مناظرة الإمام الباقر عليه السلام مع هشام بن عبد الملك في حال الناس يوم القيامة .
روي عن عبد الرحمن بن عبد الزُّهري قال : حجّ هشام بن عبد الملك . فدخل المسجد
الحرام متكياً على يد سالم مولاه . والامام محمد بن عليّ بن الحسين عليهم السلام
جالس في المسجد فقال له سالم : يا أمير المؤمنين هذا محمد بن علي بن الحسين .
فقال له هشام : المفتون به أهل العراق ؟
قال : نعم.
قال : إذهب إليه فقل له : يقول لك أمير المؤمنين : ما الذي يأكل الناس ويشربون
إلى أن يُـفصل بينهم يوم القيامة ؟
فقال أبو جعفر عليه السلام : يحشر الناس على مثل قرصة البر النقي . فيها أنهار
متفجّرة يأكلون ويشربون حتى يُفرغ من الحساب.
قال : فرأى هشام أنّه قد ظفر به . فقال : الله أكبر إذهب إليه فقل له : ما أشغلهم
عن الاَكل والشرب يومئذٍ ؟
فقال له أبو جعفر عليه السلام : فهم في النار أشغل . ولم يشغلوا عن أن قالوا:
( أفِيضُوا عَلَينا مِنَ الماءِ أو مِمّا رَزَقَكُمُ اللهُ )
فسكت هشام لا يرجع كلاماً .
يتبع في مناظرة اخرى
مناظرة الإمام الصادق عليه السلام مع عبدالله بن الفضل الهاشمي
في الحكمة من غيبة الإمام المهدي عليه السلام وعجل الله فرجه الشريف .
روي عن عبد الله بن الفضل الهاشمي قال : سمعت الصادق عليه السلام يقول :
إنّ لصاحب هذا الاَمر غيبة لا بدّ منها . يرتاب فيها كلّ مبطل .
قلت له : ولِمَ جعلت فداك ؟
قال : لاَمر لا يؤذن لي في كشفه لكم .
قلت : فما وجه الحكمة في غيبته ؟
قال : وجه الحكمة في غيبته . وجه الحكمة في غيبات من تـقدّمه من حجج الله
تعالى ذكره . إنّ وجه الحكمة في ذلك لا ينكشف إلاّ بعد ظهوره . كما لم ينكشف
وجه الحكمة لما أتاه الخضر عليه السلام . من خرق السفينة وقتل الغلام وإقامة
الجدار لموسى عليه السلام إلى وقت افتراقهما .
يا بن الفضل . إنَّ هذا الاَمر أمر من الله . وسرّ من سرّ الله . وغيب من غيب الله .
ومتى علمنا أنّه عزّ وجلّ حكيم صدقنا بأنّ أفعاله كلّها حكمة . وإن كان وجهها غير منكشف .
مناظرة الإمام الصادق عليه السلام مع أبي حنيفة في
حُكم التوسّل بالنبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم .
قال الشيخ الكراجكي طيب الله ثراه : ذكروا أن أبا حنيفة أكل طعاماً مع
الاِمام الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام .
فلما رفع الصادق عليه السلام يده من أكله قال : الحمد لله ربّ العالمين .
اللهم هذا منك ومن رسولك صلى الله عليه وآله .
فقال أبو حنيفة: يا أبا عبدالله . أجعلت مع الله شريكاً ؟
فقال له : ويلك . فإنّ الله تعالى يقول في كتابه :
( وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ ) ويقول في موضع آخر :
( وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُواْ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ )
فقال أبو حنيفة : والله لكأني ما قرأتهما قط من كتاب الله ولا سمعتهما إلاّ في هذا الوقت .
فقال أبو عبدالله عليه السلام : بلى . قد قرأتهما وسمعتهما
ولكن الله تعالى أنزل فيك وفي أشباهك :
( أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ) وقال : ( كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ )
مناظرة الامام الصادق عليه السلام مع أبي حنيفة في حكم القياس .
