بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الدرس الثاني - تابع
ما هي النفس؟
تتميّز النفس التي اكرم الله تعالى بها الانسان عن غيره من المخلوقات بأنها جمعت العقل مضافاً الى الغريزة والشهوة،
خلافا للحيوانات التي وضع الله فيها الغريزة والشهوة فقط،
او الملائكة التي اكرمها الله بعقل دون غريزة وشهوة.
ومن هنا فان الانسان لا بد وان يستخدم العقل في تعديل المتطلبات التي تمليها الشهوة والغريزة حتى يسلك حد الاعتدال الذي اشرنا اليه فيما سبق.
قال الله تعالى:
"ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها"
وعندما نطالع الآيات القرآنية التي تحدثت عن النفس نراها قد تحدثت عن ثلاثة حالات من حالات النفس، كما انها وصفتها بصفات مختلفة منها: الامارة بالسوء:
يقول الله تعالى في محكم كتابه:
"وما أبرىء نفسي ان النفس لأمّارة بالسوء الا ما رحم ربي ان ربي غفور رحيم"،
فالنفس الامارة بالسوء هي التي تتبع هواها بحيث لا ترى امامها سوى ما تتمنى الحصول عليه من الشهوات بدون اي التفات للشريعة او للمفاسد الدنيوية الاخروية،
ولذا فان اتباع النفس الأمارة بالسوء يجلب الظلم والضلال،
يقول الله تعالى:
"فان لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون اهواهم ومن اضلّ ممن اتبع هواه بغير هدى من الله ان الله لا يهدي القوم الظالمين" النفس اللوامة:
يقول الله تعالى في محكم كتابه:
"لا اقسم بيوم القيامة * ولا اقسم بالنفس اللوامة"
والمراد بالنفس اللوامة، نفس الانسان المؤمن التي تلومه في الدنيا على المعصية، والتثاقل في أداء الطاعات.
وقد يطلق علماء النفس عليها اسم الضمير الذي يؤّنب الانسان على ما فعله من القبائح. النفس المطمئنة:
يقول الله تعالى:
"يا ايتها النفس المطمئنة * ارجعي الى ربك راضية مرضية * فادخلي في عبادي وادخلي جنتي" والنفس المطمئنة كما وصفها العلامة الطباطبائي في تفسيره هي
"التي تسكن الى ربها وترضى بما رضي فترى نفسها عبدا لا يملك لنفسه شيئا من خير او شر او نفع او ضرّ،
ويرى الدنيا دار مجاز وما يستقبله فيها من غنى او فقر او اي نفع وضرّ ابتلاءً وامتحاناً الهياً، فلا يدعوه تواتر النعم عليه الى الطغيان واكثار الفساد والعلو والاستكبار،
ولا يوقعه الفقر والفقدان في الكفر وترك الشكر،
بل هو في مستقرّ العبودية لا ينحرف عن مستقيم صراطه بافراط او تفريط ...
وتوصيفها بالراضية لأن اطمئنانها الى ربها يستلزم رضاها بما قدّر وقضى تكويناً او حكم به تشريعاً، فلا تسخطها سانحة ولا تزيغها معصية،
واذا رضي العبد من ربه رضي الرب منه، اذ لا يسخطه تعالى الا خروج العبد من زيّ العبودية،
فاذا لزم طريق العبودية استوجب ذلك رضا ربه ولذا عقب قوله "راضية" بقوله "مرضية"
يتبع باذن الله
والله وليّ التوفيق