يروي العلامة الحاج نوري في كتابه ( النجم الثاقب ) ان السيد جعفر بن العلامة الكبير والفطحل العظيم السيد باقر قزويني المعروف بالكرامات الباهرات قال:
كنت ذاهبا مع والدي الى مسجد السهلة وعندما اقتربنا من المسجد قلت لوالدي: هناك الكثير من الاقوال تتكهن بأن من يزور مسجد السهلة اربعين ثلاثاء من كل اسبوع فانه يرى الحجة بن الحسن فهل لهذه الاحاديث اصل او حقيقة يا ابي؟
او ربما تكون هذه الاحاديث غير صحيحة..
فانفعل والدي من الغضب واكفهر وجهه وهو يقول :
لماذا لا يكون لهذه الاحاديث من اساس؟ اذا انت لم تر شيئاً فهل معنى ذلك ان لا اساس له؟
وأخذ يوبخني الى درجة انني ندمت على سؤالي ..
وفي هذه الاثناء وصلنا الى المسجد ودخلنا في ساحته.. ولم يكن احد فيه ولكن بعد ان توسط والدي المسجد وقف ليصلي صلاة الاستغاثة .. جاءه شخص من مقام صاحب الزمان وسلم عليه وصافحه ثم رجع الى المقام ..
فسألني والدي: من كان هذا السيد؟
فقلت له : وهل تقصد بأنه صاحب الزمان؟
فقال: ومن يكون غيره؟!
فعجبت من الامر واسرعت في اعقابه عند باب المقام وداخله وفي اروقة المسجد والمقامات الاخرى وخارجه .. لكنني لم اجد اثراً له !!
نقل احد المؤمنين الثقات من اهل الكويت .. انه سمع احد الخطباء الايرانيين يقول: كنت جالساً في حافلة لأسافر الى مدينة نائية من مدن ايران .. وذلك في زمن الشاه..
لم يكن على المقعد بجانبي احد .. وكنت اخشى ان يجلس عندي من لا أرغب في جواره .. فيضايقني في هذا الطريق البعيد .. فسألت الله تعالى في قلبي:
الهي ان كان مقدراً لي ان يجلس عندي احد فاجعله انساناً متديناً طيباً مؤنساً؟!!
جلس المسافرون على مقاعدهم .. ولم ار من يشغل المقعد الذي بجنبي .. فشكرت الله اني وحيد!!
ولكنني فوجئت في الدقيقة الاخيرة قبل الحركة! بشاب مظهره كـ ( الهيبيز ) وبيده حقيبة صغيرة من صنع جلد اجنبي .. وكأنه من غير ديننا.. فتقدم حتى جلس عندي .. قلت في قلبي/ يا رب أهكذا تستجيب الدعاء!!
تحركت السيارة ولم يتفوه احد منا لثاني بكلمة .. لان الانطباع المأخوذ عن المعممين في اذهان هؤلاء الاشخاص كان انطباعاً سيئاً .. بفعل الدعايات المغرضة التي كانت تبثها اجهزة النظام الشاهنشاهي ضد علماء الدين .. لذلك آثرت الصبر والسكوت وانا جالس على اعصابي .. حتى حان وقت الصلاة ( اول وقت الفضيلة) .. واذا بالشاب وقف ينادي سائق الباص: قف هنا .. لقد حان وقت الصلاة!
فرد عليه السائق مستهزئاً وهو ينظر اليه من مرآته:
اجلس .. اين الصلاة واين انت منها .. وهل يمكننا الوقوف في هذه الصحراء؟
فقال الشاب: قلت لك قف والا رميت نفسي .. وصنعت لك مشكلة بجنازتي !!
ما كنت استوعب ما ارى واسمع من هذا الشاب .. انه شئ في غاية العجب .. فأنا كعالم دين أولى بهذا الموقف من هذا الشاب ( الهيبيز) ! وعدم مبادرتي الى ذلك كان احترازاً من الموقف العدائي الذي يكنه البعض لعلماء الدين .. لذلك كنت انتظر لأصلي في المطعم الذي تقف عنده الحافلة في الطريق..
وهكذا كنت انظر الى صاحبي باستغراب شديد .. وقد اضطر السائق الى ان يقف على الفور .. لما رأى من اصرار الشاب وتهديده..
فقام الشاب ونزل من الحافلة .. وقمت انا خلفه ونزلت .. رأيته قد فتح حقيبته واخرج قنينه ماء فتوضأ منها ثم عين اتجاه القبلة بالبوصلة وفرش سجادته .. ووضع عليها تربة الحسين الطاهرة واخذ يصلي بخشوع .. وقدم لي الماء فتوضأت انا كذلك وصليت ( صلاة العجب) !
ثم صعدنا الحافلة .. وسلمت عليه بحرارة معتذرا اليه من برودة استقبالي له اولاً .. ثم سألته : من انت؟
قال: ان لي قصة لا بأس ان تسمعها.. لم اكنت اعرف الدين ولا الصلاة وانا والولد الوحيد لعائلتي التي دفعت كل ما تملك لاجل ان اكمل دراسة الطب في فرنسا .. كانت المسافة بين سكني والجامعة التي ادرس فيها مسافة قرية الى مدينة .. ركبت السيارة التي كنت استقلها يومياً الى المدينة مع ركاب آخرين والوقت بارد جداً وانا على موعد مع الامتحان الاخير الذي تترتب عليه نتيجة جهودي كلها ..
فلما وصلنا الى منتصف الطريق عطبت لاسيارة .. وكان الذهاب الى اقرب مصلح ( ميكانيك) يستغرق من الوقت ما يفوت علي الحضور في الامتحانات النهائية للجامعة.
