وقد لعن أمير المؤمنين (عليه السلام) جماعةً، ورُوي أنّه كان يَقنُتُ في الصلاة المفروضة بلعن معاوية وعمرو بن العاص وأبي موسى وأبي الأعور السلمي(1)، مع أنّه أحلم الناس عن ذنب(2)، وأعظم قدراً من أن تجرح نفسه النفيسة زلّة بشر. فلولا أنّه كان يرى لعنهم من أقرب القربات، لما كان يتخيّر محلّه في الصلوات المفروضات.
وَرَوى أهلُ السنّة أنّ عائشة لَعَنَت عثمان ولَعنها، وخرجت غضبى عليه إلى مكّة شرّفها الله(3).
وقد روى أصحابنا أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يقنت في بعض نوافله بلعن صَنَمي قريش، أعني أبا بكر وعمر(4).
وَرَوى الشيخ في (التهذيب) أنّ الصادق (عليه السلام) كان ينصرف من الصلاة بلعن أربعة من الرجال منهم أبو بكر وعمر(5).
ومَن نَظَر إلى ما وقع للحسن (عليه السلام) مع معاوية وأصحابه وكيف لعنهم
1- قال نصر بن مزاحم في كتاب صفّين: 302 ـ وعنه في شرح نهج البلاغة 2: 260 ـ فكان علي عليه السّلام بعد الحكومة إذا صلّى الغداة والمغرب وفرغ من الصلاة وسلّم قال: " اللهمّ العن معاوية، وعمراً، وأبا موسى، وحبيب بن مسلمة، وعبد الرحمن بن خالد، والضحّاك بن قيس، والوليد بن عُقبة". فبلغ ذلك معاوية، فكان إذا صلّى لعن عليّاً، وحسناً، وحسيناً، وابن عباس، وقيس بن سعد بن عبادة، والأشتر. وزاد ابن ديزيل في أصحاب معاوية أبا الأعور السلمي.
2- كذا في النسخ الخطيّة المتوفّرة لدينا، وفي الطبعة المحقّقة من قبل الشيخ محمّد هادي الأميني ص44 س2: ذنب الجانين.
3- النهاية في غريب الحديث والأثر 5: 80 " نعثل ".
4- انظر البلد الأمين: 551، بحار الأنوار 85: 260.
5- التهذيب 2: 321 حديث1313
وتَتبَّعَ ما ورد من الآثار عن الأئمّة الأطهار (عليهم السلام) في (الكافي) وغيره من كتب الحديث والأدعية في لعنهم مَن يستحقّ اللعن من رؤساء الضلال والتصريح بأسماء هؤلاء(2)، عَلِمَ أنّ ذلك من شُعب الدين وشعائره بحيث لا يتخالجه شكّ ولا يعتريه مرية.
وتَتبَّعَ ما ورد من الآثار عن الأئمّة الأطهار (عليهم السلام) في (الكافي) وغيره من كتب الحديث والأدعية في لعنهم مَن يستحقّ اللعن من رؤساء الضلال والتصريح بأسماء هؤلاء(2)، عَلِمَ أنّ ذلك من شُعب الدين وشعائره بحيث لا يتخالجه شكّ ولا يعتريه مرية.
شبهـــــــة تضعيف عبادة اللعن
وما يقوله بعضُ الحشوية: انّ النبي (صلى الله عليه وآله) قال: " لا تكونوا لعّانين "(3)، وأنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) نهى عن لعن أهل الشام(4)، فالمراد ـ إن صحّ ذلك ـ أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) نهى أن يكون السبّ خُلقاً لهم بسبب المبالغة فيه والإفراط في ارتكابه بحيث يلعنون كلّ أحد، كما يدلّ عليه قوله " لعّانين "، لا أنّه نهى عن لعن المستحقّين كما يزعمه هؤلاء المفترون. ولو أراد ذلك لقال: " لا تكونوا لاعنين "، فإنّ بينهما فرقاً يعلمه مَن أحاط بدقائق لسان العرب.
وأمّا نهي أمير المؤمنين (عليه السلام) عن لعن أهل الشام، فإنّه كان يرجو إسلامهم ورجوعهم إليه، كما هو شأن الرئيس المُشفق على الرعيّة، ولذلك قال: " ولكن قولوا اللّهمّ أصلح ذات بيننا "(5) وهذا قريب من قوله تعالى في قصّة فرعون: {قُولا لَهُ قولاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذكَّرُ أو يخشى}(6).
1- تذكرة الخواص: 114.
2- الكافي 3: 342 حديث 10، التهذيب 2: 321 حديث 1313.
3- مستدرك الصحيحين 1: 47.
4- نهج البلاغة: 323/206.
5- نهج البلاغة: 323/206.
6- طه: 44.
نصيحة (باقرية ) :أولا :كل من يرى نفسه مؤمن ضعيف ولايقوى على عبادة اللعن فليقوي أيمانه بدل التحايل وتبني أفكار من يفضحهم اللعن ويفضح أجدادهم الظالمين (وهذا اهم سبب لأثارة الشبهة على اللعن وخلطه مع السب ّ) وثانيا:ماأعظم العبادة كااللعن وغيره أذا كان هدفه وجه الله تعالى وليس الفتنة