اهتم عدد من علماء المسلمين السنة والشيعة بتأليف كتاب يحتوي على أربعين حديثاً ، في موضوع واحد ، أو مواضيع متعددة ، لقول النبي’: (من حفظ من أمتي أربعين حديثاً ينتفعون به بعثه الله يوم القيامة فقيهاً عالماً). وقد أوردت معاجم المؤلفات أسماء العديد منها:
من ذلك: الأربعون حديثاً لمحمد بن المقري المتوفى381 (معجم المؤلفين: 8/210) ، والأربعون حديثاً لابن أبي الصيف المتوفى 609، عن أربعين شيخاً في أربعين بلداً (الأعلام:6/36) ، والأربعون حديثاً الطائية لأبي الفتوح الطائي المتوفى سنة 555 عن أربعين شيخاً (الأعلام:7/24)، والأربعون حديثاً في العبادات، لابن أبي زيد الأندلسي (الأعلام:8/240) والأربعون البلدانية لابن عساكر ، والأربعون في الجهاد للمقري ، والأربعون العشارية للعراقي ، وهي مطبوعة .
ومن أشهرها عند الشيعة الأربعون حديثاً للبهائي من الشيعة ، والأربعون حديثاً للنووي من السنة .
وقد أورد الطهراني&في المجلد الأول من الذريعة نحو ثمانين كتاباً لمؤلفين شيعة باسم:الأربعون حديثاً، وقال في ص1/409: (قد تحققت السنة الأكيدة البالغة إلينا بالطرق الصحيحة عن سيد الرسل’بقوله: من حفظ على أمتي أربعين حديثاً..إلخ. قال شيخنا الشهيد سنة 786 في أول أربعينه: إن حديث حفظ الأربعين هو المشهور في النقل الصحيح عنه’.
كما عقد العلامة المجلسي في أول مجلدات البحار باباً لمن حفظ أربعين حديثاً ، أورد فيه ما وصل إليه من رواياته عن كتب كثيرة بأسانيد متعددة ومتون متقاربة ، وقال في آخر الباب: هذا المضمون مشهور مستفيض بين الخاصة والعامة بل قيل إنه متواتر). انتهى. (ورواه في الكافي:1/49 ، ونحوه في عيون أخبار الرضا×: 1/28و41 ، والخصال ص541 ، و542، والأمالي ص382 ، وثواب الأعمال ص134، وغيرها) .
ونسبه العلامة الى النبي’بلا ترديد في تحرير الأحكام:1/40فقال: قال’:من حفظ من أمتي أربعين حديثاً ينتفعون به ، بعثه الله يوم القيامة فقيهاً عالماً ).
ورواه في كنز العمال:10/158 بألفاظ متقاربة وطرق متعددة ، منها: (من حفظ على أمتي أربعين حديثاً من سنتي أدخلته يوم القيامة في شفاعتيـ ابن النجارـ عن أبي سعيد.
من حمل من أمتي أربعين حديثاً بعثه الله يوم القيامة فقيهاً عالماً ـ عن أنس .
وفي ص164 من تعلم أربعين حديثاً ابتغاء وجه الله تعالى ليعلم به أمتي في حلالهم وحرامهم ، حشره الله يوم القيامة عالماً ـ أبونعيم ـ عن علي.
وفي ص224من حفظ على أمتي أربعين حديثاً من أمر دينها ، بعثه الله يوم القيامة فقيهاً عالماً ـ عد في العلل ـ عن ابن عباس عن معاذ ، حب في الضعفاء ـ عن ابن عباس ، ابن سعد وابن عساكر من طرق عن أبي هريرة ، ابن الجوزي عن أنس .
من حفظ على أمتي أربعين حديثاً فيما ينفعهم من أمر دينهم ، بُعث يوم القيامة من العلماء، وفضل على العالم على العابدسبعين درجة، الله أعلم بمابين كل درجتينـ ع، عد ، هب ـ عن أبي هريرة . انتهى . ونحوه الأحاديث التي بعده الى رقم 29192 .
ومن طريف ما رواه في كنز العمال:10/232من كتب عني أربعين حديثاً رجاء أن يغفر الله له ، غفر له وأعطاه ثواب الشهداء . ابن الجوزي في العلل ، عن ابن عمرو .
لكن مع تصحيح علماء الشيعة لهذا الحديث ، وكثرة طرقه عند السنيين ، وعمل الجميع به ، وتأليفهم الكتب الأربعينية ، فلا عبرة بتضعيفهم له !!
~ ~
الأسئلة
1 ـ ما رأيكم في أسانيد حديث (من حفظ على أمتي أربعين حديثاً..) ، ولماذا لا تأخذون بسنده الصحيح من طرق أهل البيت^؟
2 ـ من الواضح أن هدف النبي’أن تصل أحاديثه وما أوحاه الله اليه الى أوسع نطاق من الأمة والعالم ، وأن يحفظ الصحابة والرواة هذه الأحاديث ويعلموها للناس ، بمختلف الوسائل المناسبة المتجددة في كل عصر .
فلماذا لاتعترفون بأن عمر نقض هذا الغرض النبوي في إصراره على تغييب السنة ومنع تدوينها ، وحتى التحديث بها ، ومعاقبته على ذلك ؟!
متى تم الإفراج عن تدوين السنة وبأي شروط؟!
استطاع عمر بن الخطاب أن يمنع الأمة من كتابة حديث نبيها’! واستبدلها بإسرائيليات تميم الداري التي كان يلقيها في المسجد النبوي يومين أسبوعياً !! ثم زاده عثمان يوماً آخر ، فصارت مجالس تميم ثلاثة أيام .
ثم أضاف اليه كعب الأحبار وأعطاه يومين في الأسبوع !
ولك أن تقدر حالة أهل البيت^والصحابة الأبرار ، الذين حرَّم عليهم عمر باسم مصلحة الإسلام أن يقولوا: قال رسول الله’!!
وحالة الجمهور المتعطش لمعرفة سيرة نبيه ومعجزاته وأحاديثه’!
وهذا التعطش يفسر لنا الخروقات لقانون عمر ، التي لم يستطع السيطرة عليها !
وقد استمر منع التحديث وكتابة الحديث بعد عمر في خلافة عثمان ، لكنه كان متسامحاً غالباً في خرق المنع ، فكثرت في زمنه الخروقات !
ومع أن عصر خلافة علي×الذي دام أكثر من خمس سنوات ، كَسَرَ منع عمر وفتح الباب على مصراعيه للتحديث عن النبي’وكتابة حديثه.. لكن ما أن استشهد الإمام×وسيطر معاوية حتى أعاد سياسة المنع العمرية ! فكان معاوية يقول: ( عليكم من الحديث بما كان في عهد عمر ، فإنه كان قد أخاف الناس في الحديث عن رسول الله (ص). (تذكرة الحفاظ للذهبي:1/5)
وعادت سياسة المنع ، وغالى فيها المتعصبون لعمر ، ورووا الأحاديث التي تنهى عن كتابة التحديث، وكان بعضهم ينظر الى كتابة الأحاديث على أنها إثم! لكن ذلك لم يمنع انتشار التحديث الشفهي خاصة أن السلطةكانت بحاجة اليه !
وهكذا استمر منع التدوين أكثر من قرن من الزمان ، حتى دعا عمر بن عبد العزيز الأموي ، في مطلع القرن الثاني علماء السلطة الى كتابته ، وعمل شخصياً على كسر حرمة الكتابة !
( قال أبو قلابة: خرج علينا عمر بن عبد العزيز لصلاة الظهر ومعه قرطاس، ثم خرج علينا لصلاة العصر وهو معه فقلت له: يا أمير المؤمنين ما هذا الكتاب ؟ قال: حديث حدثني به عون بن عبد الله ، فأعجبني فكتبته). (الدارمي:1/130) .
لكن مع ذلك ، تأخرت استجابتهم لدعوته فترة زمنية طويلة !
قال الدارمي:1/126عن عبد الله بن دينار قال كتب عمر بن عبد العزيز الى أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: أن أكتب الى بما ثبت عندك من الحديث عن رسول الله (ص) ، وبحديث عمر ، فإني قد خشيت درس العلم وذهابه ) .
وفي طبقات ابن سعد:8/480: (أخبرنا يزيد بن هارون ، عن يحيى بن سعيد ، عن عبد الله بن دينار قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن محمد بن حزم أن: أنظر ما كان من حديث رسول الله(ص)، أو سنة ماضية ، أو حديث عمرة (خادمة عائشة) فاكتبه ، فإني خشيت دروس العلم وذهاب أهله ).
