|
عضو فضي
|
رقم العضوية : 34252
|
الإنتساب : Apr 2009
|
المشاركات : 1,863
|
بمعدل : 0.33 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
الحوزويه الصغيره
المنتدى :
منتدى القرآن الكريم
بتاريخ : 14-08-2012 الساعة : 01:54 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إجابة السؤال التاسع :
قال تعالى :
بسم الله الرحمن الرحيم
(وإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا-71-)سورة مريم
س / هل أن (ورود النار) حتم على المؤمنين ؟
الجواب :
قوله تعالى ( وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ) الخطاب لناس عامة مؤمنيهم وكافريهم بدليل قوله في الآية التالية : (ثم ننجي الذين اتقوا) والضمير في ( واردها ) للنار , وربما قيل : إن الخطاب للكفار المذكورين في الآيات الثلاث الماضية وفي الكلام التفات من الغيبة إلى الحضور وفيه ان سياق الآية التالية يأبى ذلك .
والورود خلاف الصدور وهو قصد الماء على ما يظهر من كتب اللغة قال الراغب في المفردات : الورود أصله قصد الماء ثم يستعمل في غيره يقال : وردت الماء أرده , وروداً فأنا وارد والماء مورود , وقد أوردت الإبل الماء قال تعالى : ( ولما ورد ماء مدين ) والورد الماء المرشح للورود , والورد خلاف الصدر , والورد يوم الحمى إذا وردت , واستعمل في النار على سبيل الفظاعة قال تعالى : (فأوردهم النار ) ( وبئس الورد المورود ) (إلى جهنم وردا ) ( أنتم لها واردون ) ( ما وردوها ) والوارد الذي يتقدم القوم فيسقي لهم قال تعالى : ( فأرسلوا واردهم )أي ساقيهم من الماء المورود انتهى موضع الحاجة .
وإلى ذلك استند من قال من المفسرين أن الناس إنما يحضرون النار ويشرفون عليها من غير أن يدخلوها واستدلوا عليه بقوله تعالى : ( ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ) , وقوله : ( فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه ) , وقوله : ( إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون لا يسمعون حسيسها ) .
وفيه أن استعماله في مثل قوله : ( فلما ورد ماء مدين ) وقوله : ( فأرسلوا واردهم ) في الحضور بعلاقة الإشراف لا ينافي استعماله في الدخول على نحو الحقيقة كما أدعي في آيات أخرى , وأما قوله : ( أولئك عنها مبعدون لا يسمعون حسيسها ) فمن الجائز أن يكون الإبعاد بعد الدخول كما يستظهر من قوله : ( ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها ) , وأن يحجب الله بينهم وبين أن يسمعوا حسيسها إكراما لهم كما حجب بين إبراهيم وبين حرارة النار , إذ قال للنار : كوني برداً وسلاماً على إبراهيم .
وقال آخرون ولعلهم أكثر المفسرين بدلالة الآية على دخولهم النار استنادا إلى مثل قوله تعالى : ( إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون لو كان هؤلاء ما وردوها ) , وقوله في فرعون : ( يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار ) , ويدل عليه قوله في الآية التالية : ( ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا ) أي نتركهم باركين على ركبهم وإنما يقال نذر ونترك فيما إذا كان داخلاً مستقراً في المحل قبل الترك ثم أبقي على ماهو عليه ولعدة من الروايات الواردة في تفسير الآية .
وهؤلاء بين من يقول بدخول عامة الناس فيها ومن يقول بدخول غير المتقين أن قوله : ( منكم ) بمعنى منهم على حد قوله : ( وسقاهم ربهم شراباً طهورا , إن هذا كان لكم جزاء ) , هذا ولكن لا يلائمه سياق قوله : ( ثم ننجي الذين اتقوا ) الآية .
وفيه أن كون الورود في مثل قوله : ( لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها ) بمعنى الدخول ممنوع بل الأنسب كونه بمعنى الحضور والإشراف فإنه أبلغ كما هو ظاهر وكذا في قوله : ( فأوردهم النار ) فإن شأن فرعون وهو من ائمة الضلال هو أن يهدي قومه إلى النار وأما إدخالهم فيها فليس إليه .
