خامساً / الحكم الخامس من أحكام الطواف أنه يجوز للطائف قطع طوافه في أي شوط منه ، ولكن ما حكم الطواف حينئذٍ ؟ فهل يبطل بقطعه وتجب إعادته بعد ذلك أم يجوز إكماله من محل القطع ؟
الجواب / ههنا صور :
الصورة الأولى / أن يكون قطعه لأجل الاستراحة ، فقد يصيب الطائف الإرهاق والتعب فهنا يجوز له قطع الطواف والاستراحة في أي شوط كان ، لكن اذا كانت مدة الاستراحة طويلة بحيث تفوت معها الموالاة بين أشواط الطواف فهنا يبطل الطواف وتجب إعادته بعد ذلك لما تقدم أن الموالاة من شروط الطواف وبفواتها يبطل الطواف ، أما إذا كانت مدة الاستراحة قليلة لا تفوت معها الموالاة فهنا لا يبطل الطواف فيكمله من حيث قطعه بل هذا ليس قطعاً أصلاً .
الصورة الثانية / أن يقطع الطواف لإدراك فضيلة الصلاة في أول وقتها باعتبار أن الصلاة في أول الوقت أفضل منها بعد ذلك فإذا استمر في طوافه تفوته فضيلة أداء الصلاة في أول وقتها ، او أن يقطعه لإدراك الصلاة جماعة لأنه اذا استمر في طوافه تفوته فضيلة صلاة الجماعة وثوابها وهنا يوجد رأيان :
الرأي الأول / عدم بطلان الطواف بذلك بل يرجع ويتمه من حيث قطعه أياً كان موضع القطع وهذا الرأي للسيد السيستاني .
الرأي الثاني / إن كان القطع قبل إتمام ثلاثة أشواط بطل الطواف وأعاده وإن كان القطع بعد أن أتم ثلاثة أشواط صح وأتمه من موضع القطع وهذا الرأي للسيد الصدر .
الصورة الثالثة / أن يقطع الطواف لحاجة ضرورية تلجئه وتضطره الى قطع الطواف كما لو حصل له مانع تكويني بحيث لا يقوى على إكمال الطواف معه كما لو أصيب بالصداع او وجع البطن او المرض والإعياء فهل يبطل الطواف ؟
الجواب / ههنا ثلاثة آراء :
الرأي الأول / إن كان ذلك قبل إكمال الشوط الرابع أي قبل الدخول في الشوط الخامس بطل الطواف فيجب إعادته بعد ذلك ، وإن كان بعد إكمال الرابع أي حصل القطع في الشوط الخامس او السادس او السابع فالطواف صحيح و لا يبطل بذلك بل يتمه من موضع القطع بعد ذلك وهذا الرأي للسيد السيستاني .
الرأي الثاني / إن كان القطع قبل إكمال الشوط الرابع أي قبل الدخول في الشوط الخامس بطل الطواف فيجب إعادته بعد ذلك كما في القول الأول ، وإن كان بعد إكمال الرابع أي حصل القطع في الشوط الخامس او السادس او السابع يجب عليه أن يستنيب لإتمام الباقي والأحوط وجوباً بعد زوال عذره أن يتم الطواف بنفسه من محل القطع ثم إعادته من جديد وهذا الرأي هو المعروف بين الفقهاء كالسيد الخوئي والسيد الصدر وغيرهما .
وهذا الرأيان يتفقان في بطلان الطواف إن كان القطع قبل إتمام الشوط الرابع ويختلفان إن كان بعده فعلى الأول الطواف صحيح وعلى الثاني تجب الاستنابة مع الاحتياط بالإتمام والإعادة .
الرأي الثالث / صحة الطواف وعدم بطلانه مطلقاً سواء كان القطع قبل إتمام الشوط الرابع او بعده ، فمتى ما اضطر الى قطع الطواف لضرورة ألجأته الى ذلك فطوافه يبقى صحيحاً أياً كان الشوط الذي حصل فيه القطع ، فإن زال عذره وتمكن من إتمامه أتمه من موضع القطع وإن لم يزل عذره استناب شخصاً لإتمام الباقي ، وهذا الرأي للشيخ الفياض .
الصورة الرابعة / أن يقطع الطواف لقضاء حاجة سواء لنفسه او لأحد المؤمنين وفرقها عن الصورة السابقة أن القطع هناك لضرورة تضطره الى القطع بحيث لا يستطيع إكمال الطواف ، أما هنا فالقطع لحاجة راجحة لكنها غير ضرورية بمعنى لا يضطر معها لقطع الطواف فيستطيع إكمال الطواف ، سواء كانت الحاجة لنفسه او لمؤمن كما يصادف أن يسقط بعض الطائفين من شدة الإعياء وربما يتعرض البعض للإغماء او ضيق النفَس كما يحصل كثيراً في طواف الحج الذي عادة ما يكون الزحام والتدافع فيه على أشده وكذا في العمرة المفردة بعد انتهاء مناسك الحج حيث يتجه أغلب الحجاج الى أدائها ، فقد يتعرض البعض الى السقوط فيكون بحاجة الى من يساعده ليخرجه من الطواف فإذا تبرع شخص بذلك يكون قد قطع طوافه فإن لم تفته الموالاة ورجع سريعاً أتمه ولا شيء عليه وأما مع فوات الموالاة فما حكمه ؟
الجواب / يوجد أكثر من رأي :
الرأي الأول / إن كان ذلك قبل إكمال الشوط الرابع أي قبل الدخول في الشوط الخامس بطل الطواف فيجب إعادته بعد ذلك ، وإن كان بعد إكمال الرابع أي حصل القطع في الشوط الخامس او السادس او السابع فالطواف صحيح و لا يبطل بذلك بل يتمه من موضع القطع بعد ذلك وهذا الرأي للسيد السيستاني وهو نفس رأيه في الصورة السابقة .
