ليس ذنبك يا قلب أنهم يتساقطون ،، فبين فانٍ بكف القدر ،، و بين مغترب لن يعود ،، و بين صاحب تناسى في لحظة أنانية ،، أنه دون غيره شريك الروح ،، ما يجمعهم يا قلب ،، أنهم كلهم موتى ،، و لا يمكنك أبداً أن تكلم الموتى
هو الخريف يا صاحبي ،، جاء يخبرني ،، عن أشياء تجتاحني ،، بروعة الفجر من خلف أوراق الشجر ،، يخبرني عنك ،، و عن حنين يشدني إلى سالف الأيام ،، و عن المطر ،، آآآآآآهٍ ،، كم أحتاجني بين وجهك ،، و دخان سجائرك ،، و المطر
أعجب للبعض كيف يستطيعون بكل بساطة أن يتقمصوا ثوب الضحية و يعيشون دور الحمل الوديع و هم يعلمون علم اليقين أن جل ما قدموه في حياتهم هو الخداع للغير ،، لربما هنالك شيء ما متأصل في نفوسهم يحاول بكل بساطة تلميع صورهم الذاتية في أنفسهم من خلال إلقاء أخطائهم على غيرهم .. ما أستغرب له هو كيف يعيشون وسط هكذا فوضى نفسية .
أنا يا صاحبي لا أجرح الورد في عين الندى ،، فلا أزال أعترف رغماً عني أو برضاً منى أنني لا أزال أنتمي إليه ،، و أشعر بكل جوارحي بأن أشرعة القلوع قد غادرت و لن تعود ،، و أن موطن الأحلام قد دفن جثتي في قعر النسيان ،، و راح يسكب دمعه على كف رياح الموسم ،، و أدرك تماماً أنها نفس الدموع التي كفكفتها ردحاً من الزمان كفي .
في هذا الليلِ المُعتم ..
أطفأتُ فوانيس الدار وجلستُ أراقبُ الريح
وأنا أرتلُ بعضَ أورادي القديمة .. التي ستحملني إليك
على جناحِ الذاكرة .. وجدتُكَ يا أبَّ جالسٌ على سريركَ الأبيض
جلستُ قربكَ أمسكتُ بيدكَ بقوة ربطتُ قلبي بوريدك..؛
وضممتُ نبضي تحتَ ضلعي بوصلكَ الأخضر ..
ثمّ .. ويال العجب لم أغفو ..!!
بل بقيتُ أنتظرُ كامل حضوركَ حتى أطمئن ..!!
إني فقط أدور وأدور ..
الشوارع خالية .. الكون هادئ .. العيون غادرت الرؤيا..
وأنا وأنا أدور معاً..!!
رائحةُ البخور تنبعثُ من بيتٍ قديم ..
وصوتُ الناي وهو يزفرُ آخر أوجاعِ الليل
تسترسلُ بسكينة وتستقرُ في أُذني ..
لأنهي دوراني كما الفراشات على راحتكَ الخضراء ..!!
إني يا أبتي رُغم حماقاتي ..أشعرُ بانتمائي لكَ وحدك ..
أنتَ وحدكَ يا أبتي تلتمسُ لي عذراً فقلبي هوَ صنيعتكَ أنت
وتعرفُ أبداً أنهُ أبيض رُغم الظلام الذي أحاطَ بهِ
ورغم الدُخان الذي غير وجه الكون ..!!
ورُغمَ الدم النازف ..
آهٍ أبتي .. كيفَ لي أن أعتذرَ لكَ
عن كلِ حماقةٍ بدرت يوماً مني..!!؟
وقد طوتكَ الحياةُ في ضفةٍ بعيدة ..
ليتني كنتُ نسمةً تداعبُ محياكَ
ليتني كنتُ ماءاً يغسلُ وجهَكَ النقي..
ليتني اكون معكَ الآن في وآدي النجف ..؛
في بيتٍ قديم كقِدَمِ انتمائي لك ..
وقِدمِ دموعي التي ذرفتها يوم رحيلك ..؛
جلستُ وحدي أدورُ وأدور .. كلُ شيءٍ كان يدور من حولي..!!
إلا.. إلا قلبي .. فقد ظلَّ وآجماً في أقصى أضلاعي ..!!
كأنهُ عاهدَ الدراويش على أن لايدور إلا برضاك ..؛