|
عضو فضي
|
رقم العضوية : 34252
|
الإنتساب : Apr 2009
|
المشاركات : 1,863
|
بمعدل : 0.33 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
الحوزويه الصغيره
المنتدى :
المنتدى الفقهي
بتاريخ : 16-01-2013 الساعة : 02:05 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم يا كريم
نشأة علم الكلام(1)
نشأة علم الكلام
إنّ علم الكلام كسائر العلوم الإنسانيّة، ظاهرةٌ فكريّةٌ وعلميّةٌ نشأت بين المسلمين لأسبابٍ وظروفٍ وعوامل عدّةٍ، تأتي إن شاء الله تعالى. وما يهمّنا هو علم الكلام الإسلاميّ، وإن كانت ظاهرة هذا العلم موجودةً في الديانات الأخرى، في مدارس الديانة المسيحيّة واليهوديّة، وقد ألّف غير واحدٍ من علماء هذه الديانات كتباً كلاميّةً يرجع تاريخها إلى القرنين الخامس والسادس الهجريّين، ولعلّ على رأسهم القدّيس توما الأكوينيّ. لكن ما يهمّنا من هذا البحث خصوص الكلام في مدرسة أهل البيت عليهم السلام .
عوامل نشأة علم الكلام
ويمكن تلخيص عوامل نشأة علم الكلام بين المسلمين في عدّة عواملٍ داخليّةٍ وأخرى خارجيّةٍ، نذكر منها:
أ: العوامل الداخليّة
1 ـ دور القرآن الكريم
إنّ القرآن المجيد هو المنطلق الأوّل لنشوء علم الكلام ونضجه وارتقائه عند المسلمين، وإليه يرجع كل متكلّم إسلاميّ باحث عن المبدأ وأسمائه وصفاته وأفعاله. وقد تضمّن القرآن إشاراتٍ فلسفيّةً وعقليّةً، قامت على أُسسٍ منطقيّةٍ مذكورةٍ في نفس الآيات، أو معلومةٍ من القرائن. فمن سبر القرآن الكريم فيما يرجع إلى التوحيد بأنواعه يجد الحجج الملزمة، والبيّنات المسلّمة، التي لا تدع لباحثٍ الشك فيها. كما أنّه أرفق الدعوة إلى المعاد والحياة الأُخرويّة بالبراهين المشرقة، والدلائل الواضحة التي لا تقبل الخدش.
كذلك فإنّ القصص الواردة في القرآن الكريم تتضمّن احتجاجات الأنبياء عليهم السلام وصراعهم الفكريّ مع الوثنيين والمعاندين من أهل اللجاج، فهي ممّا يستند إليها المتكلّم في آرائه الكلاميّة. كما تتضمن بحوثاً في الإنسان وأفعاله ومسيره ومصيره، وغير ذلك، ممّا جعل القرآن الكريم المنطلق الأوّل لنشأة علم الكلام في الإسلام، والمادة الأولى الخصبة والحيّة التي يرجع إليها المتكلّم في استدلالاته ونقاشاته، والتي كانت سبباً أيضاً لنشوء أسئلةٍ جمّةٍ لدى بعض المسلمين الأوائل. وما زالت آيات القرآن الكريم إلى عصرنا الحاضر مدرك الباحثين في هذا العلم وفي أغلب العلوم الإنسانيّة لا سيّما الإسلاميّة منها، كذلك ما زالت محطّ أنظار المعاندين والذين يرومون إلقاء الشبهات، ليتمسّكوا بما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، ويذرون الآيات المحكمات.
2 ـ تأثير السنّة الشريفة
إنّ النبيّ صلى الله عليه وآله ناظرَ المشركين وأهل الكتاب بمرأىً ومسمعٍ من المسلمين. وهذه احتجاجاته مع نصارى نجران في العام العاشر من الهجرة، حتّى أنّه صلى الله عليه وآله ، بعدما أفحمهم، دعاهم إلى المباهلة. وقد حفل التاريخ وكتب السِيَر والتفسير بما دار بين الرسول صلى الله عليه وآله وبطاركة نجران وقساوستهم. وقد استدلّوا على أُلوهيّة المسيح عليه السلام بقولهم: هل رأيت ولداً من غير ذكر؟ فأفحمهم رسول الله صلى الله عليه وآله بإيحاء من الله: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ . كما أنّ النهي عن كتابة الحديث أدّى إلى ضياع الكثير من احتجاجات النبيّ صلى الله عليه وآله ومناظراته مع المشركين وأهل الكتاب، فقد ذهبت كذهاب سائر خطبه. ولكن الشيعة اقتداءً بالعترة احتفظت بكثير من هذه المناظرات في كتبهم الحديثية، فمن سبرها يرى فيها بحوثاً ومناظرات تصلح لأن تكون هي المنطلق في الصدر الأوّل لأهل الكلام من الشيعة وغيرهم .
3 ـ خطب الإمام علي عليه السلام
إنّ خطب الإمام ورسائله وكلماته القصار، التي حفظها التاريخ عن العصف والضياع، لأوضح دليل على أنّ الإمام عليه السلام كان هو المؤسّس للأُصول الكلاميّة، خصوصاً فيما يرجع إلى التوحيد والعدل. وبملاحظة نهج البلاغة، الذي جمعه الشريف الرضيّ ممّا وصل إليه من خطبه، يتراءى من الأُصول الكلاميّة ما لا يظهر في غيره، وإلى ذلك يشير السيّد المرتضى في أماليه فيقول: "اعلم أنّ أُصول التوحيد والعدل مأخوذةٌ من كلام أمير المؤمنين عليه السلام وخطبه، فإنّها تتضمّن من ذلك ما لا زيادة عليه ولا غاية وراءه. ومن تأمّل المأثور من كلامه، علم أنّ جميع ما أسهب المتكلّمون من بعده في تصنيفه وجمعه إنّما هو تفصيل لتلك الجمل وشرح لتلك الأُصول. وروي عن الأئمّة عليهم السلام من أبنائه عليهم السلام في ذلك ما لا يكاد يحاط به كثرة, ومن أحبّ الوقوف عليه فطلبه من مظانّه أصاب منه الكثير الغزير الذي في بعضه شفاء للصدور السقيمة ولقاح للعقول العقيمة".
وقال ابن أبي الحديد: "إنّ أشرف العلوم هو العلم الإلهيّ، لأنّ شرف العلم بشرف المعلوم، ومعلومه أشرف الموجودات، فكان هو أشرف. ومن كلامه عليه السلام اقتُبس، وعنه نُقل، ومنه ابتُدئ وإليه انتُهي، فإنّ المعتزلة ـ الذين هم أصل التوحيد والعدل وأرباب النظر ومنهم تعلّم الناس هذا الفنّ ـ تلامذته وأصحابه، لأنّ كبيرهم واصل بن عطاء تلميذ أبي هاشم عبد الله بن محمّد بن الحنفية وأبو هاشم تلميذ أبيه وأبوه تلميذه. وأمّا الأشعريّة فإنّهم ينتمون إلى أبي الحسن علي بن إسماعيل بن أبي بشر الأشعريّ وهو تلميذ أبي علي الجبائي، وأبو علي أحد مشايخ المعتزلة فالأشعريّة ينتهون بالآخرة إلى أُستاذ المعتزلة ومعلّمهم، وهو علي بن أبي طالب".
4 ـ معارف العترة الطاهرة عليهم السلام
لقد أُتيحت الفرصة للعترة الطاهرة عليهم السلام في آخر عهد الأمويّين وأوائل حكومة العباسيّين، في شرح المعارف وتوضيح الحقائق وتربية روّاد الفكر، وإرشاد الحكيم إلى دلائل وبراهين لا يقف عليها إلّا الأوحديّ من الناس، والتلميح إلى نكات عرفانيّة، لا يدركها إلّا العارف المتألّه.
ففي أدعية الإمام زين العابدين عليه السلام إشاراتٌ كلاميّة وتلميحاتٌ عرفانيّةٌ. كما أنّ في الأحاديث المرويّة عن الصادقين والكاظمين عليهم السلام كميّةً هائلةً من البحوث الكلاميّة،
والمناظرات العلميّة التي أدّت إلى نضوج علم الكلام الإسلاميّ بوجهٍ واضح، وكنموذج نذكر هذه المحاججة:
احتجاج الإمام الرضا عليه السلام مع أبي قرّة:
عن صفوان بن يحيى قال: سألني أبو قرّة المحدّث أن أدخله على أبي الحسن الرضا عليه السلام ، فاستأذنته في ذلك فأذن لي، فدخل عليه فسأله عن الحلال والحرام والأحكام، حتّى بلغ سؤاله إلى التوحيد فقال أبو قرّة للإمام الرضا عليه السلام :إنّا روينا أنّ الله عزّ وجلّ قسّم الرؤية والكلام بين اثنين، فقسّم لموسى عليه السلام الكلام، ولمحمّد صلى الله عليه وآله الرؤية.
فقال أبو الحسن عليه السلام : "فمن المبلّغ عن الله عزّ وجلّ إلى الثقلين:﴿ الجنّ والإنس﴾ ﴿لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ﴾ ﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا﴾ و﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء﴾ أليس محمّداً صلى الله عليه وآله ؟ .
قال: بلى.
قال: فكيف يجيء رجلٌ إلى الخلق جميعاً فيخبرهم أنّه جاء من عند الله، وأنّه يدعوهم إلى الله بأمر الله ويقول: ﴿لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ﴾﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا﴾ و﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾، ثمّ يقول: أنا رأيته بعيني، وأحطت به علماً، وهو على صورة البشر! أما تستحيون، ما قدرت الزنادقة أن ترميه بهذا: أن يكون يأتي عن الله بشيءٍ، ثمّ يأتي بخلافه من وجهٍ آخر" .
ومن وقف على كتب أهل الحديث والأشاعرة، يقف على أنّ لهم في إثبات الرؤية، صخباً وهياجاً وإصراراً منقطع النظير، وترى كيف أنّ الإمام قطع الطريق على أبي قرّة الذي اغترّ بأحاديث مدسوسةٍ اختلقتها اليهود وأنصارهم وبثّوها بين المسلمين.
والخلاصة أنّ القرآن والسنّة النبويّة والعترة الطاهرة عوامل داخليّة أدّت وساعدت على نشوء علم الكلام.
خلاصة الدرس:
يمكن تلخيص عوامل نشأة علم الكلام بين المسلمين في عدّة عواملٍ داخليّةٍ وأخرى خارجيّةٍ، أمّا العوامل الداخليّة نذكر منها:
1 ـ دور القرآن الكريم.
2 ـ تأثير السنّة الشريفة.
3 ـ خطب الإمام عليّعليه السلام.
4 ـ معارف العترة الطاهرة عليهم السلام.
فالقرآن والسنّة النبويّة والعترة الطاهرة عوامل داخليّة أدّت وساعدت على نشوء علم الكلام.
|
|
|
|
|