العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية المنتدى الفقهي

المنتدى الفقهي المنتدى مخصص للحوزة العلمية والمسائل الفقهية

إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

الصورة الرمزية مولى أبي تراب
مولى أبي تراب
عضو برونزي
رقم العضوية : 53658
الإنتساب : Aug 2010
المشاركات : 592
بمعدل : 0.11 يوميا

مولى أبي تراب غير متصل

 عرض البوم صور مولى أبي تراب

  مشاركة رقم : 11  
كاتب الموضوع : مولى أبي تراب المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 19-06-2012 الساعة : 08:27 PM


فائدة /
الفرق بين الحكم التكليفي والحكم الوضعي
يمكن التفريق بين الحكم التكليفي والحكم الوضعي بعدة فوارق يمكن استفادتها او تصيّدها من كلمات العلماء :
1. إن الحكم التكليفي يرتبط بأفعال الإنسان مباشرة فهذا الفعل واجب وذاك حرام وثالث مستحب او مكروه او مباح ، أما الحكم الوضعي فارتباطه بأفعال المكلفين غير مباشر كحكم الشارع بالزوجية فإنه مرتبط بالعلاقة بين شخصين لا بأفعالهما الا أن هذه العلاقة سيكون لها تأثير على أفعالهما وسيترتب عليها جملة من الأحكام تتعلق بأفعالهما من قبيل وجوب النفقة على الزوج ووجوب التمكين على الزوجة وحرمة خروجها من دون إذنه ، ولولا الحكم الوضعي بالزوجية لما وجدت هذه الأحكام المتعلقة بأفعال الزوجين .
2. إن متعلق الحكم التكليفي هو أفعال العباد كتعلق الوجوب بالصلاة والحرمة بشرب الخمر وكلاهما - الصلاة وشرب الخمر - من أفعال العباد ، أما متعلق الحكم الوضعي فليس أفعال العباد بل ذواتهم وعلاقاتهم ونحو ذلك فالحكم بالزوجية متعلقه العلاقة بين اثنين او ذاتهما بأن تعتبر أحدهما زوجاً للآخر ، وهذا الفارق تعبير آخر عن سابقه .
3. إن الحكم التكليفي مشتمل على البعث أو الزجر او التخيير أو قل هو مشتمل على الاقتضاء او التخيير ، أما الحكم الوضعي فهو غير مشتمل على بعث ولا زجر ولا تخيير بل هو إيجاد علاقة ووضع معين ، وهذا الفارق هو نتيجة للفارق الأول فلما كان الحكم التكليفي مرتبطاً بأفعال الإنسان مباشرة كان عبارة عن البعث الى تلك الأفعال او الزجر عنها او التخيير فيها ، أما الحكم الوضعي فلما لم يكن كذلك فهو ليس كذلك .
4. إن موضوع الحكم التكليفي كثيراً ما يكون هو الحكم الوضعي كالأحكام المتعلقة بالملكية والزوجية والطهارة والنجاسة ، أما الحكم الوضعي فموضوعه ما يرتبط بذوات الناس وعلاقاتهم .
5. إن الأحكام التكليفية بغالبها يترتب عليها الثواب والعقاب لذاتها وليس كذلك الأحكام الوضعية .
6. إن الأحكام التكليفية عدا الإباحة مأخوذ فيها الكلفة والمشقة بإعتبار تعلقها بأفعال الناس وما تشتمل عليه من بعث وزجر وما كان كذلك فهو متضمن للكلفة عادة ، وليس كذلك الأحكام الوضعية .
7. إن الأحكام التكليفية يعتبر فيها القدرة لأنها مرتبطة بالأفعال وما ليس بمقدور للمكلف ليس مكلفاً به وليس كذلك الأحكام الوضعية فقد يتحقق الحكم الوضعي ولو مع عدم القدرة عليه .
8. إن الأحكام التكليفية عدا الإباحة تحتاج الى الامتثال لما تشتمل عليه من بعث وزجر وليس كذلك الأحكام الوضعية .
9. الأحكام التكليفية لا خلاف في أنها مجعولة بالجعل الاستقلالي أما الأحكام الوضعية ففي كونها كذلك مطلقاً او على النقيض مطلقاً او يقال بالتفصيل بين مصاديقها خلاف تقدمت الإشارة اليه ، وأن الأقوال فيها ثلاثة : فقيل هي مجعولة كالتكليفية ، وقيل بل منتزعة ، وقيل بعضها مجعولة وبعضها منتزعة وزاد المشكيني في اصطلاحات اصوله بعضاً ثالثاً وهي الأحكام التي لا مجعولة ولا منتزعة .
10. إن موضوع الحكم التكليفي هو المكلف او قل لما كانت الأحكام التكليفية مشتملة على البعث والزجر فالمخاطب بها هو المكلف وهي خارجة عن عهدة غير المكلف كغير البالغ ، أما الأحكام الوضعية فلا تختص بالمكلفين بل تشمل غير المكلفين فالحكم بالزوجية والملكية والرقية والحرية صادق ومنطبق على غير المكلفين فغير المكلف يمكن أن يكون زوجاً ومالكاً ونحو ذلك .
11. الحكم التكليفي بما أنه زجر وبعث مختص بأفعال الإنسان ، أما الحكم الوضعي فيمكن أن يكون من موارده أفعال الحيوان كالحكم بالضمان على صاحب الدابة في مورد جنايتها .
12. الحكم التكليفي مختص بالمسلمين بناء على عدم تكليف الكفار بالفروع اما الحكم الوضعي فيشمل غيرهم فالملكية والطهارة والنجاسة والحرية والرقيّة والضمان وغيرها لا تختص بالمسلمين .
13. إن الأحكام التكليفية تسقط بالاضطرار فهي مشمولة بحديث الرفع من هذه الجهة فيسقط التكليف حال الاضطرار ، وليس كذلك الأحكام الوضعية فهي غير مرفوعة بالاضطرار فالمعاملات مثلاً صحيحة وممضاة من قبل الشارع وإن وقعت عن اضطرار .


