انتبه لي ، و التفت لي ، و ارتسمت الدهشة على وجهه ، بس ما تقارن بالدهشة اللي كانت مرسومة على وجهي أنا ....
-شوق !!؟؟
- وش جالس تسوي ؟؟؟
- وش مصحيك انت ِ ؟
- أنا كنت جالسة أذاكر ، نمت على المكتب و لا دريت بحالي ! صحيت و جيت ابي
اصك النافذة و لمحتك ... !
تنهد أخوي سلطان ... و عرفت أن فيه شي ، بالأحرى ، عرفت وش فيه ...
-أنت بخير ؟
- إيه بخير ، بس حبيت اشم شوية هواء ...
يشم شوية هواء الساعة ثنتين عز الليل ؟؟
قبل ساعة أنا فتحت النافذة ابي شوية هواء ، ما كان هو موجود بالحوش ، جلست عند مكتبي و قرأت لين غلبني النعاس و نمت بلا شعور ...
أنسام الهواء الباردة هي اللي صحتني ، و لما جيت اصك النافذة ، لمحت أخوي سلطان واقف بالحوش يناظر القمر ...
و الله اللي يشوفه يفكره جالس يتكلم معه !
بصراحة خوفني أول ما شفته ، بس بعدها حسيت بقلق عليه ...
سلطان من كم ليلة ما هو طبيعي ... يتأخر بالعمل كثير ، دوم شارذ ، و كأنه مهموم ... و أكيد منال و البقية لاحظوا ذا
الشي مثلي ...
- الجو بارد !
- نعم ، روحي نامي احسن يا شوق
- و أنت ؟
- جاي ...
- باحاول اقرا لي صفحتين ينفعوني بالامتحان !
- ما هو وقت مذاكرة الآن يا شوق ! خليها لبكرة
- بكرة رح انزحم ! تدري ! الحفلة تبدأ ثمان و رح انشغل طول النهار استعد لها !
يا ليتني ما قلت ... ما ادري هو كان ناسي و أنا ذكرته ؟ و الا فاكر و أنا قلبت عليه الذكرى ؟؟؟
سلطان وجهه تغير ، حتى وسط ذاك الظلام ، نور البدر سمح لي أشوف تعابيره تنعفس ... و خصوصا ، لما رفع بصره
للقمر بعد ما سمعني ، كأنه يستشهده علي !
أخوي سلطان هو أغلى انسان عندي بالدنيا ، و ما لي غيره ...
أحزن لما أشوفه متضايق ، و أنا اعرف السبب ، و لا اقدر أسوي شي ...
أنا ما سمعته يقول لها ( أحبك ) ذاك اليوم ، مثل ما سمعتها تقول له ، لكني شفتها مكتوبة ، على ورقة من الاوراق
اللي تبعثرت من فوق المكتب ...
( قمره ، أنا أحبك )
بكرة ... تتملـّـك تمر حنا لواحد ثاني ... و سلطان ... الليلة ... ما رح ينام ....
- تصبحي على خير ...
قالها بعد ما نزّ ل عينه عن القمر ، و دون ما ينظر لي ... و راح ...
- و انت من أهله اخوي ...
............................
ثلاث أسابيع مرت ، من ليلة خطوبتنا و ملكتنا أنا و قمر ...
خلال هالمدة ، قابلتها أربع مرات ...
و الليلة ، المفروض أن حنا طالعين نتعشى سوى في مطعم .
اتصلت علي قبل شوي ، و قالت أنها يمكن ما تقدر تطلع معي ، عندها شغلة ضرورية من واجبات الجامعة ، و ما
تتوقع تخلصها قبل عشر الليل ...
بصراحة ، ضاق صدري و تكدّرت ...
عاد أنا كنت مبسوط و طاير من الفرحة ، أول مرة نروح سوى مطعم ... ودي نستمتع بأوقاتنا ...
ثلاث أسابيع مرت ، و أنا ... للحين ما أحس ان قمر فرحانة بي مثل ما أنا فرحان بها
يمكن لسا ما تعودت علي ؟ يمكن البنت خجولة شوي ؟؟ ما ادري ...
