزة والجامعة.
والملف الذي بين أناملك عزيزي القارئ مبادرة من مجلة الكلمة لتكريم العلامة الفضلي على وعطاءاته واجتهادا ته المتميزة، ولتعريف قراء المجلة في مختلف البلدان على أحد أعلام العلم والفكر في الأمة.
وأرجو أن نكون قد وفقنا في تعريف القارئ بهذه التجربة، وهذه الجهود العلمية والثقافية التي بذلها العلامة الفضلي «حفظه الله تعالى» في سبيل إنجاز مفهوم الشهود الحضاري للأمة جمعاء.
وهذه المحاولة هي دعوة دائمة لتدوين تجارب العلماء والمصلحين وتوثيق أطوار ومراحل تجربتهم، وذلك للاستفادة منها وإغناء الحياة الإنسانية بالمزيد من التجارب والخبرات.
والإصلاح بكل مستوياته ودوائره لا يمكن أن ينغرس في جسم الأمة بعمق، إلا بتراكم المعرفة والجهود الإصلاحية التي بذلها الفقهاء والعلماء والمفكرين عبر حقب زمنية عديدة ومتواصلة. ولعل تدوين هذه التجارب، والتعرف العميق على هذه الجهود، هي الخطوة الأولى الضرورية لخلق التراكم المعرفي والثقافي المطلوب، وهي وسيلتنا لنقل هذه التجربة بكل أبعادها وآفاقها إلى الأجيال اللاحقة.

هوامش
[1] الدكتور عبد الهادي الفضلي، الوسيط في قواعد فهم النصوص الشرعية، ص 9، دار الانتشار العربي، الطبعة الأولى، بيروت 2001م.
[2] المصدر السابق، ص 10.
[3] المصدر السابق، ص 13.
[4] الدكتور عبد الهادي الفضلي، دروس في أصول فقه الإمامية، الجزء الأول، ص 90، مؤسسة أم القرى للتحقيق والنشر، الطبعة الأولى، 1420هـ.

محمد المحفوظ
31 / 1 / 2012م
كاتب وباحث سعودي «سيهات».


من مواضيع : alyatem 0 هل أن كنوز الطالقان في أفغانستان أم في إيران؟!!
0 زيارة قرية المنتظرين للحجة(عجل الله فرجه الشريف) في مدينة طالقان
0 حق اليقين.. في تنزيه أعراض النبيين
0 الرد التحريري على السيد حسن الكشميري
0 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء

الصورة الرمزية alyatem
alyatem
عضو برونزي
رقم العضوية : 77639
الإنتساب : Mar 2013
المشاركات : 741
بمعدل : 0.17 يوميا

alyatem غير متصل

 عرض البوم صور alyatem

  مشاركة رقم : 22  
كاتب الموضوع : alyatem المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 09-04-2013 الساعة : 01:03 AM


العلامة الفضلي وغربة الوطن
حكاية عالم
لم يكن التاريخ القطيفي ليصدق القصة والحكاية جاء العالم والمفكر ليقيم في الأرض التي طالما أملت بأن يسكن فيها عالم بثقل الشيخ الفضلي ليس لأنه فقط عالم دين ومنتسب للحوزة ولكن لأنه جمع العديد من الصفات التي قلما نجدها في أحد سواه ولو قدر حقيقة لأي مجتمع غير مجتمع القطيف والأحساء بشخصية كالدكتور الفضلي فإن الاحتفاف والعلاقة معه سيكون لها بعد آخر، والقصة تبدأ بعد أن تقاعد الدكتور الفضلي من الجامعة.

سيرة عطرة
الشيخ الفضلي ولد بالبصرة بالعراق، وفيها نشأ وفيها درس المقدمات والسطوح والبحث الخارج على أيدي كبار مراجعها فدرس عند المرجع السيد محسن الحكيم في الفقه والسيد والمرجع السيد الخوئي فقها وأصولا والشيخ محمد آل راضي والسيد محمد تقي الحكيم والسيد المرجع محمد باقر الصدر وغيرهم من مدرسي النجف في البحث الخارج ولكنه وبالرغم من التحصيل العميق للدرس الحوزوي والذي استمر معه لمدة عشرين سنة والذي اختتمه بالاجتهاد إلا أن طموحه لم يتوقف عند الدرس الحوزوي بل التحق بالركب الجامعي بكلية الفقه التي أسسها أستاذه الشيخ محمد رضا المظفر فتخرج منها بدرجة البكلوريوس سنة 1382هـ ثم التحق بدارسة الماجستير ببغداد سنة 1391هـ وحصل على شهادة الدكتوراه من مصر مبتعثا من قبل جامعة الملك عبد العزيز.

رمزية العلامة الفضلي
يعتبر الشيخ الفضلي من الرموز المهمة في تاريخ العراق الحديث فقلما تجد كتابا يتحدث عن العراق في الفترة التي عاشها في العراق وإلا ويكون الشيخ الفضلي حاضرا وبقوة ، ولعل الكثير من الأسرار التي يجهلها الكثيرون عن تلك الفترة في العراق يعتبر الدكتور الفضلي من أهم الأعمدة لها.

اختيار المسكن والموقف الصعب
هذا الثقل العلمي يقرر أخيرا أن يستقر في المنطقة الشرقية التي هي في الأساس موطنه الأصلي ولكن هل الاختيار محل ترحيب؟!!!.
لم يستطع الشيخ من القدوم إلى المنطقة الشرقية بسهولة وذلك لعدة أسباب، منها أن الوعي الجماهيري في منطقة القطيف والأحساء متخلفا لدرجة كبيرة وهذا ما كان الشيخ يدركه تماما، فليس من السهل على المنتفعين أن يقبلوا بشخصية كالشيخ أن تأتي في مجتمعهم وحتما شخصية كالدكتور ستحرك الواقع المتخلف والرافض لأي تغيير في البنية الفكرية التي تربوا عليها، فالشيخ الفضلي له تجارب طويلة في العراق في مجال العمل الإصلاحي والاجتماعي والسياسي، وما مجتمع القطيف والأحساء أمام ما عايشه الشيخ في العراق؟.
فمجتمعنا بسيط وقليل الخبرة في العمل الاجتماعي وغيره، ولهذا أسباب كثيرة لا داعي لذكرها الآن، المهم وعد من قبل بعض وكلاء المراجع باستقباله ولكن سرعان ما تغيرت الأهداف عندهم لأسباب عدة، ولعل أهمها خوفهم على مواقعهم الاجتماعي، ومن قدرته على التغير الجذري في التفكير العام للناس، وخوف الآخر على مصالحهم الخاصة ولهذا اضطر إلى السكن في الخبر في منزل احد أقربائه وكنا نتوجه دائما لزيارته هناك ولم يكن وجوده هناك على انه استقرار ولكن وعي الدكتور بأنه لن يكون موضع ترحيب من قبل الأكثرية المتمصلحة ولأن الناس لم تكن تعرف مكانته وموقعه، ولكن بشكل تدريجي بدأت الناس تسمع عنه وتتعرف نوعا ما على مكانته وموقعه في الحوزة، وموقعه الفكري المهم في العالم الإسلامي، وهذا ما حصل بالفعل ولكن الشيخ ولأنه يعرف حساسية الوضع اضطر أن يسكن أيضا بعيدا عن مناطق الشيعة وسكن في الدمام، وهذا لعمري من الظلم الذي لاقاه الشيخ من مجتمعه الشيعي والذي لم يستطع أن يتقبل عالما مفكرا وصاحب تجربة رائدة في جميع المجالات ولعلك أخي القارئ لن تجد شخصية بمستوى الشيخ الفضلي وبالشمولية التي هو عليها وأنا أعلم يقينا أنه لو كان في العراق لنال المكانة التي يستحقها، وأنا شخصيا ومن خلال معاشرتي للدكتور الفضلي في لندن سنة 1413هـ وكيف يحتفي به الجميع، وكنت أقول للدكتور الفضلي لماذا تعيش في بلد لا يقدرك لأني أرى أن جميع الشخصيات والمجتمع الشعبي الشيعي هنا في لندن تأتي إليك وتعرف قدرك ومكانتك فكان جوابه إن بلدكم هادئة ولا حراك اجتماعي فيها وهذا يساعدني في إكمال مشروعي الحوزوي والكتابي.