وفي تنوير الحوالك للسيوطي ص4: (وأخرج الهروي في ذم الكلام من طريق يحيى بن عبدالله بن دينار ، قال: لم يكن الصحابة ولا التابعون يكتبون الحديث إنما كانوا يؤدونها لفظاً ويأخذونها حفظاً ، إلا كتب الصدقات والشئ اليسير الذي يقف عليه الباحث بعد الإستقصاء ، حتى خيف عليه الدروس وأسرع في العلماء الموت ، فأمر أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز أبا بكر الحزمي فيما كتب إليه: أن انظر ما كان من سنة ، أو حديث عمر ، فاكتبه ).
شروط عمر بن عبد العزيز لتدوين السنة !
الشرط الأول: أن يقوم بالمشروع أمويون دون سواهم ! فالخليفة الأموي هو صاحب المشروع ، وقد طلب أن يُرسل اليه كل ما يدون ! لكنه مات قبل أن يرسل اليه ابن حزم وغيره ما جمعوه .
والمكلف بالمشروع ابن حزم الأنصاري النسب ، الأموي الهوى ، وهو والي بني أمية على المدينة ، ثم قاضيهم فيها ! الذي كان يلبس خاتماً ذهبياً بارزاً ، وكان راتبه ثلاث مئة دينار، وهو مبلغ كبير في ذلك العصر. قال الذهبي في سيره:5/313: (أبو بكر بن محمد ابن عمرو بن حزم ... أمير المدينة ، ثم قاضي المدينة ... قال أبوالغصن المدني: رأيت في يد أبي بكر بن حزم خاتم ذهب فصُّهُ ياقوتة حمراء! قلت: لعله ما بلغه التحريم ! ويجوز أن يكون فعله وتاب! وقيل: كان رزقه في الشهر ثلاث مئة دينار... وقيل: مات في سنة سبع عشرة). انتهى .
ومع الوالي والقاضي ابن حزم: ابن شهاب الزهري ، من علماء البلاط الأموي ، أخذ علم الحديث من سالم ونافع عبدي عمر ، وكان يرى أن أحاديث أبي بكر وعمر وعثمان سنة كسنة رسول الله ’! ففي طبقات ابن سعد:2/388: (وأخبرت عن عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر أخبرني صالح بن كيسان قال: اجتمعت أنا والزهري ونحن نطلب العلم فقلنا نكتب السنن، قال وكتبنا ما جاء عن النبي(ص).
قال ثم قال: نكتب ما جاء عن الصحابة فإنه سنة ! قال قلت: إنه ليس بسنة فلا نكتبه ، قال فكتب ولم أكتب ، فأنجح وضيعت...!!
وأخبرت عن عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن الزهري قال: كنا نكره كتاب العلم ، حتى أكرهنا عليه هؤلاء الأمراء ...!
وأخبرت عن عبد الرزاق قال: سمعت معمراً قال: كنا نرى أنا قد أكثرنا عن الزهري حتى قتل الوليد ، فإذا الدفاتر قد حملت على الدواب من خزائنه ، يقول من علم الزهري ! ) . انتهى.
فسبب تَحَسُّر ابن كيسان أن زميله الزهري ( أنجَحَ ) بكتابة سنة الخلفاء ، وفاز بجائزة الدولة ، ومنها ألوف الوليد بن عبد الملك بن مروان التي قبضها الزهري ثمناً لدفاتره ! أما هو فلم (يُنجح) لأنه اقتصر على سنة النبي’!
والشرط الثاني: أن تدون أحاديث أبي بكر وعمر وعثمان وسنتهم ، وأحاديث عائشة الى جانب أحاديث النبي’أما أحاديث أبي هريرة فقد كتب لهم الخليفة: ( إلا حديث أبي هريرة ، فإنه عندنا ) ! (الطبقات: 7/447)
وقد تقدم ذلك في كلام صالح بن كيسان ، وفي مرسوم الخليفة لابن حزم: (أنظر ما كان من حديث رسول الله ، أو سنة ماضية ، أو حديث عمرة ، فاكتبه) ، فسنة أبي بكر وعمر وعثمان سنة ماضية شرعية ، يجب أن تدون مع سنة النبي ’ومعها حديث عائشة ، لأن أحاديث عمرة هي أحاديث عائشة !
قال الذهبي في من له رواية في كتب الستة:2/514: (عمرة بنت عبد الرحمن ... من فقهاء التابعين ، أخذت عن عائشة وكانت في حجرها . ماتت 106 ).
وقال ابن سعد في الطبقات:2/387: أن عمر بن عبد العزيز قال: (ما بقي أحد أعلم بحديث عائشة منها ، يعني عمرة ، قال: وكان عمر يسألها ).
وفي طبقات المحدثين بأصبهان:2/190: عن (عبد الله بن دينار قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن أرطاة: أنظر ما كان من حديث عمرة عن رسول الله (ص) فاكتبه ، فإني أخشى ذهاب العلماء ودروس العلم). انتهى.
وقد مات الخليفة الأموي ، ومات ابن حزم والزهري ، قبل نشر ما جمعوه، (فتوفي عمر وقد كتب ابن حزم كتباً قبل أن يبعث بها إليه).( تنوير الحوالك4 ) ، وتأخر ظهور المسانيد نصف قرن آخر !
وقد ورث العباسيون خلافة بني أمية ، وورثوا منها هذا المشروع وعدَّلوا في شروطه ، وكلف المنصور العباسي مالك بن أنس أن يكت كتاباً سهلاً موطأً ليفرضه على الناس ويحملهم عليه ، فألف له ( الموطأ ) ونشره الخليفة ، وألزم به المسلمين! ولكن الخط الأموي عاد وغلب في زمن المتوكل العباسي فألفوا الصحاح الستة وغلبت الموطأ ، لأنها أقرب منه الى خط عمر ومعاوية !
الأسئلة
1 ـ إذا كان عمل عمر في منع كتابة السنة غير شرعي، فلماذا تدافعون عنه؟ وإذا كان شرعياً فلماذا خالفتموه وكتبتم ؟!
2 ـ ألا ترون أن تأخير كتابة السنة النبوية قرناً أو قرنين من الزمان ، قد كلف السنة الشريفة خسارات أساسية كبيرة ؟!
ـ فلو أن عمر سمح للصحابة أن يدونوا السنة ، لوصلت إلينا بأسانيد عالية بواسطة واحدة ، بينما صارت الآن بوسائط عديدة ! والفرق كبير بين الحديث المنقول بواسطة راو واحد ، أو عن بضعة رواة ، على مدى قرن أو قرنين ؟!
ـ ولكان كذب الرواة على رسول الله’قليلاً ، بينما هو اليوم كثير كثير !
ـ ولكانت رقابة الصحابة وتذكيرهم لبعضهم عاملاً مهماً في ضبط السنة ، بينما كتبت السنة برضا الحكام بلا رقابة على المؤلفين !
ـ ولوصلت الينا أحاديث المعارضة لحكم أبي بكر وعمر وعثمان ، بينما لا نجد منها اليوم إلا لقليل !
ـ ولظهرت مكانة العترة النبوية الذين أمر النبي’الأمة أن تتمسك بالقرآن وبهم ، ولنقدوا أحاديث النبي’وبينوا الصحيح منها والمكذوب !
فهل تعترفون بأن عمر يتحمل مسؤولية ذلك جميعاً ؟!
3 ـ ما هو أقدم كتاب في الحديث عندكم ؟وهل كَتَبَ البخاري صحيحه نقلاً من كتب لمؤلفين قبله ، أو من أفواه الرواة ؟!
4 ـ يمتاز شيعة أهل البيت^بأنهم لم يطبقوا تحريم عمر ، وواصلوا التحديث وكتابة الحديث عن النبي’والأئمة من العترة الطاهرة^.
ومن جهة أخرى ، فإن حضور الأئمة من العترة النبوية^الذي هو امتدادٌ لوجود النبي’بحكم عصمتهم وعلمهم^قد استمر ثلاثة قرون وكان الرواة يتلقون منهم الحديث النبوي ويكتبونه مباشرة ، وكان الراوي الذي عنده كتاب يسمى(صاحب أصل)، ثم جاء مؤلفوا الموسوعات كالكليني والصدوق ومن بعدهم فألفوا موسوعاتهم من تلك الأصول المكتوبة ، ووثقوها بالسماع المباشر . ألاترون أن ذلك يمثل ميزةً كبرى للأحاديث المروية في مصادرنا ، وأنها أدقُّ في نقل معاني الأحاديث النبوية وألفاظها ، وأصحُّ من مصادركم التي اعتمدت محفوظات راوٍ عن راوٍ عن راوٍ ، لمدة قرنين من الزمان ؟!