لقد ارسل السائق من يأتي بما يحرك سيارته واصبحت انا في تلك الدقائق كالضائع الحيران .. لا ادري اتجه يميناً او يساراً .. لم يأتيني من السماء من ينقذني ..
كنت في تلك الدقائق اتمنى لو لم تلدني امي ( وان تنشق الارض لأخفي نفسي في جوفها ) .. انها كانت اصعب دقائق تمر علي خلال حياتي وكأن الدقيقة منها سهم يرمي نحو آمالي .. وكأني اشاهد اشلاء آمالي تتناثر امامي ولا يمكنني انقاذها ابداً ..
فكلما نظرت الى ساعتي كانت اللحظات تعتصر قلبي .. فكدت أخر الى الارض .. وفجأة تذكرت ان جدتي في ايران عندما كانت تصاب بمشكلة او تسمع بمصيبة تقول بكل احاسيسها : " يا صاحب الزمان " ..
هنا ومن دون سابق معرفة لي بهذه الكلمة ومن تعنيه .. قلت وبكل ما املك في قلبي من حب وذكريات عائلية : " يا صاحب زمان جدتي" ! ذلك لاني لم اعرف من هو ( صاحب الزمان ) فنسبته الى جدتي على البساطة .. وقلت : فان ادركتني مما انا فيه .. اعدك ان اتعلم الصلاة ثم اصليها في اول الوقت!
وبينما انا كذلك .. واذا برجل جضر هناك .. فقال للسائق بلغة فرنسية: شغل السيارة! فاشتغلت في المحاولة الاولى .. ثم قال للسائق : اسرع بهؤلاء الى وظائفهم ولا تتأخر .. وحين مغادرته التفت الي وخاطبني بالفارسية:
نحن وفينا بوعدنا .. يبقى ان تفي بوعدك ايضا!
فاقشعر له جلدي وبينما لم استوعب الذي حصل ذهب الرجل فلم ار له اثراً ..
من هنا قررت ان اتعلم الصلاة وفاءً بالوعد .. بل واصلي في اول الوقت دائماً ..
يقول السيد ... : لقد تزوَّجتُ حينما كنتُ في السادسة عشرة من عمري ، فمضت سنوات ولم أرزق ولداً ، وقد راجعتُ الكثير من الأطباء ، واستخدمتُ مختلف الأدوية ، لكن بلا جدوى ، ومع أنَّ الأطباء كانوا يقرُّون بسلامتي أنا وزوجتي ، إلاَّ أنَّهم لم يشخِّصوا السبب وراء عدم الإنجاب .
وخلاصة القول : لقد أصابني القنوط ، وأخذت حياتي تسير نحو التدهور ، وذات يوم قال لي أحد الأصدقاء : كفَّ عن مراجعة الأطباء ، وتوجه نحو الإمام صاحب الزمان ( عليه السلام ) ، واطلب حاجتك منه .
فذهبتُ ليلة الجمعة إلى مسجد جمكران ، وبعد فراغي من الصلاة توسلتُ بالإمام المهدي( عليه السلام ) بقلب منكسِر ، فاشتدَّ بكائي تلك الليلة ، وكنت أقرأ دعاء ، وأكرر هذه الفقرة يَا مُجيبَ المُضطَرِّ ، ويَا كَاشِفَ الضُّر ).
فإذا بالمسجد وكأن الشمس قد طلعت فيه ، وسمعت صوتاً وكأنَّه يدوِّي في أذنيَّ لَقَد أُجِبْتَ ، وكُشف عنك الضُّر ).
فاتممتُ الدعاء ، وقلبي مطمئنٌّ بعناية الإمام المهدي ( عليه السلام ) ، فلم تمضِ فترة بعد رجوعي إلى أهلي ، وإذا به ( عليه السلام ) يكون واسطة للفيض الإلهي ، إذ مَنَّ الله تعالى عليَّ بولدٍ سالمٍ ، سويٍّ البنية ، والحمد لله ، فغمَرَتني السعادة ، ولم تتبدَّد حياتي .
اللهم بحق وليك صاحب العصر والزمان ارزق المحرومين بالذرية الصالحه
وللحوامل بتسهيل الولادهـ
سبب بناء المسجد المقدس في جمكران بأمر الإمام (عليه السلام) على ما أخبر به الشيخ العفيف الصّالح حسن بن مثلة الجمكراني.
قال: كنت ليلة الثلاثاء السابع عشر من شهر رمضان المبارك سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة نائماً في بيتي، فلمّا مضى نصف من الليل فإذا بجماعة من الناس على باب بيتي فأيقظوني وقالوا: قم وأجب الإمام المهدي صاحب الزمان، فإنّه يدعوك.
قال: فقمت وتعبّأت وتهيّأت، فقلت: دعوني حتى ألبس قميصي، فإذا بنداء من جانب الباب: هو ما كان قميصك، فتركته وأخذت سراويلي فنودي: ليس ذلك منك فخذ سراويلك، فألقيته وأخذت سراويلي ولبسته، فقمت إلى مفتاح الباب أطلبه فنودي: الباب مفتوح.
فلمّا جئت إلى الباب رأيت قوماً من الأكابر فسلّمت عليهم فردّوا ورحّبوا بي، وذهبوا بي إلى موضع المسجد الآن، فلمّا أمعنت النّظر رأيت أريكة فرشت عليها فراش حسان، وعليها وسائد حسان، ورأيت فتى في زيّ ابن ثلاثين متكئاً عليها، وبين يديه شيخ وبيده كتاب يقرؤه عليه، وحوله أكثر من ستين رجلاً يصلّون في تلك البقعة، وعلى بعضهم ثياب بيض وعلى بعضهم ثياب خضر.
