من الطبيعي ان ينال ابا لؤلؤة التكفير من قبل أهل السنة لأنه قاتل عمر بن الخطاب الذي يقدّسونه ويعظِّمونه أحياناً اكثر من رسول الله (ص) كما ورد في صحاحهم، ومن الطبيعي ان يحكموا بكفر قاتل خليفهم المقدّس عمر بن الخطاب، لكن غاب عنهم ان عثمان ايضاً كان خليفةً وقتله المسلمون، بل اشترك في قتله بعض الصحابة.
وعلى كل حال فالصحيح أن ابا لؤلؤة كان مسلماً مؤمناً موالياً لأمير المؤمنين عليه السلام، والدليل على ذلك ان النبي (ص) امر باخراج اهل الكتاب من المدينة وحواليها وبقي حتى في عهد عمر فكان يقول ما مضمونه انه لا يصلح بقاء اهل ديانتين في المدينة، فكيف كان ابا لؤلؤة يسكن المدينة ويعمل فيها وله طاحونة ومكانه معروف بين الناس ؟!
قال الميرزا عبد الله الأفندي في كتابه (رياض العلماء) : أبو لؤلؤة فيروز الملقب ببابا شجاع الدين النهاوندي الأصل والمولد, المدني قاتل ابن الخطاب, وقصته في كتاب لسان الواعظين لنا.. [إلى أن قال:] إعلم أن فيروز هذا قد كان من أكابر المسلمين والمجاهدين بل من خلص أتباع أمير المؤمنين(ع)، وكان أخاً لذكوان، وهو أبو أبي الزناد عبد الله بن ذكوان عالم أهل المدينة بالحساب والفرائض والنحو والشعر والحديث والفقه, فراجع الاستيعاب.
وقال الذهبي في كتابه المختصر في الرجال: عبد الله بن ذكوان أبو عبد الرحمن, هو الإمام أبو الزناد المدني مولى بني أمية، وذكوان هو أخو أبي لؤلؤة قاتل عمر، ثقة ثبت روى عنه مالك والليث والسفيانان, مات فجأة في شهر رمضان سنة 131هـ .
ثم قال صاحب الرياض: وهذا أجلى دليل على كون فيروز المذكور من الشيعة وحينئذ فلا اعتماد بما قاله الذهبي من أن أبا لؤلؤة كان عبداً نصرانيا لمغيرة بن شعبة.
وكذا لا اعتداد بما قاله السيوطي في تاريخ الخلفاء من أن أبا لؤلؤة كان عبداً للمغيرة ويصنع الأرحاء، ثم روى عن ابن عباس أن أبا لؤلؤة كان مجوسيا.
ثم إن في المقام كلاماً آخر وهو: أن النبي ’ قد أمر بإخراج مطلق الكفار من مكة والمدينة، فضلاً عن مسجديهما، والعامة قد نقلوا ذلك وأذعنوا بصحة الخبر الوارد في ذلك الباب. فإذا كان أبو لؤلؤة نصرانياً أو مجوسياً كيف رخصه عمر في أيام خلافته أن يدخل مدينة رسول الله ’ من غير مضايقة ولا نكير، فضلاً عن مسجده؟! وهذا منه ـ أي من عمر ـ إما يدل على عدم مبالاته في الدين أو على عدم صحة ما نسبوه إلى أبي لؤلؤة من انه كان على غير ملة الاسلام. .
وقال ابن الاثير في الكامل وابن عبد البر في الاستيعاب انه قَتَل عبيد الله بن عمر بابيه ابنةَ ابي لؤلؤة جفينة والهرمزان، واشار علي عليه السلام على عثمان بقتله بهم فأبى.
ومن ذلك يظهر ان ابنة ابي لؤلؤة كانت مسلمة (فقد كانت صغيرة واشارة علي على عثمان بقتل عبيد الله بهما يعني انها مسلمة لان المسلم لا يقتل بغير المسلم) فكذلك ابوها.
وقد ورد في حديث احمد بن اسحاق القمي في فضل التاسع من ربيع الاول، قال حذيفة : فاستجاب الله دعاء مولاتي على ذلك المنافق.
وفي مشارق الانوار للبرسي : ان امير المؤمنين عليه السلام قال للثاني : يا مغرور اني اراك في الدنيا قتيلاً بجراحة من عبد ام معمر تحكم عليه جوراً فيقتلك توفيقاً، وفيه ما يدل على مدحه كما لا يخفى.