|
مــوقوف
|
رقم العضوية : 19133
|
الإنتساب : May 2008
|
المشاركات : 29
|
بمعدل : 0.00 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
البحرانية
المنتدى :
منتدى الجهاد الكفائي
بتاريخ : 28-05-2008 الساعة : 10:13 PM
هل ينجح ألمثقف ألعراقي فيما فشل فيه رجل ألدين وألسياسي في ألازمة ألعراقية رغم اشتراك المجتمعات الانسانية في امتلاك المخزون الوراثي نفسه,فانها تتمايز باختياراتها الثقافية ,فالمسيرة الانسانية على امتدادها تشهد تراجع كبير للغرائز يعوض عنها تدريجا بالثقافة , اي ذلك التاقلم المتخيل والمراقب من قبل الانسان , والذي بدا اكثر وظيفة من التاقلم الوراثي لانه اكثر مرونة واكثر قابلية للنقل بسهولة وبسرعة , فالثقافة لاتمكن الانسان من التأقلم مع محيطه فحسب وانما من تاقلم المحيط معه ,فجميع الوظائف البشرية المتناسبة مع حاجات فيزيولوجية مثل العطش والجوع والرغبة الجنسية الخ تخضع الى انماط ثقافية تختلف باختلاف المجتمعات,حتى الدين بصفته مجموعة من المبادئ التي تهتدي بها النظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية في اي مجتمع تحتاج الى المثقفين لتسويغها والدفاع عنها امام تحديات الايدلوجيات البديلة , ومن هنا تنبع الحاجة الى المثقف بوصفه اداة في الصراع ووسيلة للتحرر كما تشير فكرة سارتر عن المثقف الملتزم بقضايا مجتمعه وعصره كوسيلة فاعلة لتحقيق الوحدة بين الفكر والسلوك.
فبعد فشل دور رجل الدين والسياسي في العراق يبقى الامل الاخير في المثقف العراقي بصفته رجل (فكر او علم اوابداع)فمهمته ليس في الدفاع عن الثقافة بل عن مجتمعه ,وبما ان الثقافة هي عقلية عامة تقوم بوظيفة الضبط الاجتماعي من خلال تقديم المعرفة ومفصلة قيم المجتمع.
ورغم ان المثقف العراقي تكون مهمته بالمواجهة مزدوجة وثنائية على جبهتين جبهة محاربة الامية الدينية والتي يجسدها سلوك المؤسسة الدينية ورجالاتها التي تحولت الى ثقافة ميتة (نظاما فكريا مغقلا) يستخدمها بعض رجال الدين كخرافة وتسلية بمجتمع حي كالمجتمع العراقي وجبهة مواجهة السلطة من خلال الاستقلالية ونقد النظام الاجتماعي والسياسي وامتلاك النزعة التحررية من جهة اخرى.
وهذه المهمة ليست بالسهلة وتعتريها بعض المشاكل والمعوقات والتي هي ليست ببعيدة عن المثقف العراقي بصفته انسان كما هو حال رجل الدين والسياسي يعيش التناقض الداخلي بين مصالحه الشخصية ومنافعه وبين ان يتحول الى صاحب رسالة انسانية تبصر الانسان بنفسه وحياته ومجتمعه وكشف الاتجاه الامثل لطريق سعادته وسعادة المجتمع ,وكما ان هذه المهمة لاتخلو من صعوبة بالغة فهي ليست بالمستحيلة لما للطبقة المثقفة من اهمية بالغة في المجتمعات وما لعبته من دور مهم في رقي وتطور المجتمعات بشكل او باخر وخير شاهد على ذلك الدور المهم لرجال التنوير الذين صاغوا ايديولوجية الثورة الفرنسية التي انطلق منها العصر الحديث.
لعل من بين اهم الاشكاليات التي تصادف المثقف العراقي هو ان يتحول من مثقف للجماهير الى مثقف للسلطة تستخدمه كجسر للعبور عليه لتحقيق اغراضها واهدافها كما هو حال فقهاء السلاطين ,فهناك مثقفوا السلطة منذ العصور القديمة التي كانت تتمثل بتقريب الشعراء الى البلاط الحاكم ودفع العطايا السخية لقصيدة او بيت شعر يمجد الحاكم او يبرر افعاله وسياسته وعهد الطاغية المقبورلا يخلو من ذلك عندما حول المثقفين الى جهاز امني ينقح ويخرج وينتج الثقافة ضمن الحدود والاطر التي يريدها,او ان يتحول الى مثقف قبلي او طائفي يحصر نفسه في زاوية تكشف زيفه وزيف النزعة الثقافية التي يحملها وتنصله للمبادئ الانسانية في التحرر والتعددية الحضارية.
ان الوضع المضطرب الذي يعيشه العراق يطفح بالصراعات والتناقضات واضمحلال دور الدولة وسيطرة الميليشيات وتحول الدين من رسالة سماوية غايتها التعايش والسلام الى طائفية مقيتة عكست الاختلافات الفقهية حول النصوص الى واقع بلون الدم ورائحة الموت واشاعة روح التفرقة والجهل بدلا من الاتفاق على مرجعية حضارية لصيغة الحكم واسلوب التعاييش, فهل ينجح المثقف العراقي في تجاوز الواقع الراهن طلبا لبديل انساني ارقى لهذا الشعب الجريح اذا ادركنا ان الوظيفة الاساسية للثقافة ليست هي الخلق والابداع فحسب وانما هي وظيفة الضبط الاجتماعي التي تمارسها الثقافة من خلال النظم السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
|
|
|
|
|