بس كنت أتوقع أن حنا رح ننبسط أكثر ...
على كل ٍ ، زواجنا رح يكون بعد كم أسبوع ... و أكيد الأوضاع رح تتغير ...
و ما دام الليلة ما فيه سهر مع الخطيبة ، أروح أسهر مع الشباب على البحر ...
بدّ لت ثيابي ، و جيت باطلع و صادفت الوالدة بطريقي ...
- بسـّـام ! وين ؟؟؟
و هي تناظر ثيابي مستغربة
- مع الشباب ، على البحر .
- مو كأنك قايل ....
- ايه ، بس مشغولة و أجلنا لوقت ثاني .
تامري بشي قبل ما أمشي ؟
- الله يحفظك ...
كانت الساعة ثمان الليل ، ركبت السيارة و سرت بملل ... و دقايق ، إلا و الجوال يرن علي ...
تفاجأت ، لأني ما توقعتها ترد تتصل بعد ما قالت : تصبح على خير ...
-هلا قمر !
- أهلا بسّام ... وينك فيه ؟
- بالسيارة ...
- وين رايح ؟
- أمر على الشباب ... بغيت ِ شي ؟
ما ردت على طول ... ، لما شفتها ساكته شجعتها :
- آمري ؟ تدللي ؟
- تعبت من شغل الواجبات ، باكمل بعدين ... أبي أغير جو ....
عاد أنا ما صدقت خبر !
يا حليلهم البنات ! بسرعة يغيروا رايهم !
- ثواني و أنا عند الباب ... !
- لا لا تسرع ... على مهلك .
- تخافين علي ؟
- ......... أشوفك على خير .
تفشلت و أنا راد البيت ، و داخل مبدل ثيابي مرة ثانية ، و طالع و الوالدة تراقبني باستغراب !
- بسـّـام ! وش سالفتك الليلة ؟
- إذا بغيت ِ شي يمـّه دقي علي الجوال ، مع السلامة .
و طلعت بسرعة ، و طيران لبيت ولد خالي ...
بعد أقل من ربع ساعة ، كنا أنا و قمر ، جالسين سوى بالسيارة ، و لأول مرة...
لفترة ، ظلينا ساكتين ، مش لأنه ما عندنا كلام نقوله ، لكن ... الخجل !
الحين أعذرها ، إذا كنت أنا نفسي حاس بارتباك شوي ، كيف هي ؟ البنت الخجولة الهادئة !؟
شوي شوي ، و أكيد رح نتعود على بعض ، و نصير مثل اللي يجيبونهم في المسلسلات !
لازم أكا أكسر حاجز الصمت الرهيب ذا ، وش أقول ؟ أحد يسعفني ؟
واحد جالس مع خطيبته ، بايش يبدأ الكلام ؟؟؟
-بقى لك كثير من الواجبات ؟
- لا ، لما أرجع أكمل الباقي ...
- مذاكرة ؟ امتحان ؟
- أبدا ، موضوع مطلوب مني القيه على زميلاتي و جالسة اكتب فيه و ألخّـص ...
زهقت منه ... بغيت أغير جو ...
أما أنا ما عندي ذوق ، البنت زهقانة من واجبات الدراسة ، و أنا جاي اكلمها عنها ؟ خلني أغير الموضوع أحسن ...
- وين تحبي نروح ؟
- بكيفك ...
- فيه مطعم فاتحينه قبل شهرين ثلاثة ، جربته مرة و عجبني كثير ... نروح نتعشى فيه ؟
- و هو كذلك ...
بعدها ، ظلت هي تراقب الشارع و السيارات ، يعني وجهها لاف الجهة الثانية ، و أنا كل شوي التفت لها ، تمنيت نظراتنا تلتقي ، بس ظلت شارذة عني و ساكتة لين وصلنا المطعم ...
الحين ، صرنا جالسين وجها لوجه ، اقدر آسر نظراتها و احتكرها لي !
