مما لا مسكة فيه ولا ريب : أن صلاة الجماعة مستحب مؤكد ، وفضلها لا يقاس بالصلاة الفرادى.. وهذا واضح بنصوص جلية مستفيضة ، لا غبار عليها .
وهنا نعرض عدة مواضع من صلاة الجماعة ، هي دروس عملية من آدابها ، تربطنا وتهيؤنا للخروج مع إمام العصر (ع) وتزيد ولاءنا له.
إن صلاة الجماعة بشكل عام هي مدرسة وتربية على آداب التعامل مع الحجة (ع) ، واليكم بعض صور الارتباط بين الجماعة وكيفية الولاء له (ع) :
1- انتظار الإمام :
من الأدب في صلاة الجماعة : حضور المصلين المأمومين قبل وقت الصلاة قبل الإمام ، وانتظاره حتى تقوم الصلاة بإمامته.
هذه الحالة من الانتظار والتشوق الحاصلة عند المأموم ! ، هي دورة تدريبية متكررة على انتظار الإمام الغائب عليه السلام انتظاراً إيجابياً فيه : الذكر ، والعمل الصالح ، حتى يقوم بأمر الله .. فيكون هذا المأموم في معيته ومن جملة أنصاره وأعوانه ، ومقوية دولته وسلطانه.
2- التجمع خلف الإمام في صفوف متراصة ، وإفراده في صف واحد :
و هنا رمزية أخرى ، يتربى المأمومون في صلاة الجماعة على أن يكون إمام صلاتهم متميزاً ، مخصوصاً عنهم في الصورة الصلاتية ، وفي الشكل الذي تظهر عليه الجماعة.
وكذا، فتعاملنا مع الإمام المنتظر (ع) ينبغي ان يكون كذلك قلباً وقالبا ..اذ لا بد من تمييزه عن غيره ، وتخصيصه بالمعالي ، والدرجات الرفيعة التي اعطاها الله تعالى إياها .. وهو من لا يقاس به أحد ، فلا يرقى إليه الطير، بل ينحدر عنه السيل.
3- توسط الإمام للصفوف :
هذه الحالة الصورية أيضاً لها معنى خفي: وهو أن الإمام في مركز ومحور المسجد والجماعة .. وهو الصراط المستقيم الذي يتقوم ويتحدد وقوف المأمومين خلفه بموقفه هو.
ونحن نقول ! أن الإمام المعصوم (ع) هو ذلك الصراط المستقيم ، وهو الواسطة بين المبدأ والمعاد ، وهو المتصدر لمحور الحركة الايمانية فى الوجود .. فموقعه في الامة موقع القلب من البدن ، والقطب من الرحى .
4- تقدم الإمام للصفوف :
فمن المعلوم ان في صلاة الجماعة لا يتقدم أحد على الإمام ، بل الكل متأخرون عنه ولو قليلا .. وحتى لو كان المأموم شخصاً واحداً فإنه لا يتقدم عليه في الموقف.
والدرس العملى من ذلك : ان على الامة المأمومة ان تعترف بالتاخر الرتبي عن ذلك الامام ، الذي بيمنه رزق الورى وبوجوده ثبتت الارض والسماء .. وهذا مما يومي إليه ما مضمونه : لا تتقدموا عليهم فتهلكوا .. وأنهم الباب المبتلى به الناس ، ومن المعلوم ان نسبة الباب في البيت هو التقدم دائما ، ولا يمكن ولوج الدار الا من خلاله !
5- تحمل الإمام القراءة في الأوليتين :
تسقط القراءة عن المأموم في الركعتين الأوليتين ، وعليه الإنصات والاستماع لقراءة الإمام ، فيتفرغ للتمعن في معاني الآيات الكريمة.
والدرس العملي فيه : هو ان الإمام - الذي هو القرآن العيني و يمثل عدل القران التدويني - هو الأجدر والأقدر علي استيفاء كل حقوق وآداب قراءة القرآن وغيرها ، ولذا يختص بها دون من سواه ، فاهل البيت أدرى بمن فيه وما فيه ، اذ قد نزل القرآن في بيوتهم التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه.
6- متابعة المأمومين للإمام :
ان على المأمومين متابعة إمام الصلاة في الأفعال .. وهذا ما ينبغي ان نكون عليه مع من يمثل الحبل الممدود بين الارض والسماء في زمان الغيبة .. فان علامة الحب الصادق هو الاتباع الذي ذكره القرآن الكريم قائلا : { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله }.
7- الإخفات على المأمومين :
يكره على المأموم ان يُـسمع امام الجماعة قراءته ، وفي هذا درس آخر لنتعلم أدب الكلام في حضور الإمام (ع) .. فلا نرفع الصوت فوق صوته ، تأدباً وتذللاً وتصاغراً في حضرته.
هذه بعض الدروس والسلوكيات العملية ، التي قد تستفاد من صلاة الجماعة والتي هي صانعة للجماعة ، ومهيئة لل! جماعة، وموحدة للجماعة المنتظَرة للامام المنتظر (ع) .