وكان ذلك الشيخ هو الخضر (عليه السلام)، فأجلسني ذلك الشيخ (عليه السلام) ودعاني الإمام (عليه السلام) باسمين وقال: اذهب إلى حسن بن مسلم وقل له: إنّك تعمر هذه الأرض منذ سنين وتزرعها ونحن نخرّبها، زرعت خمس سنين والعام أيضاً أنت على حالك من الزّراعة والعمارة، ولا رخصة لك في العود إليها، وعليك ردّ ما انتفعت به من غلاّت هذه الأرض ليبنى فيها مسجد، وقل لحسن بن مسلم: إنّ هذه أرض شريفة قد اختارها الله تعالى من غيرها من الأراضي وشرّفها، وأنت قد أضفتها إلى أرضك، وقد جزاك الله بموت ولدين لك شابّين فلم تنتبه من غفلتك، فإن لم تفعل ذلك لأصابك من نقمة الله من حيث لا تشعر.
قال حسن بن مثلة: قلت: يا سيدي لابدّ لي في ذلك من علامة، فإنّ القوم لا يقبلون ما لا علامة ولا حجّة عليه، ولا يصدّقون قولي، قال: إنا سنعلم هناك، فاذهب وبلّغ رسالتنا، واذهب إلى السيد أبي الحسن وقل له: يجيء ويحضره ويطالبه بما أخذ من منافع تلك السنين ويعطيه الناس حتى يبنوا المسجد ويتمّ ما نقص من غلّة رهق ملكنا بناحية اردهال ويتم المسجد وقد وقفنا نصف رهق على هذا المسجد ليجلب غلّته كلّ عام ويصرف إلى عمارته.
وقل للناس: ليرغبوا إلى هذا الموضع ويعزّروه ويصلّوا هنا أربع ركعات للتحيّة في كلّ ركعة يقرأ سورة الحمد مرّة وسورة الإخلاص سبع مرّات، ويسّبح في الركوع والسجود سبع مرّات، وركعتان للإمام صاحب الزمان (عليه السلام) هكذا: يقرأ الفاتحة فإذا وصل إلى (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) كرّره مائة مرّة، ثم يقرؤها إلى آخرها، وهكذا يصنع في الركعة الثانية، ويسبّح في الركوع والسجود سبع مرات، فإذا أتمّ الصلاة يهلّل ويسبّح تسبيح فاطمة الزهراء (عليها السلام)، فإذا فرغ من التسبيح يسجد ويصلّي على النبي وآله مائة مرة، ثم قال (عليه السلام) ما هذه حكاية لفظه: (فمن صلاّها فكأنّما صلّى في البيت العتيق).
قال حسن بن مثلة: قلت في نفسي: كأنّ هذا موضع أنت تزعم أنّما هذا المسجد للإمام صاحب الزمان مشيراً إلى ذلك الفتى المتكئ على الوسائد، فأشار ذلك الفتى إليّ أن اذهب.
فرجعت فلمّا سرت بعض الطريق دعاني ثانية، وقال: إنّ في قطيع جعفر الكاشاني الرّاعي معزّاً يجب أن تشتريه، فإن أعطاك أهل القرية الثمن تشتريه وإلا فتعطي من مالك، وتجيء به إلى هذا الموضع وتذبحه الليلة الآتية، ثم تنفق يوم الأربعاء الثامن عشر من شهر رمضان المبارك لحم المعز على المرضى ومن به علّة شديدة فإنّ الله يشفي جميعهم، وذلك المعز أبلق كثير الشّعر وعليه سبع علامات سود وبيض ثلاث على جانب وأربع على جانب سود وبيض كالدّراهم.
فذهبت فأرجعوني ثالثة وقال: تقيم بهذا المكان سبعين يوماً أو سبعاً فإن حملت على السبع انطبق على ليلة القدر، وهو الثالث والعشرون وإن حملت على السبعين انطبق على الخامس والعشرين من ذي القعدة وكلاهما يوم مبارك.
قال حسن بن مثلة: فعدت حتى وصلت إلى داري ولم أزل اللّيل متفكّراً حتى أسفر الصبح فأدّيت الفريضة وجئت إلى علي بن المنذر فقصصت عليه الحال فجاء معي حتى بلغت المكان الذي ذهبوا بي إليه البارحة فقال: والله إنّ العلامة التي قال لي الإمام واحد منها أنّ هذه السلاسل والأوتاد هاهنا.
فذهبنا إلى السيد الشريف أبي الحسن الرضا، فلمّا وصلنا إلى باب داره رأينا خدّامه وغلمانه يقولون إنّ السيد أبا الحسن الرّضا ينتظرك من سحر، أنت من جمكران؟ قلت: نعم فدخلت عليه الساعة وسلّمت عليه، وخضعت فأحسن في الجواب وأكرمني، ومكّن لي في مجلسه، وسبقني قبل أن أحدّثه، وقال: يا حسن بن مثلة إنّي كنت نائماً فرأيت شخصاً يقول لي: إنّ رجلاً من جمكران يقال له حسن بن مثلة يأتيك بالغدوّ ولتصدّقن ما يقول، واعتمد على قوله، فإنّ قوله قولنا، فلا تردّن عليه قوله، فانتبهت من رقدتي وكنت أنتظرك الآن.