طلبنا الوجبة ، هي ، كان اختيارها بسيط جدا ، و أنا ، مع شهيتي المفتوحة ، طلبت كل اللي راق لي !
طلعنا من قاعة الإمتحان أنا و سلمى و شوق ، و رحنا الكافاتيريا ، بالجامعة .
سلمى صممت تعزمنا على الغذا اليوم ، و مع أني عارفة أن بسـّام و أمه و أخوانه الإثنين جايين يتغذوا عندنا اليوم ،
سويت حالي ناسية ، و شفتها فرصة للهروب ...
- لكم علي إذا جبت أعلى علامة فيكم أعزمكم أنا !
قالت شوق بسخرية ، كان الإمتحان صعب ، و كلنا متوقعين درجات منخفضة ...
و استطردت :
- اللي تجيب أعلى درجة عليها العشاء !
- أنا الحمد لله ! واثقة بـ أجيب أقل وحدة فيكم و في الدفعة كلها ! يعني لا أحد يتوقع مني لا عزومة و لا شي ... !
- يا بخيلة يا قمره !
( قمره ) ... رنّـت بإذني .... طالعت شوق ، كانت تبتسم بمرح ، و طبعا ما جا ببالها شي ... سلطان لحد الآن
، كان الشخص الوحيد اللي يناديني ( قمره ) ....
بسرعة طردت صورته عن بالي ، مو وقته الحين يا قمر ... خلني بحالي يا سلطان ...
- إذا عشان اللمّة ، خلاص ... تجوني ليلة الخميس الجاي ثنتينكم ؟
و أنا بعد أدري أن ليلة الخميس ، ليلة ( الخطيب ) الموعودة ، قال لي إنه يبي نطلع نعوض سهرة الأسبوع اللي
فات ... و أنا ما عطيته قرار نهائي ... !
و اتفقنا إحنا الثلاثة نجتمع ببيتنا ليلة الخميس الجاي ...
ما كان عندنا شي بعد وقت الغذا ، و كان المفروض إني أتصل على بسـّـام يجيني بعد الإمتحان ... و أكيد بسـّـام
الحين ... ينتظر اتصالي ....
و جلست بالجامعة ، مع سلمى و شوق ... نسولف و نضيع وقت ، لين عدت الساعة ثنتين و نص الظهر ...
بعدها ، استأذنت شوف ، و رجعت بيتها ، و ظلينا أنا و سلمى ...
- متى رايحة قمر ؟
- الساعة 3 ، كالعادة !
- من بيجيك ؟ الوالد أو ؟؟؟
ناظرتها بعين فاهمة ، أدري بها سلمى ، تبي تجيب سيرة بسّـام بأي طريقة ، ودها تعرف عن أخباري بس ما ودها
تسأل مباشرة ، تبيني أنا أتكلم ...
و طبعا ، مو قدّام شوق ...
-بسّام ...
- هنيا لك يا ستـّي ! مفتكة من الباصات و مشاوير الباصات ! متى ربي يفكني أنا منها بعد ؟
- تبي أوصلك معي ؟
- لا لا ! لو كان أبوك ممكن ! بس مع خطيبك لا و الله فشلة !
ابتسمت ، غصبا علي ، ما أدري ... دوم أحصّـل في سلمى سبب يخليني ابتسم ... لو وسط الدموع ...
كأن ابتسامتي الواهية طمّـنت قلبها و شجعتها ، فقالت بعد تنهيدة ارتياح بسيطة :
- الله يسعدكم يا رب ...
و يرزقني أنا بعد ! لأني بصراحة ، طفشت من الدراسة و الجامعة ! و لو أتزوج أطلع منها و أجلس في البيت !
- أجل يا رب ما تتزوجين قبل ما تخلصي دراسة !
ضحكت سلمى بمرح ، ضحكة تشرح الصدر ..
.
سلمى بالنسبة لي ... بهجة حياة ... و أحيانا ... لسعة قدر ... !
- على طاري الزواج ، قمر متى قررتوا إن شاء الله ؟؟
وصلت الحين لصلب الموضوع ، مع أنها تدري ، ما زال الوقت مبكر على تحديد الزواج ، و احنا تونا مخطوبين من أقل من شهر ...
