مــوقوف
|
رقم العضوية : 23744
|
الإنتساب : Oct 2008
|
المشاركات : 136
|
بمعدل : 0.02 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
خادم البضعه
المنتدى :
المنتدى العقائدي
بتاريخ : 10-11-2008 الساعة : 04:07 PM
8- وقال (عليه السلام) : (فلا تعتبروا الرضا والسخط , بالمال والولد , جهلاً بمواقع الفتنة والاختبار في مواضع الغنى والاقتدار , وقد قال سبحانه وتعالى (أيحسبون انما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون) فإن الله سبحانه يختبر عباده المستكبرين في انفسهم بأوليائه المستضعفين في اعينهم ,) .
9- وقال (عليه السلام) : (ولقد دخل موسى بن عمران ومعه اخوه هارون (عليهما السلام) على فرعون , وعليهما مدارع الصوف وبأيديهما العصي فشرطا له : ان اسلم بقاء ملكه ودوام عزه ,
فقال : (ألا تعجبون من هذين يشرطان لي دوام العز وبقاء الملك وهما بما ترون من حال الفقر والذل , فهلاّ القي عليهما اساورة من ذهب)
اعظاماً للذهب وجمعه واحتقاراً للصوف ولبسه ,
ولو اراد الله سبحانه بانبيائه حيث بعثهم ان يفتح لهم كنوز الذهبان , ومعادن العقيان , ومغارس الجنان , وان يحشر معهم طيور السماء ووحوش الارض لفعل ,
ولو فعل لسقط البلاء , وبطل الجزاء , واضمحلت الانباء , ولما وجب للقابلين اجور المبتلين , ولا استحق المؤمنون ثواب المحسنين ولألزمت الاسماء معانيها , ولكن الله سبحانه جعل رسله أُلي قوة في عزائمهم , وضعفة فيما ترى الاعين من حالاتهم , مع قناعة تملأ القلوب والعيون غنى , وخصاصة تملأ الابصار والاسماع اذى ,
ولو كانت الانبياء أهل قوة لا ترام وعزة لا تضام , وملك تمتد نحوه اعناق الرجال , وتشد إليه عقد الرحال لكان ذلك اهون على الخلق في الاعتبار وابعد لهم في الاستكبار , ولآمنوا عن رهبة قاهرة لهم أو رغبة مائلة بهم , فكانت النيات مشتركة والحسنات مقتسمة ,
ولكن الله سبحانه اراد ان يكون الاتباع لرسله , والتصديق بكتبه , والخشوع لوجهه , والاستكانة لأمره , والاستسلام لطاعته اموراً له خاصة لا تشوبها من غيرها شائبة , وكلما كانت البلوى والاختبار اعظم كانت المثوبة والجزاء اجزل) .
10- وقال (عليه السلام) : (ألا ترون ان الله سبحانه اختبر الاولين من لدن آدم (صلوات الله عليه) إلى الآخرين من هذا العالم , باحجار لا تضر ولا تنفع , ولا تبصر ولا تسمع , فجعلها بيته الحرام الذي جعله للناس قياماً ,
ثم وضعه بأوعر بقاع الارض حجراً واقل نتائق الارض مدراً , واضيق بطون الاودية قطراً , بين جبال خشنة , ورمال دمثة , وعيون وشلة, وقرى منقطعة , لا يزكوبها خف ولا حافر ولا ظلف ,
ثم امر آدم وولده ان يثنوا اعطافهم نحوه , فصار مثابة لمنتجع اسفارهم , وغاية لملقى رحالهم , تهوى إليه ثمار الافئدة من مفاوز قفار سحيقة , ومهاوي فجاج عميقة وجزائر بحار منقطعة , حتى يهزّوا مناكبهم ذللاً يهلون لله حوله , ويرملون على اقدامهم شعثاً غبراً له , قد نبذوا السرابيل وراء ظهورهم , وشوّهوا باعفاء الشعور محاسن محاسن خلقهم ,
ابتلاء عظيماً وامتحاناً شديداً واختباراً مبيناً , وتمحيصاً بليغاً , جعله الله سبباً لرحمته ووصلة إلى جنته ,
ولو اراد سبحانه ان يضع بيته الحرام ومشاعره العظام بين جنات وانهار , وسهل وقرار , جم الاشجار , داني الثمار , ملتف البُنا , متصل القرى , بين برة سمراء , وروضة خضراء , وارياف محدقة , وعراص مغدقة , ورياض ناضرة , وطرق عامرة ,
لكان قد صغر قدر الجزاء على حسب ضعف البلاء ,
ولو كان الاساس المحمول عليها , والاحجار المرفوع بها بين زمردة خضراء , وياقوتة حمراء , ونور وضياء , لخفف ذلك مسارعة الشك في الصدور , ولوضع مجاهدة ابليس عن القلوب ولنفى معتلج الريب من الناس) .