مرحلة الاستقرار وحركة الوعي والتثقيف الاجتماعي
استقر الدكتور الفضلي في المنطقة الشرقية بعد فترة ليست باليسيرة، وما أن استقر حتى بدأت حركة الوعي والتثقيف للمجتمع النائم والخامل، وكان هذا هو دأبه فالعلماء الذين يحملون مشروعا وهما إصلاحيا دائما يكونون هم النواة لكل عمل خيري وتوعوي في المجتمعات التي يرحلون فيها فهم فوق الجغرافيا والتاريخ والعنصرية وهذا الأمر ليس بغريب على الدكتور الفضلي فالسيد الأفغاني ولأنه رائد إصلاح أينما ذهب تراه كالشمعة ليس مهما المكان والزمان والتاريخ والموقع المهم أن هؤلاء العظماء ينشرون الفكر بقلمهم وبلسانهم، نعم تحرك الشيخ الفضلي في القطيف بقراها وفي الأحساء، كان يريد لهذا المجتمع الحراك الفكري وبعث روح النقد وشاهد الناس لأول مرة شخصية دينية بمكانته وهي تستقبل الجميع وتحاور الجميع صغيرا كان أو كبيرا مفكرا أو مبتدأ فمن صفاته الراقية هو قدرته على الإنصات والاستماع للجميع، يحاور ويناقش في كل شيء كيف لا وهو صاحب مشروع وهدفية في الحياة وبشكل تدريجي تمكن الشيخ من اختراق المجتمع الراكد..
وهذا بالضبط ما كان يخشاه الآخرون فأصبحت الجماهير تتوجه إلى محاضرات الشيخ أينما كانت فهي المتعطشة لتلك الأفكار النيرة والنقدية كيف لا ونحن المجتمع الذي لم نجد بتاريخنا كله شخصية كشخصيته منفتحة وصاحبة تجربة رائدة، وهكذا اخترق السياج الشائكة ليبعدها عن فكر الناس فشجع الكتابة والتحقيق والبحث ونشر الأفكار والمعرفة وروح النقد، ولقد استطاع أن يصنع تاريخا في حياتنا ومجتمعنا ويمكن أن تضاف هذه المرحلة إلى مراحل الدكتور الفضلي بأنها الأهم في تاريخ القطيف والأحساء، ولو قدر لهذا المجتمع أن يدرك حقيقته لكان للدكتور شأنا أرقى وأعلى على مستوى الناس ولكنه زرع البذرة الطيبة في هذا المجتمع، وأتذكر أنه قبل خمس عشرة سنة ألقى الشيخ محاضرة مهمة واعتبرها من أجرئ المحاضرات في تاريخ المنطقة حيث تعدا فيها ما يمكن أن نسميه بالخطوط الحمر وهو مسألة الخمس فتحدث عن أهمية الخمس في الحياة الشيعية وكيف أن الاستفادة من هذا المورد بالشكل المنظم والصحيح كان ليغير الواقع الشيعي، فكانت المحاضرة طويلة وحدثت في حسينية السنان بمنطقة البحر بالقطيف، فكانت النتيجة صفعة قوية للتيار التقليدي والذي إلى اليوم لم يستطع أن يغفرها للدكتور على اعتبار أنها اعتداء صارخ على أماكن النفوذ وكان من شدة ردة الفعل عندهم أنهم هددوا الشيخ إذا تحدث في الأمر!!!
ولقد سمعت الدكتور شخصيا يتحدث حول تهديهم له من خلال التلفون، ولكن الدكتور الفضلي لم يعبأ بهم وواصل مشواره وتكليفه لأنه يعلم حقيقة الوضع الذي تربى عليه الناس وهو أقرب إلى الموت الفكري، ولأنه صاحب فكر واعي أدرك أن هذا التيار سيكون مصيبة في مجتمعنا ولهذا واجهه بصلابة وبقوة ولم يبالي بالاتهامات الرخيصة التي كانوا يطلقونها عليه، ولعلنا قرأنا الكثير منها في المواقع الالكترونية ضد الشيخ والتهجم الغير لائق عليه، وذلك من خلال الألفاظ التي يقولونها ضده ولعمري كيف أن الناس تستغفل إلى درجة العمى، وهو بالضبط ما عبر عنه القرآن في قوله ﴿صم بكم عمي فهم لا يرجعون﴾ «سورة البقرة» فهم يتجاهلون منزلته العلمية فالشيخ له منتوج فكري وثقافي وعلمي هائل بل يعتبر من العلماء النادرين الذين يملكون مناهج تدريس متكاملة على مستوى الحوزة بالإضافة إلى الإضافات التي وضعها الشيخ في التدريس الحوزوي والتي لم يعطها غيره أهمية «كأصول البحث» و«أصول تحقيق التراث» و«تاريخ التشريع الإسلامي» وغيرها والتي تعتبر من الكتب المهمة في الدرس الجامعي والتي للأسف لا توليها الحوزة أي اهتمام.
ولا بد يوما أن يعطي هذا المجتمع الدكتور الفضلي حقه ومكانته العالية التي تفتخر كل شعوب العالم بوجود هكذا شخصيات لأن الدكتور الفضلي ظاهرة تستحق الدراسة في جميع مجالاتها الحياتية والفكرية والعلمية حفظه الله وسلمه.

مازن مهدي الشماسي
3 / 9 / 2008م


من مواضيع : alyatem 0 هل أن كنوز الطالقان في أفغانستان أم في إيران؟!!
0 زيارة قرية المنتظرين للحجة(عجل الله فرجه الشريف) في مدينة طالقان
0 حق اليقين.. في تنزيه أعراض النبيين
0 الرد التحريري على السيد حسن الكشميري
0 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء

الصورة الرمزية alyatem
alyatem
عضو برونزي
رقم العضوية : 77639
الإنتساب : Mar 2013
المشاركات : 741
بمعدل : 0.17 يوميا

alyatem غير متصل

 عرض البوم صور alyatem

  مشاركة رقم : 23  
كاتب الموضوع : alyatem المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 09-04-2013 الساعة : 08:32 AM


مجلة «الكلمة» تحاور الدكتور الفضلي حَوْلَ
«تَحْدِيثِ نِظَامِ الدِّرَاسَةِ الدِّينِيَّةِ»



«انطلاقًا من إيماننا العميق بأهمية قراءة تجارب العلماء ودراسة مسيرة المصلحين، وتكريمًا لأحد أعلام العلم والإصلاح في وطننا والأمة، يأتي هذا العدد الذي خُصِّص بالكامل للتعريف بالعلاّمة الدكتور عبد الهادي الفضلي، وذلك لتعريف قراء المجلة بتجربة فكرية وثقافية إصلاحية معاصرة. وهي تجربة متعدّدة الجوانب والأبعاد، وثرية على الصعد المنهجية والتربوية».

كانت هذه إحدى فقرات كلمة العدد الخاص من مجلّة «الكلمة» عن الدكتور الشيخ عبد الهادي الفضلي الصادر عن ربيع العام 2007 م/ 1428 هـ والذي يحمل العدد 55.

أعدَّ وأجرى الحوار: حسين منصور الشيخ 23 / 5 / 2007م
وقد كانت عناوين العدد مرتّبة على الشكل التالي:

العلاّمة الفضلي.. وأفق الإصلاح الثقافي لمدير تحرير المجلّة الأستاذ محمد محفوظ.
الفضلي.. المسيرة والركب للأستاذ فؤاد عبد الهادي الفضلي.
الشيخ الفضلي فقيهًا للسيد محمد الحسيني.
تجربة المنهجة في مبادئ علم الفقه ودروس في فقه الإمام للشيخ الفضلي للشيخ جعفر الشاخوري البحراني.
الموسوعي المجدّد.. نظرات في فقه العلاّمة عبد الهادي الفضلي ـ منظوره الفقهي للمرأة ـ للباحث إدريس هاني.
منهج التأليف الأصولي عند العلاّمة الشيخ عبد الهادي الفضلي للأستاذ علي المحمد علي.
الإمامة من منظور العلاّمة الشيخ عبد الهادي الفلي للشيخ حسن النمر.
تحرير العقل من نفسه قراءة في موقف العلاّمة الفضلي من جدل الأنماط للسيد حسن الخليفة.
قراءة في محاولات التجديد في المناهج الحوزوية بين الشهيد الصدر والدكتور الفضلي للشيخ محمد عمير.
منهجية الدكتور الفضلي في صناعة التقريظ للشيخ عبد الله أحمد اليوسف.
فنّ ومنهج الكتابة عند العلاّمة الفضلي للأستاذ عبد الغني العرفات.
حوار مع العلاّمة الدكتور عبد الهادي الفضلي حول تحديث نظام الدراسة الدينية ـ وهو الحوار الذي سنعرضه أدناه ـ.
فهرست مؤلّفات العلاّمة الدكتور عبد الهادي الفضلي للأستاذ حسين منصور الشيخ.


وسنعرض هنا للحوار الذي أجري مع الشيخ الدكتور الفضلي ونشر في هذا العدد.. كما يلي:
حينما يُذكر العلاّمة الشيخ الدكتور عبد الهادي الفضلي ـ حفظه الله ـ لابدَّ وأن يذكر التجديد في المناهج ـ الحوزوية منها خاصّة ـ، وحينما يذكر التجديد في المناهج لازم ذلك أن يُذكر العلاّمة الفضلي. هذا التلازم ولّدته فاعلية حضور الشيخ الدكتور في مسألة التجديد الحوزوي منهجًا وأسلوبًا؛ وذلك من خلال ممارسته لعملية التجديد المنهجي في جانبه النظري والتطبيقي.
فالشيخ الفضلي من أبرز الداعين الأوائل إلى تطوير النظام الدراسي الحوزوي أو نظام الدراسة الدينية بشكل عام، يضاف إلى ذلك أنه من أوائل من خاضوا هذه التجربة في النجف الأشرف، وذلك من خلال:
- دراسته ـ وبعد ذلك تدريسه ـ في كلية الفقه في النجف الأشرف، الكلية التي كانت تجربة رائدة في تحديث الدراسة الحوزوية وتحويلها إلى دراسة نظامية أكاديمية.
- تأليفه المقرّرات الدراسية الحوزوية، التي اعتمدت في كثير من المعاهد الدينية وحلقات الدراسة الحوزوية بديلاً للكتب القديمة.
وكان الشيخ الفضلي رائدًا في تأليفه للمقرّرات الدراسية، من حيث تعدّد العلوم التي تناولتها مؤلَّفاته، وكذلك من حيث الأسلوب المنهجي الذي تميّز به، وفاق به من جايله في هذا الدرب.
ومن باب هذه الريادة ولما يتمتّع به سماحة العلاّمة من بعد وشمولية في الرؤية للماضي والحاضر الإسلامي وحضور هذه الرؤية في مؤلَّفاته الدراسية، التي كانت المنطلق الذي ينطلق منه سماحته في وضع وتقسيم هذه المقرَّرات، رأينا أن يكون لنا معه هذا الحوار، الذي قسّمناه إلى قسمين: نظري، نحاوره فيه عن التجديد في المناهج ورؤيته في هذه المسألة. وآخر تطبيقي، نحاول فيه أن نسلّط الضوء على تجربتين علميتين للشيخ الفضلي في تأليف المقرّرات الدراسية، تمثلان التجربتين الأوليين للشيخ، وهما: كتاب «التربية الدينية» و«خلاصة المنطق».
وذلك ليدرك القارئ مدى البعد التجديدي الذي يضيفه العلاّمة الدكتور الفضلي في تأليفه للمقرّر الدراسي من خلال هذين النموذجين.. وهذا هو نص الحوار:

القسم الأول «النظري»..
التساؤلات المنهجية الأولى
• دمجتم بين الدراسة الحوزوية في صغركم والدراسة النظامية، هل كان لديكم بعض الملاحظات على المقرّرات الحوزوية في ذلك الوقت؟ وهل يمكن أن تذكروا لنا بعض هذه الملاحظات؟ - في الدراسة الحوزوية أول ما نبدأ بدراسة المقدّمة الآجرومية في النحو، وفي دراسة المقدمة نبدأ بإعراب البسملة، فنتعلّم ـ ولمّا نتعرّف على مفردات علم النحو بَعْدُ باعتبار هذه المقدّمة أول ما يدرس في النحو ـ أن الباء حرف جرّ، و«اسم»: اسم مجرور وهو مضاف، ولفظ الجلالة مضاف إليه، الرحمن: صفة أولى، الرحيم: صفة ثانية وهكذا... وربما كانت هذه أول مفارقة يصطدم بها طالب الحوزة.
هذا بالنسبة للنحو، وعندما ندرس المنطق، حيث كنّا ندرس كتاب حاشية ملاّ عبد الله، كانت كثيرًا ما تمرُّ علينا عبارات مثل: «إشكال حول التعبير» و«إشكال أمكنت» و«إشكال امتنعت» ـ حسب تعبير المناطقة، ونحن لما نعرف بعد ما المقصود بِـ «أمكنت» و«امتنعت»، ومن يدرس هذا المقرّر وهو لا يزال مبتدئًا لا يعرف بهذه الإشكالات ولا كيفية حلّها.
وشيئًا فشيئًا لاحظنا أن المقرّرات الحوزوية ـ وخصوصًا ما هو للمبتدئ منها ـ لا تتمشّى مع مدارك الطالب التي تحتاج إلى تدرّج في إعطاء المعلومة ومواد العلم.
• هل كان لهذه الملاحظات دور في أن تقرّروا ـ مبكرًا ـ التفكير في إيجاد البديل؟
- قبل محاولاتي في إيجاد مقرّرات بديلة كان هناك مَنْ بَدَأَ بمحاولات جادّة في طرح البديل، فالحركة العلمية التجديدية في النجف كانت واعية لمسألة ضرورة تغيير المناهج، وكان هناك من يعمل بهذا الاتجاه، فالشيخ المظفّر وضع مقرّرًا لعلم المنطق وآخر في أصول الفقه، وآخرون كذلك كانت لهم بعض المحاولات.

التجديد موهبة ذاتية بالدرجة الأولى:
• هل يمكن القول بأن دراستكم النظامية ومن ثَم التحاقكم بالتدريس النظامي في الثانويات وكلية الفقه دور في المفاضلة بين القديم والجديد؟ - مسألة التجديد جزء مهم منها يتعلّق بشخصية الإنسان نفسه وما يمتلكه من موهبة، فهناك الكثيرون ممن دمجوا بين الدراستين الحوزوية والنظامية ولم يفكّروا في مسألة التغيير.
وأودّ أن أشير إلى أني من البدايات كنت أتأمل الآية القرآنية: ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ؟!﴾ التي يمكن اعتبارها قانونًا وسنّةً إلهية، حيث تفيد هذه الآية أن هناك خطًّا وهدفًا يمشي نحوه الإنسان، ولا يوجد ما هو عبثي في هذه الحياة، بل هناك ما يتوخّاه الإنسان من حياته التي يعيشها، وهذه الغاية ـ بالاستفادة من النصوص الأخرى ـ تكون لمصلحة الإنسان، وهذا أمر جعلني أضع أمامي هذا السؤال في كل كتاب أدرسه وكل موضوع وباب فيه، بحيث أضع نصب عيني الفائدة من دراسته وموقع هذه الفائدة داخل العلم وفي كل باب منه.
وتجد هذه النقطة واضحة جدًّا في كتاب خلاصة المنطق، حيث كنتُ أكتب في نهاية كل موضوع الفائدة من البحث. وهذه النقطة كانت مفقودة في المقرّرات القديمة، وللأسف أن هذا الأمر لا زال قائمًا في كثير من المقرّرات الدراسية التي تظهر مؤخَّرًا، فطالب الحوزة يبدأ دراسته الحوزوية بغرض الدراسة، ولا تجد لديه هدفًا وراء ذلك، غير أن بعضهم يتّخذها كأنها أمر وراثي، إذ يكون ابنًا لأحد طلاّب العلم، فيتبع والده ويرث عنه مسجده ودوره الاجتماعي من تزويج وتطليق ووعظ وإرشاد تقليديين. من غير أن يدرك هؤلاء أن الهدف من الدراسة الحوزوية هو التبليغ، الأمر الذي يقتضي أن يعي كل طالب أهمية هذه النقطة والآليات الصحيحة لتحقيق هذا الهدف.

العوامل البيئية المساعدة في مسألة التجديد:
• يفهم من هذا أن العوامل التي ساعدت في اتجاهكم لتأليف المقرّرات ترجع في جانب كبير منها لشخصيتكم وكذلك لتوجهكم للتدريس في كلية الفقه، هل نستطيع أن نقول بأن تتلمذكم على الشيخ المظفّر كان له دور أيضًا؟ - ربما يكون العامل المساعد في أن أتوجّه أنا وغيري للاهتمام بمسألة التجديد في الحوزة هو الجوّ العام في النجف في ذلك الوقت، حيث كان هناك عوامل كثيرة تحفّز بهذا الاتجاه، فهناك من يعملون ويحاولون تطوير الدراسة أو الوضع الدراسي الديني في النجف حتّى يصبح أكثر فائدة، فكان من هؤلاء: الشيخ عبد الحسين الرشتي (ره). والشيخ عبد الحسين الحلي كذلك. ومنهم أيضًا الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء، الذي أنشأ مدرسة نظامية لتدريس المقرّرات الحوزوية، ولكن لم يكتب لها النجاح. وكان منهم كذلك السيد محسن الحكيم.
وكان على خطاهم الشيخ محمد رضا المظفّر، الذي خطا خطوات جادّة في هذا الاتجاه، فأنشأ جمعية منتدى النشر، وفتح مدارس تابعة لها، وأنشأ كلية الفقه.
في هذا الجوّ الذي عاصرتُ فيه أكثر من تجربة للتجديد نشأتُ، كما أني التحقتُ مع بعض زملائي في الحوزة بكلية الفقه التي أنشأها الشيخ المظفّر، حيث درستُ فيها الموادّ الإضافية التي لم نكن ندرسها في الحوزة، فكنتُ مع بقية زملائي أول دفعة نتخرّج في هذه الكلية، ثم مارستُ التدريس فيها ورئاسة قسم اللغة العربية، وفي هذه الظروف أمكنني أن أفاضل بين نمط الدراسة النظامية الجامعية والدراسة الحرّة الحوزوية حيث يجد الإنسان بعض ما هو إيجابي وما هو سلبي في كل من هذين النمطين من الدراسة.
• ما أول ما ألّفه الشيخ من مؤلفات دراسية؟
- التربية الدينية.
• وأين اعتمد كمقرّر دراسي؟
- في متوسطات جمعية منتدى النشر.
• ومتى كان ذلك؟
- في الستينات الميلادية، حيث أذكر أني ألفته بعد سقوط الملكية في العراق، أي بعد انقلاب عام 1958 م.

كلية الفقه البيئة الأولى للتجديد الحوزوي:
• لم يكن الشيخ الفضلي المنتمي الوحيد لكلية الفقه، هل كان للمنتمين لهذه الكلية دور مشابه لدوره في إيجاد المناهج الجديدة؟ - لم يكن هناك من أساتذة الكلية وطلابها مَن اتجه نحو تأليف المقرّرات والمناهج الدراسية باستثناء السيد محمد تقي الحكيم والشيخ المظفر، ثم حاولتُ أن أتبع خطاهما في ذلك، ولا أذكر من مجايليَّ من طلاب الكلية وأساتذتها ـ بعد ذلك ـ من خطى في هذا الاتجاه.
ولكن هناك من استفاد من جوّ التطوير السائد في النجف الأشرف في تلك الفترة ومن التحاقه بكلية الفقه، ولكن ليس في جانب التأليف، وهو الشيخ الوائلي (ره) حيث طوّر منبره، واستفاد من الدراسة الحوزوية والجامعية بحيث شكّل منبرُهُ مدرسة خطابية متميّزة، وهذا واضح عندما تستمع إلى مجالسه ومحاضراته، فترى الجانب الجامعي حاضرًا فيها بقوّة كما تجد الجانب الحوزوي حاضرًا أيضًا.
• هل هناك أساتذة في كلية الفقه بحيث يكونون هم الذين أبدعوا في مسألة تطوير المناهج ثمّ جاء مَن يكمل بعدهم المسير؟
- السيد محمد تقي الحكيم كان أستاذًا في الحوزة قبل أن يكون أستاذًا في الكلية، ولكن عندما أنشأ الشيخ المظفّر كلية الفقه قام (الشيخ المظفّر) بخطوات عملية بإيجاد المناهج البديلة فألّف المنطق وأصول الفقه، ومشى على خطاه وأكمل مشروعه في تأليف كتاب أصول الفقه السيدُ محمد تقي الحكيم فألف الأصول العامّة في الفقه المقارن، ليكمل الحلقة التي بدأها الشيخ المظفّر.
• وهل تضعون نفسكم في هذه الحلقة؟
- إلى حدٍّ مّا حاولتُ أن أنتمي إليها ولكني حاولتُ أن أبدأ مع الطالب من البداية، فألفت خلاصة المنطق ليكون مقدّمة لكتاب المنطق للشيخ المظفّر، ومبادئ أصول الفقه كمقدّمة لأصول فقه المظفّر أيضًا.