الرأي الثاني / اذا كان القطع بعد ما أتى بشوط أو شوطين وقبل أن يتم ثلاثة أشواط بطل الطواف وتلزمه الإعادة وأما إذا كان خروجه بعد ثلاثة أشواط فالأحوط وجوباً أن يأتي بعد رجوعه بطواف كامل يقصد به الأعم من التمام والإتمام (1) ، وهذا الرأي للسيد الخوئي .
الرأي الثالث / اذا كان القطع بعد ما أتى بشوط أو شوطين وقبل أن يتم ثلاثة أشواط بطل الطواف وتلزمه الإعادة وأما إذا كان خروجه بعد ثلاثة أشواط فالطواف صحيح وله إتمامه بعد ذلك وهذا الرأي للسيد الصدر .
الرأي الرابع / أن الطواف لا يبطل مطلقاً فمتى ما قطعه لحاجة أتمه عند الرجوع من موضع القطع ولا شيء عليه ، بلا فرق في ذلك بين أن يكون خروجه قبل إكمال الشوط الرابع او بعده ولا بين أن يكون بعد شوط أو شوطين أو أكثر ، وهذا الرأي للشيخ الفياض وهو كرأيه في الصورة السابقة .
الصورة الخامسة / أن يقطع الطواف اعتباطاً من دون ما يستوجب القطع وإنما لمجرد عدم الرغبة في إكمال الطواف ، وهنا آراء ثلاثة :
الرأي الأول / اذا كان القطع قبل إكمال الشوط الرابع بطل الطواف ولزمته إعادته ، وإذا كان بعد تمام الشوط الرابع فالأحوط وجوباً إكمال الطواف من محل القطع ثم الإعادة . وهذا رأي السيد السيستاني .
الرأي الثاني / إن كان القطع قبل تجاوز النصف بطل طوافه ولزمته إعادته , وإن كان بعد تجاوز النصف فالطواف صحيح ويتمه من حيث قطعه ، هذا مع فوات الموالاة واما مع عدم فواتها فلا بطلان ويتم من موضع القطع مطلقاً سواء قبل النصف او بعده وهذا الرأي للسيد الصدر .
الرأي الثالث / إن كان القطع قبل تجاوز النصف بطل طوافه ولزمته إعادته , وإن كان بعد تجاوز النصف فالأحوط وجوباً إتمام الطواف ثم إعادته وإن لم تفت الموالاة وهذا الرأي للسيد الخوئي وغيره .
الرأي الرابع / يبطل الطواف وتجب إعادته أياً كان موضع القطع وفي أي شوط من أشواط الطواف سواء فاتت الموالاة او لم تفت وهذا الرأي للشيخ الفياض .
الصورة السادسة / أن يقطع طوافه لأجل تطهير بدنه او ثيابه فإنه تقدم أن من شروط الطواف طهارة البدن والثياب من الخبث فإذا طرأت على ثيابه او بدنه نجاسة أثناء الطواف وجب عليه الخروج للتطهير وهل يبطل الطواف بهذا القطع ؟
رأيان :
الرأي الأول / إن كان القطع والخروج للتطهير بعد إتمام الشوط الرابع من الطواف لم يبطل الطواف بل يرجع ويتم من موضع القطع وإن كان قبل إكمال الشوط الرابع فحينئذ يأتي بعد إزالة النجاسة بطواف كامل بقصد الأعم من التمام والإتمام على الأحوط وجوباً وهذا الرأي للسيد الخوئي .
الرأي الثاني / عدم وجوب الإعادة مطلقاً بل يتم الطواف من حيث قطعه سواء قبل إتمام الشوط الرابع او بعده ، ففي أي موضع يقطع الطواف ويخرج لتطهير بدنه او ثيابه يجوز له الإتمام ولا تجب الإعادة وهذا الرأي للسيد الصدر والسيد السيستاني .
وقد تقدم في الحكم الرابع الكلام فيما اذا حدث وخرج للوضوء ومتى يبطل الطواف بذلك ومتى لا يبطل .
.
__________________________
(1) التمام اي طواف تام والإتمام اي إتمام الطواف المقطوع بالإتيان ببقية الأشواط ومعنى ذلك : أنه بعد أن قطع الطواف بعد ثلاثة أشواط يحتمل بطلان طوافه وحينئذ تكليفه إعادة الطواف والإتيان بطواف تام ويحتمل الصحة فحينئذ تكليفه إتمام الطواف من دون إعادة ومراعاة لكلا الاحتمالين يحتاط بالاتيان بطواف كامل اي سبعة أشواط يقصد بها ما في ذمته فإن كان ما في ذمته طواف جديد وهو الاحتمال الأول يكون قد فعل ذلك وإن كان ما في ذمته هو بقية الأشواط اي الاحتمال الثاني يكون قد أتى بها ويكون الزائد لغواً ، فلو قطع طوافه بعد أربع أشواط فيحتمل بطلان طوافه ويجب عليه طواف جديد ويحتمل أن طوافه صحيح وأن ما في ذمته فقط إكمال الأربعة بالثلاثة المتبقية واحتياطاً يأتي بطواف جديد أي سبعة أشواط فإن كان في ذمته طواف جديد فقد فعل وإن كان في ذمته فقط باقي الأشواط الثلاثة فتحسب له ثلاثة من السبعة والأربعة تكون لاغية وزائدة .