|
شيعي حسيني
|
رقم العضوية : 4050
|
الإنتساب : Apr 2007
|
المشاركات : 5,797
|
بمعدل : 0.90 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
الموكب الحسيني
المنتدى :
المنتدى الثقافي
يتبع
بتاريخ : 21-05-2007 الساعة : 11:00 AM
الكتلة الدائرية التي يستدير عليها الدهليز تكاد تكون بقدر مساحة الحضرة، حيث يقوم في الاعلى الصندق او الخاتم المصنوع من الصاج الفاخر ومطعم بالاصداف والزخارف النادرة وعليه الشباك الفضي المغطى بالذهب الخالص المزين بالآيات القرآنية والزخارف النباتية والفنية. اما الدهليز الذي نمشي فيه فيكاد يكون تحت رواق الطواف على الشباك تماماً.
بعد خطوات ينفتح في الكتلة الدائرية دهليز آخر أضيق قليلاً ويشكل قطراً للكتلة الدائرية، وفي منتصف القطر الذي هو منتصف الكتلة الدائرية ينهمر ضوء ساطع على فراغ حيث يقوم القبر المطهر الشريف مغموراً بالضوء بشكله المربع الذي تقدر مساحته بحدود”3 × 3 “ م. هنا وجدت رأسي يمتد ويتوقف محشوراً في المنتصف، يتملى القمر الهاشمي المضمخ بدماء الشهادة والثبات بلا ذراعين تحوم حوله تلك الهالة العظيمة التي صنعها شرف النسب والمواقف والموت التراجيدي للبطل. في هذه اللحظة اختلطت عليّ الوقائع والمخيلة عندها تذكرت كل ما قيل عن العباس”ع“ ولم استغرب كل ما يتداوله الناس بشأن هذا الولي الصالح، فهو من المنظور الميثيولوجي طبيعي جداً على وفق معطيات”الموت التراجيدي للبطل “ فكيف الامر والروايات التاريخية تشير الى انه عندما صال العباس على الظالمين الذين يحولون بين آل الرسول”ص “ والماء، انشقت امامه الجيوش وانكشفت المشرعة بعد ان انشغل المارقون بالتطلع الى بهاء طلعته وجمال وجهه الذي منحه لقب”قمر بني هاشم “، اضافة الى ضخامة جسده، حيث يقال انه”ع “ اذا ركب الفرس خطت قدماه في الارض وقد استشهد وعمره”34 “ سنة..
ازاء هذا الخاطر وجدت ان الاسمنت يغلف هالات من النور والتقوى وهي بعض اسرار قداسة ارضنا.. سألني حسن النواب: هل تشم هذه الرائحة الطيبة؟ لم أجبه. فأنا واقف الآن تماماً على المكان الذي جلس فيه الحسين”ع “ يتفقد جراح اخيه، فقد انشغلت بتحديد الاتجاه الذي ركض به سيد الشهداء الامام الحسين”ع “ بعد مصرع اخيه وحامل لوائه.. تنحيت عن مكاني ومن ثم دسست رأسي وكأني احاول تحديد المكان الذي جلس فيه الحسين ”ع “ ووضع رأس أخيه المفلوق في حجره .. من كان يشكو لمن ؟العباس الصريع ام ا لحسين الوحيد؟.. كأني اسمع حوارهما، غير آبهين بقعقعة السيوف وتصرفات الخبثاء.. المكان نفسه لم يتغير وهذا ما اشعل مخيلتي فجثمان العباس”ع “ الوحيد من بين شهداء الطف لم ينقل من مكانه ودفن في مكان مصرعه.. الدم يتوهج وارهف السمع لحوارهما.. لكن صوت الحوراء زينب جاء مشروخا مرعوبا وهي تنادي من على التل الذي سمي فيما بعد” التل الزيبني “ فجيوش ابن سعد اضرمت النيران في خيم النسوة والاطفال.. ياه.. ما اشدها من محنة من محن سيد الشهداء في تلك اللحظات وذلك اليوم.. فما بين الحوار الاخير مع حامل لوائه الذي يلفظ انفاسه الاخيرة، وما بين عويل النسوة واليتامى ومن رعب النار التي اشتعلت في اذيال ثيابهم.. وجد سيد الشهداء نفسه حائرا.. لم اسمع ولم اقرأ كلمات الوداع الاخير.. فقد نهض وحمل سيفه ليذود عن حرم رسول الله.
