قال العلامة كمال الدين بن الزملكاني (ت - 727هـ) : (كان إذا سئل عن فن من العلم ظن الرائي والسامع أنه لا يعرف غير ذلك الفن، وحكم أن أحداً لا يعرفه مثله، وكان الفقهاء من سائر الطوائف إذا جلسوا معه استفادوا في مذاهبهم منه ما لم يكونوا عرفوه قبل ذلك، ولا يعرف أنه ناظر أحداً فانقطع معه ولا تكلم في علم من العلوم، سواء أكان من علوم الشرع أم غيرها إلا فاق فيه أهله، والمنسوبين إليه، وكانت له اليد الطولى في حسن التصنيف، وجودة العبارة والترتيب والتقسيم والتبيين ) .
وقال أيضاً فيه: (اجتمعت فيه شروط الاجتهاد على وجهها) .
وكتب فيه قوله:
ماذا يقول الواصفون له *** وصفاته جلّت عن الحصر
هو حجة لله قاهرة *** هو بيننا أعجوبة الدهر
هو آية للخلق ظاهرة *** أنوارها أربت على الفجر
وقال ابن دقيق العيد رحمه الله : (لما اجتمعت بابن تيمية رأيت رجلاً العلوم كلها بين عينيه، يأخذ منها ما يريد، ويدع ما يريد) .
وقال أبو البقاء السبكي : (والله يا فلان ما يبغض ابن تيمية إلا جاهل أو صاحب هوى، فالجاهل لا يدري ما يقول، وصاحب الهوى يصده هواه عن الحق بعد معرفته به) ، وحين عاتب الإمام الذهبي (ت - 748هـ) الإمام السبكي كتب معتذراً مبيناً رأيه في شيخ الإسلام ابن تيمية بقولهأما قول سيدي في الشيخ، فالمملوك يتحقق كبر قدره، وزخاره بحره، وتوسعه في العلوم الشرعية والعقلية، وفرط ذكائه واجتهاده، وبلوغه في كل من ذلك المبلغ الذي يتجاوز الوصف، والمملوك يقول ذلك دائماً، وقدره في نفسي أعظم من ذلك وأجل، مع ما جمع الله له من الزهادة والورع والديانة، ونصرة الحق والقيام فيه، لا لغرض سواه، وجريه على سنن السلف، وأخذه من ذلك بالمأخذ الأوفى، وغرابة مثله في هذا الزمان بل من أزمان) .
وأما ثناء الإمام الذهبي على شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فهو كثير، وذِكر ثناء الإمام الذهبي على ابن تيمية هو الغالب على من ترجم لشيخ الإسلام ابن تيمية، وعلى مواضع ترجمة ابن تيمية في كتب الإمام الذهبي، ولعلي أذكر بعض مقولات الإمام الذهبي في ابن تيمية، ومنها قوله:
(ابن تيمية: الشيخ الإمام العالم، المفسر، الفقيه، المجتهد، الحافظ، المحدث، شيخ الإسلام، نادرة العصر، ذو التصانيف الباهرة، والذكاء المفرط) .
وقوله: (... ونظر في الرجال والعلل، وصار من أئمة النقد، ومن علماء الأثر مع التدين والنبالة، والذكر والصيانة، ثم أقبل على الفقه، ودقائقه، وقواعده، وحججه، والإجماع والاختلاف حتى كان يقضى منه العجب إذا ذكر مسألة من مسائل الخلاف، ثم يستدل ويرجح ويجتهد، وحق له ذلك فإن شروط الاجتهاد كانت قد اجتمعت فيه، فإنني ما رأيت أحداً أسرع انتزاعاً للآيات الدالة على المسألة التي يوردها منه، ولا أشد استحضاراً لمتون الأحاديث، وعزوها إلى الصحيح أو المسند أو إلى السنن منه، كأن الكتاب والسنن نصب عينيه وعلى طرف لسانه، بعبارة رشيقة، وعين مفتوحة، وإفحام للمخالف...) .
وقال: (... هذا كله مع ما كان عليه من الكرم الذي لم أشاهد مثله قط، والشجاعة المفرطة التي يضرب بها المثل، والفراغ عن ملاذ النفس من اللباس الجميل، والمأكل الطيب، والراحة الدنيوية) .
ومما قاله في رثائه:
يا موت خذ من أردت أو فدع *** محوت رسم العلوم والورع
أخذت شيخ الإسلام وانقصمت *** عرى التقى واشتفى أولو البدع
غيبت بحراً مفسراً جبلاً *** حبراً تقياً مجانب الشيع
اسكنه الله في الجنان ولا *** زال علياً في أجمل الخلع
مضى ابن تيمية وموعده *** مع خصمه يوم نفخة الفزع
وقال فيه: (... كان قوالاً بالحق، نهاءً عن المنكر، لا تأخذه في الله لومة لائم، ذا سطوة وإقدام، وعدم مداراة الأغيار، ومن خالطه وعرفه قد ينسبني إلى التقصير في وصفه...) .
وقال عنه: (... لا يؤتى من سوء فهم، بل له الذكاء المفرط، ولا من قلة علم فإنه بحر زخار، بصير بالكتاب والسنة، عديم النظير في ذلك، ولا هو بمتلاعب بالدين، فلو كان كذلك لكان أسرع شيء إلى مداهنة خصومه وموافقتهم ومنافقتهم، ولا هو ينفرد بمسائل بالتشهي.... فهذا الرجل لا أرجو على ما قلته فيه دنيا ولا مالاً ولا جاهاً بوجه أصلاً، مع خبرتي التامة به، ولكن لا يسعني في ديني ولا في عقلي أن أكتم محاسنه، وأدفن فضائله، وأبرز ذنوباً له مغفورة في سعة كرم الله تعالى....) .