من مواضيع : مولى أبي تراب 0 حكم الصوم في السفر
0 نيّة القطع والقاطع
0 حكم المسافر إذا خالف وظيفته من حيث القصر والتمام
0 مطهرية الشمس
0 إذا أحدث بالأصغر أثناء الغسل

الصورة الرمزية الحوزويه الصغيره
الحوزويه الصغيره
عضو فضي
رقم العضوية : 34252
الإنتساب : Apr 2009
المشاركات : 1,863
بمعدل : 0.33 يوميا

الحوزويه الصغيره غير متصل

 عرض البوم صور الحوزويه الصغيره

  مشاركة رقم : 12  
كاتب الموضوع : مولى أبي تراب المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 21-06-2012 الساعة : 07:46 AM


اللهم صل على محمد وال محمد

بوركت جهودك
اثابك الله وانار طريقك ..

تحيتي لشخصكمـ الكريمـ


من مواضيع : الحوزويه الصغيره 0 التمسكم الدعاء ..
0 في مسألة الخاتمة ..
0 مشكلة عند فرمتة الجهاز
0 هلال الشهر بين الفتوى و الإخبار
0 حرمة التظليل - للـــــنقاش

الصورة الرمزية مولى أبي تراب
مولى أبي تراب
عضو برونزي
رقم العضوية : 53658
الإنتساب : Aug 2010
المشاركات : 592
بمعدل : 0.11 يوميا

مولى أبي تراب غير متصل

 عرض البوم صور مولى أبي تراب

  مشاركة رقم : 13  
كاتب الموضوع : مولى أبي تراب المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 25-06-2012 الساعة : 08:39 PM


بارك الله بكم وأحسن اليكم فاضلتنا الحوزوية الصغيرة


من مواضيع : مولى أبي تراب 0 حكم الصوم في السفر
0 نيّة القطع والقاطع
0 حكم المسافر إذا خالف وظيفته من حيث القصر والتمام
0 مطهرية الشمس
0 إذا أحدث بالأصغر أثناء الغسل

الصورة الرمزية مولى أبي تراب
مولى أبي تراب
عضو برونزي
رقم العضوية : 53658
الإنتساب : Aug 2010
المشاركات : 592
بمعدل : 0.11 يوميا

مولى أبي تراب غير متصل

 عرض البوم صور مولى أبي تراب

  مشاركة رقم : 14  
كاتب الموضوع : مولى أبي تراب المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 25-06-2012 الساعة : 08:40 PM