مؤلّفات العلاّمة الفضلي ومحاور التجديد
• مما تتميّز به كتابات الشيخ التجديدُ في هيكلة العلم وفي مضمونه.. كيف تحصَّلتم على هذا الوعي التجديدي في ذلك الوقت؟ - هذا يأتي مع الممارسة، فقد ذكرتُ لك أني أتبع في مسألة تدوين كتب المقرَّرات الدراسية طريقة أبدأ فيها في كل علم وفي كل باب بالتساؤل التالي: لماذا أدرس هذا العلم؟ ولماذا وُجِدَ هذا الباب في هذا العلم؟
وفي هذا الجانب أتذكَّر ـ عندما طلبت مني الوالدة ـ رحمها الله ـ أن أدرس المقدّمة الآجرومية عند والدي (قده)، فامتثلتُ لطلبها، بدأنا دراسة المقدّمة الآجرومية، وفي هذه المقدّمة كنّا نبدأ بدراسة علم النحو مباشرة دون وعي منّا أو من قبل المقرَّر الذي كنّا ندرسه للغاية من دراسة هذا المقرَّر أو هذا الكتاب بالذات. وهذا أمر ينطبق على مادّة المنطق أيضًا، التي كان يلقننا أساتذة الحوزة بأن الإنسان يدرس هذه المادّة لأنها تعصم الفكر من الوقوع في الخطأ، وهذا أمر لم يقنعنا، لأنَّنا كنّا ندرسها وغيرنا يدرسها، ونقع في الأخطاء، فهذا جعلني أفكّر في السبب الحقيقي لوضع هذا العلم ودراسته في الحوزة بالذات.
وهكذا عندما بدأتُ ألتحق بالدراسة الحوزوية لم يكن أحد من أساتذة الحوزة يوضح لنا سبب اختيار هذه المادّة في سلك الدراسة الحوزوية، أو سبب وضع باب معيّن في كتاب مقرَّر، وإنما نبدأ مباشرة في دراسة العلم.
فكنتُ أحاول فهم السبب الذي من أجله ندرس كل مادّة كاجتهاد مني.
وربما تكون هذه التساؤلات وهذا التفكير هو الذي دفعني لمحاولة التجديد في المناهج الدراسية، بالإضافة إلى أنني عشتُ في الوقت الذي كانت النجف تعيش موجة من دعوى تجديد المناهج وأسلوب الدراسة الحوزوية.
• ولكن الكتابة المنهجية بهذه الطريقة المتقدّمة لابدَّ وأن تسبقها بدايات جيدة؟
- تتلمذتُ على السيد محمد تقي الحكيم، وقد كان يتمتّع بكتابة منهجية متميّزة، مع أنه لم يدرس بالجامعة ولا حتّى في مدارس نظامية، بل درس كل علومه بالحوزة، ولكنه كان موهوبًا في خصوص ترتيب العلم والمنهج، أي أنه موهوب من ناحية المنهجية، وكان قد قرأ في الكتب الحديثة التي تبحث في كتابة المناهج، وكذلك اطّلع على نماذج من تلك الكتب الحديثة الممنهجة والمكتوبة بالطريقة العلمية الحديثة، واطلاعه هذا صقل موهبته التي كان يتمتّع بها، وقد أجد نفسي متوفِّرًا على شيء من هذه الموهبة التي أشرتُ إليها عند أستاذنا السيد التقي الحكيم.

الشمولية شرط أساس في المقرّر الدراسي:
• في كتبكم المنهجية تحاولون ألا تقصوا رأيًا دون آخر؟ - في الكتب الدراسية ـ بالذات ـ من المفترض بالكاتب لهذه المقرَّرات أن لا يركّز على ذاته. نعم، من المفترض أن تبرز شخصيته العلمية في الكتاب، ولكن ليس عن طريق التركيز على ذاته، بل عن طريق ما يمتلك من علم وموهبة في إبراز الفكرة، فأصحاب أي علم ـ وإن كان المؤلِّف يختلف معهم ـ كلهم ساهموا في إبراز أفكاره وعناصره وتقسيماته، فلا يصحّ من المؤلِّف ـ لأنه لا يرتضي رأيًا معينًا ـ أن يقصي هذا الرأي أو ذاك، فقد يأتي من يرى صوابية ما يرى المؤلف خطأه. فالمفترض بالكتب العلمية التعليمية ألاَّ تبخس حق أحد، لتتيح للطالب حين دراسته أن يدرس كل ما يحيط بالفكرة.
• ما تذكرونه ربما لا ينكره أحد، وقد يتّخذه المؤلف كقرار داخلي، ولكن محيطه قد لا يساعد على ذلك إمّا من ناحية معلوماتية بحيث تقل أو تشحّ فيه المصادر لجميع الأطراف حول القضية التي يعالجها هذا المؤلف، أو بسبب حالة عصبية يعيشها ذلك الجوّ إزاء جهة معينة، فكيف توفقتم للوصول إلى هذه النقطة؟
- مما يؤسف له أن أغلب جامعاتنا العربية تفتقد مقرَّراتُها ومراجعُها الناحية التربوية، فلا تربي الطالب علميًّا، بعكس الجامعات في الغرب، حيث تهتمّ بتنشئة الطالب وترتبيته علميًّا بحيث تهيئ ذهنيته بطريقة علمية. فالطالب الذي ينشأ في الجوّ العلمي يدرك أن الشمولية في المعرفة مطلوبة في مجال العلم والدراسة.
• ولكنكم شيخنا العزيز لم تعيشوا مثل هذا الجوّ أيضًا؟
- ربما أكون قد استفدتُ هذه النقطة من كتابات الآخرين، فحينما تقرأ كتابات الألمان ـ مثلاً ـ في علم اللغة تدرك أن هؤلاء علماء لغة حقيقة، وتدرك أنهم علماء ليسوا لأنفسهم، وليسوا للألمان فقط، بل للعالم أجمع، وهكذا هم البقية.
لذلك حينما تحاول أن تعرض العلم الذي يمثِّل طائفتك أو أمتك عليك أن تعرضه ليس كعلم فرد أو طائفة أو أن يكون موجَّهًا لفرد أو طائفة أو فئة وإنما تعرضه بالمقارنة مع ما قدَّم الآخرون في المجال نفسه. وهذا ما حاولت إبرازه في كثير من المؤلَّفات التي قمتُ بإعدادها، مثل مبادئ علم الفقه ودروس في فقه الإمامية.
• ولكن كمبتدئ في التأليف والبحث العلمي ألا يكون هناك صعوبة في الحصول على جميع الآراء، فهكذا بحث بهذه الشروط التي تضعونها متعب ومضنٍ للباحث والمؤلِّف؟
- قد يصعب على المبتدئ ذلك إذا كان ما يبحث فيه من موضوعات كُتِبَ فيها بكثرة وتعدَّدتْ حولها الآراء لدرجة كبيرة، ولكن إذا كانت المسألة تحتوي على ثلاثة أو أربعة آراء أو أكثر بقليل فهذا بالإمكان إدراكه وتحصيله من خلال البحث.
وهذا موجود في الكتب القانونية حيث تتعدّد الأوجه والآراء والتحليلات القانونية، فالقانون أكثر ما يعتمد فيه على مسألة الحفظ، باعتبار كثرة المواد القانونية وتفريعاتها وفقراتها.

تجارب التحديث الحوزوي ما لها وما عليها:
• ظهرت في الآونة الأخيرة محاولات للتجديد، مثل محاولات الشيخ جعفر السبحاني والشيخ باقر الأيرواني والمركز العالمي للدّراسات الإسلامية في قم المقدّسة. كيف تقيّمون هذه التجارب؟ وما هي أبرز المؤاخذات التي تجدونها على هكذا تجربة؟ - كنتُ قد كتبتُ عن هذه التجربة، وقد نشر ذلك في حوار مع مجلّة فقه أهل البيت الصادرة عن مركز الغدير للدراسات الإسلامية في العدد (35)، وما ذكرتُه هناك ألخِّصُه هنا فأقول:
التفكير في التجديد ـ بحدّ ذاته ـ أمر جيد، وأن يُقدم الإنسان على تحقيق هذا الأمر ويحاول، فهذه خطوة ثانية إلى الأمام. ولكن الأمر الذي أرى أن ما يفتقده الكثيرون هو الاقتصار على ما لديهم في الحوزة، بينما من المفترض أن ينفتحوا على المؤسسات الأخرى والمؤلّفين الآخرين من الاتجاهات الأخرى ويروا ما لديهم ويحاولوا أن يستفيدوا منهم، لأن الطريقة الحوزوية هي طريقة موروثة لأكثر من 500 عام، بينما نحن نحتاج الآن إلى الطرق والأساليب الحديثة للتعبير، ولذلك فإن أهم ما يؤخذ على هذه التجارب أنها تفتقد الاستفادة من التجارب الحديثة في تطوير المناهج الحوزوية.
• وهل ترون مَنْ بدأ يخطو هذه الخطوة؟
- بشِكْل جيّد لا أرى.
• غالبًا ما تكون محاولات التجديد هذه قائمة على مجموعة من الأفراد، ما العائق أن تنشأ مؤسسات ترعى هذه المشاريع؟
- هذا يتحقَّق فيما لو حاولنا أن نطوّر في الحوزة، أو ننشئ جامعات إسلامية «أي جامعات تتبنّى الخطّ الإسلامي»، أما الحوزة بوضعها الحالي لا تستطيع أن تعطي بالشِّكْل المؤسسي المطلوب، وستبقى هذه الجهود تتركّز على الأفراد.
ولكن في الاتجاه الآخر هناك محاولات لفتح جامعات وكليات في مدينتي النجف الأشرف وقم المقدّسة، ونتمنّى لها أن تتطوّر مع الزمن، لأن ذلك سيفسح المجال لظهور مقرَّرات حديثة تتناسب والجوّ الجامعي الأكاديمي.
• ولكن الفترة التي بدأت معها محاولات التجديد إلى الآن فترة طويلة وإلى الآن لم يظهر ذلك المشروع المتكامل، لماذا؟
- هذا أمر طبيعي، لأن مجتمعاتنا مجتمعات بدائية، والتغيير فيها بطيء وصعب جدًّا، بخلاف المجتمعات المتحضِّرَة حيث التغيير فيها سهل وسريع، لأن الأفراد فيها يفكِّرون، بحيث لو دعا شخص إلى فكرة تجديدية معينة فإن أفراد تلك المجتمعات يفكرون في الأسباب الداعية للتغيير الذي يدعو إليه هذا الشخص، فإذا رأوا فيه الفائدة قبلوه وأيدوه في هذه الدعوة، بينما ر يحتكم الأفراد في مجتمعاتنا إلى عنصر التفكير المتواصل، بل يندفعون خلف أشخاص وقيادات ويتعصّبون لها دون تفكير متروٍّ، فهذا هو السبب.