فقصّ عليه الحسن بن مثلة القصص مشروحاً، فأمر بالخيول لتسرج، وتخرّجوا فركبوا، فلمّا قربوا من القرية رأوا جعفر الرّاعي وله قطيع على جانب الطريق، فدخل حسن بن مثلة بين القطيع وكان ذلك المعز خلف القطيع، فأقبل المعز عادياً إلى الحسن بن مثلة، فأخذه الحسن ليعطي ثمنه الرّاعي ويأتي به فأقسم جعفر الرّاعي أنى ما رأيت هذا المعز قطّ، ولم يكن في قطيعي إلا أنّي رأيته، وكلّما أريد أن آخذه لا يمكنني، والآن جاء إليكم. فأتوا بالمعز كما أمر به السيد إلى ذلك الموضع وذبحوه.
وجاء السيد أبو الحسن الرضا رضي الله عنه إلى ذلك الموضع وأحضروا الحسن بن مسلم واستردّوا منه الغلاّت، وجاءوا بغلاّت رهق وسقفوا المسجد بالجذوع وذهب السيد أبو الحسن الرضا رضي الله عنه بالسّلاسل والأوتاد وأودعها في بيته، فكان يأتي المرضى والمعلولون ويمسّون أبدانهم بالسّلاسل فيشفيهم الله تعالى عاجلاً ويصحّون.
قال أبو الحسن محمد بن حيدر: سمعت بالاستفاضة أن السيد أبا الحسن الرّضا في المحلّة المدعوة بموسويّان من بلدة قم فمرض ـ بعد وفاته ـ ولد له فدخل بيته وفتح الصّندوق الذي فيه السّلاسل والأوتاد فلم يجدها.
هذا ما ذكر في قصّة بناء هذا المسجد، وظاهراً أنّها في اليقظة لا في المنام.
والحاصل: أنّ هذه البقعة لا تخرج عن كونها مسجداً من المساجد العامرة بالعبادة، وموطناً من مواطن الدعاء والتوسل بصاحب الزمان (عليه السلام) وردت فيها هذه الخصوصيّة وظهرت لها آثار جليلة كثيرة.
صاحـب الزمـان عليه الصلاة والسلام يـنقذ طالبا جامعيا
صاحـب الزمـان عليه الصلاة والسلام يـنقذ طالبا جامعيا فـي الإمتحان الأخيـر ويقول له: نحن وفينا بوعدنا يبقى أن تفـي بوعـدك لـناي ذكر أحد الخطباء الكرام هذه القصة إذ يقول:كنت جالساً في حافلة لأسافر إلى مدينة نائية من مدن إيران، وذلك في زمن الشاه المقبور، لم يكن على المقعد بجانبي أحد، وكنت أخشى أن يجلس عندي من لا أرغب في جواره، فيضايقني في هذا الطريق البعيد. فسألت الله تعالى في قلبي:إلهي إن كان مقدّراً أن يجلس عندي أحد، فاجعله إنساناً متديناً طيباً مؤنساً.جلس المسافرون على مقاعدهم، ولم أر من يشغل المقعد الذي بجانبي، فشكرت الله أني وحيد!ولكني فوجئت في الدقيقة الأخيرة قبل الحركة! بشاب ذي مظهر غربي وكأنه ليس من أهل ديننا ومذهبنا، فتقدم حتى جلس عندي، قلت في قلبي: يا رب أهكذا تستجيبَ الدعاء؟!تحركت السيارة ولم يتفوه أحد منا للثاني بكلمة، لأن الانطباع المأخوذ عن المعممين في أذهان مثل هؤلاء الأشخاص كان انطباعاً سيئاً، بفعل الدعايات المغرضة التي كانت تبثها أجهزة النظام الشاهنشاهي ضد علماء الدين. لذلك آثرت الصبر والسكوت وأنا جالس على أعصابي، حتى حان وقت الصلاة (أول وقت الفضيلة)، وإذا بالشاب وقف ينادي سائق الباص: قف هنا، لقد حان وقت الصلاة!فرد عليه السائق مستهزئاً وهو ينظر إليه من مرآته:اجلس، أين الصلاة وأين أنت منها، وهل يمكننا الوقوف في هذه الصحراء؟قال الشاب: قلت لك قف وإلا رميتُ بنفسي، وصنعتُ لك مشكلة بجنازتي!ما كنتُ أستوعب ما أرى وأسمع من هذا الشاب، إنه شيء في غاية العجب، فأنا كعالم دين أولى بهذا الموقف من هذا الشاب! وعدم مبادرتي إلى ذلك كان احترازاً عن الموقف العدائي الذي يكنّه بعض الناس لعلماء الدين، لذلك كنت أنتظر لأصلي في المطعم الذي تقف عنده الحافلة في الطريق.وهكذا كنت أنظر إلى صاحبي باستغراب شديد، وقد اضطر السائق إلى أن يقف على الفور، لما رأى إصرار الشاب وتهديده.فقام الشاب ونزل من الحافلة، وقمت أنا خلفه ونزلت، رأيته فتح حقيبته وأخرج قنينة ماء فتوضأ منها ثم عيّن اتجاه القبلة بالبوصلة وفرش سجادته، ووضع عليها تربة الحسين (عليه السلام) الطاهرة وأخذ يصلي بخشوع، وقدّم لي الماء فتوضأت أنا كذلك وصليت في حال من العجب!ثم صعدنا الحافلة، وسلّمتُ عليه بحرارة معتذراً إليه من برودة استقبالي له أولاً، ثم سألته: مَن أنت؟