فائدة 2 /
الحكم الشرعي قد يكون بمعنى الجعل وقد يكون بمعنى المجعول
إذا ما سُئلنا عن حكم الحج في الإسلام فسوف نجيب بلا تردد أن حكمه الوجوب من دون أن نفرق بين كوننا مستطيعين او لا اي تحققت الاستطاعة في الخارج او لا ، وفي نفس الوقت نقول لشخص غير مستطيع أن الحج غير واجب عليك حتى تستطيع فنفرق له بين حالتي الاستطاعة وعدمها !
والملاحظ وجود التهافت بين الأمرين فمن جهة الحج من الواجبات في الشريعة الإسلامية مع قطع النظر عن الاستطاعة ومن جهة نقيّد وجوب الحج بتحقق الاستطاعة .
وهكذا وجوب الصلاة مثلاً فإذا ما سُئلنا عن حكم صلاة الظهر مثلاً في الإسلام فسوف نجيب بلا تردد أن حكمها الوجوب من دون أن نلحظ أي قيد آخر كالوقت مثلاً فنقول صلاة الظهر واجبة في الشريعة
وفي نفس الوقت نقيد وجوبها بحصول الزوال ونقول قبل الزوال لا تجب صلاة الظهر ، أليس ذلك تهافتاً ؟
وباختصار لا إشكال في وجوب الحج بعد الاستطاعة أما قبل الاستطاعة فيصح أن نقول الحج واجب في الشريعة كما يصح أن نقول لا يجب الحج على غير المستطيع فكيف نوفق بين التعبيرين ؟
وهكذا صلاة الظهر فلو سُئلنا في الصباح عن حكم صلاة الظهر في الإسلام لكان الجواب أن حكمها الوجوب ولا نستطيع أن نقول أنها حرام او مباحة او غير ذلك ، لكن في نفس الوقت - أي صباحاً - إذا قام شخص يصلي صلاة الظهر نقول له لم تجب صلاة الظهر بعدُ فانتظر دخول الزوال ! فكيف نوفق بين وجوبها وعدم وجوبها قبل الزوال ؟
الجواب /
إن الحكم تارة يكون بمعنى الجعل وأخرى يكون بمعنى المجعول ، فقولنا الحج واجب في الشريعة ولو قبل تحقق الاستطاعة نعني به ( الوجوب بمعنى الجعل ) ، وقولنا الحج غير واجب قبل الاستطاعة نعني به ( الوجوب بمعنى المجعول )
فالحديث عن معنيين من الوجوب أحدهما ثابت قبل الاستطاعة او الزوال والأخر منفي فما أثبتناه غير ما نفيناه فلم يقع النفي والإثبات على معنى واحد للحكم حتى يكون في الكلام تهافت .
بيان ذلك :
الحكم بمعنى الجعل / إن الحكم بمعنى الجعل هو نفس الاعتبار والتشريع الصادر من المولى على تقدير حصول شروط معينة وقبل تحققها ، فالمولى جعل الوجوب للحج أي اعتبر وشرّع وجوب الحج في الشريعة ضمن قيود وشروط وخصوصيات معينة كالاستطاعة والحكم بوجوب الحج على تقدير حصول الاستطاعة وقبل تحققها هو حكم بمعنى الجعل .
او قل إن الجعل هو نفس إنشاء المولى للحكم الشرعي ضمن ضوابط معينة كقوله تعالى : ( فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) فالمولى هنا بصدد إنشاء وجوب صوم شهر رمضان على تقدير شهود الشهر وهو معنى الجعل أي بصدد جعل الوجوب لصوم شهر رمضان لمن شهد الشهر ، وهكذا قوله ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) فهو بصدد جعل وإنشاء وتشريع واعتبار الوجوب للحج على تقدير حصول الاستطاعة خارجاً فالوجوب المذكور يقال له وجوب بمعنى الجعل ، وهكذا قوله ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ ) فالمولى بصدد إنشاء وجوب الوضوء على تقدير القيام الى الصلاة وهو وجوب بمعنى الجعل .
الحكم بمعنى المجعول / إذا كان الحكم بمعنى الجعل عبارة عن الحكم قبل تحقق القيود او الذي أخذت فيه القيود مفروضة الحصول فالحكم بمعنى المجعول هو الحكم بعد تحقق القيود والذي تحققت فيه القيود خارجاً وفعلاً
فالحكم بمعنى المجعول هو الحكم الشرعي بعد تحقق موضوعه وسائر القيود والخصوصيات المأخوذة فيه في مرحلة الجعل خارجاً ، او قل هو الحكم الفعلي المنجز بحق المكلف وذلك لتحقق موضوعه وشروطه خارجاً .
وعلى هذا فأصل تشريع الحج في الإسلام تشريعاً مشروطاً بالاستطاعة وغيرها من الشروط نسميه الجعل إن لم تتحقق تلك الشروط فعلاً ، وبعد تحقق الشروط بأن يستطيع المكلف نسمي وجوب الحج بالمجعول وبذلك يرتفع التهافت المتوهم فقولنا يجب الحج من دون لحاظ تحقق الاستطاعة نعني به الجعل ، وقولنا لغير المستطيع لا يجب عليك الحج نعني به المجعول لأن المجعول متوقف على حصول الاستطاعة فعلاً .
وهكذا مثلاً أصل تشريع حرمة العصير العنبي على تقدير الغليان فهذا جعل للحرمة فإذا ما تحقق الغليان فعلاً في الخارج صارت الحرمة بمعنى المجعول .
وبعبارة واضحة / المولى في مقام تشريع الحج يلحظ تقيّد الحج بالاستطاعة فيقول جعلت الوجوب للحج على تقدير حصول الاستطاعة فهذا جعل ، فإذا ما استطاع أحد المكلفين فعلاً فالوجوب المتوجه له يسمى بالمجعول .
ثم إن هذا المعنى من تنويع الحكم الشرعي الى معنيين الجعل والمجعول لا يختص بالحكم التكليفي بل يشمل الحكم الوضعي أيضاً فحكم الشارع بالزوجية يكون بمعنى الجعل بمعنى أنه شرّع علاقة الزوجية على تقدير تحقق عقد النكاح بين اثنين ، ويكون بمعنى المجعول عند تحقق العقد بين اثنين خارجاً فعلاً .
الفرق بين الحكم بمعنى الجعل والحكم بمعنى المجعول
من خلال ما تقدم وغيره يمكن ذكر أكثر من فرق بين الجعل والمجعول :
1. إن الحكم بمعنى الجعل يكون على نحو القضية الحقيقية وهي التي يؤخذ فيها الموضوع على نحو الفرض والتقدير ولا تتوقف على تحققه خارجاً بل تكون بمعنى القضية الشرطية مثل أكرم الفقراء أي إذا وجد فقير فأكرمه ووجوب الإكرام بمعنى الجعل غير ملحوظ فيه وجود فقير خارجاً فعلاً ، والحكم بمعنى المجعول يكون على نحو القضية الخارجية لأنه مشروط بتحقق الموضوع والقيود خارجاً ، فإذا قيل الحكم على نحو القضية الحقيقة فالمقصود الجعل وإذا قيل الحكم على نحو القضية الخارجية فالمقصود المجعول .
2. الجعل والمجعول مرحلتان ومرتبتان للحكم الشرعي الا أن مرتبة الجعل متقدمة على مرتبة المجعول .
3. إن الحكم بمعنى الجعل لا يتوقف على تحقق الموضوع والخصوصيات والقيود المأخوذة في الحكم بل هي مأخوذة فيه مأخذ الفرض والتقدير فهو متوقف على تصورها حال الجعل ، بخلاف المجعول فهو متوقف على تحققها خارجاً فعلاً .
4. إن الحكم بمعنى الجعل سابق على تحقق الموضوع والقيود فمن الواضح أن جعل الوجوب للحج في الشريعة سابق على حصول الاستطاعة ، أما بمعنى المجعول فهو لاحق أو مقارن لتحققه فمتى ما تحققت استطاعة المكلف يصير وجوب الحج فعلياً مجعولاً .
5. إن الحكم بمعنى الجعل لا يستلزم انبعاثاً ولا تحريكاً ولا تكليفاً لعدم تحقق موضوعه وقيوده بعد او قل لعدم تحقق شرطه بعد لأن الجعل وإن كان على نحو القضية الحقيقية الا أنه في قوة القضية الشرطية كما تقدم فقوله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) في قوة « إذا استطاع المكلّف يجب عليه الحجّ » وما دام الشرط وهو الاستطاعة لم يتحقق فالحكم وهو الجزاء ( يجب عليه الحج ) الذي هو بمعنى الجعل حينئذٍ لا يستلزم انبعاثاً وليس فعلياً ، وهذا بخلاف الحكم بمعنى المجعول فلما كان هو الحكم بعد تحقق الموضوع والشروط فإنه يستلزم التحريك والانبعاث او الزجر والانزجار ويستلزم التكليف ، وبعبارة واضحة إن الحكم بمعنى الجعل لا يستدعي امتثالاً بخلافه بمعنى المجعول فيستدعي الامتثال إذا كان تكليفياً .
6. إن القيود والخصوصيات المأخوذة في الحكم هي بمثابة العلة له إذا كان بمعنى المجعول لتوقفه على تحققها خارجاً وليس كذلك بمعنى الجعل فهو موجود قبل تحققها خارجاً نعم هو موقوف على تصورها وافتراضها وتقديرها لا على تحققها خارجاً لأن المولى من دون تصور تلك القيود لا يمكنه الجعل ما دامت قد فرضت قيوداً للحكم ، فما دام قد افترض الزوال قيداً لوجوب صلاة الظهر فلا يمكن إنشاء وجوبها دون لحاظ هذا القيد فلو أنشأه دون لحاظه فهذا خلف كونه قيداً .
7. ان الحكم بمعنى الجعل لا يتوقّف على شيء غير إرادة الجاعل وتصوّر القيود والخصوصيات ذهناً وبالتالي لا يمكن أن يكون الجعل مشروطاً ، بخلاف المجعول فهو مشروط بتحقق تلك القيود والخصوصيات وتحقق الموضوع . وعليه إن قاعدة انتفاء الحكم بانتفاء الموضوع وأنه لا بد لكل حكم من موضوع وعدم تحقق الحكم قبل تحقق الموضوع يراد بها الحكم بمعنى المجعول لا الجعل .
8. إن أخذ العلم قيداً في الحكم وبالتالي اختصاص الحكم بالعالم دون الجاهل بناء على تمامية هذا المبنى إنما هو الحكم بمعنى المجعول لا بمعنى الجعل . بمعنى أن الحكم لا يصير مجعولاً وفعلياً ويدخل في عهدة المكلف ما لم يعلم بتحقق موضوعه وقيوده ، أما بمعنى الجعل فهو شامل للجميع بمعنى أن المولى بجعله وجوب الحج قصد كل مكلف على تقدير استطاعته سواء كان عالماً بهذا الجعل او لا ، لكن هذا الجعل لا يصير مجعولاً وفعلياً ومكلفاً به الا لمن علم بالاستطاعة فعلاً دون الجاهل على الأقل بالنسبة الى القاصر .
9. إن الجعل لا يتفاوت بين المكلفين فالكل مشمولٌ به كما هو واضح في قوله : ( ولله على الناس ... ) فالناس جميعاً مشمولون بتشريع الحج ، أما المجعول فهو يختلف ويتفاوت من شخص الى آخر لأنه يتوقف على تحقق الموضوع فقد يتحقق عند شخص دون آخر .
10. إن التنافي بين الحكمين في مرحلة الجعل يكون من التعارض ، أما في مرحلة المجعول فهو ورودٌ لا تعارض ، فإذا قال يجب الوضوء على واجد الماء ، ويجب التيمم على فاقد الماء فلا تعارض لعدم التنافي في مرحلة الجعل فإنه من الممكن أن يجعل المولى الوجوب للوضوء على تقدير وجدان الماء ويجعل الوجوب للتيمم على تقدير فقدان الماء ، لكن بينهما تنافٍ في مرحلة المجعول أي لا يمكن أن يكون كل منهما فعلياً في حق المكلف فقد تقدم أن المجعول معناه الفعلية والتكليف فلا يمكن التكليف بوجوب الوضوء وبوجوب التيمم في آن واحد وأن يكون كل منهما فعلياً ، لأن المكلف إما واجد للماء فهو مكلف بوجوب الوضوء أو فاقد له فهو مكلف بوجوب التيمم ، فلا تعارض بين الجعلين لكن بينهما تنافٍ في مرحلة المجعول أي لا يمكن الحكم بفعليتهما معاً وهذا ما يسمى بالورود أي أن موضوع أحد الحكمين مزيل للحكم الآخر فكونه واجداً للماء الذي هو موضوع وجوب الوضوء مزيل لفعلية التكليف بالتيمم لأن موضوعه فاقد الماء .
الى غير ذلك من التفريقات التي يمكن أن تذكر
ثمرة التقسيم
إن قلت / ما الثمرة من تقسيم الحكم الى مرتبتين : الجعل والمجعول ؟
كان الجواب / لذلك ثمرات عديدة تظهر في المباحث الأصولية فكثيراً ما يختلف الأمر بين الحكم بمعنى الجعل عن الحكم في مرحلة المجعول في كثير من القواعد والمسائل الأصولية ، وفيما تقدم من فروق إشارة الى بعضها .
لكن يكفي الالتفات كثمرة فقهية الى أن مجرد الجعل والتشريع الإلهي لا يقتضي التكليف ولا يستدعي الامتثال ما لم تتحقق القيود المأخوذة في ذلك الجعل .