المختصرات الدراسية:
• في كتابتكم للمقرَّرات الدراسية تميلون كثيرًا لكتابة المختصرات الدراسية، لماذا؟ - في البداية يحتاج الطالب إلى هذه المختصرات، لأن غالبية هذه المقرَّرات التي دوِّنت كمختصرات هي المقرَّرات التأسيسية في كل مادّة، فهي أول ما يدرسه الطالب في هذه العلوم.
ومن المفترض أن تكون هذه البدايات عبارة عن مختصرات دراسية، تكون حلقة في سلسلة المقرّرات التي تراعي مسألة التدرّج في إعطاء الطالب للمعلومة، إلى أن يصل الطالب إلى مرحلة التخصُّص حيث بالإمكان التوسُّع.

مواصفات المقرّر الدراسي مؤلِّفًا ومؤلَّفًا:
• ما هي الشروط التي تشترطونها في مؤلِّف المقرَّر الراسي؟ - بالدرجة الأولى لابدَّ أن يكون موهوبًا في وضع المقرَّر الدراسي وفق المنهج العلمي الحديث الذي يتدرَّج فيه مع الطالب من المعلوم إلى المجهول وفق ترتيب منطقي متسلسل.
وثانيًا: أن يكون لديه اطلاع عملي على المناهج الأخرى حتى يستفيد من الجيّد منها.
وثالثًا: أن ينظر نظرة إلى المستقبل لا إلى الحاضر.. أي أن تكون نظرته أبعد من الحاضر.
• وما هي الشروط المطلوبة في المقرَّر الدراسي؟
- ما كرّرناه مرارًا خلال مناسبات عدّة، وهو أن يحتوي المنهج على عنصرَي:
الجانب العلمي والجانب التربوي. والتربيون يذكرون أن المناهج يجب أن يتوزّع فيها هذان الجانبان «العلمي والتربوي» بما يتلاءم والمرحلة العمرية، وذلك على النحو التالي:
- في مقرَّرات المرحلة الابتدائية يركّز المؤلِّف فيها على العنصر التربوي أكثر بنسبة 75 % لصالح الناحية التربوية، بينما يترك الـ 25 % لصالح الجانب العلمي.
- والمرحلة المتوسّطة يتوزّع هذان الجانبان النسبةَ بينهما، بحيث يكون لكل منهما 50 % من المقرّر.
- وفي الثانوية يكون للجانب العلمي 75 % والجانب التربوي 25 %.
- بينما المقرّرات الجامعية يتركّز المنهج التعليمي فيها بحيث يكون الجانب العلمي فيه 100 %.
• ربما لا يفهم القارئ مقصودكم من مصطلح «الجانب التربوي» في المقرَّر الدراسي، هل بالإمكان أن توضحوا لنا هذه النقطة كعنصر أساس في المنهج؟
- سأضرب لذلك مثالاً، إذا أراد شخص أن يكتب مقرَّرًا في اللغة العربية، فالمطلوب منه في البداية ـ ليتدرّج مع الطالب ـ أن يلقّن الطالب تلقينًا، لأن ذهنيته لا تتحمّل أن تكون ذهنية علمية، لكن مع ذلك يحاول أن يحرّك هذا المقرَّر ذهنيته شيئًا فشيئًا عن طريق التمرينات في طيّات الكتاب، ويُراعي في هذه التمرينات أن تكوّن لدى الطالب الذهنية العلمية التي تحاكم ما يطرح لديه من مادة علمية.
فالمطلوب من كل الدراسات في المرحلة المتوسّطة والثانوية قبل الجامعة ـ وكذلك الأمر في الحوزة في مرحلتي المقدّمات والسطوح قبل البحث الخارج ـ أن تكون الغاية من المقرّر الدراسي فيها: تكوين الذهنية العلمية لدى الطالب.
وما يكوّن الذهنية العلمية لدى الطلاّب ليس العلم والمادّة العلمية فيه، وإنما التربية والممارسة، فالمدرّس يستطيع أن يعلّم الطالب فقهًا وأصولاً وعلم رجال وعلم حديث، ولكن هذه العلوم ـ منفردةً ـ لا تكوّن ـ داخل الحوزة مثلاً ـ المجتهد أو الفقيه دون أن يمارس هذه العلوم أثناء الدراسة من خلال كتابة البحث ـ مثلاً ـ أو من خلال الأسئلة التطبيقية في كل مادّة منها.


من مواضيع : alyatem 0 هل أن كنوز الطالقان في أفغانستان أم في إيران؟!!
0 زيارة قرية المنتظرين للحجة(عجل الله فرجه الشريف) في مدينة طالقان
0 حق اليقين.. في تنزيه أعراض النبيين
0 الرد التحريري على السيد حسن الكشميري
0 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء

الصورة الرمزية alyatem
alyatem
عضو برونزي
رقم العضوية : 77639
الإنتساب : Mar 2013
المشاركات : 741
بمعدل : 0.17 يوميا

alyatem غير متصل

 عرض البوم صور alyatem

  مشاركة رقم : 24  
كاتب الموضوع : alyatem المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 09-04-2013 الساعة : 08:41 AM


القسم الثاني «التطبيقي»:

«التربية الدينية».. البداية الأولى:
• ذكرتم أن أول ما ألفتم من مقرّرات دراسية كتاب «التربية الدينية»، كيف كانت هذه البداية؟
- التربية الدينية يعتبر أول ما ألفت من الكتب الدراسية، وقد كان ذلك استجابة لطلب من «جمعية منتدى النشر»، وذلك عندما بدأت هذه الجمعية بتأسيس مدارسها الابتدائية والمتوسطة الأهلية، حيث طلبوا مني أن أضع كتابًا للتربية الدينية للمرحلة المتوسطة.
فقد كانت الطريقة المتبعة والمألوفة في العراق بالنسبة للمدارس الأهلية ـ في ذلك الوقت ـ أن يدرس الطالب المقرر الوزاري للمادّة كاملاً بما في ذلك مادّة التربية الدينية، فإذا أرادت المدرسة الأهلية أن تضيف على هذا المقرّر فلها الحق في ذلك، فالمدارس التابعة لإخواننا أهل السنة لهم الحق في أن يدرسوا طلابهم مادّة التربية الدينية وفق مذهبهم السنّي، وكذلك المسيحيون لهم الحق في أن يدرسوا مادّة التربية الدينية وفق الديانة المسيحية.. وهكذا.
وتطبيقًا لهذا القرار أضافت مدارس جمعية منتدى النشر كتاب التربية الدينية الذي قمتُ بوضعه لهذه المادّة.
وقد أُخضع الكتاب للتجربة فترة من الزمن قمتُ خلالها بتدريسه، وسجلتُ ملاحظاتي التي ظهرت لي أثناء عملية التعليم، ثم قام معلمون آخرون بتدريسه وسجلوا عليه ملاحظاتهم، وبعد هذه التجربة قمتُ بصياغته صياغة نهائية وتعديله وفق الملاحظات التي ظهرت أثناء قيامنا بتدريسه.
وكانت أول طبعة منه بمساعدة من السيد محسن الحكيم (قده)، وبعد ذلك تكررت طبعات الكتاب. فالسيد الحكيم (قده) قام بطبعه عدّة مرات ليبعثه مع الرسالة العملية ككتاب مبسّط عن أصول الدين، حيث كانت الطريقة المتبعة قديمًا أن يُقدَّم للرسالة العملية بمقدّمة بسيطة عن أصول الدين، ليشرع الفقيه بعد ذلك بتناول فروع الدين التي تمثّل مجمل أبواب الفقه.
كما أن السيد الشهيد محمد باقر الصدر (قده) ساهم في طبعه ونشره. وبعد ذلك أخذ الكتاب طريقه إلى النشر من قبل الناشرين دون علم أو متابعة من قبلي.
وفي الفترة التي اعتمد الكتاب كمقرّر دراسي في متوسطات جمعية منتدى النشر سلك طريقه أيضًا في حلقات الدراسة الحوزوية، بجانب ما يدرسه الطالب في مرحلة المقدّمات، حيث يدرسه كمقدّمة لدراسة علم الكلام فيما بعد.
• على أي أساس تمّ اختياركم لكتابة وإعداد هذا المقرّر؟
- ربما كان القائمون على جمعية منتدى النشر يقدّرون بأني الأكثر معرفة وخبرة في مسألة الكتابة المنهجية، لأن الكتاب الدراسي لابدّ أن يكون منهجيًّا يجمع بين عنصري التعليم والتربية، وعلى هذا الأساس تمّ اختياري، لما يعتقدونه من أني الأقدر على تحقيق هذين العنصرين.
• ربما كان مسمّى «التربية الدينية» باعتباره مقرّرًا دراسيًّا في المدارس المتوسطة لهذه المادّة؟
- فعلاً لقد اخترت هذا الاسم للكتاب باعتبار أن المادّة المقرّرة كانت بهذا المسمّى في ذلك الوقت.
• وهل لازال الاسم صالحًا للمضمون باعتبار أن محتوى الكتاب في غالبيته حول العقيدة الإسلامية ومبادئها؟
- ربما يكون تغيير الاسم الآن صعبًا، وذلك لانتشاره في الأوساط الدينية والحوزوية به، وأخذ يطبع عدّة مرّات في كثير منها دون علمٍ منّي، ممّا ساهم في انتشاره بشِكل واسع، كما أني لا أجد انحرافًا كبيرًا بين الاسم ومضمونه حتى يستدعي الأمر ضرورة تغيير الاسم.
• هل كان كتاب «التربية الدينية» يدرّس في النجف الأشرف فقط أم امتدّ تدريسه في بقية مناطق العراق؟
- كان مقرّرًا دراسيًّا ـ في البداية ـ لمدارس جمعية منتدى النشر فقط، ثم أخذ طلبة الحوزة المبتدئون دراسته كمقرّر من مقرّرات مرحلة المقدّمات بجانب المقدّمة الآجرومية وغيرها من الكتب الأولى التي يدرسها طالب الحوزة في هذه المرحلة.
هذا بالإضافة إلى اعتماده في الدورات التي كانت تفتح للتعليم الديني في فترة الصيف في مكتبات السيد الحكيم المنتشرة في مناطق العراق، وذلك لسهولة تناول المادّة العلمية فيه بالمقارنة مع غيره من المقررات.
• عندما اعتمدت جمعية منتدى النشر كتاب «التربية الدينية» كمقرّر لهذه المادّة وصغتموه صياغة نهائية بعد التعديلات التي أجريت عليه نتيجة إخضاعه للتجربة احتجتم لاستصدار إذن بطباعته، ألم تواجهكم بعض العقبات أثناء استصدار هذا الإذن؟
- جميع المقرّرات الدراسية كانت تخضع للرقابة قبل الإذن بطباعتها، ولذلك أثناء استصدار الإذن لطباعة «التربية الدينية» أبدى الموظّف المسؤول تحفظه على بعض فقرات الكتاب، فلمّا راجعته فيها تراجع عن ملاحظاته ما عدا ما يقارب سطرين كانا بخصوص الإصلاحات التي قام بها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، والتي كانت فيها إشارة إلى جانب من الفساد في عهود الخلفاء السابقين، وكان هذا أمرًا من الممكن تجاوزه أثناء عملية التعليم، حيث بالإمكان إضافتهما بالقلم. لذلك يمكن القول بأن الكتاب فسح بشكل طبيعي تقريبًا، ولم تكن هناك عقبات تذكر.
• ألم تواجهكم عقبات في تدريس الكتاب في حلقات المساجد بسبب تغييركم في منهجة وتقسيم أصول العقيدة الإسلامية، إذ إنكم لم تدرجوا العدل كأصل من أصول الدين؟
- لم يكن ذلك مثيرًا للغرابة ولم يثرْ جوًّا من المواجهة أو الغضب لدى العلماء وطلبة العلوم الدينية حينها، وذلك لأني وجدتُ هذا التصنيف والتقسيم موجودًا عند المتقدّمين من علماء علم الكلام، حيث كانوا يعدون أصول الدين أربعة.
• مثل..؟
- لا أذكر الآن، ولكنه أحد العلماء الكبار، فقد كانوا يذكرون في كتبهم أصول الدين دون أن يشيروا إلى العدل كأصل ستقل، وإنما أفرد في بعضها للخلاف بين العدلية من جهة والأشاعرة في الجهة المقابلة.