وقد أخبرني السيد مرتضى الرضوي أن الكاتب المصري الدكتور حفني داود كان يقول له: ألاحظ أن أحاديثكم مروية بألفاظ النبي’وأهل البيت^، بينما أحاديثنا مروية بالمعنى ! فما رأيكم بذلك ؟!
5 ـ لماذا لم يكلف الخليفة الأموي غير ابن حزم والزهري بكتابة السنة ، وأين هو عن بقية علماء الإسلام، وأين هو عن الإمامين محمد الباقر وجعفر الصادق ‘، وهو يعرفهما جيداً ، وقد طبقت شهرتهما في عصره الآفاق ؟!
6 ـ كيف تثقون بالزهري وابن حزم ، وهما موظفان عند بني أمية ، وهذه أخبار ترفهما وتقربهما الى السطة في مصادر الجرح والتعديل ؟!
7 ـ هل أن سنة أبي بكر وعمر وعثمان وعائشة برأيكم ، سنةٌ شرعية تعبَّدنا الله تعالى بها كسنة النبي’؟!
8 ـ قال مالك في الموطأ: (عمر بن عبد العزيز كتب إلى أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن: أنظر ما كان من حديث رسول الله(ص)أو سنة ، أو حديث عمر ، أو نحو هذا ، فاكتبه لي). انتهى. (تنوير الحوالك ص6) . فهل الحديث النبوي غير السنة وما معنى قوله (أو نحو هذا) ؟!
9 ـ ما قولكم في زعم البخاري أن عمر بن العزيز أمر ابن حزم أن لايقبل إلا حديث النبي’؟ قال في صحيحه:1/33: (وكتب عمر بن عبد العزيز الى أبي بكر بن حزم: أنظر ما كان من حديث رسول الله(ص)فاكتبه ، فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء ، ولا تقبل إلا حديث النبي(ص) . انتهى.
فمن أين أتى به البخاري ، وهل قاله إلا ليرفع خلطهم لسنة النبي’بغيرها ؟!
كيف صار الرافضونَ لسنة النبي’أهل السنة والجماعة !!
من مفارقات التاريخ وما أكثرها ، أن الذي واجه النبي’في مرض وفاته ومنعه من كتابة وصيته وعهده لأمته ، ورفع في وجهه شعار رفض سنته فقال لهكتاب الله حسبنا) ! صار هو رئيس الدولة بعد النبي’!!
وأن الذي أصدر مرسوماً من دار الخلافة بتحريم كتابة السنة النبوية ونهى عن التحديث بها.. صارت دولته دولة السنة ، وصار أتباعها: (أهل السنة والجماعة) !
أما الذين جاهدوا من أجل تبليغ سنة النبي’وتدوينها، وتحملوا اضطهاد الحكومات وعقوبات المنع ، فصاروا أعداء السنة والخارجين عن الجماعة !
إنها السياسة التي تجعل الأبيض أسود كالليل ، والفحم أبيض كالثلج !!
والذي حدث أن السلطة الأموية اختارت اسم(عام الجماعة) لعام تسلط معاوية على المسلمين ، وسمت أتباعها (أهل الجماعة) ، وسمت من خالفهم (أهل الفرقة والفتنة). ثم طورت إسم أتباعها فصار (أهل السنة والجماعة) ! وصار اسم من خالفهم (أهل البدعة والفرقة ) !
 
الأسئلة
1 ـ ما معنى قول عمر للنبي’الذي رواه البخاري في عدة مواضع من صحيحه: (قال عمر إن النبي غلبه الوجع وعندنا كتاب الله حسبنا ، فاختلفوا وكثر اللغط !! قال: قوموا عني ولاينبغي عندي التنازع! فخرج ابن عباس يقول إن الرزيئة كل الرزيئة ما حال بين رسول الله وبين كتابه)!! (صحيح البخاري:1/37)
وما حكم من قال في عصرنا: حسبنا كتاب الله ، لا نريد سنة النبي’؟!
2 ـ مهما كان دفاعكم عن عمر ومؤيديه الذين صاحوا في وجه النبي’: (القول ماقاله عمر) ! فهل يصدق عليهم: (أهل السنة النبوية) أم السنة العمرية ؟!
3 ـ في تهذيب الكمال:2/269: (عن أبي نضرة العبدي: قال رجل منا يقال له جابر أو جويبر: طلبت حاجة إلى عمر في خلافته فانتهيت إلى المدينة ليلاً ، فغدوت عليه...وإلى جنبه رجل أبيض الشعر أبيض الثياب . . . فقلت: يا أمير المؤمنين من هذا الرجل الذي إلى جنبك؟ قال: سيد المسلمين أبيُّ بن كعب ) .
وفي تحفة الأحوذي:10/271فضل أبي بن كعب رضي الله عنه)هو أبيُّ بن كعب الأنصاري الخزرجي كان يكتب للنبي(ص)الوحي وهوأحد الستة الذين حفظوا القرآن على عهد رسول الله(ص)، وأحد الفقهاء الذين كانوا يفتون على عهد رسول الله(ص) ، وكان أقرأ الصحابة لكتاب الله تعالى، كنَّاهُ النبي (ص)أبا المنذر، وعمر أبا الطفيل! وسماه النبي(ص): سيد الأنصار، وعمر: سيد المسلمين . مات بالمدينة سنة تسع عشرة ).
وفي تاريخ المدينة لابن شبة:2/691: (حدثني أبو عمرو الجملي ، عن زاذان أن عمر خرج من المسجد فإذا جَمْعٌ على رجل فسأل: ما هذا؟ قالوا: هذا أبي بن كعب كان يحدث الناس في المسجد ، فخرج الناس يسألونه ، فأقبل عمر حرداً فجعل يعلوه بالدرة خفقاً ، فقال: يا أمير المؤمنين أنظر ما تصنع ! قال: فإني على عمد أصنع ، أما تعلم أن هذا الذي تصنع فتنة للمتبوع مذلة للتابع)! انتهى.
فمن هو الأحق باسم أهل السنة: أبيُّ بن كعب الذي ضربه عمر من أجل تحديثه المسلمين بأحاديث رسول الله’أم عمر الذي ضربه بجرم نشر السنة؟!
المعنى الأصلي لأهل السنة والجماعة: أهل سنة عمر وجماعة معاوية !
المعنى المشهور في عصرنا لإسم (أهل السنة والجماعة) أنهم أتباع المذاهب الأربعة المعروفة بالمذاهب السنية: المالكي والحنفي والشافعي والحنبلي .
وفي المقابل يزعم السلفيون أو الوهابيون أنهم هم (أهل السنة والجماعة) مع أن أسلافهم متعصبةُ الحنابلة كانوا يعرفون باسم: المجسمة ، أو حشوية أهل الحديث . لكنهم يحاولون إثبات أن أئمة المذاهب وكبار علمائها كانوا يقولون مثلهم بالتجسيم ، ويفسرون الصفات الإلهية على ظاهرها الحسي بلا تأويل !
لكن عند البحث عن أصل هذه التسمية نكتشف أن معنى(أهل السنة)عند الأمويين ليس الحديث النبوي ، بل أهل سنة أبي بكر وعمر وعثمان ! وأن السنة التي أمر عمر بن عبد العزيز بتدوينها هي سنة الخلفاء الى جانب أحاديث النبي’!
فقد كتب في مرسومه الى ابن حزم: (أنظر ما كان من حديث رسول الله(ص) ، أو سنة ماضية ، أو حديث عمرة ، فاكتبه فإني خشيت دروس العلم وذهاب أهله ). (طبقات ابن سعد:8/480) ( أنظر ما كان من حديث رسول الله، أو سنة، أو حديث عمر ، أو نحو هذا ، فاكتبه لي ). (تنوير الحوالك ص6) .
وفي طبقات ابن سعد:2/388: (وأخبرت عن عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر أخبرني صالح بن كيسان قال: اجتمعت أنا والزهري ونحن نطلب العلم فقلنا نكتب السنن ، قال وكتبنا ما جاء عن النبي(ص)قال: ثم قال: نكتب ما جاء عن الصحابة فإنه سنة ! قال قلت إنه ليس بسنة فلا نكتبه ، قال فكتب ولم أكتب فأنجح وضيعت...!!). انتهى . فهذه النصوص تدل على أن مقصود الخليفة الأموي بالسنة الماضية ليس الحديث والسنة النبوية، فقدجعلها قسيماً لحديث النبي’!