من مواضيع : مولى أبي تراب 0 حكم الصوم في السفر
0 نيّة القطع والقاطع
0 حكم المسافر إذا خالف وظيفته من حيث القصر والتمام
0 مطهرية الشمس
0 إذا أحدث بالأصغر أثناء الغسل

الصورة الرمزية الحوزويه الصغيره
الحوزويه الصغيره
عضو فضي
رقم العضوية : 34252
الإنتساب : Apr 2009
المشاركات : 1,863
بمعدل : 0.33 يوميا

الحوزويه الصغيره غير متصل

 عرض البوم صور الحوزويه الصغيره

  مشاركة رقم : 15  
كاتب الموضوع : مولى أبي تراب المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 29-06-2012 الساعة : 08:56 AM


اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرج قائم آل محمد الأشراف ياكريم

احسنتم شيخنا .. شرح وافي
يسلم مدادك الطيب لما جاد به من ثراء نافع
بانتظار الدرس القادم
دمت في رعاية الله وحفظه


من مواضيع : الحوزويه الصغيره 0 التمسكم الدعاء ..
0 في مسألة الخاتمة ..
0 مشكلة عند فرمتة الجهاز
0 هلال الشهر بين الفتوى و الإخبار
0 حرمة التظليل - للـــــنقاش

الصورة الرمزية مولى أبي تراب
مولى أبي تراب
عضو برونزي
رقم العضوية : 53658
الإنتساب : Aug 2010
المشاركات : 592
بمعدل : 0.11 يوميا

مولى أبي تراب غير متصل

 عرض البوم صور مولى أبي تراب

  مشاركة رقم : 16  
كاتب الموضوع : مولى أبي تراب المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 06-07-2012 الساعة : 02:44 PM


اللهُمَّ صَلِّ على مُحمَّدٍ وآلِ مُحمَّد
أحسن الله إليكم وأكرمكم بالعلم النافع والعمل به
شاكر لجنابكم دوام المتابعة
وفقكم الله تعالى


من مواضيع : مولى أبي تراب 0 حكم الصوم في السفر
0 نيّة القطع والقاطع
0 حكم المسافر إذا خالف وظيفته من حيث القصر والتمام
0 مطهرية الشمس
0 إذا أحدث بالأصغر أثناء الغسل

الصورة الرمزية مولى أبي تراب
مولى أبي تراب
عضو برونزي
رقم العضوية : 53658
الإنتساب : Aug 2010
المشاركات : 592
بمعدل : 0.11 يوميا

