يقول الامام عليٌ - عليه السلام - في وصيته لابنه الحسن عليه السلام، وهي من أبرز الوصايا في نهج البلاغة المبارك، يقول فيها واعظاً له من غدر الدنيا ومكرها:" أحي قلبك بالموعظة... وذلَّله بذكر الموت.. وبصِّره فجائعَ الدنيا، وحذِّره صولة الدهر، وفُحشَ تقلُّب الليالي والأيام، وأعرض عليه أخبار الماضين، وذكِّره بما أصاب مَنْ كان قبلك من الأولين، وسرْ في ديارهم وآثارهم، فأنظُرْ فيما فعلوا، وعمَّا انتقلوا، وأين حلُّوا ونزلوا، فإنك تجدهم قد إنتقلوا عن الأحبة، وحلُّوا ديار الغربة، وكأنك عن قليل قد صرت كأحدهم، فأصلِحْ مثواك، ولا تبعْ آخرتك بدنياك..."
... ثم، مَنْ قال أن الدنيا تدوم لبشر، ومَنْ يدَّعي ذلك؟! أو ليس مصيرُ الدنيا إلى فناء... وتحصيلها لا يكون إلا بعناء، ولا تستقر على حال؟، فالرفيع أصبح وضيعاً، والزعيم صار مسجوناً، والرئيس بات معدوماً...
وبقيت منازلُ ورحَلَ بانوها، وشمخت عماراتٌ ودُفن ساكنوها؟...وأيُّ جاه لم يتغير على صاحبه... وأيُّ سلطان لم ينقلب على مالكه؟ ...فهي متقلِّبة من حال إلى حال...لا تدري أتدركُ آمالك أولاً أم آجالك؟...تُحققُ رغباتِك أم تسبقَكَ منيَّتُك؟.
وفي موعظةٍ له:..ثم إن الدنيا دارُ فناءٍ وعناءٍ، وغِيرَ وعِبَر... فمن الفناء أن الدهر... يرمي الحيّ بالموت، والصحيح بالسّقَم، والناجي بالعطب، آكلٌ لا يشبع، وشاربٌ لا ينقع، ومن العناء ان المرء يجمع ما لا يأكل، ويبني ما لا يسكُنُ، ثم يخرُج إلى الله تعالى، لا مالاً حمل، ولا بناءً نقل ... ومن عِبرها أن المرءَ يُشرفُ على أمله، فيقتطعُهُ حضورُ أجلِه، فلا أملٌ يُدرك، ولا مؤمَّلٌ يُترك...فسبحان الله، ما أقرب الحيَّ من الميت، للحقَاه به، وأبعدَ الميت من الحي لانقطاعه عنه...".
يضرب للشخص يشكُل عليه حل مشكلة بسيطة ، ويصعب عليه التخلص من ورطة صغيرة .
أصله:
أن رجلا كان على سفر . فمرّ في طريقه على مدينة صغيرة ، يتميّز أهلها بأنهم غشمه بسطاء . وكان الوقت ليلا ، فذهب الرجل يفتّش عن خان يقضي فيه ليلته . فمرّ في أحد الأزقّة ، فرأى جمعا من الناس في هرج ومرج ورأى عروسا في لباس العرس ، تقف أمام أحد البيوت ، وقد التفّ حولها وجهاء القوم يتجادلون ويصخبون . فسأل أحد الحاضرين عمّا يجري ويدور ، فقال له : (( عدنا مشكلة كلّش چبيرة .. هاذي العروس طويلة ، وباب بيت العريس ناصي .. واحنا حايرين .. نهدم باب البيت ، صاحب البيت ما يرضى.. نگص رجل العروس ، العريس ما يرضى .. نگص راس العروس ، العروس تموت وآهلها ما يرضون. وما دا ندري اشلون نطلع من هالورطة )) . وقبل أن يجيبه الرجل بشيء، سمع أحد وجهاء القوم يصيح : (( ماكو حل .. غير نروح للقاضي ، وهو يحل المشكلة )) .
فاقترب الرجل من ذلك الوجيه ، وقال له : (( يابه .. هاي المسألة بسيطة ..
{ ماينراد الْها روحة للقاضي } . إفسحوا لي الطريق )) . ثم اقترب من العروس وأمسك برأسها ، وقال لها : (( أشو بنيتي .. نصّي راسچ شويه )). فطأطأت العروس رأسها ، وانحنت قليلا ، فاستطاعت المرور من باب الدار . فضجّ القوم بعبارات الدهشة والتعجّب . ورفعوا أصواتهم بآيات الثناء والشكر . وعجبوا من سعة إطّلاع ذلك الرجل الغريب ، وذكائه . فقدّموا له من الهدايا ما غمره .. ومن الشكر والثناء ما أفرحه وسرّه . فعلم الرجل أن أهل تلك المدينة أناس بسطاء . فضحك من قلة عقولهم وغبائهم وجهلهم .
وذهب ذلك القول { ماينراد الْها روحة للقاضي } مثلا يتداوله الناس