قد يقال: إن السنة عند الزهري وبني أمية تعني سنة النبي’، لكنها تشمل أيضاً سنة الخلفاء وسيرتهم ؟
والجواب: أن هذا صحيح في فهمنا اليوم ، لكن في مرسوم عمر بن عبد العزيز: ( أنظر ما كان من حديث رسول الله ، أو سنة ، أو حديث عمر ، أو نحو هذا، فاكتبه لي) فقد جعل (السنَّة الماضية) مقابل الحديث النبوي ، مضافاً الى القرائن الأخرى على أنهم كانوا يستعملون السنة في عصر عمر وعثمان ومعاوية بمعنى سنة الخلفاء دون سنة النبي ! وأحياناً بمعنى يشمل سنة النبي’وسنة أبي بكر وعمر، وأحياناً يعبرون بسيرة أبي بكر وعمر ! فقد جعلوا أقوال أبي بكر وعمر وعملهما سنة كسنة النبي’! كما رأيت في مناقشة صالح بن كيسان للزهري !
ولذلك رفض علي×في الشورى عرض عبد الرحمن بن عوف عليه أن يبايعه على كتاب الله وسنة رسوله’وسنة الشيخين ، لأنه يعني أن يعترف بأن سيرتهما جزءٌ من الإسلام !
ففي مسند أحمد:1/75: (عن أبي وائل قال: قلت لعبد الرحمن بن عوف: كيف بايعتم عثمان وتركتم علياً ؟ قال: ما ذنبي، قد بدأت بعلي فقلت أبايعك على كتاب الله وسنة رسوله وسيرة أبي بكر وعمر؟ قال فقال: فيما استطعت . قال: ثم عرضتها على عثمان فقبلها ) .
وفي فتح الباري:13/171: (فقال أي عبد الرحمن مخاطباً لعثمان: أبايعك على سنة الله وسنة رسوله وخليفتيه من بعده... فقال نعم فبايعه ).
وفي الفصول للجصاص:4/55: (فقال علي: أعمل بكتاب الله وسنة نبيه ، واجتهاد رأيي ، وعرضه على عثمان فقبله على ما شرطه عليه ).
وفي محصول الرازي:6/87: (قال لعثمان أبايعك على كتاب الله وسنة رسوله وسيرة الشيخين ، فقال نعم ، وكان ذلك بمشهد من عظماء الصحابة ولم ينكر عليه أحد فكان ذلك إجماعاً ! فإن قلت: إن علياً خالف فيه؟ قلت: إنه لم ينكر جوازه لكنه لم يقبله ونحن لانقول بوجوبه). ونحوه في أحكام الآمدي:4/207 وغيره.
وفي كفاية الخطيب ص150: (عن ابن سيرين قال: كان في زمن الأول الناس لا يسألون عن الإسناد حتى وقعت الفتنة ، فلما وقعت الفتنة سألوا عن الإسناد ليحدث حديث أهل السنة ، ويترك حديث أهل البدعة) . انتهى.
يقصد بذلك أنه بعد فتنة عثمان صار المطلوب عند المحدثين أن يكون الراوي من أهل السنة أي سنة عمر ، وإن كان شيعياً فيجب أن يكون حديثه حديث أهل السنة ، أي يرتضيه أهل سنة عمر !
وفي أمالي الطوسي ص709: ( فقال علي×: عليَّ عهد الله وميثاقه ، لئن وليت أمركم لأعملن بكتاب الله وسنة رسوله’).
سنة عمر مطلب لدهماء الناس !
فقد عمل عمر على تركيز سنته في دهماء الناس تشبُّهاً برسول الله’!
روى مالك في الموطأ:2/824 ،عن عمرثم قدم المدينة فحطب الناس ، فقال: أيها الناس: قد سنت لكم السنن ، وفرضت لكن الفرائض ، وتركتم على الواضحة . إلا أن تضلوا بالناس يميناً وشمالاً ). انتهى.
وكان بعضهم مشغوفاً بسنة عمر حتى لو كانت مخالفة لسنة رسول الله’!
وعندما يقول السنيون سنة الخلفاء أو سنة الصحابة ، فالعمدة فيها سنة عمر بن الخطاب ، لأن خلافة أبي بكر كانت قصيرة ، وعثمان مختلف فيه عندهم.
وقد أفرط أتباع عمر في إطاعته في حياته وبعد وفاته ، حتى اشتكت عائشة من اتِّباع الناس لعمر في تحريمه الطيب في مني ، فقالت: (كنت أطيِّب رسول الله (ص) إذا رمى جمرة العقبة قبل أن يفيض ، فسنة رسول الله أحق أن يؤخذ بها من سنة عمر) . (إرواء الغليل للألباني:4/239، قال:أخرجه الطحاوي:1/421 بسند صحيح).
واشتكى من ذلك عبد الله بن عمر ! قال ابن كثير في سيرته:4/278: (وقد كان الصحابة يهابونه كثيراً ، فلا يتجاسرون على مخالفته غالباً ، وكان ابنه عبدالله يخالفه فيقال له: إن أباك كان ينهى عنها ، (أي متعة الحج وهي الإحلال من الإحرام بعد العمرة) فيقول: لقد خشيت أن تقع عليكم حجارة من السماء، قد فعلها رسول الله! أفسنة رسول الله نتبع ، أو سنة عمر بن الخطاب؟! ) !
وقد اشتكى من ذلك أمير المؤمنين علي×في خطبة بليغة رواها في الكافي بسند صحيح:8/58 ، قال: (خطب أمير المؤمنين×فحمد الله وأثنى عليه ثم صلى على النبي’، ثم قال: ألا إن أخوف ما أخاف عليكم خَلتان: اتباع الهوى ، وطول الأمل ، أما اتباع الهوى فيصد عن الحق ، وأما طول الأمل فينسي الآخرة .
إلا إن الدنيا قد ترحلت مدبرة ، وإن الآخرة قد ترحلت مقبلة ، ولكل واحدة بنون، فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا ، فإن اليوم عملٌ ولا حساب ، وإن غداً حسابٌ ولا عمل .
وإنما بدءُ وقوع الفتن من أهواءٌ تتبع وأحكام تبتدع ، يخالف فيها حكم الله يتولى فيها رجالٌ رجالاً !
إلا إن الحق لو خَلُصَ لم يكن اختلاف ، ولو أن الباطل خلص لم يَخْفَ على ذي حجى ، لكنه يؤخذ من هذا ضِغْثٌ ومن هذا ضغثٌ فيمزجان فيجللان معاً ، فهنالك يستولي الشيطان على أوليائه ، ونجا الذين سبقت لهم من الله الحسنى !
إني سمعت رسول الله’يقول: كيف أنتم إذا لبستم فتنة يربو فيها الصغير ويهرم فيها الكبير ، يجري الناس عليها ويتخذونها سنة ، فإذا غير منها شئ قيل: قد غيرت السنة وقد أتى الناس منكراً ! ثم تشتد البلية وتسبى الذرية وتدقهم الفتنة كما تدق النار الحطب وكما تدق الرحا بثفالها ، ويتفقهون لغير الله ويتعلمون لغير العمل ، ويطلبون الدنيا بأعمال الآخرة .