وأما قوله : ( ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها ) فالآية دالة على كونهم داخلين فيها بدليل قوله : ( نذر ) لكن دلالتها على كونهم داخلين غير كون قوله ( واردها ) مستعملاً في معنى الدخول , وكذا تنجية المتقين لا تستلزم كونهم داخلين فيها فإن التنجية كما تصدق مع إنقاذ من دخل المهلكة تصدق مع إبعاد من أشرف على الهلاك وحضر المهلكة من ذلك .
وأما الروايات فإنما وردت في شرح الواقعة لا في تشخيص ما استعمل فيه لفظ ( واردها ) في الآية فالاستدلال بها على كون الورود بمعنى الدخول ساقط .
فإن قلت : لم لا يجوز أن يكون المراد شأنية الدخول والمعنى : ما من أحد منكم إلا من شأنه أن يدخل النار و إنما ينجو من ينجو بإنجاء الله على حد قوله : ( ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا ) .
قلت : معناه كون الورود مقتضى طبع الإنسان من جهة أن ما يناله من خير وسعادة فمن الله ولا يبقى له من نفسه إلا الشر والشقاء لكن ينافيه ما في ذيل الآية من قوله : ( كان على ربك حتماً مقضيا ) فإنه صريح في أن هذا الورود بإيراد من الله وبقضائه المحتوم لا باقتضاء من طبع الأشياء .
والحق أن الورود لا يدل على أزيد من الحضور والإشراف عن قصد على ما يستفاد من كتب اللغة فقوله : ( وإن منكم إلا واردها ) إنما يدل على القصد والحضور والإشراف , ولا ينافي دلالة قوله في الآية التالية : ( ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا ) على دخولهم جميعا أو دخول الظالمين خاصة فيها بعد ما وردوها .
وقوله : ( كان على ربك حتماً مقضيا ) ضمير كان للورود أو للجملة السابقة باعتبار أنه حكم , والحتم والجزم والقطع بمعنى واحد أي هذا الورود أو الحكم كان واجباً عليه تعالى مقضيا في حقه و إنما قضى ذلك نفسه على نفسه إذ لا حاكم يحكم عليه .
قوله تعالى : ( ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا ) قد تقدمت الإشارة إلى أن قوله : ( ونذر الظالمين فيها ) يدل على كون الظالمين داخلين فيها ثم يتركون على ما كانوا عليه , وأما تنجية الذين اتقوا فلا تدل بلفظها على كونهم داخلين إذ التنجية ربما تحققت بدونه اللهم إلا أن يستظهر ذلك من ورود اللفظين مقترنين في سياق واحد .
وفي التعبير بلفظ الظالمين إشارة إلى علية الوصف للحكم .
ومعنى الآيتين : ما من أحد منكم – متق أو ظالم – إلا وهو سيرد النار كان هذا الإيراد واجباً مقضياً على ربك ثم ننجي الذين اتقوا منها ونترك الظالمين فيها لظلمهم باركين على ركبهم .
وفيه بإسناده عن الحسين بن أبي العلاء عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله عز وجل : ( وإن منكم إلا واردها ) قال : أما تسمع الرجل يقول : وردنا بني فلان فهو الورود ولم يدخله .
وفي المجمع عن السدي قال : سألت مرة الهمداني عن هذه الآية فحدثني أن عبد الله بن مسعود حدثهم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : يرد الناس النار ثم يصدرون بإعمالهم فأولهم كلمع البرق ثم كمر الريح ثم كحضر الفرس ثم كالراكب ثم كشد الرجل ثم كمشيه .
واعلم أن ظاهر بعض الروايات السابقة أن ورود الناس النار هو جوازهم منها فينطبق على روايات الصراط وفيها أنه جسر ممدود على النار يؤمر بالعبور عليها البر والفاجر فيجوزه الأبرار ويسقط فيها الفجار , وعن الصدوق في الاعتقاد أنه حمل الآية عليه .
وقال في مجمع البيان : وقيل : إن الفائدة يعني ورود النار ما روي في بعض الأخبار أن الله تعالى لا يدخل أحداً الجنة حتى يطلعه على النار وما فيها من العذاب ليعلم تمام فضل الله عليه وكمال فضله و إحسانه إليه فيزداد لذلك فرحا وسروراً بالجنة ونعيمها , ولا يدخل أحد النار حتى يطلعه على الجنة وما فيها من أنواع النعيم والثواب ليكون ذلك زيادة عقوبة له وحسرة على ما فاته من الجنة ونعيمها . انتهى
تفسير الميزان ج 14
|
|
|
|
|