إبن الجوزي - زاد المسير - الجزء : ( 8 ) - رقم الصفحة : ( 309 )
- ( ذكر الإشارة إلى القصة ) : ذكر أهل التفسير أن أبرهة لما سار بجنوده إلى الكعبة ليهدمها خرج معه بالفيل ، فلما دنا من مكة أمر أصحابه بالغارة على نعم الناس ، فأصابوا إبلا لعبد المطلب ، وبعث بعض جنوده ، فقال : سل عن شريف مكة ، وأخبره أني لم آت لقتال ، وإنما جئت لأهدم هذا البيت ، فانطلق حتى دخل مكة ، فلقي عبد المطلب بن هاشم ، فقال : إن الملك أرسلني إليك لأخبرك أنه لم يأت لقتال إلا أن تقاتلوه ، إنما جاء لهدم هذا البيت ، ثم ينصرف عنكم ، فقال عبد المطلب : ما له عندنا قتال ، وما لنا به يد ، إنا سنخلي بينه وبين ما جاء له ، فإن هذا بيت الله الحرام ، وبيت خليله إبراهيم عليه السلام ، فإن يمنعه ، فهو بيته وحرمه ، وإن يخل بينه وبين ذلك ، فوالله ما لنا به قوة . قال : فانطلق معي إلى الملك ، فلما دخل عبد المطلب على أبرهة أعظمه ، وأكرمه ، ثم قال لترجمانه : قل له : ما حاجتك إلى الملك ؟ فقال له الترجمان ، فقال : حاجتي أن يرد علي مائتي بعير أصابها ، فقال أبرهة لترجمانه : قل له : لقد كنت أعجبتني حين رأيتك ، ولقد زهدت الآن فيك ، حين جئت إلى بيت هو دينك ودين آبائك لأهدمنه ، فلم تكلمني فيه ، وكلمتني لإبل أصبتها ، فقال عبد المطلب : أنا رب هذه الإبل ، ولهذا البيت رب سيمنعه ، فأمر بإبله فردت عليه ، فخرج ، وأخبر قريشاً ، وأمرهم أن يتفرقوا في الشعاب ورؤوس الجبال تخوفاً من معرة الجيش إذا دخل ، ففعلوا ، فأتى عبد المطلب الكعبة ، فأخذ بحلقه الباب ، وجعل يقول :
يا رب لا أرجو لهم سواكا * يا رب فامنع منهم حماكا
إن عدو البيت من عاداكا * إمنعهم أن يخربوا قراكا
وقال أيضا :
لا هم إن المرء يمنع * رحله وحلاله فامنع حلالك
لا يغلبن صليبهم * ومحالهم عدوا محالك
جروا جميع بلادهم * والفيل كي يسبوا عيالك
عمدوا حماك بكيدهم * جهلاً وما رقبوا جلال
و هذه الرواية ليست ضعيفة و تأكدة من أنها ليست ضعيفة
الرازي - تفسير الرازي - الجزء : ( 13 ) - رقم الصفحة : ( 39 / 40 )
[ النص طويل لذا إستقطع منه موضع الشاهد ]
- ومما يدل أيضا على أن أحداً من آباء محمد (ع) ما كان من المشركين ، قوله (ع) : لم أزل أنقل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات ، وقال تعالى : إنما المشركون نجس ، ( التوبة : 28 ) ، وذلك يوجب أن يقال : إن أحداً من أجداده ما كان من المشركين ، إذا ثبت هذا فنقول : ثبت بما ذكرنا أن والد إبراهيم (ع) ما كان مشركاً ، وثبت أن آزر كان مشركاً ، فوجب القطع بأن والد إبراهيم كان إنساناً آخر غير آزر.