ثم أقبل بوجهه وحوله ناس من أهل بيته وخاصته وشيعته فقال:
قد عملت الولاة قبلي أعمالاً خالفوا فيها رسول الله’متعمدين لخلافه ، ناقضين لعهده ، مغيرين لسنته ، ولو حَمَلتُ الناس على تركها وحوَّلتها إلى مواضعها وإلى ما كانت في عهد رسول الله’لتفرق عني جندي ، حتى أبقى وحدي ، أو في قليل من شيعتي الذين عرفوا فضلي وفرض إمامتي من كتاب الله عز وجل وسنة رسول الله ’!! أرأيتم لو أمرتُ بمقام إبراهيم×فرددته إلى الموضع الذي وضعه فيه رسول الله’، ورددتُ فدك إلى ورثة فاطمة÷، ورددتُ صاع رسول’كما كان وأمضيتُ قطائع أقطعها رسول الله’لأقوام لم تمض لهم ولم تنفذ ، ورددت دار جعفر إلى ورثته وهدمتها من المسجد ، ورددت قضايا من الجور قضي بها ، ونزعت نساءً تحت رجال بغير حق فرددتهن إلى أزواجهن واستقبلت بهن الحكم في الفروج والأرحام ، وسبيت ذراري بني تغلب ، ورددت ما قسم من أرض خيبر ، ومحوت دواوين العطايا ، وأعطيت كما كان رسول الله’يعطي بالسوية ، ولم أجعلها دولة بين الأغنياء ، وألقيت المساحة ، وسويت بين المناكح وأنفذت خُمس الرسول كما أنزل الله عز وجل وفرضه، ورددت مسجد رسول الله’إلى ما كان عليه ، وسددت ما فتح فيه من الأبواب ، وفتحت ما سدَّ منه ، وحرمت المسح على الخفين ، وحددت على النبيذ ، وأمرت بإحلال المتعتين ، وأمرت بالتكبير على الجنائز خمس تكبيرات ، وألزمت الناس الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم وأخرجت من أدخل مع رسول الله ’في مسجده ممن كان رسول الله أخرجه، وأدخلت من أخرج بعد رسول الله ’ممن كان رسول الله أدخله ، وحملت الناس على حكم القرآن وعلى الطلاق على السنة ، وأخذت الصدقات على أصنافها وحدودها ، ورددت الوضوء والغسل والصلاة إلى مواقيتها وشرائعها ومواضعها ، ورددت أهل نجران إلى مواضعهم ، ورددت سبايا فارس وسائر الأمم إلى كتاب الله وسنة نبيه’، إذن لتفرقوا عني !! والله لقد أمرت الناس أن لايجتمعوا في شهر رمضان إلا في فريضة ، وأعلمتهم أن اجتماعهم في النوافل بدعة ، فتنادى بعض أهل عسكري ممن يقاتل معي: يا أهل الإسلام غُيِّرتْ سنة عمر ، ينهانا عن الصلاة في شهر رمضان تطوعاً ! ولقد خفت أن يثوروا في ناحية جانب عسكري !!
ما لقيتُ من هذه الأمة من الفرقة ، وطاعة أئمة الضلالة والدعاة إلى النار)!!
وقد كان ملوك بني أمية يستكتبون الناس سنة عمر ليختاروا منها ما يلائمهم ، وفي نفس الوقت نقم بعض الناس على عثمان وغيره من الحكام الأمويين لأنهم تركوا سنة عمر !
إن هذه النصوص وغيرها تثبت أن سنة عمر جُعلت الى جانب سنة النبي’ بل كانت مقدمة عليها ، وأن إسم أهل السنة كان يطلق على أتباع سنة عمر ، كما كان يطلق على أتباع سنة النبي’!
وأن معنى السنة الممضاة ، أي المتبعة عند الناس ، التي أصدر عمر بن عبد العزيز مرسومه بتدوينها هي سنة عمر ! فقد جعلها في صف حديث النبي’ وحديث عمر ، وحديث عمرة بنت عبد الرحمن ، الراوية عن عائشة !
وأن حكم علي×قد استطاع أن يحدث موجة نبوية ، ويهزَّ وجدان المسلمين في أمور كثيرة ، منها التمييز بين سنة النبي’وسنة عمر !
 
الأسئلة
1 ـ ماذا تفهمون من تبني الدولة الأموية لتدوين سنة عمر الى جانب سنة رسول الله’؟
2 ـ بماذا تفسرون قول عمر (الموطأ:2/824): (أيها الناس: قد سنت لكم السنن ، وفرضت لكن الفرائض، وتركتم على الواضحة، إلا أن تضلوا بالناس يميناً وشمالاً) .
3 ـ ماهو موقفكم من قول عمر وفعله وتقريره ، هل تعتبرونه جزء من الدين كسنة النبي’، حتى لو خالف النبي’؟!
4 ـ لماذا شرط عبد الرحمن بن عوف على عليِّ×العمل بسنة الشيخين وهو يعرف أن علياً×لايقبل بذلك ، بينما صهره عثمان يقبل بأي شرط ؟!
5 ـ ما قولكم في نقمة عبد الرحمن بن عوف على عثمان بعد مدة قصيرة من خلافته ، واتهامه له بالإنحراف عن الإسلام ، وموته مهاجراً له ؟!
6 ـ ما رأيكم فيما جاء في خطبة عليٍّ×من مخالفات عمر وأبي بكر وعثمان وتحريفات الإسلام في عصرهم ، وبماذا تفسرون قوله×ما لقيت من هذه الأمة من الفرقة ، وطاعة أئمة الضلالة والدعاة إلى النار) ؟!
سمى معاوية السنة التي قتل فيها أمير المؤمنين×واضطر الإمام الحسن× للتنازل له عن الحكم (عام الجماعة) ، وبذلك أضافوا الى إسم أهل السنة: أهل الجماعة. فأهل الجماعة الذي أطلقه معاوية لم يكن بمعنى جماعة الإسلام، بل بمعنى اجتماعهم على خلافته !
قال ابن كثير في تفسيره:4/567: (فإن معاوية بن أبي سفيان استقل بالملك حين سلم إليه الحسن بن علي الإمرة سنة أربعين ، واجتمعت البيعة لمعاوية وسمي ذلك عام الجماعة ، ثم استمروا فيها متتابعين بالشام وغيرها ، لم تخرج عنهم إلا مدة دولة عبد الله بن الزبير في الحرمين) .
وفي مسند ابن راهويه:4/21: (توفيت حفصة أم المؤمنين سنة إحدى وأربعين، عام الجماعة ) .
وفي مقدمة ابن الصلاح ص178: ( أفضلهم على الإطلاق أبو بكر ثم عمر. ثم إن جمهور السلف على تقديم عثمان على علي . وقدَّم أهل الكوفة من أهل السنة علياً على عثمان ، وبه قال منهم سفيان الثوري أولاً ، ثم رجع الى تقديم عثمان ، روى ذلك عنه وعنهم الخطابي . وممن نقل عنه من أهل الحديث تقديم عليٍّ على عثمان محمد بن إسحاق بن خزيمة . وتقديم عثمان هو الذي استقرت عليه مذاهب أصحاب الحديث ، وأهل السنة). انتهى.
فأهل السنة كما في هذا النص غير أصحاب الحديث النبوي ، وهم أهل سنة عمر الذين يفضلون عثمان على علي×!
قال الشيخ أبورية في كتابه شيخ المضيرة أبوهريرة الدوسي ص309إننا لا نعرف شيئاً إسمه (أهل السنة) ولاشيئاً آخر يقابلها من سائر الفرق ، أو المذاهب التي استحدثت بين المسلمين لتعريفهم ، وبخاصة فإن وصف أهل السنة هذا لم يكن معروفاً قبل معاوية بن أبي سفيان ، وقد استحدثوه في عهده في العام الذي وصفوه بأنه (عام الجماعة) نفاقاً للسياسة لعنها الله ، وما كان إلا عام الفرقة) .
وفي الطرائف للسيد ابن طاووس ص205: (وجه تسميتهم بأهل السنة والجماعة: ومن ذلك ما ذكره الشيخ العسكري في كتاب الزواجر وهو من علماء السنة قال: إن معاوية سمى العام عام السنة . ومن ذلك ماذكر ابن عبد ربه في كتاب العقد الفريد قال: لما صالح الحسن معاوية سمى ذلك العام عام الجماعة ).
وروى في كنز العمال:8/439، عن ابن عساكر ، وصححه: (عن ربيعة بن قسيط أنه كان مع عمرو بن العاص عام الجماعة وهم راجعون ، فمُطروا دماً عبيطاً قال ربيعة: فلقد رأيتني أنصب الإناء فيمتلي دماً عبيطاً ! فظن الناس أنها هي دماء الناس بعضهم في بعضهم ، فقام عمرو بن العاص فأثنى على الله بما هو أهله ، ثم قال: يا أيها الناس أصلحوا ما بينكم وبين الله تعالى ، ولايضركم لو اصطدم هذا الجبلان ).
وقال ابن أبي الحديد في شرح النهج:11/44: روى أبو الحسن علي بن محمد بن أبي سيف المدايني في كتابه (الأحداث): كتب معاوية نسخة واحدة إلى عماله بعد عام الجماعة: أن برئت الذمة ممن روى شيئاً من فضل أبي تراب وأهل بيته ، فقامت الخطباء في كل كورة وعلى كل منبر يلعنون علياً ويبرؤون ويقعون فيه وفي أهل بيته ، وكان أشد كل الناس بلاء حينئذ أهل الكوفة !