قال: إن لي قصة لا بأس أن تسمعها، لم أكن أعرف الدين ولا الصلاة وأنا الولد الوحيد لعائلتي التي دفعت كل ما تملك لأجل أن أكمل دراسة الطب في فرنسا. كانت المسافة بين سكني والجامعة التي أدرس فيها مسافة قرية إلى مدينة. ركبتُ السيارة التي كنت أستقلها يومياً إلى المدينة مع ركاب آخرين وكان الطقس بارداً جداً وأنا على موعد مع الامتحان الأخير الذي تترتب عليه نتيجة جهودي كلها. فلما وصلنا إلى منتصف الطريق تعطلت السيارة، وكان الذهاب إلى أقرب مصلّح (ميكانيك) يستغرق من الوقت ما يفوّت عليّ الحضور في الامتحانات النهائية للجامعة، لقد أرسل السائق من يأتي بما يحرك سيارته وأصبحتُ أنا في تلك الدقائق كالضائع الحيران، لا أدري أتجه يميناً أو يساراً، أم يأتيني من السماء من ينقذني، كنتُ في تلك الدقائق أتمنى لو لم تلدني أمي (وأن تشق الأرض لأخفي نفسي في جوفها)، إنها كانت أصعب دقائق تمرّ عليّ خلال حياتي وكأن الدقيقة منها سهم يُرمى نحو آمالي، وكأني أشاهد أشلاء آمالي تتناثر أمامي ولا يمكنني إنقاذها أبداً!فكلما أنظر إلى ساعتي كانت اللحظات تعتصر قلبي، فكدتُ أخرّ إلى الأرض وفجأة تذكرتً أن جدتي في إيران عندما كانت تصاب بمشكلة أو تسمع بمصيبة، تقول بكل أحاسيسها: «يا صاحب الزمان»!هنا ومن دون سابق معرفة لي بهذه الكلمة ومن تعنيه لكوني غير متديّن قلتُ وبكل ما أملك في قلبي من حبّ وذكريات عائلية: «يا صاحب زمان جدتي»! ذلك لأني لم أعرف من هو (صاحب الزمان)، فنسبته إلى جدتي على البساطة، وقلتُ: فإن أنقذتني مما أنا فيه، أعدك أن أتعلم الصلاة ثم أصليها في أول الوقت!وبينما أنا كذلك، وإذا برجل ذي هيبة نورانية حضر هناك فقال للسائق بلغة فرنسية: شغّل السيارة! فاشتغلت في المحاولة الأولى، ثم قال للسائق: أسرع بهؤلاء إلى وظائفهم ولا تتأخر، وحين مغادرته التفتَ إليّ وخاطبني بالفارسية:نحن وفينا بوعدنا، يبقى أن تفي أنت بوعدك أيضاً!فاقشعرّ له جلدي وبينما لم أستوعب الذي حصل ذهب الرجل فلم أر له أثراً.من هناك قررتُ أن أتعلم الصلاة وفاء بالوعد، بل وأصلي في أول الوقت دائماً.اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن (صلواتك عليه وعلى أبائه) في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعيناً حتى تسكنه أرضك طوعاً وتمتعه فيها طويلاً، برحمتك يا أرحم الراحمين.
نظرة حنونة يلقيها الإمام عليه السلام على امراة حاجة في الصفا
تشرفت سيدة فاضلة عالمة تقية من الصالحين وإستاذة في الحوزة العلمية بقم المقدسة، لم تشأ الكشف عن اسمها للقراء الكرام، تشرفت برؤية الطلعة النوارنية للامام المهدي عجل الله فرجه، وذلك في سفرها الثامن لاداء مناسك الحجة وبهذا الشأن طلبنا منها ان تكتب لنا قصة رؤيتها للامام، فلبّت الطلب وكتبت مايلي:
في كل سنة اتشرف باداء مناسك الحج، كنت اتشوق الى حد لا يوصف لرؤية مولاي صاحب الزمان عجل الله فرجه، لاسيما في اللحظة الاولى لورود عرفات وحتى آخر لحظة لخروجنا، وفي ليلة عرفات وبعد الظهر في يوم عرفة عند جبل الرحمة... كان اسم الامام عليه السلام يجول في خاطري، ولم اعثر عليه مهما بحثت.
كنت اعزو عدم توفيقي لرؤية الامام لكثرة ذنوبي وعدم جدارتي حتى كانت السنة الثامنة حيث قصدت الحج.
واثناء الدخول الى المسعى، شممت رائحة طيبة بصورة مفاجئة، فتوقعت ان تكون هذه السنة مختلفة عن السنوات السابقات، وكنت ادرك جيداً ان اجواء هذه السنة ستكون اجواء ملكوتية.... ولكنني ومن دون الالتفات الى امنيتي توجهت الى جبل الصفا.
وحيث كنت انظر الى الكعبة المشرفة رأيت امامي رجلاً عربياً يبلغ من العمر حوالي ثلاثين عاماً وكان ذا هيبة وجلال كبيرين، كما كان يبدو رحيماً في الوقت نفسه... كان يرتدي ملابس الإحرام...
وفور رؤيتي له، تيقنّت انه الامام المهدي عجل الله فرجه، وكان يقيني هذا نابعاً من إلهام قلبي.
جلس الامام على جبل الصفا ينظر الى جموع الساعين، ولكنه لم يلتفت إليّ، فجلست بدوري في ذلك المكان، وانقضت مدة حتى جاءت امراة عربية، وكانت تريد ان تقصّر، حيث حملت بيدها مقصّاً لهذا السبب، ولم تكلمني شيئاً باللغة العربية، فتصورت انها تريد مني ان اعلّمها كيفية التقصير.
فقلت لها: تقصير عمرة التمتع قربة الى الله. فتنبهت فجأة الى ان الامام قال بكلام نافذ وقاطع: تقصير المروة.