وقال الشوكاني رحمه الله (إمام الأئمة المجتهد المطلق) .
قلت : وهو أكثر علماء الحديث تصحيحاً للحديث وما صحح إبن تيميه رحمه الله حديثاً إلا كان صحيحاً وليس أن تقول لي أنه قيل فيه يصحح أحاديث ويضعفها دون الرجوع الي مصادرها فتلك الموسوعة العظيمة شيخ الاسلام إبن تيميه رحمه الله ورضي عنه فهو إن قال عن حديث صحيح فهو صحيح فهو بحر العلوم الزاخرة رضي الله عنه ورحمه .
وقد قال البزار في كتابه ( الأعلام العلي في مناقب إبن تيميه ) :
أما غزارة علومه فمنها ذكر معرفته بعلوم القرآن المجيد واستنباطه لدقائقه ونقله لأقوال العلماء في تفسيره واستشهاده بدلائله وما أودعه الله تعالى فيه من عجائبه وفنون حكمه وغرائب نوادره وباهر فصاحته وظاهر ملاحته فإنه فيه من الغاية التي ينتهي إليها والنهاية التي يعول عليها.
ولقد كان إذا قريء في مجلسه آيات من القرآن العظيم يشرع في تفسيرها فينقضي المجلس بجملته والدرس برمته وهو في تفسير بعض آية منها وكان مجلسه في وقت مقدر بقدر ربع النهار يفعل ذلك بديهة من غير أن يكون له قارئ معين يقرأ له شيئا معينا يبيته ليستعد لتفسيره بل كان من حضر يقرأ ما تيسر ويأخذ هو في القول على تفسيره وكان غالبا لا يقطع إلا ويفهم السامعون أنه لولا مضي الزمن المعتاد لأورد أشياء أخر في معنى ما هو فيه من التفسير لكن يقطع نظرا في مصالح الحاضرين ولقد أملى في تفسير (قل هو الله أحد) مجلدا كبيرا، وقوله تعالى (الرحمن على العرش استوى) نحو خمس وثلاثين كراسة ولقد بلغني انه شرع في جمع تفسير لو أتمه لبلغ خمسين مجلدا.
أما معرفته وبصره بسنة رسول الله وأقواله وأفعاله وقضاياه ووقائعه وغزواته وسراياه وبعوثه وما خصه الله تعالى من كراماته ومعجزاته ومعرفته بصحيح المنقول عنه وسقيمه وبقية المنقول عن الصحابة رضي الله عنهم في أقوالهم وأفعالهم وقضاياهم وفتاويهم وأحوالهم وأحوال مجاهداتهم في دين الله وما خصوا به من بين الأمة فإنه كان رضي الله عنه من أضبط الناس لذلك وأعرفهم فيه وأسرعهم استحضارا لما يريده منه فإنه قل أن ذكر حديثا في مصنف أو فتوى أو استشهد به أو استدل به إلا وعزاه في أي دواوين الإسلام هو ومن أي قسم من الصحيح أو الحسن أو غيرهما وذكر اسم رواية من الصحابة وقل أن يسأل عن اثر إلا وبين في الحال حاله وحال أمره وذاكره
ومن أعجب الأشياء في ذلك أنه في محنته الأولى بمصر لما أخذ وسجن وحيل بينه وبين كتبه صنف عدة كتب صغارا وكبارا وذكر فيها ما احتاج إلى ذكره من الأحاديث والآثار وأقوال العلماء وأسماء المحدثين والمؤلفين ومؤلفاتهم وعزا كل شئ من ذلك إلى ناقليه وقائليه بأسمائهم وذكر أسماء الكتب التي ذكر فيها وأي موضع هو منها كل ذلك بديهة من حفظه لأنه لم يكن عنده حينئذ كتاب يطالعه ونقبت واختبرت واعتبرت فلم يوجد فيها بحمد الله خلل ولا تغير ومن جملتها كتاب الصارم المسلول على شاتم الرسول وهذا من الفضل الذي خصه الله تعالى به
ومنها ما منحه الله تعالى من معرفة اختلاف العلماء ونصوصهم وكثرة أقوالهم واجتهادهم في المسائل وما روي عن كل منهم من راجح ومرجوح ومقبول ومردود في كل زمان ومكان وبصره الصحيح الثاقب الصائب للحق مما قالوه ونقلوه وعزوه ذلك إلى الأماكن التي بها أودعوه حتى كان إذا سئل عن شئ من ذلك كأن جميع المنقول عن الرسول وأصحابه والعلماء فيه من الأولين والآخرين متصور مسطور بإزائه يقول منه ما شاء الله ويذر ما يشاء وهذا قد اتفق عليه كل من رآه أو وقف على شئ من علمه ممن لا يغطي عقله الجهل والهوى .
فهل بعد هذا تأتي لتقول لي أن إبن تيميه إن صحح حديث فهو لا يؤخذ منه ليس أنتَ من يقول هذا الكلام يا حيدرة فرحم الله شيخ الإسلام إبن تيميه كان بحراً من بحور العلم ,,
وعليك بكتاب ( الأعلام العلية في مناقب إبن تيميه ) ,, وغيرها من الكتب التي تذكر مناقبه رضي الله تعالى عنه وأرضاه ,,,
يتـــبع إن شاء الله تعالى
-------------------------------
××× رقــــــابــــــــــــة ×××
الزميل ردك هنا خارج عن أصل مشاركة العضو "حيدرة"
وهذا تحذير لك بالتقيد بسير الموضوع والنقاش فيه
وحول أصل المشاركة والموضوع
وإن عدت لهذا الأمر فسوف نضطر آسفين لتحرير أو حذف مشاركاتك
إن كانت على هذا المستوى وبهذا الأسلوب
---------------------------------------------------------