مولى أبي تراب غير متصل

 عرض البوم صور مولى أبي تراب

  مشاركة رقم : 17  
كاتب الموضوع : مولى أبي تراب المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 06-07-2012 الساعة : 02:46 PM


تتمة /
الواجب والحرام والمستحب والمكروه والمباح
تكلمنا عن الحكم الشرعي التكليفي وأنه يقع على خمسة أنواع :
( الوجوب والحرمة والاستحباب والكراهة والإباحة )
والآن نتكلم عن الواجب والحرام والمستحب والمكروه والمباح وما هو فرقها عن الوجوب والحرمة والاستحباب والكراهة والإباحة ، فإنه ثمة فرق بينها فالواجبات غير الوجوبات ، والحرام او المحرّم غير الحرمة وهكذا .
توضيح ذلك / أنه تقدم أن الحكم التكليفي هو الحكم الشرعي المتعلق بأفعال الإنسان ، وكان ذلك أحد الفوارق بين الحكم التكليفي والوضعي فالحكم التكليفي هو ما تعلق بأفعال الإنسان بشكل مباشر ، بخلاف الحكم الوضعي الذي يكون تعلقه بأفعال الإنسان غير مباشر .
ولما كان الحكم التكليفي هو الحكم الشرعي المتعلق بأفعال الإنسان ، وأنه ينقسم الى الوجوب والحرمة والاستحباب والكراهة والإباحة
إذن كل واحد من هذه الخمسة هو عبارة عن حكم شرعي متعلق بفعل من أفعال الإنسان ، لأن كل واحد من هذه الخمسة حكم تكليفي والحكم التكليفي هو الحكم الشرعي المتعلق بأفعال الإنسان إذن كل واحد من هذه الخمسة هو كذلك ، ضرورة أن المقسم ليس الا عبارة عن الأقسام فحقيقته هي حقيقة تلك الأقسام .
إذن هذه الخمسة يجمعها أنها عبارة عن الحكم الشرعي التكليفي المتعلق بأفعال الإنسان
فالوجوب هو الحكم الشرعي المتعلق بفعل من أفعال الإنسان على نحو البعث الملزم اليه كالحكم الشرعي التكليفي للصلاة فهو الوجوب وهو متعلق بفعل من أفعال الإنسان وهو الصلاة .
والحرمة هي الحكم الشرعي المتعلق بفعل من أفعال الإنسان على نحو الزجر الملزم عنه كالحكم الشرعي التكليفي المتعلق بالكذب فهو الحرمة وهو متعلق بفعل من أفعال الإنسان وهو الكذب .
والاستحباب هو الحكم الشرعي المتعلق بفعل من أفعال الإنسان على نحو البعث غير الملزم اليه كالحكم الشرعي التكليفي للنوافل فهو الاستحباب وهو متعلق بفعل من أفعال الإنسان وهو الصلاة النافلة .
والكراهة هي الحكم الشرعي المتعلق بفعل من أفعال الإنسان على نحو الزجر غير الملزم اليه كالحكم الشرعي التكليفي للاستدانة مع عدم الحاجة فهو الكراهة وهو متعلق بفعل من أفعال الإنسان وهو الاستدانة .
والإباحة هو الحكم الشرعي المتعلق بفعل من أفعال الإنسان على نحو التخيير كالحكم الشرعي التكليفي للأكل والشرب والنوم فهو الإباحة وهو متعلق بفعل من أفعال الإنسان وهو الأكل مثلاً .
وفي الجملة الوجوب والحرمة والاستحباب والكراهة والإباحة هي الأحكام الشرعية التكليفية المتعلقة بأفعال الإنسان .
إذا عرفت ذلك فاعلم أن الواجب والحرام والمستحب والمكروه والمباح هي نفس الأفعال التي تعلقت بها تلك الأحكام الشرعية أعني الوجوب والحرمة والاستحباب والكراهة والإباحة
فأفعال الأنسان التي صارت متعلقاً للأحكام التكليفية الخمسة هي التي تسمى الواجب والحرام والمستحب والمكروه والمباح
وعليه :
فالواجب : هو فعل الإنسان الذي تعلق به الوجوب ، كالصلاة فهي واجب لأنها فعل الإنسان الذي بعث اليه الشارع بعثاً ملزماً او قل تعلق به الوجوب .
والحرام : هو فعل الإنسان الذي تعلقت به الحرمة ، كالكذب فهو حرام لأنه فعل من أفعال الإنسان زجر عنه الشارع زجراً ملزماً او قل تعلقت به الحرمة .
والمستحب : هو فعل الإنسان الذي تعلق به الاستحباب ، كصلاة الليل فهي مستحبة لأنها فعل الإنسان الذي بعث اليه الشارع بعثاً غير ملزم او قل تعلق بها الاستحباب .
والمكروه : هو فعل الإنسان الذي تعلقت به الكراهة ، كالذباحة ليلاً فهي مكروهة لأنها فعل من أفعال الإنسان زجر عنه الشارع زجراً غير ملزم او قل تعلقت بها الكراهة .
والمباح : هو فعل الإنسان الذي تعلقت به الإباحة ، كالأكل فهو مباح لأنه فعل من أفعال الإنسان تعلقت به الإباحة أي تخيير الشارع .
وعلى أساس ذلك يمكن التفريق بين ( الوجوب والحرمة والاستحباب والكراهة والإباحة ) وبين ( الواجب والحرام والمستحب والمكروه والمباح ) بأكثر من تفريق او أكثر من صياغة :
1. إن ( الوجوب والحرمة والاستحباب والكراهة والإباحة ) هي نفس الحكم الشرعي التكليفي ، أما ( الواجب والحرام والمستحب والمكروه والمباح ) فهي متعلق الحكم الشرعي التكليفي لا نفسه .
2. إن ( الوجوب والحرمة والاستحباب والكراهة والإباحة ) هي التكليف ، أما ( الواجب والحرام والمستحب والمكروه والمباح ) فهو متعلق التكليف .
3. إن ( الوجوب والحرمة والاستحباب والكراهة والإباحة ) هي نفس البعث او الزجر او التخيير ، أما ( الواجب والحرام والمستحب والمكروه والمباح ) فهي المبعوث اليه او المزجور عنه او المخيّر فيه ، او قل هي متعلق البعث او الزجر او التخيير .
4. إن ( الوجوب والحرمة والاستحباب والكراهة والإباحة ) هي فعل الشارع لأنه هو الذي يجعلها ويشرعها ويعتبرها ، أما ( الواجب والحرام والمستحب والمكروه والمباح ) فهي أفعال الإنسان .
5. إن ( الوجوب والحرمة والاستحباب والكراهة والإباحة ) هي الجعل الشرعي التكليفي ، أما ( الواجب والحرام والمستحب والمكروه والمباح ) فهي متعلق الجعل او قل المجعول له ، فوجوب الصلاة هو الجعل ، أما الصلاة التي هي فعل الإنسان فهي متعلق هذا الجعل او قل المجعول له الوجوب ، وليست المجعول بل المجعول له لأن المجعول هو نفس الحكم أيضاً فكما يسمى جعلاً يسمى مجعولاً كما تقدمت الإشارة اليه وأن الحكم قد يكون بمعنى الجعل وقد يكون بمعنى المجعول ، فالوجوب هو جعل شرعي وهو مجعول شرعي ، أما الصلاة فهي مجعول له .
الى غير ذلك مما يمكن أن يذكر في التفريق بينهما
والحمد لله أولاً وآخرا
وصلى الله على محمد وعترته الطاهرة