- بدري ، ما حددنا ، بس ما أظن يطول فوق ستة أشهر
- ستة اشهر ! كثير يا قمر ! مو كأنك قلت ِ قبل كم يوم ، بعد كم أسبوع ؟؟؟
تنهدت بضيق ، و قلت :
- بعدني ما تعودت عليه ... احتاج وقت أطول ...
مو سهل ...
و قطعت كلامي ، ما بغيت أكمّـل ...
مو سهل أني أمحي صورة عسل ، و استبدلها بصورة بسّـام بالسرعة ذي ...
أصلا ... لو جيت أبي اعقد مقارنة بينهم ...
ما فيه مجال ... أبد ...
أحس بسّـام ... غريب عني ، مو قادرة آلف وجوده ، مو قادرة أعتاد عليه ...
بالأحرى ... مو قادرة اتقبله ، أو أعطي نفسي حتى فرصة ، أني اتقبله ....
كأن أفكاري ذي كلها وضحت على تعابير وجهي و عيني ، قالت لي سلمى :
- قمر ... مبسوطة عزيزتي ؟
ملامح القلق باينة على وجهها ، مثل ما كانت ( إشارة إكس ) معقودة بين عيوني و حواجبي ...
مسكت سلمى إيدي بحنان ، و تشجيع ... و ابتسمت ابتسامتها اللي أحبها و احتاجها ... اللي ترفع معنوياتي و تجدد
الأمل ... و زادت ضغطها على إيدي ، و قالت ...
- بـتتعودين ... تو الناس ... كل شي بيجي تلقائيا ... أنت ِ بس خلي الأمور تمشي طبيعية ...
هزيت راسي ( نعم ) ، و بإيدي الثانية مسكت إيدها القابضة على إيدي ، تعبيرا عن ( شكرا ) ....
لمحت الساعة و أنا أحط إيدي على إيدها ، تقترب من ثلاث العصر ...
حسيت بشوية تأنيب ضمير ، لأني ما اتصلت على بسّـام و قلت له على الأقل ، متى رح أخلص ...
لو كنت ركزت بعينه ، يمكن كنت شفت فيها نظرة العتاب ، لكن أنا ، بعد ما جلست بالسيارة سويت حالي أرتب بأوراق كانت بيدي ...
هو ، بعد ما قال شي عن تأخري ، أو اتصالي ...
أول ما سالني :
-كيف كان الامتحان ؟
- نص و نص ، صعب إلى حد ما
- الله يوفقك ...
- جميع ...
مشى بالسيارة بهدوء ... و ما تكلم ، عكس الأيام اللي فاتت ، كان تقريبا ما يبطل كلام ، طول المشوار ...
هذا زود علي احساسي بالذنب ... اعرف أني غلطانة و المفروض اعتذر ...
-أنا آسفة ، ما اتصلت عليك ، انشغلت مع زميلاتي ...
- مو مشكلة ...
و ابتسم ، اللي خلاني أفهم أنه ما أخذ على خاطره مني ، و ارتحت ...
مو لأنه هو بسّام بذاته مو زعلان علي ، بس لأني ما أحب أزعل حد ... و لو كان أي أحد ثاني بداله كنت حسيت بنفس
الشعور ...
بسّـام لللـّحظة ذي ، ما عنى لي شي ...
لما وصلنا البيت ، توقعته ينزل معي ، بس ظل بمكانه و قال :
- أشوفك على خير بكرة إن شاء الله ...
في البيت ، صادفت أمي بالصالة ...
-هلا يمـّـه ، وين العمـّـه ؟
- هلا ، راحت خلاص ! وداها ولدها قبل ما يروح لك ...
ظنيتها لسّـا موجودة ، ... بس الحين عرفت ليه بسّـام وصلني و راح ...
-أنا طالعة غرفتي
لفـّـيت أبي أروح ، لكن الوالدة نادتني
- لحظة قمر
التفت لها ، و عرفت من نظراتها ، فيه شي ... و أدري وش رح تقول ...