وكتب معاوية إلى عماله في جميع الآفاق ألا يجيزوا لأحد من شيعة علي وأهل بيته شهادة! وكتب إليهم: أن انظروا من قبلكم من شيعة عثمان محبيه وأهل ولايته ، والذين يروون فضائله ومناقبه ، فأدنوا مجالسهم وقربوهم وأكرموهم واكتبوا لي بكل ما يروي كل رجل منهم واسمه واسم أبيه وعشيرته ، ففعلوا ذلك حتى أكثروا في فضائل عثمان ومناقبه ، لما كان يبعث إليهم معاوية من الصلات والكساء والحباء والقطائع !
ثم كتب إلى عماله: إن الحديث في عثمان قد كثر وفشا في كل مصر وفي كل وجه وناحية ، فإذا جاءكم كتابي هذا فادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة والخلفاء الأولين ، ولا تتركوا خبراً يرويه أحد من المسلمين في أبي تراب إلا وتأتوني بمناقض له في الصحابة ، فإن هذا أحبُّ إليَّ وأقرُّ لعيني وأدحضُ لحجة أبي تراب وشيعته ، وأشد إليهم من مناقب عثمان وفضله.
فقرئت كتبه على الناس ، فرويت أخبار كثيرة في مناقب الصحابة مفتعلة لا حقيقة لها ، وجدَّ الناس في رواية ما يجري هذا المجرى ، حتى أشادوا بذكر ذلك على المنابر ، وألقيَ إلى معلمي الكتاتيب فعلموا صبيانهم وغلمانهم من ذلك الكثير الواسع ، حتى رووه وتعلموه كما يتعلمون القرآن ، وحتى علموه بناتهم ونسائهم وخدمهم وحشمهم ، فلبثوا بذلك ما شاء الله .
ثم كتب إلى عماله نسخة واحدة إلى جميع البلدان: أنظروا من قامت عليه البينة أنه يحب علياً وأهل بيته فامحوه من الديوان ، وأسقطوا عطاءه ورزقه !
وشفع ذلك بنسخة أخرى: من اتهمتموه بموالاة هؤلاء القوم فنكلوا به واهدموا داره !! فلم يكن البلاء أشد ولا أكثر منه بالعراق ولا سيما بالكوفة ، حتى أن الرجل من شيعة علي ليأتيه من يثق به فيدخل بيته فيلقي إليه سره ، ويخاف من خادمه ومملوكه ولايحدثه ، حتى يأخذ عليه الإيمان الغليظة ليكتمن عليه !
فظهر حديثٌ كثيرٌ موضوعٌ وبهتانٌ منتشر ، ومضى على ذلك الفقهاء والقضاة والولاة ، وكان أعظم الناس في ذلك القراء المراءون والمستضعفون الذين يظهرون الخشوع والنسك ، فيفتعلون الأحاديث ليخظوا بذلك عند ولاتهم ، ويقربوا مجالسهم ويصيبوا بها الأموال والضياع والمنازل !
حتى انتقلت تلك الأخبار والأحاديث إلى أيدي الديانين الذين لايتسحلون الكذب والبهتان ، فقبلوها ورووها وهم يظنون أنها حق ، ولو علموا أنها باطلة لما رووها ولا تدينوا بها .
فلم يزل الأمر كذلك حتى مات الحسن بن علي ، فازداد البلاء والفتنة ، فلم يبق أحد من هذا القبيل إلا وهو خائف على دمه ، أو طريد في الأرض !
ثم تفاقم الأمر بعد قتل الحسين ووليَ عبد الملك بن مروان ، فاشتد على الشيعة وولَّى عليهم الحجاج بن يوسف .
وقد روى ابن عرفة المعروف بنفطويه وهو من أكابر المحدثين وأعلامهم في تأريخه ما يناسب هذا الخبر وقال: إن أكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة افتعلت في أيام بني أمية ، تقرباً إليهم بما يظنون أنهم يرغمون به أنوف بني هاشم ) . انتهى.
( راجع النصائح الكافية لمن يتولى معاوية: 97 ـ 99 والبحار 44: 123والنص والإجتهاد: 368 ).
وفي العقد الفريد لابن عبد ربه:4/349: (لما قدم أبو الأسود الدؤلي على معاوية عام الجماعة قال له معاوية: بلغني يا أبا الأسود أن علي بن أبي طالب أراد أن يجعلك أحد الحكمين ، فما كنت تحكم به ؟
قال: لوجعلني أحدهما لجمعت ألفاً من المهاجرين وأبناء المهاجرين ، وألفاً من الأنصار وأبناء الأنصار ، ثم ناشدتهم الله: المهاجرون وأبناء المهاجرين أولى بهذا الأمر أم الطلقاء؟!قال له معاوية: لله أبوك أيَّ حَكَمٍ كنتَ تكون لو حكمت ) !!
جماعة الإسلام أهل الحق وإن قلوا
ومن الواضح أن معاوية لم يكن من أهل سنة النبي’فإنما أهلها من اتبعها وإن قلوا ، ولم يكن من جماعة الإسلام ، لأنهم أهل الحق وإن قلوا ، وقد روى تحديد جماعة المسلمين أهل البيت^عن النبي’وأعرض عنها مخالفوهم !
ففي أمالي الصدوق ص413: (قال رسول الله’: من فارق جماعة المسلمين فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه ، قيل: يا رسول الله وما جماعة المسلمين؟ قال: جماعة أهل الحق وإن قلوا ) .
وفي المحاسن للبرقى:1/220: عن الإمام الصادق عن آبائه^:قال: (سئل رسول الله’عن جماعة أمته، فقال: جماعة أمتي أهل الحق وإن قلوا ). وفي رواية أخرى: من كان على الحق وإن كانوا عشرة ) .
وفي الخصال للصدوق ص 584: (الجماعة أهل الحق وإن قلوا ، وقد روي عن النبي’أنه قال: المؤمن وحده حجة ، والمؤمن وحده جماعة ).
وفي كتاب سليم بن قيس ص484: (سأل ابن الكوَّا علياً×عن السنة والبدعة وعن الجماعة والفرقة، فقال×: يا ابن الكوا حفظت المسألة فافهم الجواب: السنة والله سنة محمد’والبدعة ما فارقها . والجماعة والله مجامعة أهل الحق وإن قلوا ، والفرقة مجامعة أهل الباطل وإن كثروا ).
وفي كنز العمال:16/183: عن كتاب وكيع ، من حديث طويلعن يحيى بن عبد الله بن الحسن عن أبيه قال: كان علي يخطب فقام إليه رجل فقال يا أمير المؤمنين ! أخبرني من أهل الجماعة ، ومن أهل الفرقة ، ومن أهل السنة ، ومن أهل البدعة ؟
فقال: ويحك ، أما إذ سألتني فافهم عني ، ولا عليك أن لا تسأل عنها أحداً بعدي: فأما أهل الجماعة فأنا ومن اتبعني وإن قلوا ، وذلك الحق عن أمر الله وأمر رسوله فأما أهل الفرقة فالمخالفون لي ومن اتبعني وإن كثروا .
وأما أهل السنة فالمتمسكون بما سنه الله لهم ورسوله’وإن قلوا وإن قلوا . وأما أهل البدعة فالمخالفون لأمر الله ولكتابه ورسوله ، العاملون برأيهم وأهوائهم وإن كثروا . وقد مضى منهم الفوج الأول وبقيت أفواج ، وعلى الله قصمها واستئصالها عن جديد الأرض .
فقام إليه عمار فقال: ياأمير المؤمنين ، إن الناس يذكرون الفئ ويزعمون أن من قاتلنا فهو وماله وأهله فئٌ لنا وولده . فقام رجل من بكر بن وائل يدعى عباد بن قيس وكان ذا عارضة ولسان شديد فقال: يا أمير المؤمنين والله ما قسمتَ بالسوية ، ولا عدلتَ في الرعية !
فقال علي×:ولمَ ويحك؟ قال: لأنك قسمت ما في العسكر ، وتركت الأموال والنساء والذرية . فقال عباد: جئنا نطلب غنائمنا ، فجاءنا بالتُّرَّهات !
فقال له علي×: إن كنت كاذباً فلا أماتك الله حتى تدرك غلام ثقيف !
فقال رجل من القوم: ومن غلام ثقيف يا أمير المؤمنين؟ فقال×: رجل لا يدع لله حرمة إلا انتهكها .
قال: فيموت أو يقتل؟ قال×: بلي يقصمه قاصم الجبارين قتلةً بموت فاحش يحترق منه دبره ، لكثرة ما يجري من بطنه . (يقصد الحجاج الثقفي ، وهكذا مات ! )
يا أخا بكر ! أنت امرؤ ضعيف الرأي ، أما علمت أنا لا نأخذ الصغير بذنب الكبير ! وأن الأموال كانت لهم قبل الفرقة وتزوجوا على رَشدة ، وولدوا على الفطرة، وإنما لكم ما حوى عسكرهم، وما كان في دورهم فهو ميراث لذريتهم، فإن عدا علينا أحد منهم أخذناه بذنبه ، وإن كفَ عنا لم تحمل عليه ذنب غيره .