من مواضيع : مولى أبي تراب 0 حكم الصوم في السفر
0 نيّة القطع والقاطع
0 حكم المسافر إذا خالف وظيفته من حيث القصر والتمام
0 مطهرية الشمس
0 إذا أحدث بالأصغر أثناء الغسل

الصورة الرمزية الحوزويه الصغيره
الحوزويه الصغيره
عضو فضي
رقم العضوية : 34252
الإنتساب : Apr 2009
المشاركات : 1,863
بمعدل : 0.33 يوميا

الحوزويه الصغيره غير متصل

 عرض البوم صور الحوزويه الصغيره

  مشاركة رقم : 18  
كاتب الموضوع : مولى أبي تراب المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 07-07-2012 الساعة : 07:08 AM


بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم يا كريم

بيان رائع للمصطلحات الفقهيه ..
احسنتمـ شيخنا الكريمـ وبارك الله بجهودكمـ ووفقكمـ للعلم النافع والعمل الصالح
تحيتي


من مواضيع : الحوزويه الصغيره 0 التمسكم الدعاء ..
0 في مسألة الخاتمة ..
0 مشكلة عند فرمتة الجهاز
0 هلال الشهر بين الفتوى و الإخبار
0 حرمة التظليل - للـــــنقاش

الصورة الرمزية مولى أبي تراب
مولى أبي تراب
عضو برونزي
رقم العضوية : 53658
الإنتساب : Aug 2010
المشاركات : 592
بمعدل : 0.11 يوميا

مولى أبي تراب غير متصل

 عرض البوم صور مولى أبي تراب

  مشاركة رقم : 19  
كاتب الموضوع : مولى أبي تراب المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 13-07-2012 الساعة : 02:56 PM


اللهُمَّ صَلِّ على مُحمَّدٍ وآلِ مُحمَّد
أحسن الله إليكم وأكرمكم بالعلم النافع والعمل به
شاكر لجنابكم دوام المتابعة
وفقكم الله تعالى


من مواضيع : مولى أبي تراب 0 حكم الصوم في السفر
0 نيّة القطع والقاطع
0 حكم المسافر إذا خالف وظيفته من حيث القصر والتمام
0 مطهرية الشمس
0 إذا أحدث بالأصغر أثناء الغسل

الصورة الرمزية مولى أبي تراب
مولى أبي تراب
عضو برونزي
رقم العضوية : 53658
الإنتساب : Aug 2010
المشاركات : 592
بمعدل : 0.11 يوميا

مولى أبي تراب غير متصل

 عرض البوم صور مولى أبي تراب

  مشاركة رقم : 20  
كاتب الموضوع : مولى أبي تراب المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 13-07-2012 الساعة : 02:58 PM