«التربية الدينية» والمنهج التكاملي في دراسة العقيدة:
• في هذا الكتاب كانت لكم طريقتكم المبتكرة في مسألة دراسة أصول العقيدة الإسلامية، حيث كانت وفق المنهج الذي وصفتموه في مقدّمة كتابكم «خلاصة علم الكلام» بالمنهج التكاملي الذي يدمج في دراسة أصول الدين بين العقل والنقل. وهو منهج ربما يكون في ذلك الوقت ـ بل وحتى في الوقت الراهن ـ ربما يكون نادرًا من يتناول أصول العقيدة وفقه، ألم يكن مستغربًا أن تتبعوا هذا المنهج رغم قلة سالكيه من جهة وعدم تقبّل الوسط الديني له من جهة أخرى؟
- يوجد من القدماء من تناول أصول الدين وفق هذا المنهج، الذي جمع فيه بين العقل وما يوافقه من النقل، مثل السيد عبد الله شبّر في كتابه «حق اليقين»، وكذلك الملا صدرا في «الحكمة المتعالية»، ففي الوقت الذي يستدل فيه الفيلسوف الإسلامي صدر الدين الشيرازي على أصول العقيدة بالقواعد العقلية يساند ذلك بما يوافق هذه القواعد من الآيات والروايات، وهذه الطريقة التي أسميتها بالمنهج التكاملي في دراسة علم الكلام موجودة ولكنها لم تكن بشِكْل شائع.
• هل كان لدراسة المقرر في المدارس النظامية دور في اتخاذ هذه الطريقة في تعليم العقيدة، حيث يُنتقى في مناهج المدارس النظامية ما هو أقرب إلى سن الطالب وأسهل في تناول المادّة العلمية، وربما يكون المنهج التكاملي أسهل وأقرب إلى عقلية الطالب من الاقتصار على المنهج العقلي؟
- لم يكن لذلك علاقة، لأن مقرّرات المادة الدينية التابع لوزارة المعارف في العراق كان يتناول قضايا تاريخية ترتبط بالخلفاء وبعض الصحابة وقصص من القرآن وبعض الأحاديث الأخلاقية، وكذلك تعليم الصلاة بشكل مبسّط جدًّا والإشارة إلى بعض العبادات الفردية.
• ولكن ما يلاحظ أن المدارس تنحو إلى اتخاذ الأسلوب التربوي في عرض مادّتها العلمية، وهذا لا يتناسب والمنهج العقلي الجافّ؟
- بالإمكان عرض العقيدة الإسلامية وفق المنهج العقلي ومراعاة الأمور التربوية، حيث يمكن عرضه بالتمثيل بالقضايا العقلية البسيطة، فهذا لا يتنافى والجانب التربوي.

الاختصار في بحث أصل المعاد:
• من الملاحظ في كتابكم هذا «التربية الدينية» وكذلك «خلاصة علم الكلام» أنكم لم تطيلوا الحديث كثيرًا في أصل المعاد، وهناك وجهة نظر حول مسألة مناقشة كثير من القضايا التفصيلية في المعاد من قبيل روحانية البعث أو جسمانيته، ومسألة منطقة الأعراف وتجسّم الأعمال، ومَنْ يدخُل الجنّة ومن يدخل النار، فالبعض يُعرِض عن الدخول فيها لكونها من الغيبيات التي مِنْ غير الممكن الجزم فيها بنتيجة محدّدة، وليس من الضروري البحث فيها، والبعض الآخر يصرّ على البحث فيها، هل كان الشيخ يميل للرأي الأول فلا يفضّل البحث فيها؟
- ربما يرجع ذلك إلى أن شؤون ومسائل المعاد عرضت في القرآن بشكل واسع وتفصيلي، فالقرآن تطرّق إلى كل شؤون المعاد من القبر إلى الجنة والنار كاملاً، ولو أردتُ أن أعرض لهذه التفاصيل لاحتجتُ إلى كتاب مستقل، وكان غرضي من عرض أصل المعاد في هذين الكتابين هو الإشارة إلى الآيات كدليل على المعاد واستقيت منها بعض التفاصيل.
ومسألة روحانية أو جسمانية البعث لا تدخل ـ في الوقع ـ في الأمور الاعتقادية، لأن هذا البحث قائم على أساس نظرية فلكية فيزيائية قديمة، وهو أن الإنسان مكوّن من أربعة عناصر: النار والتراب والهواء والماء، وهذه العناصر الأربعة موجودة في طبقات الفضاء ـ كما تقول النظرية ـ، فإذا وصل الإنسان أثناء صعوده إلى عنصر الماء يأخذ منه الماء قسمًا، وإذا وصل إلى الهواء يأخذ منه قسمًا آخر، فإذا وصل إلى القسم الرابع أخذ منه ما تبقّى، فلا يبقى منه إلا الروح. وهي نظرية غير ثابتة، فلا العلماء قديمًا أقرّوها كحقيقة علمية ثابتة، وبطبيعة الحال فإن علماء العصر الحديث لا يقبلون هذه النظرية، كما أن مسألة آلية البعث وكيفيتها بكل تفاصيلها أمور غيبية تتعلّق بقدرة الله سبحانه ولا توجد تفاصيلها في ما هو ثابت قطعيًّا في القرآن أو السنّة، فالعلم الحديث يثبت أن بعض طبقات الفضاء إذا وصلها الإنسان يتلاشى، فكيف عُرِجَ برسول الله صلى الله عليه وآله وكيف سيُحْشَر الناس بعد ذلك، هناك احتمالات عدّة بهذا الشأن، ولكن لا يقطع بها الإنسان حتّى تكون أمورًا اعتقادية وتدخل في صلب أصول الدين.
وهذه نقطة مهمّة من المفترض أن يُلِمَّ بها من يكتب في علم الكلام، ولا أرى أن الدخول في كثير من التفاصيل الخاصّة بالمعاد التي لا تكون مثبتة في القرآن أو في السنّة مجدٍ. نعم، ما ذكره القرآن من تفاصيل يجب الاعتقاد به، لأنه صادر عن الله سبحانه.

«خلاصة المنطق».. بين الإضافة والحذف والتغيير:
• ربما يكون كتاب «خلاصة المنطق» هو أكثر كتبكم انتشارًا، وربما يكون ذلك من البدايات، أي منذ صدور الكتاب، ما السبب الذي دعا لانتشاره هذا الانتشار الواسع؟
- ربما أُرجِعُ سبب انتشاره إلى سهولة تناول المادّة العلمية فيه من حيث التعبير ومن حيث تنظيم المادّة، فالمنطق كان يدرّس ولا يذكر في المقرّرات السابقة الغاية من دراسة المنطق إلا على نحو مجمل أو غير واضح، كأن يذكر في البداية أن الغاية من دراسة المنطق هو التصوّر والتصديق، من غير أن يشار إلى المقصود من هذه العبارة، ولذلك عندما قمتُ بتأليف «خلاصة المنطق» أوضحتُ أن المنطق يبحث في نقطتين أساسيتين، هما: التعريف والاستدلال، حيث يمثلان القسمين الرئيسين في المنطق، فالغاية من دراسة المنطق أن يتمكّن الدارس له من التعريف والاستدلال وفقًا للقواعد المنطقية الصحيحة.
• في تنظيمكم لأبواب الكتاب أضفتم البابين التاليين: «التحليل والتركيب» و«مناهج البحث العلمي»، ولم يكونا ضمن أبواب المنطق، كيف أدخلتم هذين البابين إلى علم المنطق وعلى أي المصادر كنتم تعتمدون في إضافة أو حذف بعض الأبواب؟
- استفدتُ إضافة هذين البابين من كتب المنطق الحديثة، التي كانت تُدرَّس في ثانويات مصر والبلاد العربية الأخرى، وقد لجأتُ إلى كتب المنطق الحديثة لأنها تحاول أن تجمع ـ إلى حدٍّ ما ـ بين المنطق القديم والحديث، حيث تأخذ قدرًا بسيطًا من المنطق القديم، فتأخذ بمبادئ القياس والاستقراء وتطعّمها بالمصطلحات والأبواب الحديثة، مثل باب مناهج البحث العلمي. وقد حاولتُ أن أطعّم كتابي «خلاصة المنطق» بما هو سائد في الحوزة، ومما هو في كتب المنطق الحديثة، حيث استفدتُ من كتاب عفيفي: المنطق التوجيهي الذي كان يدرّس في ثانويات مصر.
• في هذا الكتاب كما قمتم بإضافة بعض الأبواب تصرّفتم في هذا العلم فحذفتم منه كذلك بعض الأبواب، ولعل أبرز الأبواب التي حذفتموها «باب الصناعات الخمس»، لماذا؟
- الصناعات الخمس ما عادت من المنطق الآن، وأصبح لكل صناعة منها المناهج الخاصة التي تتناولها، ولا أرى من داعٍ لإدراجها ضمن أبواب المنطق.
• لم تكن هذه هي التغييرات فقط، فقد غيرتم في كثيرٍ من مصطلحات العلم وأبدلتموها بمصطلحات حديثة، فبدلاً من التعبير بِـ «القول الشارح» أو «المعرِّف» عبرتم بقولكم «التعريف»، وغيره من المصطلحات..
- يمكن تلخيص ما قمتُ به من تغييرات في هذا الكتاب في: تغيير التبويب من إضافة بعض الأبواب وحذف بعضها، وكذلك تغيير كثير من مصطلحات المنطق القديمة، وجعلها أكثر عصرية، وتوضيح الغاية من دراسة المنطق.
وأظن أن هذه التغييرات أثرت كثيرًا في قبول الكتاب واعتماده كمقرّر أساس في تدريس هذه المادّة.