ومن هذه الاجابة الصحيحة للامام، واجابتي الخاطئة، شعرت بالخجل الشديد، إذ التفتُ الى أن سعي المرأة لم يكتمل بعد، وينبغي لها ان تسعى شوطاً آخر... فوقع في قلبي انه الامام المهدي عجل الله فرجه دونما شك... لأنه قد علم من طريق الغيب إنها لم تكمل سعيها و ان وقت التقصير لم يحن بعد بالنسبة لها... فاردت ان أكلمه واعتذر اليه، فرايته يقوم مسرعاً وينفض ملابس احرامه ويختفي عن ناظري.
أصابني حزن شديد، وشعرت بالمهانة وعدم الجدارة لاجابتي الخاطئة لتلك المرأة، بالاضافة الى عدم التفات الامام نحوي..
فقلت في نفسي: لو كانت اعمالي محط رضا الامام لكان ابدى اهتماماً ولو قليلاً بي، وحيث كانت هذه الخواطر تجول في فكري... رأيت الامام مرة اخرى ولكنه كان يرتدي ملابس علماء الدين، حيث كان يتحدث الى إمراة كبيرة في السن ويتفقد شؤونها ويبدو انها كانت اماً لاحد الشهداء...
ومع مشاهدتي لهذا المنظر، رحت احترق في داخلي اكثر من أي وقت مضى، كما غبطت هذه المرأة المسنّة على سعادتها... حتى رأيت الامام فجأة يحني راسه قليلاً ويلتفت اليّ نصف التفاتة... استغرق ذلك لحظة واحدة، ثم اختفى عجل الله فرجه.
بلى! ان القلم يعجز عن وصف حسن جماله وتصور جلاله وهيبته.
شفاء مَجروح ومتخلِّف عقلياً ببركة الامام المهدي عليه السلام
يقول والدُ طفلٍ في الخامسة من عمره : أصيبَت يدا ولدي ورجلاه وجمجمته إثر حادث اصطدام ، فرقدَ في مستشفى ( فيروزكر ) ، ومستشفى السيدة فاطمة ( عليها السلام ) ثلاث سنين تحت العلاج .
وبعد تجبير رأسه قال الأطباء بأنه مشلول بنسبة 60% إذ فقد 30% من مقاومة الجمجمة بسبب الالتهابات والصدمات .
كما يواجه صعوبة في المشي بنسبة 10 % ، إضافة إلى فقدانه 20% من قواه العقلية ، ولا حيلة لأحد في هذه المجالات على الإطلاق ، فتراجعوا الأطباء إذ لا جدوى من ذلك .
فتوسَّلت بالله تعالى والأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) ، وكُنَّا قبل إصابة ولدي نأتي معاً للزيارة كل ليلة أربعاء وجمعة .
فجئت به إلى مسجد جمكران ليلة خميس حيث كان خالياً ، لعلَّ الله جل وعلا يمنُّ علينا برحمته ، ويشملنا الإمام المهدي ( عليه السلام ) بألطافه .
وقبل أن نتناول وجبة العشاء دخلنا المسجد ، وتوجَّهنا إلى جانب المنبر ، واشتغلنا بالصلاة .
وفي الساعة العاشرة مساءً جاء شخص من المدينة ومعه طعامٌ ، فوضعه عندنا وانصرف .
وفي الساعة العاشرة وأربعين دقيقة دخلت مجموعة إلى المسجد ، وأخذت بالدعاء عند رأس ولدي ، لما يقارب من ربع ساعة ، وإذا بولدي نهض من مكانه فجأة ،
وجاءني منادياً : لقد شُفيتُ يا أبة .
فقال لي الحاضرون : الحمدُ لله ، لقد شُفي ولدك ، وانصرفوا بعد أن سألوني الدعاء ، وبقيت متحيِّراً ، من كان ذلك الشخص ، ومَن كانوا هؤلاء ، وكيف شفي ولدي .
وما زال تحيُّري إلا بعد ما انتبهت أنِّي في مسجد جمكران ، في بيت أكرم من في الدهر ، في بيت صاحب العصر ( عليه السلام ) ، وهل يتوقع غير هذا من كريم مثله ( عليه السلام ) .
قصة إسماعيل الهرقلي
قال العالم الفاضل علي بن عيسى الإربلي في ( كشف الغمة).
حدثني جماعة من ثقاة إخواني أنه كان في بلاد الحلة شخص يقال له : إسماعيل الهرقلي من قرية يقال لهاهرقل)، مات في زماني وما رأيته حكى لي ولده شمس الدين قال:
حكي لي والدي أنه خرج (فية) وهو شاب على فخذه الأيسر توثة مقدار قبضة الإنسان وكانت في كل ربيع تتشقق ويخرج منها دم وقيح ويقطعه آلمها عن كثير من أشغاله، فحضر إلى الحلة يوماً ودخل إلى مجلس السيد رضي الدين علي بن طاووس وشكا إليه ما يجده، فأحضر له السيد أطباء الحلة وأراهم الموضع فقالوا: هذه التوثة فوق العرق الأكحل وعلاجها خطرا فمتى قطعت خيف أن ينقطع العرق فيموت.
فقال له السيد: أنا متوجه إلى بغداد وربما كان أطباؤها وأعرف وأحذق من هؤلاء فاصحبني فصحبة فأحضر الأطباء فقالوا كما قال أولئك فضاق صدره فقال له السيد: إن الشرع قد فسح لك في الصلاة في هذه الثياب وعليك الاجتهاد في الاحتراس.
فقال والدي: إذا كان الأمر هكذا وقد حصلت في فأتوجه إلى زيارة المشهد الشريف بسر من رأى ثم توجه إلى هناك.
