|
عضو جديد
|
رقم العضوية : 72221
|
الإنتساب : May 2012
|
المشاركات : 10
|
بمعدل : 0.00 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
ابو علي الحائري
المنتدى :
المنتدى الثقافي
بتاريخ : 17-07-2012 الساعة : 12:21 AM
رأي العلامة المتبحر الميرزا حسين النوريS صاحب كتاب مستدرك وسائل الشيعة عن العشق :
العشق : هو الافراط في الحب ، وهو من الأمراض المعروفة من أنواع الماليخوليا الذي هو تشويش الظنون والفكر إلى الفساد والخوف ، وعرفوه الأطباء بأنه مرض وسواسي يجلبه الإنسان إلى نفسه بتسليط فكرته على استحسان بعض الصور والشمائل التي تكون له ، ويعتري للعزاب والبطالين والرعاع ، ويزيد بالنظر والسماع ، وينقص بالسفر والجماع ، وقالوا : لا علاج أنفع من الوصال ، وقال بعضهم : إنه ربما لا يكون معه شهوة مجامعة ، بل كان المطلوب مطلق المشاهدة والوصال ، وهذا الصنف منه يعتري للعارفين وكبراء النفوس، وينتقلون من هذا العشق المجازي إلى الحقيقي وهو معرفة الله عز وجل .
قال الشيخ حسين النوريS :هذا طريق كلما ازداد صاحبه سيراً، زاد بعداً عن ساحة معرفة الحق، التي هي غاية سير السالكين ، فإنَّ خُلُوَ القلب عن حبه تعالى هو السبب الأعظم في استحسان الصور، فكيف يصير طريقاً له، وفي علل الشرايع والأمالي عن المفضل بن عمر قال : سألت أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق B عن العشق ؟ فقالC: (( قُلوبٌ خَلَتْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ فَأَذاقها اللهُ حُبَّ غَـْيرِهِ ))، وليس السؤال عن حقيقة العشق، لعدم ربط الجواب به، بل عن سببه ، فأبان C إن السبب في اعترائه هو خُلُوْ القلب عن ذكر اللهU، ولا يجاهد في ذات الله من لا يكون له ذاكراً ، إذْ بِهِ يطمئِّنُ القلب اللاهي ويستقيم ، ويسير إليه بقلب سليم ، وإلاّّ فهو رضيع ثدي الشيطان وربيب حِجْرِهِ ، أين له النظر إلى مدارج العارفين الذين قُصارى غاية أفكارهم معرفته عِزَّ سلطانه ، وقد أبان من لا يُعْرَفُ الله إلا بمعرفتهم طرق الوصول إلى معرفته، وليس فيها حُبُّ الفِتْيان والأمارِدِ للانتقال إلى حبه تعالى[1] ، إلاّ أن يكون إكمال الدين وإتمامه بيد هؤلاء الذين هُمْ غِيلان الدّين ولصوص شريعة سيِّدِ المرسلين .
ومن هنا كان التعبير عن الإفراط في حب الله تعالى بالعشق خروجا عن طريق محاورة الأئمةF ومصطلحهم ، ولم يُعْهَدُ التعبير عنهم به في أدعيتهم ومناجاتهم وبيانهم لصفات المتقين والمؤمنين وذكرهم لصفات الإمام وخصائصه وفضائله، ولاعن الذين كانوا لهم أخِصّاء وأولياء في السر والعلانية، أرأيت أحداً في السالكين أَعْشَقُ على مصطلح هؤلاء من سيد الساجدين ، أو رأيت في حِكَمِهِ ومُناجاتِهِ لفظ العشق، والذي رام التشبيه بهم لا يخرج عن سُنَنِهم وآدابهم في جميع المراتب، بما يقدر عليه من الأفعال والأقوال والحركات والسكنات، والتأسي في الأقوال كالأفعال هو علامة المخبتين، الذين أشير إليهم في قوله تعالى : ]إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ[، وتراهم عليهم السلام علموا الناس ما به يدعون ربهم ويسألونه حوائجهم ، ولم يهملوهم سُدىً ولم يتركوهم عبثاً ، بل في توقيفية الأسماء الإلهية ما يغني عن التطويل ، فإن كثيراً من الألفاظ نرى إطلاقها على الله صحيحا بحسب معناها اللغوي أو العرفي ، بل قد ورد إطلاق لفظ على اللهI دون ما يرادفه، فلا يجوز استعماله، إذ الضابط في جوازه وروده لاصحة معناه ، وعدم ورود لفظ العشق وما يشتق منه في أسمائه تعالى (كورود لفظ الحُبُّ والحَبيبُ )، وفي صفات أوليائه الأكرمين ، دليل إمّا على عدم جواز استعماله، أو كراهتهم له، لدخول الشهوة في معناه العرفي ، وإلا فكان الأولى اختصاص نبيُّنا 9 بالعاشق لا الحبيب، كما اختصَّ إبراهيم بالخليل وموسى بالكليم وعيسى بروح الله .
والعجب من السيد المحُدِّثِ الجزائري [2] حيث ملأ في كتاب المقامات ، وفي نور حبه من كتاب أنواره ، لفظ العشق الحقيقي والمجازي ، والتعبير عن أولياء الله بعشّاق الله ، وعن الإمام بسيد العاشقين ، وهو منه في غاية العجب، وإن لم يكن عجباً من غيره ممن نبذ الأخبار وراءه ظهريا .
وأما ما ورد في بعض الكتب من أن النبي9قال: ( من عشق فعف فمات، دخل الجنة )، فهو مستعمل في معناه المعروف، كقوله Bفي نهج البلاغة : (من عشق شيئاً أعشى بصره ) . .انتهى كلام النوري[3] .
وأما عن رسالة أبي القاسم القشيري السني ، نقلا عن أستاذه السري السقطي - خال الجنيد - إنه كان يقول : ( مكتوب في بعض الكتب التي أنزلها الله تعالى : إذا كان الغالب على عبدي ذكري ، عشقني وعشقته )، فصحته تعرف عن رواية الذي هو من كلاب أهل النار ، كصحة ما روي عن النبي 9 أنه قال : ( قال الله تعالى : من أحبني عرفني ، ومن عرفني عشقني ، ومن عشقني قتلته ، ومن قتلته فعلي ديته ، وأنا ديته ) ، فقد نسبه بعض السادة المعاصرين في ترجمة الحلاج إلى الأحاديث القدسية ، مع أن الشيخ الأجل الحر العاملي[4] جمع ما ورد منها في كتب الشيعة في كتابه الموسوم ( بجواهر السنية )، ولم أجده فيه
[1] يشير الى كلام ملا صدرا في الأسفار ج7 ص171 ،الذي كتب فيه فصلاً في ذكر عشق الظرفاء والفتيان للأوجه الحسان مقدمة للوصول الى محبة الله، وسيأتي ذكر ذلك بالتفصيل فيما بعد.
[2] هونعمة الله الجزائري، له مؤلفات كثيرة، منها مقامات النجاة، والأنوار النعمانية، وقصص الأنبياء.
[3] نفس الرحمن في فضائل سلمان، للميرزا حسين النوري ص330.
[4] قال المحدث الحر العاملي في هامش مقدمة كتاب العبادات من وسائله : ( ولا يحضرني الآن إن أحدا من أصحابنا رواه في كتاب من كتب الشيعة ، نعم رواه بعض المتأخرين وكأنه من روايات العامة )
|
|
|
|
|