قال العلامة المجلسي رحمه الله : وجدت بخطّ بعض الاَفاضل نقلاً
من خطّ الشهيد رفع الله درجته قال :
قال أبو حنيفة النعمان بن ثابت جئت إلى حجّام بمنى ليحلق رأسي .
فقال : ادن ميامنك . واستقبل القبلة . وسمِّ الله . فتعلّمت منه ثلاث
خصال لم تكن عندي . فقلت له : مملوك أنت أم حرّ ؟
فقال : مملوك .
قلت : لمن ؟
قال : لجعفر بن محمد العلوي عليه السلام .
قلت : أشاهد هو أم غائب ؟
قال : شاهد .
فصرت إلى بابه واستأذنت عليه فحجبني . وجاء قومٌ من أهل الكوفة فاستأذنوا فأذن لهم .
فدخلت معهم . فلمّا صرت عنده قلت له : يا بن رسول الله لو أرسلت إلى أهل الكوفة
فنهيتهم أن يشتموا أصحاب محمد صلى الله عليه وآله .
فإنّي تركت بها أكثر من عشرة آلاف يشتمونهم .
فقال عليه السلام : لا يقبلون منّي.
فقلت : ومن لا يقبل منك وأنت ابن رسول الله صلى الله عليه وآله ؟
فقال عليه السلام : أنت ممّن لم تقبل منّي . دخلت داري بغير إذني . وجلست بغير أمري .
وتكلمت بغير رأيي . وقد بلغني أنّك تقول بالقياس .
قلت : نعم به أقول .
قال عليه السلام : ويحك يا نعمان أوّل من قاس الله تعالى إبليس حين أمره بالسجود
لآدم عليه السلام وقال : ( خَلقتَني من نار وخَلَقتهُ من طين .
أيّما أكبر يا نعمان القتل أو الزنا ؟
قلت : القتل .
قال عليه السلام : فلِمَ جعل الله في القتل شاهدين . وفي الزنا أربعة ؟ أينقاس لك هذا ؟
قلت : لا .
قال عليه السلام : فأيّما أكبر البول أو المني ؟
قلت : البول .
قال عليه السلام : فلِمَ أمر الله في البول بالوضوء . وفي المني بالغسل ؟ أينقاس لك هذا ؟
قلت : لا .
قال عليه السلام : فأيّما أكبر الصلاة أو الصيام ؟
قلت : الصلاة .
قال عليه السلام : فلِمَ وجب على الحائض أن تقضي الصوم . ولا تقضي الصلاة ؟ أينقاس لك هذا ؟
قلت : لا .
قال عليه السلام : فأيّما أضعف المرأة أم الرجل ؟
قلت : المرأة .
قال عليه السلام : فلِمَ جعل الله تعالى في الميراث للرجل سهمين . وللمرأة سهماً . أينقاس لك هذا ؟
قلت : لا .
قال عليه السلام : فلِمَ حكم الله تعالى فيمن سرق عشرة دراهم بالقطع . وإذا قطع
رجلٌ يد رجل فعليه ديتها خمسة آلاف درهم ؟ أينقاس لك هذا ؟
قلت : لا .
قال عليه السلام : وقد بلغني أنّك تفسر آية في كتاب الله ، وهي :
( ثمّ لتسئلنّ يومئذ عن النعيم )
أنّه الطعام الطيّب . والماء البارد في اليوم الصائف .
قلت : نعم .
قال عليه السلام له : دعاك رجل وأطعمك طعاماً طيّباً . وأسقاك ماءً بارداً .
ثم امتنّ عليك به ما كنت تنسبه إليه ؟
قلت : إلى البخل .
قال عليه السلام : أفيبخل الله تعالى ؟
قلت : فما هو ؟
قال عليه السلام : حبّنا أهل البيت .