11- وقال (عليه السلام) : (لكن الله يختبر عباده بانواع الشدائد ويتعبدهم بانواع المجاهد , ويبتليهم بضروب المكاره , اخراجاً للتكبر من قلوبهم , واسكاناً للتذلل في نفوسهم , وليجعل ذلك ابواب فتحاً إلى فضله , واسباباً ذللاً لعفوه) .
12- وقال (عليه السلام) : (وتدبروا احوال الماضين من المؤمنين قبلكم كيف كانوا في حال التمحيص والبلاء , ألم يكونوا اثقل الخلائق اعباء , واجهد العباد بلاء , واضيق أهل الدنيا حالاً , اتخذتهم الفراعنة عبيداً فساموهم سوء العذاب , وجرعوهم المرار , فلم تبرح الحال بهم في ذل الهلكة وقهر الغلبة , لا يجدون حيلة في امتناع ولا سبيلاً إلى دفاع ,
حتى إذا رأى الله جدّ الصبر منهم على الاذى في محبته والاحتمال للمكروه من خوفه جعل لهم من مضايق البلاء فرجاً , فأبدلهم العز مكان الذل , والامن مكان الخوف , فصاروا ملوكاً حكاماً , وائمة اعلاماً , وبلغت الكرامة من الله لهم ما لم تبلغ الامال إليه بهم) .
13- وقال (عليه السلام) : (فانظروا كيف كانوا حيث كانت الاملاء مجتمعة , والاهواء متفقة , والقلوب معتدلة , والايدي مترادفة, والسيوف متناصرة , والبصائر نافذة , والعزائم واحدة , ألم يكونوا ارباباً في اقطار الارضين , وملوكاً على رقاب العالمين ,
فانظروا إلى ما صاروا إليه في آخر امورهم حين وقعت الفرقة , وتشتت الالفة , واختلفت الكلمة والافئدة , وتشعبوا مختلفين , وتفرقوا متحازبين , قد خلع الله عنهم لباس كرامته , وسلبهم غضارة نعمته , وبقي قصص اخبارهم فيكم عبراً للمعتبرين) .
14- وقال (عليه السلام) : (فاعتبروا بحال ولد اسماعيل وبني اسحاق وبني اسرائيل (عليهم السلام) , فما اشد اعتدال الاحوال , واقرب اشتباه الامثال , تأمّلوا أمرهم في حال تشتتهم وتفرقهم ليالي كانت الاكاسرة والقياصرة ارباباً لهم , يجتازونهم عن ريف الافاق , وبحر العراق , وخضرة الدنيا , إلى منابت الشيّح , ومهافي الريح , ونكد المعاش , فتركوهم عالة مساكين اخوان دبر ووبر , اذل الامم داراً , واجدبهم قراراً , لا يأوون إلى جناح دعوة يعتصمون بها , ولا إلى ظل الفة يعتمدون على عزها ,
فالاحوال مضطربة والايدي مختلفة , والكثرة متفرقة , في بلاء ازل , واطباق جهل , من بنات موؤدة , واصنام معبودة , وارحام مقطوعة, وغارات مشنونة ,
فانظروا إلى مواقع نعم الله عليهم حين بعث اليهم رسولاً , فعقد بملته طاعتهم , وجمع على دعوته الفتهم , كيف نشرت النعمة عليهم جناح كرامتها ..... فهم حكام على العالمين , وملوك في اطراف الارضين , يملكون الأمور على من كان يملكها عليهم , ويمضون الأحكام فيمن كان يمضيها فيهم ....
ألا وانكم قد نفضتم ايديكم من حبل الطاعة , وثلمتم حصن الله المضروب عليكم باحكام الجاهلية ,
ثم تقولون النار ولا العار , كأنكم تريدون ان تكفئوا الاسلام على وجهه , انتهاكاً لحريمه , ونقضاً لميثاقه الذي وضعه الله لكم حرماً في ارضه وامناً بين خلقه , وانكم ان لجأتم إلى غيره , حاربكم أهل الكفر,
ثم لا جبرائيل ولا ميكائيل ولا مهاجرون ولا انصار ينصروكم إلا المقارعة بالسيف .....
فإن الله سبحانه لم يلعن القرن الماضي بين ايديكم إلا لتركهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , فلعن الله السفهاء لركوب المعاصي , والحلماء لترك التناهي) .
والله العالم و المستعان
محمود الحسني
7 / شوال / 1422
|