- أنت ِ مو قايلة ما عندك شي بعد الامتحان ؟ متى خلص ؟
- وقت الصلاة ، بس بعدها انشغلت مع زميلاتي ...
- و تدري أن خطيبك و عيلته جايين يتغذوا عندنا اليوم ! ليه ما رجعتي على طول ؟
- اللي صار ...
استنكرت أمي فعلتي ، و حسيت أنها ناوية تهاوشني شوي ، و أنا تعبانة و ضايق صدري من الامتحان ، و شايلة
شنطتي على كتفي ، و أوراقي بايدي ... أبي بس أوصل سريري و اتمدد عليه ...
- يا قمر انحرجنا معاهم ! تدرين انهم أكثر جايين عشانك
- يمّـه هذا اللي صار ، خيرها بغيرها ... ودي أطلع انام شوي ...
- الله يهديك يا قمر ، على الأقل اتصلت ِ بخطيبك اعتذرت ِ له ! وش يقول عنك الحين؟ ما تفهمي في الأصول ؟؟؟
فلتت أعصابي مني ، انفجرت بصوت عالي بلا شعور :
- إيه أنا ما أفهم في الأصول ! مو عاجبنه خلـّـه يدور غيري ! ما حد جبره علي ...
قلتها بعصبية و بلا تفكير ، و ذهلت الوالدة ، و ظلت تطالعني بدهشة ...
أنا .. ما أرفع صوتي قدّام الوالدة ، بس أعصابي انفلتت ...
لكن اللي همها ما هو صراخي بوجهها ، الـّي همها ، هو الكلام اللي قلته ، و اللي كان بيكون له نفس الوقع و التأثير ، حتى لو قلته بصوت هادىء و منخفض ...
-قمر ؟ وش الكلام هذا ؟؟؟
- أنا آسفة ...
حاولت أنهي الموضوع باعتذار ، بس الوالدة الله يسلمها ... ما عتقتني ...
-اش بلاك يا بنت ؟؟
- يمـه أنا آسفة ، رح اتصل عليهم و اعتذر لهم فرد فرد ... خلاص ؟
- لا مو خلاص ، الولد فيه شي مو عاجبنك ؟
ما رديت ، لفيت أبي أمشي لأني من جد مو مستعدة لأي نقاش الساعة ذي ...
- بعد إذنك
- وين يا قمر قولي لي صاير شي ؟
الرجال مسكين ظل ينتظر ، و كل ما قلنا نحط الغذا قال نصبر ، يمكن تتصل الحين ! و طلع هو و أمه متضايقين من داخلهم ! المفروض تحترمينه هو و أمه و تقدرينهم مو تفشلينا قدّامهم !
صرخت مرة ثانية ، و كلمة المفروض ذي استفزتني بالمرة :
- موافـَـقــَة ، و وافقت عليه ، و خطوبة و سوينا ، و زواج و بتزوجه بعد كم شهر ، و مصيري و انربط به ، وش تبون
بعد أكثر من كذا ؟؟؟ مو خلاص حققتوا اللي ببالكم ؟ تبوني أحبه غصب بعد ؟ حاضر يا يمة ، اللي تبونه رح يصير بس
فكوني خلااااااااااااااااااص ............
و رميت الأوراق اللي كانت بايدي على الأرض بقوة ، و رحت أسرع لغرفتي ، دخلت و صفعت الباب ، و قفلته ، و
ليه قتلت فيني ... أجمل شي ... ممكن ينولد ... في قلب بنت ... ؟؟؟
ليــه و ليــــه و ليــــــــــه ...
عشرات الـ ( لــيــهــات ) تعاركت في راسي و لعبت باعصابي ... تصادمت الأفكار ، و تضاربت المشاعر ... و
تفجرت الآهات ... لين صدعت راسي و ما قدرت أتحمل ... أخذت الوسادة و حطيتها على راسي ، مثل اللي يحاول
يسد مسامعه عن دوي الضجة ، كأن الضجة كانت من برى راسي و ما هي من داخله ...