يا أخا بكر ! لقد حكمتُ فيهم بحكم رسول الله’في أهل مكة ، قسم ما حوى العسكر ولم يعرض لما سوى ذلك ، وإنما اتبعت أثره حذوَ النعل بالنعل .
يا أخا بكر ! أما علمت أن دار الحرب يحل ما فيها ، وأن دار الهجرة يحرم ما فيها إلا بحق ، فمهلاً مهلاً رحمكم الله ! فإن أنتم لم تصدقوني ، وأكثرتم عليَّ ـ ـ وذلك أنه تكلم في هذا غير واحد ـ فأيكم يأخذ أمه عائشة بسهمه ؟!
قالوا أيُّنا يا أمير المؤمنين؟! بل أصبت وأخطأنا ، وعلمت وجهلنا ، ونحن نستغفر الله! وتنادى الناس من كل جانب: أصبت يا أمير المؤمنين ! أصاب الله بك الرشاد والسداد !
فقام عمار فقال: يا أيها الناس ! إنكم والله إن اتبعتموه وأطعتموه لم يضل بكم عن منهاج نبيكم قيد شعرة ، وكيف يكون ذلك وقد استودعه رسول الله المنايا والوصايا وفصل الخطاب ، على منهاج هارون بن عمران ، إذ قال له رسول الله ’: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لانبي بعدي، فضلاً خصه الله به إكراماً منه لنبيه ، حيث أعطاه الله ما لم يعطه أحداً من خلقه .
ثم قال علي×: أنظروا رحمكم الله ما تؤمرون به فامضوا له ، فإن العالم أعلم بما يأتي من الجاهل الخسيس الأخس ، فإني حاملكم إن شاء الله تعالى إن أطعتموني على سبيل الجنة ، وإن كان ذا مشقة شديدة ومرارة عتيدة ، وإن الدنيا حلوة الحلاوة لمن اغتر بها ، ومن بعدها الشقوة والندامة عما قليل ، ثم إني مخبركم أن خيلاً من بني إسرائيل أمرهم نبيهم أن لايشربوا من النهر ، فلجُّوا في ترك أمره فشربوا منه إلا قليلاً منهم ، فكونوا رحمكم الله من أولئك الذين أطاعوا نبيهم ، ولم يعصوا ربهم .
وأما عائشة فأدركها رأي النساء ، وشئ كان في نفسها عليَّ يغلي في جوفها كالمرجل ، ولو دُعيت لتنال من غيري ما أتت إليَّ لم تفعل ! ولها بعد ذلك حرمتها الأولى، والحساب على الله ، يعفو عمن يشاء ويعذب عمن يشاء .
فرضي بذلك أصحابه وسلموا لأمره بعد اختلاط شديد فقالوا: يا أمير المؤمنين حكمت والله فينا بحكم الله إنا جهلنا ومع جلهلنا لم نأت ما يكره أمير المؤمنين) .
الأسئلة
1 ـ روى ابن سعد في الطبقات:3/342 ، عن عبد الرحمن بن أبزى عن عمر قال: هذا الأمر في أهل بدر ما بقي منهم أحد ، ثم في أهل أحد ما بقي منهم أحد ، وفي كذا وكذا ، وليس فيها لطليق ولا لولد طليق ، ولالمسلمة الفتح شئ ) . انتهى.
ورواه في تاريخ دمشق:59/145 ، وفي أسد الغابة:4/387 ، والإصابة :4/70 . فقد حكم عمر أنه لانصيب للطلقاء في الخلافة ، فكيف صار حكم معاوية شرعياً عندكم ؟!
2 ـ صحح الشيخ الألباني الحديث النبوي الذي رواه ابن عساكر:18/160: (أول من يغير سنتي رجل من بني أمية ). وقال: ولعل المراد بالحديث تغيير نظام اختيار الخليفة ، وجعله وراثة ، والله أعلم ) (الصحيحة:4/329 ـ 330). فكيف تصححون هذا الحديث وتقولون إن معاوية كان على سنة رسول الله’؟!
3 ـ صحح الألباني حديث أن الخلافة ثلاثون سنة ، في صحيحته: 1/742 ، وقال رواه أحمد ، وأبو داود ، والترمذي والحاكم . وهذا من دلائل صدق نبوة النبي(ص)فإن أبا بكر تولى عام 11 هـ، وتنازل عنها الحسن بن علي عام 41 هـ . وهي ثلاثون عاماً كاملة ).انتهى . وقد رويتم أن ما بعد الخلافة ملكٌ عضوضٌ يعضُّ المسلمين ، فكيف تسمون معاوية خليفة رسول الله’؟!
4 ـ هل يشترط في أهل السنة أن يكونوا كثرة؟ وفي جماعة الإسلام أن يكونوا جمهوراً واسعاً أو أكثرية ، وما هو الدليل الشرعي على ذلك ؟!
5 ـ من هم جماعة الإسلام الذين أمرنا النبي’أن نكون معهم ، ونهانا عن مفارقتهم ؟! وهل يعقل أن يكون جماعة أمة النبي’بدون أهل بيته ، وقد قال ’فيهم: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ؟!
6 ـ ما هي الأحكام الشرعية المتعلقة بالكثرة وسواد الأمة الإسلامية عندكم؟!
أقدم نص ورد فيه إسم (أهل السنة والجماعة)
لم أجد أثراً في مصادر المسلمين لإسم (أهل السنة والجماعة) ، لا في زمن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي× ، إلا حديثاً نبوياً وردت فيه هذه التسمية وصفاً لشيعة علي والعترة الطاهرة^ ، رواه الثعلبي المتوفى427 هـ في تفسيره قال: (عن الإمام محمد بن أسلم الطوسي ، عن يعلى بن عبيد ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم ، عن جرير بن عبد الله البجلي قال قال رسول الله (ص): من مات على حب آل محمد مات شهيداً .
ألا ومن مات على حب آل محمد مات مغفوراً له .
ألا ومن مات على حب آل محمد مات تائباً .
ألا ومن مات على حب آل محمد مات مؤمناً مستكمل الإيمان .
ألا ومن مات على حب آل محمد بشَّره ملك الموت بالجنة ثم منكر ونكير.
ألا ومن مات على حب آل محمد يزفُّ إلى الجنة كما تزف العروس إلى زوجها .
ألا ومن مات على حب آل محمد فتح الله له بابين من الجنة .
ألا ومن مات على حب آل محمد جعل الله زوار قبره ملائكة الرحمة .
ألا ومن مات على حب آل محمد مات على السنة والجماعة .
ألا ومن مات على بغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه آيسٌ من رحمة الله تعالى . ألا ومن مات على بغض آل محمد مات كافراً .
ألا ومن مات على بغض آل محمد لم يشم رائحة الجنة ). انتهى.
ونقله عن الثعلبي كثيرون من علماء السنة ، كالزمخشري في الكشاف:3/82 ، 339 الطبعة الثانية، والقرطبي في تفسيره:16/23 والفخر الرزي في تفسيره: 27/165، والمقريزي في فضل آل البيت /128 ،وابن الفوطي في الحوادث الجامعة ص153، والحموي في فرائد السمطين ص49 ، وابن حجر في الصواعق ص109 أوله ، والحضرمي في رشفة الصادي ص45 ، والقندوزي في ينابيع المودة 2/332 و:3/139، والشبلنجي في نورالأبصار ص104، والحنفي في أرجح المطالب ص320 ، واللكنهوي في مرآة المؤمنين ص5 .
ورواه من علمائنا محمد بن أحمد القمي المتوفى412 ، في كتابه مائة منقبة ص67 ، وهو المنقبة السابعة والثلاثون ، بسنده عن عبدالله بن عمر ، برواية أطول من رواية الثعلبي ، ومحمد بن علي الطبري المتوفى525 هـ ، في كتابه بشارة المصطفى ص305 .
ونقله العديد من علمائنا عن الثعلبي والزمخشري ، كالسيد ابن طاووس في الطرائف ص159 ، عن الثعلبي ، وفي سعد السعود ص141عن الزمخشري ، والعلامة الحلي في الرسالة السعدية ص22 ، والمجلسي في البحار:23/233، عن الثعلبي ، وفي:27/111 عن الكشاف والثعلبي ، وفي:65/137 عن جامع البيان . وفي إحقاق الحق:9/486، عن مخطوطة تفسير الثعلبي .
