تكلّم أَبو بكر رضي اللّه عنه بعد أن بَايَعَه الناسُ بالخلافة فَحَمِدَ اللّه وأَثْنَى عليه بالذي هو أهْلُهُ ثم قال:
أما بعدُ، أَيُّها الناسُ فَإِني قد وُلِّيتُ عليكم ولست بخيركم فإِنْ أَحْسَنْتُ فَأَعِينُونِي وإِنْ أَسَأْتُ فَقَوِّمُوني. الصِدْقُ أمانةٌ والكَذِبُ خِيَانَةٌ . والضعيفُ فيكم قويٌّ عندي حتى أرجعَ إليه حقَّه إن شاء اللّه، والقويّ فيكم ضعيفٌ عندي حتى آخذَ الحقَّ منه إن شاء اللّه. لا يَدَعُ قومٌ الجِهادَ في سبيل اللّه إلا خَذَلَهم اللَّهُ بالذُلِّ ولا تَشِيعُ الفاحشةُ في قومٍ إِلا عَمَّهم اللَّهُ بِالبلاءِ. أَطِيعُوني ما أَطَعْتُ اللَّهَ ورسولَه فإِذا عَصَيْت اللَّهَ ورسولَه فلا طاعةَ لي عليكم. قُومُوا إلى صلاتكم يَرْحَمْكُمُ اللّه.
ترجمة أبي بكر رضي اللّه عنه :
هو أبو بكرٍ عبد اللّه بن أبي قُحَافَةَ القرشيُّ. وُلِدَ بعد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بسنتـين، وكـان أول الرجالِ إسلاماً. شَهِدَ الـمَشَاهِدَ كلَّها وأمره الرسولُ صلى الله عليه وسلم أن يَحُجَّ بالمسلمين في السنة التاسعة. وبعد موت النبيِّ صلى الله عليه وسلم بَايَعَهُ المسلمون بالخِلافة، وبعد البيعة قال هذه الخُطبةَ المشهورةَ التي حثَّ فيها على الصدق والجهاد في سبيل اللّه تعالى، وحذّر من الـمَعْصِيَة ومن مُخَالَفَـة وَلِيِّ الأمرِ مادام مُطِيعا للّه تعالى. دامت خلافتُه سنتين وثلاثةَ أَشهُرٍ وعَشْرَ ليالٍ، وكانت وفاتُه رضي اللّه عنه سنة ثلاثَ عَشْرَةَ من الهجرة.
د ـ ما يستفاد من النص
1-
التَّوَاضُع من صفات المتّقين كـما يتضح من قوله "فإِني وليت ولست بخيركم ".2-
يجب على المسلمين أن يُعاوِنوا وَلِـيَّ الأمر ما أقام فيهم شريعة اللّه والتزم نَهْجَ الرسول صلى الله عليه وسلم وأن يقوِّموه ويُصْلحوا من أمره ويُقدِّموا إِليه الرأيَ الحق إِذا أخطأ وانْحَرَفَ.
3-
من حق المسلم على وليّ الأمر أن ينتصر له من الظالم وأن يُوصِلَ إِليه حقه.4-
وجوب الجهاد في سبيل اللّه.5-
وجوب ترك الفواحش ما ظهر منها وما بطن.6-
وجوب طاعة وليّ الأمر ما دام مُطِيعا للّه ورسوله.
7-
لا طاعَة لمخلوقٍ في مَعْصِيَةِ الخالق ومن هذا المبدأ جاء في الخطبة قوله: "فإِن عصيت اللّه ورسوله فلا طاعةَ لي عليكم ".
8-
الصدق حَسَن والكذِب قَبِيح.