ما زالت الأصوات قوية ، حركت إيدي ، أبي اتحسس الوسادة الثانية ، وسادة وحدة ما تكفي تصد جهمات الأصوات المضطربة ...
و أنا أحرك إيدي فوق السرير ، عند طرف الوسايد ... و راسي مدفون تحت وسادتي الأولى ... لامست يديني شي
بارد ...
شيء معدني ...
حشد من الأجسام الكروية الصغيرة ...
صف من الخرزات المثقوبة ...
يخترقها و يربط بينها ... سلسلة نحيلة ...
... سبحة سلطان ....
..........................
خسارة ، راحت الفرصة ، بس ما دمنا انا و قمر متفقين نطلع سوى يوم الخميس الجاي ، مو مشكلة ... نعوض
( عزومة اليوم ) !
ما تضايقت من غيابها عن الغذا اليوم الظهر قد ما تضايقت الوالدة !
تقول عليها ( متكبرة شوي ) ، مع أنها انبسطت كثير و شجعتني لما قلت أبي أخطبها و أذكر كلمتها لما قالت :
( هذه البنت اللي أبيها تصير بنتي ! الله بيعوضني فيها خير )
الله يعينها على هذا الدوام الصعب !
كل يوم تطلع من الجامعة ثلاث أو أربع العصر ، و ترجع البيت ، تنام لها شوي ، و تنشغل بواجبات الجامعة الين ساعة
متأخرة من الليل ...
عشان كذا ، ما اطول في الكلام معها لما اتصل عليها بالليل ، و هي بعد ، كلامها قليل ، و مختصر ...
اليوم ، اتصلت مرتين ، و لقيتها نايمة ...
قلت ، خلني بادق عليها آخر الليل ، و أشوف !
ما ادري ؟ هل انا جالس أبالغ ؟
أبي نقرب من بعض أكثر ، لأني بصراحة إلى الآن ، ما أحس فيه شي يربطنا ...
و اعتقد ، شهر مدة كافية عشان تتخلى خطيبتي عن جزء من خجلها مني ، و تكلمني على أني خطيبها ما هو رجال
غريب !
أنا أحاول أتقرب منها أكثر ، أحاول أخطو صوبها مرة بعد مرة ، بس ... ما اشوفها هي تخطو صوبي ... واقفة بمكانها
من ليلة الخطوبة ...
و بعد ، اهتمامها بالجامعة أكثر من اهتمامها بي !
لكن ، تو الناس ... خلني اعطيها فرصة أكبر ، تتعود علي ...
و احنا متفقين نطلع سوى ليلة الخميس الجاي ، و إن شاء الله تكون فاتحة خير ...
و إن شاء الله بعد ( رائد ) ما يسخـّـن مثل المرة اللي فاتت ، و نظل معه ثلاث ساعات بالمستشفى ...
و بكرة عنده موعد ، و اللي بعده عندي ارتباطات العصر ، و ما رح اقدر اشوف الخطيبة ها ليومين ...
أنا ما أفهم في ( المجوهرات ) ، و ذوقي مرة تعبان ، بس أعرف أن البنات يحبوها و تسحرهم ! و عشان كذا ، قررت
أشتري شي جميل – بذوق صاحب المحل طبعا – و اهديه للخطيبة ، لما نلتقي ليلة الخميس الجاي ...
رح تكون بادرة حلوة مني ، رح تعجبها ، و يمكن ... تنطلق شوي !
متى تجي ليلة الخميس بس ؟؟؟
..........................
فتحت عيني ، و تهيا لي أني بعدني مغمضة ، الدنيا كانت ظلمة و عتمة ...
رفعت راسي عن السرير ، و طالعت صوب النافذة ، أذكر أن الستاير كانت مفتوحة قبل ما أنام ، الدنيا ظلام ... كم
الساعة الحين ؟؟؟
نوّرت المصباح اللي جنب سريري ، و طالعت بالساعة اللي جنبها ، و تفاجات !
10 و نص الليل ! معقولة نمت كل ذا الوقت ، و لا حسيت بنفسي ؟
كانت ملابس الجامعة لسّـا علي ، و حتى الشرابات ...