الحكم الأولي والحكم الثانوي
كثيراً ما يقول الفقهاء أن هذا الشيء او ذاك حرام بعنوان ثانوي او يجوز بعنوان ثانوي
او أن الحكم الأولي كذا الا أنه بعناون ثانوي يكون كذا ونحو ذلك من التعبيرات
والسؤال / ما المقصود من الحكم الأولي والحكم الثانوي
جواب ذلك / أنه تقدم أن الحكم الشرعي هو عبارة عن التشريع الإلهي ، وأن لكل حكم شرعي متعلَّق يتعلق به
من قبيل وجوب الصلاة فالوجوب حكم شرعي يمثل تشريعاً إلهياً ومتعلقه الصلاة
وحينئذ يقال إن الحكم الشرعي الذي هو عبارة عن التشريع الإلهي والذي لا بد له من متعلق على نوعين :
الأول / الحكم الشرعي الأولي : وهو عبارة عن الحكم الشرعي الثابت للشيء أي لمتعلقه بما هو هو من دون ملاحظة أي شيء آخر مما يمكن أن يطرأ على المتعلق من عوارض وحالات ، كوجوب الصلاة فهو ثابت للصلاة بما هي صلاة ، أي لو لحظنا الصلاة بما هي فعل من أفعال الإنسان فقط من دون أي لحاظ آخر من الخصائص والمميزات التي تعرض عليها فحكمها الوجوب وحينئذٍ الوجوب الثابت للصلاة يسمى حكماً أولياً لأنه ثابت لذات الصلاة بما هي الصلاة وبما هي فعل من الأفعال مع قطع النظر عن أي خصوصية أخرى .
وهكذا وجوب الحج والصوم وحرمة الربا وشرب الخمر وإباحة شرب الماء فكل ذلك أحكام أولية لأنها ثابتة لمتعلقاتها بما هي متعلقات بلا لحاظ أي خصوصية أخرى .
الثاني / الحكم الشرعي الثانوي : وهو عبارة عن الحكم الشرعي الثابت للشيء أي لمتعلقه بعد عروض ما يطرأ عليه من حالات وخصوصيات خارجية تقتضي تغيير حكمه الأولي ، أو قل هو الحكم الثابت للمتعلق بعد تعنّون المتعلق بعنوان آخر خارجي مضافاً الى عنوانه الأصلي
مثال ذلك : أكل الميتة فلو قصرنا النظر على أكل الميتة بما هو أكل من دون لحاظ أي عنوان آخر فهو حرام وهذا حكمه الشرعي الأولي ، ولكن إذا تعنّون الأكل واتصف بعنوان آخر غير عنوان أكل الميتة كعنوان الاضطرار الى أكل الميتة بحيث يكون اللحاظ على كلا العنوانين الأكل والاضطرار اليه فسوف يتبدل الحكم الأولي لأكل الميتة وهو الحرمة الى حكم آخر وهو الحلية والجواز بل قد يكون الوجوب كما إذا توقف حفظ النفس على الأكل ، وهذا الحكم الآخر يسمى بالحكم الثانوي ، كما قال تعالى ( إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) البقرة / 173
فالميتة والدم ولحم الخنزير بلحاظ ذواتها وعناوينها الأصلية محرمة لكن بلحاظ الاضطرار اليها فلا إثم في تناولها فتبدل الحكم الأولي بالحرمة الى حكم ثانوي بالجواز لمّا طرأ عليها عنوان خارجي غير العناوين الأصلية لمتعلقات الحرمة وهو عنوان الاضطرار .
فكأنما تبدل المتعلق فمتعلق الحرمة وهي الحكم الأولي أكل الميتة بما هو هو ، ومتعلق الحلية وهي الحكم الثانوي أكل الميتة بما هو مضطَرٌ إليه
وإن كان المتعلق واحداً حقيقة وهو أكل الميتة لكن له حالتان عدم الاضطرار والاضطرار اليه ففي إحداهما له حكم وهي الملحوظة للمولى في أصل الجعل ، وفي الأخرى له حكم مغاير
وإنما سمي ثانوياً لأنه يثبت للمتعلَّق في حالته الثانوية غير الأصلية او قل لأنه يثبت في حالة عرضية لا الحالة الطبيعية الاختيارية
أسباب الحكم الثانوي
هذا والعناوين الطارئة التي تكون سبباً للحكم الثانوي عديدة :
منها الاضطرار والضرورة / فالاضطرار سبب لتغير كثير من الأحكام الأولية حتى اشتهر ( الضرورات تبيح المحظورات ) أي هي سبب لتبدل الحظر والحرمة الى الإباحة فيكون للشيء المحظور والمحرم حكم ثانوي وهو الإباحة ، ولذا ورد ذكره في حديث الرفع للنبي صلى الله عليه وآله وسلم حيث يقول : ( رفع عن أمتي ... وما اضطروا اليه ) أي رفع عنهم التكليف بالحرمة عند الاضطرار .
وأمثلته كثيرة منها ما تقدم ومنها جواز إسقاط الجنين مع الضرورة كما إذا توقف حفظ حياة الأم على ذلك مع أن الحكم الأولي هو حرمة الإجهاض ، وكجواز الإدماء او الحلق للمُحرِم للضرورة مع أن هذه الأمور من محرمات الإحرام .
ومنها الإكراه / فالإكراه عنوان طارئ يكون سبباً لتبدل الحكم الأولي الى حكم ثانوي وهو وارد في حديث الرفع أيضاً ، كما إذا أُكره على الإفطار في شهر رمضان فيجوز الإفطار وهذا الجواز هو حكم ثانوي للإفطار غير حكمه الأولي وهو الحرمة ثابت له عند عروض الإكراه ، ومثل من أكره على المكث في المكان المغصوب كالمحبوس فيجوز له التصرف في ذلك المكان والصلاة فيه والتيمم بترابه مع أن كل ذلك حرام لولا الإكراه .
ومنها النذر والعهد واليمين / فهي أسباب أيضاً للأحكام الثانوية فالشيء الجائز بالعنوان الأولي إذا وقع مورد النذر اوالعهد اوالقسم صاراً واجباً او حراماً كما إذا نذر التصدق او عاهد الله او أقسم به أن لا يفعل بعض المباحات وهكذا .
ومنها الضرر / فهو من أوضح أسباب تبدل الأحكام من الأولية الى الثانوية فكل واجب مع الضرر في فعله يصير جائزاً وربما حراماً إذا كان الضرر بالغاً ، وكل حرام مع الضرر في اجتنابه تسقط حرمته ويصير جائزاً وربما واجباً فصوم شهر رمضان واجب ولكن مع الضرر يجوز الإفطار واذا كان ضرراً بالغاً يصير حراماً ، والكذب والغيبة حكمهما الأولي الحرمة ولكن لدفع الضرر هما جائزان وربما وجبا كما إذا توقف عليهما حفظ مؤمن من الهلاك مثلاً .
ومنها العسر والحرج / فكل شيء حكمه الأولي الوجوب إذا كان في امتثاله يلزم العسر والحرج سقط وجوبه وتبدل حكمه الى حكم ثانوي هو الجواز ، وكذا كل شيء حكمه الأولي الحرمة إذا كان في امتثاله واجتنابه يلزم العسر والحرج سقطت حرمته وتبدل حكمه الأولي الى حكم ثانوي هو الجواز دفعاً للعسر والحرج ، كسقوط الطهارة المائية عند لزوم العسر والحرج وتبدل حكم الطهارة الى الترابية وكسقوط بعض أحكام الحج على النساء والضعفاء عند لزوم العسر والحرج وتغير أحكامها الأولية الى الثانوية كوجوب مباشرة الرمي وتبدله الى الاستنابة اذا كان في المباشرة عسر وحرج ، ومثل حرمة حلق اللحية فاذا استوجب امتثال الحرمة العسر والحرج جاز الحلق وهكذا .