كان ثمة فراغ بين القبر وكتلة الدائرة التي بدا التهري على طابوقها الفرشي لقدمه.. اختلط علي الضوء والماء، ثمة رسائل واوراق تطفو ما بين الماء والضوء، التقطها وافضها برغم بللها واحاول ان اقرأها، انها رسائل شكوى واستجارة بهذا الولي الصالح من ضيم الدنيا، حاولت قراءة الاسماء والكلمات كانت رائحة الفجيعة محسوسة من الحبر المنتشر على الورق بفعل المياه، بعد لحظات اجد صورتين لفتاتين كانت المياه قد شوهت الكثير من ملامحهما، تساءلت كيف وصلت الرسائل والصور الى هنا؟.. ولماذا استجاروا بولي بلا ذراعين مكبل بالاسمنت، تذكرت ما قاله لي صابر الدوري:”بالرغم من ايماني بالعلم لكني لا استغرب ان يضع الله سبحانه وتعالى آياته في بعض اوليائه الصالحين “ اذن انه الايمان المطلق بالله ومن ثم بالاولياء الصالحين.
استدرت في الدهليز، اجتزت النصف الايسر من الكتلة الدائرية وتوقفت عند الطرف الاخر من الدهليز الوسطي الذي يشكل قطر الدائرة واطل مرة اخرى على القبر.. المياه لا تغمر القبر وانما تصل الى نصف ارتفاعه وثمة فراغ بين القبر والكتلة الدائرية.. يلوح من تحت الماء فيها الكاشي الكربلائي الذي بلطت فيه الارضية المحيطة بالقبر وكأنها وضعت فاصلة بين القبر ومن يريد الاقتراب منه.
ثمة تصدعات في قشرة الاسمنت التي تغطي القبر تغريني بالتحديق وكأنها ستقودني الى رؤية ما في القبر.. ذراعان مفتولتان مبتورتان من الساعد.. قربة مزقتها السهام.. انكسار شديد يغشي العين التي نبت فيها السهم الطائشي اذ تقل الحيلة وتعز الوسيلة ونداء العطش يطبق على الافاق.. فأين كانت هذه المياه من تلك اللحظات التي اشعلها العطش؟؟
اسحب رأسي واستدير على النصف الايمن من الكتلة الدائرية اذ اجد دهليزا ثالثا يقود الى منتصف الدائرة”القبر “ لكنه متعرج واضيق من ان تمد رأسك فيه فتعلق عند منتصفه بالطين، من الواضح ان يعود الى عصور تاريخية ليست قريبة.. اتركه لاجد نفسي عند نقطة الانطلاق اذ تنتهي الدائرة فاصعد الدرجات المرمرية حاملا معي اجابات عن الكثير من الاسئلة التي بدت لي غامضة قبل نزولي السرداب ولاجد السيد الغرابي بانتظاري.
خزائن ونفائس
سألني الغرابي: هل وجدت شيئا من الحكايات والخزائن والنفائس الملقاة على القبر؟
قلت له: كلا لم اجد شيئا.. لكن اين الخزائن؟
وهنا راح يوصف لي الخزائن بأنها نفيسة ونادرة محفوظة في مكان لا يستطيع الافصاح عنه وفيها سجلات خاصة لديه ولدى الاوقاف ولدى ديوان الرئاسة وتضم هذه النفائس تيجان من الذهب والفضة والاحجار الكريمة والدرر مهداة من ملوك وامراء ورؤساء وشخصيات من شتى الفترات التاريخية ومن مختلف بقاع الارض، وسجاد ثمين وثريات نادرة، فضلا عن مكتبة عامرة تضم نفائس المخطوطات والكتب النادرة وهذه جميعها تشكل احد اسرار الروضة العباسية المطهرة التي لم يخبرني عنها الغرابي بالرغم من اننا اصبحنا اصدقاء فيما بعد وزرت القبر من خلاله مع بعض الاصدقاء اكثر من مرة.. وقد سألت الغرابي وقتها: وهل اضاف صدام شيئا لهذه الخزائن؟
ضحك وكأنه فهم السؤال: السيد الرئيس باستمرار يرعى المراقد الدينية، واخر ما تبرع به للروضة العباسية 44 كيلو غراما من الذهب و150 كيلو غراما من الفضة لتذهيب طارمة الروضة.