إش أسوي الحين ؟ أكيد رح أظل صاحية لبكرة الصباح ، و أروح الجامعة و أنام عليهم !
جلست بملل و كسل شديد ، و ما لي خلق حتى اتحرك عن سريري ...
الغريبة ، أن أمي ما جت وراي بعد اللي صار ... و لا جت تصحيني المغرب كالعادة ...
أكيد زعلانة مني ، بس غصبا علي ...
تلفت يمين و شمال ، أدور السبحة ...
آخر ( لقطة ) أذكرها قبل ما أنام ، أنها كانت عند قلبي تشاركني النبض ...
ما راحت بعيد ، بعدها جنبي ، شاركتني أحلامي ... و وحدتي ... و الظلام ...
دقايق ، و رن التلفون ....
رن كذا مرة ، أكيد أهلي ناموا !
قمت ببطء و كسل ، و رفعت السماعة ، و قلت بصوت ممزوج بتثاؤب خفيف :
- نعم ؟
صحصت فجأة ، لما وصلني صوت الطرف الثاني ... بسـّـام ...
- مرحبا قمر !
- بسام !؟
- صح النوم ! كيفك ؟
- بخير ...
- متى صحيت ِ ؟ قالوا لك أني اتصلت مرتين ؟
- لا، توني الحين صاحية
- سلامات ! كنت ِ تعبانة أو شي ؟
- شوي .
- سلامتك من التعب ، يا روحي
هيّـجتني الكلمة ، من متى و أنا روحه ذا بعد ؟ ما صار لنا حتى شهر مرتبطين ... !
و بعدين وش يبي متصل علي الآن ؟
بغيت اتخلص منه ، قلت :
- الله يسلمك ، بس يبي لي آخذ دش الحين و يزول الإرهاق ، و اقدر أشوف واجباتي
سكت شوي ، فهمها طبعا ، و رد بصوت مخيوب الأمل :
- ... الله يوفقك ... بس حبيت أتطمّـن عليك ....
و أقول لك ، اعذريني ، ترى بكرة و اللي بعده عندي بعض ارتباطات بالعمل و ما رح أقدر أجيبك من الجامعةالعصر ...
- مو مشكلة ...
- بس إن شاء الله أشوفك ليلة الخميس على الموعد !
ليته ما جاب طاري الخميس لحظتها ، بدون تردد قلت :
- ليلة الخميس بيجيني ضيوف على العشاء ... نخليها وقت ثاني ...
انفعل بسام ، و تغيرت نبرة صوته و هو يقول :
- بس احنا اتفقنا ! ليه ما تأجلي ضيوفك لوقت ثاني ؟
- ((( ... ما اقدر ... )))
أظن ، من ذيك الليلة ، بدأ بسّـام يحس ... إني ... ما كنت أبيه ...
الندم ، و تأنيب الضمير بدأ يتسلل إلى قلبي بعدها بساعة ...
كنت أحاول أركز في الكتاب ، لكن لسعة الضمير ما خلتني بحالي ...
و مرت علي الساعات ... و أنا أحاول أرضيه و أبرر له ، بس ضميري ... ( ما ينقص عليه ! )
بسـّـام وش ذنبه أعامله بالطريقة ذي ؟
بسّـام يبي يعيش حياته ، يعيشها بمرح و اقبال و سعادة ، و أنا ...
مو ذنب بسّـام إني فشلت في حبي لـ سلطان ....
آه يا سلطان ...
يا ترى في ساعة زي ذي ، في أي وادي أنت يا سلطان ؟؟؟
أكيد نايم ... و يمكن تحلم ...
ليتني أقدر أقتحم حلمك ... بس أشوفك لو نظرة وحدة ... من زمان مجافيني حتى في أحلامي ... بعد ذاك الكابوس
المفزع ... ما عدت جيتني ... ليه ... ؟
حدني الشوق له ، جيت صوب جهاز الفاكس ، مدفوعة من أوامر قلبي ، مستسلمة لسطان حبي ، و كتبت ، و أنا في