مجاراة القوم ومخالفتهم في وضع مقرّرات العلوم:
• ذكرتم في كتابكم «خلاصة المنطق» أن المناطقة في بحثهم للدلالة عدّدوا الدلالة العقلية والطبعية والوضعية اللفظية منها وغير اللفظية، وكان الأجدى بهم أن يقصروا بحثهم على الوضعية اللفظية، وذلك من ناحية منهجية لارتباطها ـ وحدها ـ بالألفاظ دون البقية التي لا صلة لها بالبحث، ولكنكم جاريتموهم باعتبار أن مجاراة أكثر القوم في سلوكهم تكون مغتفرة أحيانًا، إلى أي درجة يجاري فضيلة الشيخ الدكتور القوم في المقرّرات الدراسية وإلى أي درجة يخالفهم؟
- في الكتب القديمة يخصصون موضوعًا مستقلاًّ بعنوان «مباحث الألفاظ» يقصدون منه مصطلحات العلم، وكل من يدرس كتب المنطق القديمة لا يدرك أنهم يقصدون بذلك المصطلحات، وعندما أشرتُ إلى هذه النقطة في كتاب «خلاصة المنطق» ذكرتُ أنه من المفترض أن يُقتَصَر ـ لفهم المصطلح ـ على دراسة الدلالة الوضعية اللفظية فقط دون بقية الأقسام، لأنها تعني وضع الألفاظ لمعانٍ، ومصطلحات كل علم هي عبارة عن وضع ألفاظ معينة لمعانٍ اصطلاحية جديدة داخله غير تلك المعاني المتداولة عرفيًّا.
ولكني عندما جاريت القوم كان بغرض أن لا تنفصل مقرّرات الحوزة عن القديم تمامًا، خصوصًا عندما يكون الإبقاء على بعض القديم لا يضرّ كثيرًا بفهم العلم والاستفادة الحقيقية منه، هذا بالإضافة إلى أنني أشرتُ إلى المخالفة المنهجية في الكتاب، وهذا بحدّ ذاته إلفاتة جيدة للطالب.
• ولكنكم جاريتم المناطقة في بعض النقاط التي لا ترون صحّتها في المنطق، ومع ذلك أثبتموها في كتابكم «خلاصة المنطق»، من ذلك أنكم ذكرتم نفس الغاية التي يذكرها المناطقة من دراسة المنطق، وهو: عصمة الذهن عن الخطأ في الفكر، لماذا؟
- في كتاب خلاصة المنطق لم أُشِرْ إلى هذه النقطة «عصمة الفكر عن الوقوع في الخطأ» تحت عنوان الغاية من دراسة العلم، وإنما ذكرتها كأحد القيود التي يضعها بعض المناطقة في تعريفهم للمنطق. ومن الجيّد الالتفات إلى هذه نقطة حيثُ يُغفل الإشارة إليها في تدريس المنطق، فالمناطقة في تعريفهم لعلم المنطق يعرّفونه بأنه: «آلة قانونية تعصم مراعاتها الخطأ في الفكر»، وفي مجال التطبيق نجد أن هذه النقطة غير متوفّرة من أكثر من جهة: الأولى: أن المنطق علم يدرس كيفية تعريف المفردات والاستدلال على القضايا، ولكنّه يدرسها شكلاً لا مضمونًا، بمعنى أن علم المنطق لا يدرس صحّة مضمون كل عبارة في التعريف، وكذلك لا يدرس صحّة مضمون كل عبارة في الاستدلال، وإنما يدرس الآلية الشكلية للتعريف أو الاستدلال، وما دام الأمر لا يطال صحّة المضمون لا يمكن أن يعصم المنطقُ الإنسانَ من الخطأ.
والثانية: أن من يدرس المنطق لا يُعْصَم فكره من الخطأ في الواقع العملي.
ومن جهة ثالثة: كان المفترض من علماء المنطق أن يتبينُوا الغاية من علم المنطق من خلال تتبّع مفردات العلم نفسه، ومن الواضح أن علم المنطق يركّز في دراسته على نقطتين أساسيتين، هما: التعريف والاستدلال.
• ولكنكم في تعريف علم المنطق وكأنكم جاريتم القوم في التعريف مع تغيير يسير؟
- في تعريفي لعلم المنطق اتخذتُ طريقًا وسطًا بين ما يذكره القدماء وبين واقع العلم، فعرّفته بقولي: «المنطق: دراسة قواعد التفكير الصحيح»، فهذا التعريف لعلم المنطق يتوافق بشِكْل قريب مع التعريف القديم، وكذلك يتوافق بشِكْل غير صريح مع واقع العلم، لأن تعلُّم تعريف المفردات والاستدلال على القضايا بصورة صحيحة يشكّل قاعدة مهمّة من قواعد التفكير العلمي الصحيح.
• بعض المصطلحات التي تعترضون عليها أبقيتموها كما هي، فأنتم لا توافقون على مصطلحات مثل: «الصغرى» و«الكبرى» و«الحدّ الأوسط»، لاعتبارات لغوية، ومع ذلك بقيت كما هي في كتابكم «خلاصة المنطق»؟
- لا يمكن التغيير بشكل جذري دفعة واحدة، لأن هذه المصطلحات الخاصّة بعلم المنطق ـ مثل: الصغرى والكبرى والحدّ الأوسط والنتيجة ـ أخذت طريقها من المنطق إلى علم الأصول والفقه وكذلك إلى الرياضيات، فليس من السهل أن يأتي فرد ويغير كل هذا التراكم الذي حصل نتيجة عقود وتناثر في مئات الكتب وتردّد على آلاف الألسنة، إن المجامع اللغوية لو أرادت ذلك لن تستطيع؛ لأنه يحتاج إلى وقت، ولكن ما أقوم به في بعض الأحيان هو الإشارة فقط إلى هذه الأخطاء، وهو أمر جيّد بحدّ ذاته.


من مواضيع : alyatem 0 هل أن كنوز الطالقان في أفغانستان أم في إيران؟!!
0 زيارة قرية المنتظرين للحجة(عجل الله فرجه الشريف) في مدينة طالقان
0 حق اليقين.. في تنزيه أعراض النبيين
0 الرد التحريري على السيد حسن الكشميري
0 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء

الصورة الرمزية alyatem
alyatem
عضو برونزي
رقم العضوية : 77639
الإنتساب : Mar 2013
المشاركات : 741
بمعدل : 0.17 يوميا

alyatem غير متصل

 عرض البوم صور alyatem

  مشاركة رقم : 25  
كاتب الموضوع : alyatem المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 09-04-2013 الساعة : 08:54 AM


الحوزة العلمية بالاحساء
تنعى العلامة اية الله الشيخ عبدالهادي الفضلي طيب الله ثراه وهذا نص البيان


انَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ
بمزيد من الحزن والأسى تنعى الحوزة العلمية بالأحساء فقيدها الراحل سماحة آية الله الشيخ عبدالهادي الفضلي طيب الله ثراه، الذي قضى عمره الشريف في بيان ونشر معارف آل محمد صلوات الله عليهم أجمعين وخدمة شريعة سيد المرسلين ص وبهذه المناسبة الأليمة ترفع أحر التعازي وفائق المواساة إلى مقام بقية الله الحجة بن الحسن عج والمراجع العظام ومنسوبي الحوزات العلمية وأسرة الفقيد والمؤمنين كافة وتفيد المؤمنين انه سيشيع جثمانه الطاهر عصر يوم غد الثلاثاء الموافق 1434/5/28 من مسجد الامام الكاظم ع بالقرب من جمعية سيهات الخيرية كما تعلن عن إقامة مجلس العزاء على روحه الشريفة في مقر الحوزة العلمية بالأحساء الواقعة بحي النزهة شمال المبرز وذلك لمدة ثلاثة أيام عصرا وليلا ابتداءا من يوم الأربعاء 29 /5 /1434هـ الى نهاية يوم الجمعة 1/6/1434هـ وتدعو عموم العلماء والمؤمنين للمشاركة في عزاﺀ هذا المصاب الجلل سائلة الله العلي القدير أن يتغمد فقيدها السعيد برحمته ويسكنه فسيح جنته ويحشره مع محمد وآله الطاهرين
الحوزة العلمية بالأحساء
27 /5 /1434 هـ


من مواضيع : alyatem 0 هل أن كنوز الطالقان في أفغانستان أم في إيران؟!!
0 زيارة قرية المنتظرين للحجة(عجل الله فرجه الشريف) في مدينة طالقان
0 حق اليقين.. في تنزيه أعراض النبيين
0 الرد التحريري على السيد حسن الكشميري
0 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء

الصورة الرمزية alyatem
alyatem
عضو برونزي
رقم العضوية : 77639
الإنتساب : Mar 2013
المشاركات : 741
بمعدل : 0.17 يوميا

alyatem غير متصل

 عرض البوم صور alyatem

  مشاركة رقم : 26  
كاتب الموضوع : alyatem المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 09-04-2013 الساعة : 08:56 AM


السيد محمود الهاشمي
يعزي بفقيد العلم والحوزات العلمية آية الله الشيخ الدكتور عبدالهادي الفضلي.