من اين جاء بهذه الكمية من الذهب؟
مسك الغرابي يدي وسحبني اليه وهمس لي:
- الذهب مال العباس من النذور التي نجمعها ولدينا كميات كبيرة منه لكن صدام”يأمر “ بأن نصرف منه كذا كمية فيقال عنها مكرمة لكنه في الحقيقة لم يدفعها من جيبه ولا من امواله.
تاريخ الضريح المطهر
دفن الامام العباس”ع “ مع اخيه الحسين”ع “ وشهداء الطف بعد ثلاثة ايام من استشهادهم اي في الثالث عشر من محرم الحرام ولم يكن في هذه الارض اي معلم او بناء.. اول بناء اقيم على قبره الشريف هو سقيفة بناها المختار بن عبد الله الثقفي سنة 67 هجرية، وقبل ذلك علمت القبور من قبل الامام زين العابدين علي بن الحسين”ع “ وكان القبر معمورا في خلافة بني امية واول الخلافة العباسية. وفي سنة 247 قام الخليفة العباسي المتوكل بهدم قبري الحسين والعباس”ع “ وزرع فوقهما الزرع وجعل الثيران ترحث فوقهما، بينما كانت زوجة الخليفة تعمل بالسر على ادامة القبرين لكي لا يضيع اثرهما حتى مات المتوكل وجاء ابنه الذي اعاد القبرين واعاد لهما هيبتها. وفي سنة 369 هـ اقام الخليفة العباسي الطائع لله بن المطيع بناءً جليلا عليه ويعد اول بناء ضخم انشيء على القبر وفي سنة 1221 هـ بنيت اول قبة عليه ومئذنتين بناها امين الدولة الصدر الاعظم وغلفها بالكاشي الكربلائي. في سنة 1306 هـ امر السلطان العثماني عبد الحميد الثاني بتسقيف الايوان القبلي بالخشب الصاج الثمين، وحدث تطور على عمارة الضريح سنة 1339 هـ عندما ذهبت الواجهة الامامية من الايوان القبلي وهذه اول مرة يدخل فيها الذهب على المرقد- كما يقال - وفي عام 1955 م غلفت القبة بالذهب بعد ان كانت مغلفة بالكاشي الكربلائي.
اصداء
بعد نشر الموضوع في مجلة”الف باء “ حدثت اصداء كثير سواء في الشارع ام في اعلى مستويات الدولة، اذ نوقش الموضوع في اجتماع مجلس الوزراء وقرر تشكيل لجنة لسحب المياه الجوفية..
في اثناء ذلك اتصل بي الفريق الركن صابر الدوري من خلال الزميل حسين فوزي مدير تحرير”الف باء “ ودعاني لزيارته انا وعائلتي، وفعلا ذهبت الى كربلاء ومعي احد الاصدقاء. وقال لي: انت اسعدتني بالموضوع ولم افرح منذ زمن فكيف تريد ان افرحك؟
أجبته بأنه فرحني عندما سمح لي بالانفراد بهذا السبق الصحفي، عندها قال لي: انا وانت يجب ان نصبح اصدقاء ولانك تكتب بهذه الطريقة الهادئة التي اثارت اهتمام”القيادة“.. سأطرح عليك موضوعاً مهماَ جدا يعطيك سبقا اخر، يخص ضريح سيدنا الحسين”ع“.
ومن ثم راح يروي لي قصة طويلة عن الصخرة التي حز عليها رأس الحسين الشريف الموجودة في مكان ما من المرقد اذ تفوح منها رائحة زكية لم يعرف مثلها يقال انها انفاس فاطمة الزهراء”ع“ التي شهقت عند حز رأس ولدها الشريف وبقيت تفوح منها حتى الان.. واكد انه لم يصدق الموضوع الى ان باغته السادن في ساعة متأخرة بعد منتصف الليل وبعد تنظيف وغسل الحضرة المقدسة، اذ زار الصخرة وشم الرائحة.. واكد الدوري ان هذه كرامة اخرى من كرامات آل البيت يجب الكتابة عنها..
قلت له: هل تعتقد ان المسؤولين سيصدقون ما اكتب ومن يحميني منهم؟
قال:هذه حقائق
قلت: هل تتكفل بحمايتي
قال: لا اتدخل في الاعلام
عموما كانت مبادرة جميلة ورائعة من الرجل، فقد كان محبا لآل البيت ولأهل كربلاء ومخلصا لهم.. اتمنى ان تتسنى لنا الفرصة او لغيرنا للكتابة عن هذا الموضوع.
منقوول
|
|
|
|
|