يقول صاحب (كشف الغمة): حدثني ولده قال : قال لي أبي:
لما دخلت المشهد وزرت الإمامين الهمامين علي النقي والحسن العسكري (عليهما السلام) نزلت السرداب واستغثت بالله تعالى وبصاحب الأمر (ع) وقضيت الليل في السرداب حتى إذا كان الصباح مضيت إلى دجلة فاغتسلت وغسلت ثيابي وملأت إبريقاً كان معي وصعدت أريد المشهد لمعاودة الزيارة فرأيت أربعة فرسان خارجين من باب السور وكان حول المشهد قوم من الشرفاء يرعون أغنامهم فحسبتهم منهم فالتقينا فرأيت شابين يتقلد كل منهما سيفاً وشيخاً منقباً بيده رمح. والآخر متقلد بسيف وعليه فرجية ملونة فوق السيف وهو متحنك بعذبته فوقف الشيخ صاحب الرمح بين الطريقين ووضع كعب رمحه في الأرض ووقف الشابان عن يسار الطريق وبقي صاحب الفرجية على الطريق مقابلاً لي ثم سلموا علي فرددت عليهم السلام فقال لي صاحب الفرجية: أتروح إلى أهلك غداً؟ قلت نعم، قال تقدم حتى أبصر ما يوجعك.
قال: فكرهت ملامستهم وقلت في نفسي: أهل البادية ما يكادون يحترزون من النجاسة وأنا قد خرجت من الماء وقميصي مبلول، ثم إنني مع ذلك تقدمت إليه فلزمني بيدي ومدني إليه وجعل يلمس جانبي من كتفي إلى أن أصابت يده التوثة. فعصرها بيده فأوجعني ثم استوى في سرج فرسه كما كان فقال لي الشيخ: أفلحت يا إسماعيل.
فتعجبت من معرفته باسمي فقلت: أفلحنا وأفلحتم إن شاء الله، فقال هذا هو الإمام فتقدمت إليه فاحتضنته وقبلت فخذه ثم إنه ساق وأنا أمشي معه محتضنه فقال: ارجع فقلت: لا أفارقك أبداً! فقال المصلحة رجوعك فأعدت عليه مثل القول الأول فقال الشيخ ما تستحي يقول لك الإمام مرتين: ارجع، وتخالفه؟
فجبهني بهذا القول فوقفت فتقدم خطوات والتفت إلي وقال إذا وصلت بغداد فلابد أن يطلبك أبو جعفر يعني الخليفة المستنصر فإذا حضرت عنده وأعطاك شيئاً فلا تأخذه وقل لولدنا الرضي ليكتب لك إلى علي بن عوض فإنني أوصيه يعطيك الذي تريد.
ثم سار وأصحابه معه، فلم أزل قائماً أبصرهم حتى بعدوا، وحصل عندي آسف لمفارقته فقعدت على الأرض ساعة ثم مشيت إلى المشهد فاجتمع القوام حوالي وقالوا نرى وجهك متغيراً أوجعك شيء؟ قلت: لا قالوا خاصمك أحد؟ قلت لا ليس عندي مما تقولون خبر، لكن أسألكم هل عرفتم الفرسان الذين كانوا عندكم؟ فقالوا: هم من الشرفاء أرباب الغنم فقلت بل هو الإمام (ع) فقالوا الإمام هو الشيخ أو صاحب الفرجية؟ فقلت هو صاحب الفرجية، فقالوا أريته المرض الذي فيك؟ فقلت: هو قبضة بيده وأوجعني ثم كشف رجلي فلم أرى لذلك المرض أثراً فتداخلني الشك من الدهش فأخرجت رجلي لآخر الأخرى فلم أر شيئاً فانطبق الناس على ومزقوا قميصي فأدخلني القوام خزانة ومنعوا الناس عني.
وكان ناظر (بين النهرين) بالمشهد فسمع الضجة وسأل عن الخبر فعرفوه فراح ليكتب الواقعة وبت في المشهد وصليت الصبح وخرجت وخرج الناس معي إلى أن بعدت عن المشهد فرجعوا عني ووصلت إلى (أواني) فبت بها وبكرت منها أريد بغداد فرأيت الناس مزدحمين على القنطرة العتيقة يسألون كل من ورد عليهم عن اسمه ونسبه وأين كان، فسألوني عن اسمي ومن أين جئت فعرفتهم ومزقوا ثيابي وكادت روحي تفارق مني الجسد. وكان ناظر (بين النهرين) كتب إلى بغداد وعرفهم الحال وخرج السيد رضي الدين ومعه جماعة فردوا الناس عني وسألني أعنك يقولون؟ قلت نعم فنزل عن دابته وكشف فخذي فلم ير شيئاً فغشي عليه ساعة ثم انتبه فأخبرني أن الوزير طلبه وأدخلني على الوزير وكان قيماً فقال له يا مولاي هذا أخي وأقرب الناس إلى قلبي.
فسألني الوزير عن القصة فحكيت له فأحضر الأطباء الذين أشرفوا على علتي فسألهم عنها وعن مداواتها فقالوا: ما دواؤها إلا القطع ومتى قطعها مات فقال فتقدير أن يقطع ولا يموت في كم تبرأ؟ فقالوا في شهرين ويبقى في مكانها حضيرة بيضاء لا ينبت فيها شعر فسألهم الوزير: متى رأيتموه؟ قال منذ عشرة أيام فكشف الوزير عن الفخذ التي كان فيها الألم فإذا هي مثل أختها ليس فيها أثر أصلاً.
فصاح أحد الأطباء- وكان نصرانياً- هذا والله من عمل المسيح! فقال الوزير حيث لم يكن من عملكم فنحن نعرف من عملها.