بمزيد من الأسى تلقينا نبأ رحيل العالم الجليل والعلاّمة الفقيد الشيخ الدكتور عبد الهادي الفضلي (رحمه الله تعالى) والذي كان بحق من خيرة علمائنا العاملين والمجاهدين والذي صرف عمره الشريف والمبارك في خدمة الإسلام والمسلمين ورفد الحوزات العلمية والجامعات الدينية بالكتب الدراسية المفيدة والمثمرة.
ونتقدم إلى اسرة الفقيد العزيز وطلبة الحوزات العلمية خاصة علماء المنطقة الشرقية بوافر العزاء والمواساة، ونسأل الله تعالى ان يتغمد فقيدنا الكبير برحمته الواسعه وان يحشره مع من يحبّ ويتولى محمد وآله الطاهرين.

السيد محمود الهاشمي الشاهرودي
27 / جمادي الاول / 1434 هـ


من مواضيع : alyatem 0 هل أن كنوز الطالقان في أفغانستان أم في إيران؟!!
0 زيارة قرية المنتظرين للحجة(عجل الله فرجه الشريف) في مدينة طالقان
0 حق اليقين.. في تنزيه أعراض النبيين
0 الرد التحريري على السيد حسن الكشميري
0 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء

الصورة الرمزية alyatem
alyatem
عضو برونزي
رقم العضوية : 77639
الإنتساب : Mar 2013
المشاركات : 741
بمعدل : 0.17 يوميا

alyatem غير متصل

 عرض البوم صور alyatem

  مشاركة رقم : 27  
كاتب الموضوع : alyatem المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 09-04-2013 الساعة : 09:02 AM


بيان مجلس إدارة نادي الخليج الرياضي

إنا لله و إنا إليه راجعون

بعد معاناة طويلة مع المرض فارق عالم الدين المعروف الدكتور والمفكر الإسلامي العلامة عبد الهادي الفضلي الحياة تاركاً وراءه مكتبة واسعة من العلم و المؤلفات و فجوة كبيرة في الوسط الاجتماعي.
وودع العالم الفقيد الحياة في مستشفى سعد التخصصي بالخبر في الثامنة والنصف من صباح هذا اليوم حيث عاش آخر لحظات حياته في قسم العناية المركزة الذي دخله قبل حوالي اﻷسبوع.
وسيشيع الفقيد الذي يتجاوز عمره 75 عاماً أفناها في خدمة الإسلام وخدمة المجتمع يوم غد الثلاثاء و سيوارى الثرى بمقبرة سيهات.
مجلس إدارة نادي الخليج و منسوبوه يتقدمون بأحر التعازي لأهالي الفقيد راجين العلي القدير أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته.


من مواضيع : alyatem 0 هل أن كنوز الطالقان في أفغانستان أم في إيران؟!!
0 زيارة قرية المنتظرين للحجة(عجل الله فرجه الشريف) في مدينة طالقان
0 حق اليقين.. في تنزيه أعراض النبيين
0 الرد التحريري على السيد حسن الكشميري
0 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء

الصورة الرمزية alyatem
alyatem
عضو برونزي
رقم العضوية : 77639
الإنتساب : Mar 2013
المشاركات : 741
بمعدل : 0.17 يوميا

alyatem غير متصل

 عرض البوم صور alyatem

  مشاركة رقم : 28  
كاتب الموضوع : alyatem المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 10-04-2013 الساعة : 08:50 AM




بسم الله الرحمن الرحيم

انا لله وانا اليه راجعون

تلقيت ببالغ الحزن والاسى نبأ رحيل العلامة آية الله الدكتور عبد الهادي الفضلي الى جوار ربه.

لقد قضى العلامة الفقيد عمره الشريف في الجهاد العلمي والسياسي والدفاع عن مقدسات الأمة الإسلامية وقضاياها العادلة.

كان الفقيد من رواد الفكر والمنظرين الإسلاميين البارزين وخير دليل على ذلك ما نجده في مؤلفاته وآثاره الجليلة.

كان ـ رحمه الله ـ ملاذاً لعلماء الامة حيث جسد بفكره وحركته وجهاده وجهوده الوحدوية قدوة لتأليف القلوب وتوحيد الصف الإسلامي ولم الشمل ونبذ الخلافات وتوجيه الانظار والافكار نحو العدو المشترك لابناء أمتنا الإسلامية العظيمة.

كما قدم الفقيد الراحل من خلال صبره على الابتلاء الالهي في أواخر حياته حيث ألم به المرض وكبده الكثير من العناء تصويرا ومثالا رائعا للانسان المؤمن الصابر الشاكر المحتسب المتوكل على الله العلي القدير.

إنني بهذه المناسبة الاليمة إذ اتقدم بأحر التعازي لأعضاء أسرته الكريمة ورفاق دربه وتلامذته ومحبيه ولاسيما لعلماء أمتنا الإسلامية والحوزات العلمية الدينية، أسال الله ان يتغمده برحمته الواسعة ويسكنه فسيح جنانه ويدخله في سعة رضوانه ويلهم ذويه ومحبيه الصبر والسلوان؛ كما أسال الله جل وعلا ان يمن على جميع علمائنا الاخيار بوفور الصحة ودوام التوفيق والاقتداء بفقيدنا السعيد فكراً وسلوكاً وجهاداً ؛ وانا لله وانا اليه راجعون.


السيد علي الحسيني الخامنئي

بتاريخ ثمانية وعشرين من جمادي الاولى من عام الف واربع مئة واربعة وثلاثين


من مواضيع : alyatem 0 هل أن كنوز الطالقان في أفغانستان أم في إيران؟!!
0 زيارة قرية المنتظرين للحجة(عجل الله فرجه الشريف) في مدينة طالقان
0 حق اليقين.. في تنزيه أعراض النبيين
0 الرد التحريري على السيد حسن الكشميري
0 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء

الصورة الرمزية alyatem
alyatem
عضو برونزي
رقم العضوية : 77639
الإنتساب : Mar 2013
المشاركات : 741
بمعدل : 0.17 يوميا

alyatem غير متصل

 عرض البوم صور alyatem

  مشاركة رقم : 29  
كاتب الموضوع : alyatem المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 10-04-2013 الساعة : 08:51 AM


بسم الله الرحمن الرحيم


مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا
تسليما ورضا بقضاء الله تعالى وقدره، ننعى الى المؤمنين علما من اعلام الفكر الاسلامي المعاصر، وحجة من حجج الاسلام في الارض، ورائدا من رواد الوعي الاسلامي المعاصرين... المفكر والمنظر والكاتب والمؤلف الاسلامي المعاصر حجة الاسلام والمسلمين الدكتور الشيخ عبدالهادي الفضلي رحمه الله.
وبفقده فقدنا خبرة وتجربة لنصف قرن في العمل الميداني الاسلامي، والحركة الاسلامية المعاصرة، والدعوة الى الله، والكتابة والتأليف والتنظير العلمي والمنهجي، وفقدت أخا عزيزا عاشرته طويلا، وعرفت فيه التقوى والوعي والمعرفة والاهتمام بشؤون المسلمين والاخلاص.
اشتهر بالوعي، والعلم، والتقوى، والاعتدال، والمثابرة، في ساحات الحوزة العلمية والاوساط الجامعية، والحركة الاسلامية والاوساط العلمية المعاصرة... وخلّف من بعده تراثا نافعا للحوزات العلمية والجامعات ولساحات الحركة الاسلامية الناهضة في العالم الاسلامي.
تغمده الله برحمته الواسعة، وتعازينا الى المؤمنين الذين يشعرون فداحة الخسارة بفقده وتعازينا لاولاده واحفاده واسرته، وانا لفقده لمحزونون.
والحمد لله رب العالمين، وانا لله وانا اليه راجعون.
محمد مهدي الآصفي
النجف الاشرف
27 جمادى الاولى 1434 هـ


من مواضيع : alyatem 0 هل أن كنوز الطالقان في أفغانستان أم في إيران؟!!
0 زيارة قرية المنتظرين للحجة(عجل الله فرجه الشريف) في مدينة طالقان
0 حق اليقين.. في تنزيه أعراض النبيين
0 الرد التحريري على السيد حسن الكشميري
0 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء

الصورة الرمزية alyatem
alyatem
عضو برونزي
رقم العضوية : 77639
الإنتساب : Mar 2013
المشاركات : 741
بمعدل : 0.17 يوميا

alyatem غير متصل

 عرض البوم صور alyatem

  مشاركة رقم : 30  
كاتب الموضوع : alyatem المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 10-04-2013 الساعة : 08:53 AM


بيان الأمانة العامة للعتبة العلوية المقدسة

بمزيد من الحزن والاسى تنعى الامانة العامة للعتبة العلوية المقدسة فقيد العلم والادب الرفيع «العلامة الدكتور الشيخ عبد الهادي الفضلي» (رحمه الله) سائلين المولى تعالى ان يتغمد روحه برحمته الواسعه وان يسكنه فسيح جناته وانا لله وانا اليه راجعون.


من مواضيع : alyatem 0 هل أن كنوز الطالقان في أفغانستان أم في إيران؟!!
0 زيارة قرية المنتظرين للحجة(عجل الله فرجه الشريف) في مدينة طالقان
0 حق اليقين.. في تنزيه أعراض النبيين
0 الرد التحريري على السيد حسن الكشميري
0 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 06:19 AM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية