|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 7227
|
الإنتساب : Jul 2007
|
المشاركات : 329
|
بمعدل : 0.05 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
أبو الحر
المنتدى :
المنتدى العقائدي
بتاريخ : 04-08-2007 الساعة : 04:41 PM
كانت بيعة الناس لأمير المؤمنين (عليه السلام) بمنزلة صاعقة حلّت بقريش وكلّ من يكنّ العداء للإسلام، فحكومة الإمام هي امتداد لحكومة رسول الله (صلى الله عليه وآله) التي أذلّت الظلم والعدوان والبغي، وجاءت بالعدل والمساواة والحقّ والفضيلة، وحطّمت المصالح الاقتصادية القائمة على الربا والاحتكار والاستغلال، فعزّ على كثير من كبار قريش أن يكونوا على قدم المساواة مع أيّ مواطن آخر من أيّ فئة كانت في حكومة الإمام عليّ (عليه السلام) الذي طالت إصلاحاته ولاة عثمان .
وقد كان كلّ من طلحة والزبير يرى نفسه قريناً لأمير المؤمنين (عليه السلام)، بعدما رشّحهما عمر للخلافة فكان يتوقّع كلّ منهما أن يلي حكومة جزء كبير من البلاد الإسلامية على أقلّ تقدير، وكان لعائشة المقام المرموق لدى الخلفاء السابقين حيث كانت تتحدّث كما تشاء، وهي الآن تعلم أن لا مجال لها في حكومة تعتمد القرآن والسنّة مصدراً ودستوراً للتشريع والتنفيذ .
وكان معاوية يتصرّف في الشام تصرّف الحاكم المطلق المتفرّد والطامع في السيادة الإسلامية العظمى جادّاً في تولّي اُمور الاُمّة الإسلامية بصورة تامّة، فكانت المفاجأة لجميع هؤلاء بقرارات الإمام وتخطيطه للإصلاح الشامل إضافةً الى تضرّر مجموعة أو مجموعات كانت تستغل مناصبها في عهد عثمان وهي الآن قد فقدت مصدر ثرواتها، فإنّ وجود الإمام في قمّة السلطة كان يُعدّ تهديداً صارخاً للخطّ القبلي المنحرف الذي سارت عليه قريش ، لأنّ الإمام عليّاً (عليه السلام) قد عرف بأنّه القادر على رفع راية الإسلام الحق من دون أن تأخذه في الله لومة لائم، ولهذا فهو سيكشف زيف الخطّ المنحرف دون تردّد.
من هنا اجتمعت آراؤهم وأهواؤهم على إثارة الفتن للحيلولة دون استقرار الحكم الجديد، ولم يكن تقلّب الوضع السياسي ووجود العناصر المعادية للاتّجاه الصحيح لمسيرة الحكومة الإسلامية غريباً على الإمام عليّ (عليه السلام); فقد أخبره النبي (صلى الله عليه وآله) بتمرّد بعض الفئات على حكمه، وعهد إليه بقتالهم كما أ نّه قد سمّاهم له بالناكثين والقاسطين والمارقين[2]. عائشة تعلن التمرّد :
كان موقف السيّدة عائشة من عثمان غريباً متناقضاً لا يليق بمقام امرأة تعدّ من نساء النبي (صلى الله عليه وآله)، فكانت تردّد قولها: «اقتلوا نعثلاً»، وتحرّض الناس على التمرّد عليه وعلى قتله[3]، وقد خرجت من المدينة الى مكّة أثناء محاصرة عثمان من قبل الثوار وهي تتوقّع النهاية السريعة لعثمان، ومن ثمَّ فوز قريبها طلحة بالخلافة ، والاستيلاء على الحكم.
وحين فوجئت بأنّ الأمر قد استقرّ ـ بعد بيعة الناس الى الإمام عليّ(عليه السلام)، كرّت راجعة نحو مكّة بعد أن كانت قد عزمت على الرجوع الى المدينة[4]، وأعلنت حزنها وتظلّمها على عثمان، فقيل لها: أنتِ التي حرّضت على قتله فاختلقت عذراً واهياً، فقالت: إنّهم استتابوه ثمّ قتلوه[5]. وكأنّها كانت حاضرة تشهد مقتله.
وأعلنت السيدة عائشة حربها ضدّ الإمام عليّ (عليه السلام) في خطابها الذي ألقته في مكّة محرّضة أتباعها على الحرب[6].
وطمعت السيدة عائشة في توسيع جبهتها ضدّ الإمام عليّ (عليه السلام) فحاولت مخادعة أزواج النبيّ (صلى الله عليه وآله) للخروج معهنّ ضدّ الإمام، فامتنعن من ذلك، وحاولت اُمّ سلمة أن تنصحها عسى أن ترجع عن غيّها، وتجنّب الاُمّة البلاء والدماء، فقالت لها: إنّك كنت بالأمس تحرّضين على عثمان وتقولين فيه أخبث القول وما كان اسمه عندك إلا نعثلاً، وإنّك لتعرفين منزلة عليّ بن أبي طالب عند رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أفاُذكّرك؟ قالت اُمّ سلمة: أتذكرين يوم أقبل (عليه السلام) ونحن معه حتى إذا هبط من قديد ذات الشمال خلا بعليّ يناجيه، فأطال فأردت أن تهجمين عليهما فنهيتك فعصيتِني فهجمتِ عليهما، فما لبثتِ أن رجعت باكية، فقلتُ: ما شأنك؟ فقلتِ: إنّي هجمت عليهما وهما يتناجيان، فقلتُ لعليّ: ليس لي من رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلاّ يوم من تسعة أيام أفما تدعني يا ابن أبي طالب ويومي؟ فأقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليَّ وهو غضبان محمرّ الوجه، فقال: «ارجعي وراءك والله لا يبغضه أحدٌ من أهل بيتي ولا من غيرهم من الناس إلاّ وهو خارج من الإيمان»، فرجعتِ نادمة ساخطة، قالت عائشة: نعم أذكر ذلك، قالت اُمّ سلمة: أيّ خروج تخرجين بعد هذا؟ فقالت عائشة: إنّما أخرج للإصلاح بين الناس، وأرجو فيه الأجر إن شاء الله، فقالت اُمّ سلمة: أنتِ ورأيكِ، فانصرفت عائشة عنها[7].
وروي: أنّ نساء النبيّ (صلى الله عليه وآله) خرجن مع عائشة الى منطقة «ذات عرق» ويبدو أنّهنّ حاولن إرجاع عائشة الى المدينة والحيلولة دون وقوع الفتنة، فلم يتوصّلن إلى حلّ فبكين على الإسلام وبكى الناس معهنّ، وسمّي ذلك اليوم بـ «يوم النحيب»[8].
__________________________________________________ ___ [1] وقعت معركة الجمل في جمادى الآخرة عام (36) هـ . [2] مستدرك الحاكم: 3 / 139، وتأريخ بغداد: 8 / 340، ومجمع الزوائد: 9 / 235، وكنز العمال: 6 / 82. [3] شرح ابن أبي الحديد: 6 / 215، وكشف الغمة: 3 / 323. [4] الكامل في التأريخ: 3 / 206. [5] الكامل في التأريخ : 3 / 206. [6] تأريخ الطبري: 3 / 474. [7] شرح النهج لابن أبي الحديد: 6 / 217، وبحار الأنوار: 32 / 149. [8] الكامل في التأريخ: 3 / 209.
|
|
|
|
|