ثم إن الوزير بعث بي إلى الخليفة المستنصر فسألني عن القصة فعرفته بها كما جرت فتقدم لي بألف دينار فقال: خذ هذه فأنفقها فقلت: ما أجسر أخذ منها حبة واحدة فقال: ممن تخاف؟ فقلت من الذي فعل بي هذا قال لي لا تأخذ من أبي جعفر شيئاً فبكى الخليفة وخرجت من عنده ولم آخذ شيئاًَ.
يقول صاحب (كشف الغمة) كان من محاسن ما اتفق لي أني كنت يوماً أحكي هذه القصة لجماعة عندي وكان شمس الدين محمد ولد إسماعيل عندي وأنا لا أعرفه فلما انقضت الحكاية قال: أنا ولده لصلبه فعجبت من هذا الاتفاق وقلت له هل رأيت فخذه وهي مريضة؟ فقال: لا فقد كنت صغيراً ولكني رأيتها بعدما صلحت ولا أثر فيها وقد نبت في موضعها شعر، وكان أبي يحضر إلى بغداد كل سنة ويزور سر من رأى كل يوم من إقامته هناك عله يفوز برؤيته(ع) فلم يكتب له ذلك وقد زار سامراء أربعين مرة ثم مات رحمه الله بحسرته
كتب العلامة النوري عن الثقة العدل الشيخ محسن الأصفهاني عن السيد : محمد القطيفي
أنه قال : قصدت مع جمع من الطلاب مسجد الكوفة إحدى ليالي الجمعة ‘ وكان ذلك في زمان
مخوف لايتردد فيه احد إلى المسجد إلا مع عدة لكثرة من كان في أطراف النجف الأشرف
من قطَاع الطرق واللصوص .
ولما دخلنا المسجد لم نجد فيه أحد إلا رجلاً واحداً من الطلبة كان مشغولاً بالدعاء ‘ فشرعنا
بأداء أعمال المسجد حتى حان وقت غروب الشمس فعمدنا إلى باب المسجد فأغلقناه وطرحنا خلفه
من الأحجار والأخشاب ما وثقنا معه بعدم فتح الباب من الخارج عادة .
ثم إشتغلنا بالصلاة والدعاء ‘ ولما فرغنا جلسنا في دكة القضاء مستقبلين القبلة ‘ أما ذلك الرجل
فقد كان مشغولاً بقراءة دعاء ( كميل ) في الدهليز القريب من باب الفيل بصوت عالٍ وشجي .
كانت السماء في تلك الليلة صافية فأجلت نظري فيها متاملاً ‘ وفجأة شممنا عطراً أزكى من المسك
الأذفر قد إنتشر في فضاء المسجد ‘ ونوراً قشع ظلام تلك الليلة في أرجاء المسجد وخمد صوت
ذاك الرجل الداعي ‘ فالتفت في المسجد مندهشاً فإذا انا بشخص جليل قد دخل المسجد من جهة
الباب المغلق ‘ وهو يرتدي لباس أهل الحجاز وعلى كتفه سجادة كما هي عادة أهل الحرمين
إلى الآن . وكان يمشي في سكينة ووقار وهيبة وجلا ل فبهتنا جماله ‘ وتاه القلب متحيراً في أمره
حتى اقترب منا من جهة القبلة فسلم علينا .
اجتهدت كثيراً حتى استطعت رد سلامه أما رفيقي فلم يتمكن من ذلك . وعندما خرج من المسجد متوجهاً نحو مرقد ( مسلم بن عقيل ) وغاب عنا تراجعت القلوب إلى الصدور ‘ وهدأ الروع ‘ فتسأئلنا عن هوية هذا الشخص وكيف دخل المسجد ؟!
ثم التفتنا إلى ذلك الرجل الداعي فوجدناه يبكي بكاء الواله الحزين ‘ وبعد أن سألناه الخبر قال:
إني واظيت على زيارة هذا المسجد مدة أربعين ليلة جمعة طلباً لرؤية صاحب الأمر ( عجل الله فرجه )
وكانت هذه الليلة الليلة الأربعين فلم انل مرادي كاملاً حيث كنت مشغولاً بالدعاء إذ وقف
الإمام ( عليه السلام ) عندي وقال لي : ماذا تفعل ؟ لم أتمكن من الجواب لشدة إنبهاري بجماله وهيبته حتى مضى عني ! قمنا وفحصنا الباب الذي دخل منه فوجدناه على النحو الذي أغلقناه .!!!
قال صاحب (جنة المأوى) ومن ذلك ما حدثني به رجل من أهل الإيمان بلادنا يقال له الشيخ قاسم وكان كثير السفر إلى الحج قال: تعبت يوماً من المشي فنمت تحت شجرة فطال نومي ومضى عني الحاج كثيراً فلما انتبهت علمت من الوقت أن نومي قد طال وأن الحاج بعد عني وصرت لا أدري إلى أتوجه فمشيت على الجهة وأنا أصيح بأعلى صوتي: قاصداً بذلك صاحب الأمر (ع).
فبينما أنا أصيح كذلك وإذا براكب على ناقة وهو على زي البدو، فلما رآني قال لي: أنت منقطع عن الحاج؟ فقلت: نعم فقال راكب خلفي لألحقك بهم فركبت خلفه فلم يكن إلا ساعة وإذا قد أدركنا الحاج فلما قربنا أنزلني وقال لي: امض لشأنك! فقلت له: إن العطش قد أضر بي فأخرج من شداده ركوة فيها ماء، وسقاني منه فو الله أنه ألذ وأعذب ماء شربته.
ثم إني مشيت حتى دخلت الحاج والتفت إليه فلم أره ولا رأيته في الحاج قبل ذلك، ولا بعده حتى رجعنا.