فيكون هذا الحديث أقدم نص ورد فيه تعبير أهل (السنة والجماعة) ، وتكون تسميتهم مأخوذة منه . ولم نجد حديثاً غيره فيه هذا الإسم إلا حديثاً مكذوباً ذكره ابن عدي في الكامل في الضعفاء(5/329) عن النبي’أنه قالطوبى لأهل السنة والجماعة من أهل القرآن والذكر ). وقال ابن عدي: هذا حديث منكر بهذا الإسناد ). انتهى.
وقال الذهبي في ميزان الإعتدال:2/641: عبد الغفور ، أبو الصباح الواسطي ، عن أبي هاشم الرماني وغيره . قال يحيى بن معين: ليس حديثه بشئ . وقال ابن حبان: كان ممن يضع الحديث . وقال البخاري: تركوه . وقال ابن عدي: عبد الغفور بن عبد العزيز أبو الصباح الواسطي . ضعيف منكر الحديث....
محمد بن عمرو بن حنان ، حدثنا بقية ، حدثنا عبدا لغفور الأنصاري ، عن عبد العزيز الشامي ، عن أبيه ، عن النبي(ص) قال: طوبى لأهل السنة والجماعة ، من أهل القرآن والذكر ). انتهى.
وقد انتقد قدماء علمائنا تسمية من خالف أهل البيت^أنفسهم بأهل السنة والجماعة ، فقال الفضل بن شاذان الأزدي المتوفى260هـ في( الإيضاح)ص503: (ومن جهة أخرى تروون عن المرجئة ويروون عنكم ، وتروون عن القدرية ويروون عنكم ، وتروون عن الجهمية ويروون عنكم ، فتقبلون منهم بعض أقاويلهم وتردون عليهم بعضها ، فلا الحق أنتم منه على ثقة ، ولا الباطل أنتم منه على يقين ، وأنتم عند أنفسكم أهل السنة والجماعة ، فهذه صفتكم التى تعرفونها من أنفسكم وتنطق بها عليكم ألسنتكم ! فالحمد لله الذي بصرنا ما جهلتم ، وعرفنا ما جحدتم ). انتهى .
وقال القاضي النعمان المغربي المتوفى363 ، في شرح الأخبار:1/367: (والذي تعلق العامة به من قولهم إنهم أهل السنة والجماعة ، وإن النبي’ذكر السنة والجماعة وفضلهما ، فالسنة سنة رسول الله’لايتهيأ لأحد أن يقول إنها سنة غيره . والجماعة الذين عناهم رسول الله’بالفضل هم المجتمعون على القوام بكتاب الله جل ذكره وسنة رسوله’فأما من قال في دين الله والحلال والحرام والقضايا والأحكام برأيه وبقياسه واستحسانه ، وبغير ذلك مما هو من ذات نفسه ، فليس من أهل السنة ولا من الجماعة التي أثنى عليها رسول الله’).
وقال أبو الفتح الكراجكي المتوفى449 هـ ، في(التعجب من أغلاط العامة)ص65:
(ومن العجب أن يكون كل مجتهد مصيباً إلا الشيعة ، فإنهم في اجتهادهم على خطأ وبدعة ! وكل من أفتى في الإسلام بفتوى ، سواء قام إليها أم رجع الى غيرها ، فهو من فقهاء الأمة ، وفتواه معدوة في خلاف أهل الملة ، وأقواله مسموعة ، وهو من أهل السنة والجماعة . إلا الأئمة من أهل بيت النبوة^فإن الباقر والصادق وآبائهما والأئمة من ذريتهما صلوات الله عليهم أجمعين ، ليسوا عندهم من الفقهاء ، ولايعدون أقوالهم خلافاً ، ولا يصدقون لهم قولاً ، ولا يصوبون لهم فعلاً ، وليسوا من أهل السنة والجماعة ، ومن اتبعهم واقتدى بهم فهو من أهل البدعة ! وهذا من التجريد في العدواة الى الغاية !! ) .
الأسئلة
1 ـ هل عندكم نص ورد فيه استعمال تعبير (أهل السنة والجماعة ) إسماً كالعلم أقدم من هذا النص؟ وما دام هذا أقدم نص لهذا الإسم فكل الإستعمالات المتأخرة عنه تكون مأخوذة منه ، أو تحريفاً له ! ما رأيكم ؟!
2 ـ لما ذا لاتقبلون تعريف النبي’لأهل السنة والجماعة بأنهم أتباع أهل بيته الطاهرين^بقوله: (ألا ومن مات على حب آل محمد مات على السنة والجماعة). وقد بيَّنَ بذلك من هم أهل السنة وأهل البدعة والفرقة ؟!
موقف أهل البيت ^من تغييب السنة
وقف علي وأئمة العترة النبوية^وشيعتهم ضد سياسة منع الحديث ، وكان علي×وأهل بيته يحدِّثون المسلمين ، ويأمرون من يطيعهم بذلك .
روى في كنز العمال:10/262: (عن علي(ع) قال: قال رسول الله(ص):أكتبوا هذا العلم فإنكم تنتفعون به أما في دنياكم وأما في آخرتكم ، وإن العلم لايضيِّع صاحبه).
وروى ابن شهرآشوب في الإحتجاج:1/42 ، من حديث: (ثم قال رسول الله’: يا معشر المسلمين واليهود: أكتبوا بما سمعتم ، فقالوا: يا رسول الله قد سمعنا ووعينا ولا ننسى . فقال رسول الله’: الكتابة أذكر لكم ).
وفي الكافي:1/41: (قال رسول الله’: تذاكروا وتلاقوا وتحدثوا ، فإن الحديث جلاء للقلوب ، إن القلوب لتَرِينُ كما يرينُ السيف ، وجلاؤها الحديث ) .
وفي الكافي:1/52عن أبي بصير قال: سمعت أباعبدالله(الإمام الصادق×) يقول: أكتبوا ، فإنكم لاتحفظون حتى تكتبوا...وعن عبيد بن زرارة قال قال أبو عبدالله×: إحتفظوا بكتبكم فإنكم سوف تحتاجون إليها ) .
وفي الكافي:1/57عن سماعة بن مهران ، عن أبي الحسن موسى(الإمام الكاظم ×) قال قلت:أصلحك الله أنا نجتمع فنتذاكر ما عندنا ، فلا يرِدُ علينا شئ إلا وعندنا فيه شئ مُسَطَّر ، وذلك مما أنعم الله به علينا بكم ، ثم يرد علينا الشئ الصغير ليس عندنا فيه شئ فينظر بعضنا الى بعض ، وعندنا ما يشبهه فنقيس على أحسنه؟ فقال: وما لكم وللقياس ! إنما هلك من هلك من قبلكم بالقياس ، ثم قال: إذا جاءكم ما تعلمون فقولوا به، وإن جاءكم ما لاتعلمون فها، وأهوى بيده الى فيه(أي اسكتوا)... فقلت: أصلحك الله أتى رسول الله’الناس بما يكتفون به في عهده؟ قال: نعم وما يحتاجون إليه الى يوم القيامة ، فقلت: فضاع من ذلك شئ؟ فقال: لا ، هو عند أهله)!
...عن أبي شيبة قال: سمعت أبا عبد الله×يقول: ضلَّ علم ابن شبرمة عند الجامعة ، إملاء رسول الله’وخط علي×بيده ! إن الجامعة لم تدع لأحد كلاماً ، فيها علم الحلال والحرام . إن أصحاب القياس طلبوا العلم بالقياس فلم يزدادوا من الحق إلا بعداً . إن دين الله لا يصاب بالقياس ) . انتهى .
الأسئلة
1 ـ قال عبدالله العاص في الصحيح عندكم: (فنهتني قريش وقالوا أتكتب كل شئ تسمعه ورسول الله (ص) بشر يتكلم في الغضب والرضا؟! فأمسكتُ عن الكتاب، فذكرت ذلك لرسول الله(ص) ، فأومأ بإصبعه الى فيه فقال: أكتب ، فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حق ! ) .
فما رأيكم لو أن النبي’كان في زمن أبي بكر وعمر وقيل له: لقد نهتنا قريش عن كتابة سنتك ، فماذا تأمر ماذا يمكن أن يقول ؟!
2 ـ ثبت عندكم أن النبي’قال: (إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي ) ومعناه: خذوا سنتي من عترتي ، فلماذا لم يأخذ عمر والأمة السنة منهم^؟!