ومنها التقية / فالوجوب والحرمة يسقطان مع التقية ويصير حكم متعلقهما الجواز وهو حكم ثانوي ثبت للمتعلق عند طرو عنوان خارجي وهو التقية ، كجواز السجود على ما لا يصح السجود عليه فهو حكم ثانوي ولولا التقية فالحكم الأولي عدم الجواز ووجوب السجود على ما يصح السجود عليه ، وقد يتحول الوجوب الى الحرمة او العكس بسبب التقية فالكذب حرام ولكن مع التقية يصير واجباً أحياناً كما إذا توقف حفظ نفس مؤمن عليه ، وإفطار آخر يوم من رمضان حرام ولكن مع التقية كما إذا أعلن الحاكم الجائر أنه الأول من شوال يصير جائزاً وربما واجباً إذا كان صيام ذلك اليوم مورداً للتقية .
ومنها العجز / فمع العجز تتغير بعض الأحكام الأولية الى أحكام ثانوية فكل واجب مع العجز يسقط وكذا المحرمات إذا عجز المكلف عن تركها أو عن ترك جزء منها جاز فعلها لاستحالة تكليف العاجز بالنهي ، والعجز عنوان ثانوي طارئ يكون سبباً لتغير الحكم الأولي الى حكم ثانوي ، فكفارة الظهار عتق رقبة ومع العجز تصير صيام شهرين متتابعين ومع العجز تكون إطعام ستين مسكيناً لأنها مرتبة ، ومباشرة الطواف والسعي واجب ولكن مع العجز يسقط الوجوب وتجب الاستعانة بالغير او الاستنابة .
ومنها المرض / كما قال تعالى : ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) البقرة / 185 ، فالمرض سبب لسقوط حكم الصوم في شهر رمضان وهو الوجوب وتعلق حكم ثانوي وهو جواز الإفطار ، ومثل سقوط الطهارة المائية مع المرض ووجوب التيمم وهكذا .
ومنها السفر / كما في الآية السابقة حيث هو كالمرض من حيث وجوب الصوم ، فالسفر سبب لتبدل بعض الأحكام الأولية كالصوم والإتمام في الصلاة .
ومنها الانحصار / فهو سبب لتبدل الجواز الى الوجوب او بعض الأحكام الكفائية الى تعيينية كما إذا انحصرت الصناعات او المهن المهمة والضرورية في شخص .
ومنها عنوان المقدمية / فإنه عنوان طارئ موجب لتغير الحكم الأولي بالجواز الى الوجوب للشيء الذي يتوقف عليه الواجب او قل للشيء الذي يصير مقدمة لواجب ، بناء على الوجوب الشرعي لمقدمة الواجب .
ومنها التزاحم / فإنه موجب لتغير حكم المهم من الوجوب الى عدم الوجوب مراعاة للأهم فالواجب اذا زاحم واجباً أهم سقط وجوب المهم وتبدل الى عدم الوجوب بل الى الحرمة كوجوب الحج إذا زاحم ما هو أهم منه كالوجوب الأهم او الحرمة الأهم فحينئذٍ يتبدل حكم الحج الى الحرمة لأن فعله موجب لتفويت الأهم وإن كان لو عصى وحج فحجه صحيح .
ومنها الشرط / كما إذا اشترط فعل شيء او عدم فعله ضمن عقد فيجب الشيء المشروط فعله ويحرم الشيء المشروط تركه وهما حكما ثانويان لذلك الشيء بعد أن كان حكمه الأولي الإباحة فيجب الوفاء بالشرط لأن المؤمنين عند شروطهم .
ومنها الوصية / فقد يجب الشيء المباح بالوصية وهذا الوجوب حكم ثانوي تعلق بالموصى به عند طرو عنوان ثانوي عليه وهو الوصية او كونه موصى به كما اذا أوصى بالحج عنه من البلد .
ومنها الاستئجار والاستنابة / فهما سببان لوجوب ما لم يجب بالحكم الأولي كوجوب قضاء العبادات عن الميت لطرو عنوان ثانوي وهو الاستئجار عن الميت .
الى غير ذلك من موجبات تغير الأحكام الأولية وتبدل التكاليف الأساسية .
الفرق بين الحكم الأولي والحكم الثانوي
1. عرّف الحكم الأولي بأنه الحكم الشرعي المجعول للشيء أولاً وبالذات وبلحاظ عنوانه الذاتي لا بلحاظ ما يطرأ عليه من العناوين الثانوية والعوارض الأُخرى ، أما الحكم الثانوي فهو الحكم الشرعي المجعول للشيء بلحاظ ما يطرأ عليه من عناوين خارجية تقتضي تغيير حكمه الأولي .
2. إن الحكم الأولي ثابت لجميع المكلفين المخاطبين به أما الحكم الثانوي فثابت لخصوص من عرضت عنده العناوين الثانوية فحرمة أكل الميتة ثابتة لجميع المكلفين أما جوازه فثابت لخصوص من اضطر إليه ، هكذا سقوط بعض التكاليف فهو مختص بخصوص من كان في مورد التقية او من يلزمه العسر والحرج او يتحقق عنده الضرر وهكذا .
3. إن ملاك الحكم الأولي يكون في نفسه متعلقه فالمصالح والمفاسد وراء الأحكام الأولية لازمة لنفس متعلقاتها ، أما ملاك الحكم الثانوي فهو في العناوين الطارئة فملاكات الأحكام الثانوية تكون في نفس التقية والاضطرار والضرر والعسر والحرج ، او قل تكون في المتعلق لكن لا بما هو ولذاته بل بما هو متعنون بالعنوان الطارئ .
4. إن الأحكام الثانوية حيث أنها منوطة بالعناوين الثانوية ففعليتها منوطة بالمكلف فهو الذي يشخص ما إذا كان مضطراً او في تقية او عسر او حرج ، أما فعلية الأحكام الأولية فتتبع تحقق موضوعاتها وشرائطها وتحدديها منوط بالفقيه فهو الذي يحدد ما هو موضوع هذا الحكم الشرعي الأولي او ذاك نعم تشخيصها الخارجي أيضاً منوط بالمكلف ففعلية الحكم الأولي للحج وهو الوجوب منوطة بتحقق الاستطاعة وتحديد ذلك من وظيفة الفقيه الا أن تشخيص تحقق الاستطاعة خارجة من وظيفة المكلف .
الى غير ذلك مما يمكن أن يذكر من فوارق


من مواضيع : مولى أبي تراب 0 حكم الصوم في السفر
0 نيّة القطع والقاطع
0 حكم المسافر إذا خالف وظيفته من حيث القصر والتمام
0 مطهرية الشمس
0 إذا أحدث بالأصغر أثناء الغسل
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 09:09 PM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية