تعتبر مرحلة الطفولة مرحلة أساسية وهامة يكون فيها الطفل أكثر مرونة وقابلية للتعلم وأكثر طواعية لتعديل سلوكه ولقد حظيت قضية الطفولة ومشكلات الطفل وحقوقه في مراحل حياتة المختلفة باهتمام الكثير من الباحثين في مختلف المجالات وبدا الاهتمام يزيد في الآونة الأخيرة بالاضطرابات التي تصيب الأطفال وتؤثر على نموهم السوي والاضطرابات هي حالات اضطراب نفسي يتمثل في توقف النمو على المحاور اللغوية والمعرفية والاجتماعية أو فقدانها بعد تكوينها ويكون له تأثيرا سلبي في المستقبل على بناء الشخصية .
ومن هذه الاضطرابات اضطراب التوحد ويعتبر من أكثر الإعاقات التطورية صعوبة بالنسبة للطفل ويحيطه الكثير من الغموض سواء في أساليب تشخيصه أو أسباب الإصابة أو عن طرق علاجه فالأطفال التوحديون منهم أطفال عباقرة لديهم قدرات إبداعية ولا يمكن الكشف عن تلك القدرات العقلية إلا بالتعرف على كيفية التعامل معهم ومتى يصل المعلم إلى مفتاح التعامل مع هؤلاء الأطفال يستطيع الطفل أن ينطلق انطلاقا رهيبا مما يجعله يفجر القدرات المكنونة لديه .
أما التوحد هو مصطلح شامل يستخدم في وصف حالة إعاقة(وليس مرضاً) من اضطرا بات النمو الشامل التي تتميز بقصور أو توقف في القدرة على الذات وجمود عاطفي وانفعالي واندماج في حركات نمطية أو ثورات غضب كرد فعل لأي تغير أو لضغوط المجتمع,وينتشر التوحد بمعدل(2) من كل ألف حالة ولادة و تزداد نسبته في الذكور عن الإناث (1-4) أو يكتشف بعد الولادة من العام الأول حتى العام الثالث .
ويعتبر ليوكانر - leokanner أول من تعرف عن هذه الإعاقة في عام 1943 وأطلق علية لفظ (AUTISM ) والمعنى اللاتيني لهذه الكلمة هو انغلاق أو انعزال الطفل إلى ذاته والطفل التوحدي يبدو واضحا قانعا ً وراضيل عن ذاته لا يبدى انفعالا واضحا أو تودداً حين ملاطفته ولا ينتبه إلى أي شخص قادم أو خارج أمامه ولا تظهر علية علامات السعادة حين رؤية أحد من والديه أو أقرانه في اللعب ومن أهم مميزاته أنة يعشق اللعب في المياه ويتعلق باللعب مع الحيوانات واللعب بالرمل وهذه الألعاب تسهم في زيادة التواصل مع الطفل التوحدي .
ومن أهم المعايير التي تسهم في تشخيص الطفل التوحدي :
-أنه يبدأ في الاضطراب قبل الشهر الثلاثين .
-تنقص الاستجابة للناس وللآخرين .
-عجز واضح في نمو اللغة .
-أنماط غريبة وشاذة نحو البيئة مثل الارتباط الشديد بأشياء واضحة جامدة محدودة ( مثل ورقة أو قطعة خشب ) .
-لا توجد هلوسات أو توهمات كما في الفصامي .
أعراض الطفل التوحدي :
يوجد لدى الطفل التوحدي بعض القضايا النمائية والتربوية مثل افتقاد الوعي الذاتي بشكل واضح وضعف في الرابطة الوجدانية والتعاطف الانفعالي والميل الواضح لافتقاد مثيرات محدودة من البيئة . ومن أهم القضايا التربوية أن هذه الفئة من الأطفال قابلين للتدريب على المهارات الاجتماعية .
ونجد أن للطفل التوحدي صورا متعددة تختلف أعراضها من شخص لأخر وتظهر تدريجيا من 1-30 شهر ومن أهم هذه الأعراض اضطراب العلاقات الإنسانية مع الناس ,اضطرا ب في الاستجابة للمواقف والموضوعات واضطراب في تعديل المثيرات الحسية والسلوك الحسي واضطراب في السلوك الحركي .
العوامل المسببة للتوحد :
أولاً العوامل الوراثية : يوجد جدل كبير حول دور العوامل الو راثية في إعاقة التوحد فالبعض يعتبرها عامل ممهد والبعض يعتبرها عامل مسبب حيث أكدت الكثير من البحوث والدراسات في نتائجها أن للوراثة دور في إعاقة التوحد.
ثانياً العوامل البيئية : أكدت بعض الدارسات والبحوث أن وجود خلل عضوي عصبي أو بيولجي تحدث 92%منها أثناء الحمل .
1- إصابة الأم بأنواع من الحميات مثل الحصبة الألمانية .
2- تعرض الأم لجرعات إشعاعية .
3- حدوث نزيف متكرر مصاحب بهبوط بعد الشهر الثالث .
4- تناول الأم العقاقير بدون إذن من الطبيب .
5- حدوث رشح في الرحم .
6- كبر سن الأم الحامل .
7- التلوث البيئي مثل( الرصاص- الزئبق- التدخين) .
8- نقص الأكسجين الواصل لمخ الجنين .
تلك هي نسب ضئيلة من العوامل المسببة ومع ذلك لم يوجد تحديد دقيق للعوامل التي يمكن الجزم بأنها السبب المباشر ولكن ما يمكن تعميمه أن معظم العوامل المسببة تكمن في المخ والجهاز العصبي وان معظم العوامل المسببة تحدث أثناء فترة الحمل أو قبلة بنسبة ضئيلة تحدث بعد الولادة .
وقد جذب الكثير من الباحثين الانتباه إلى وجود نوع من الخلل في وظيفة الأسرة والخبرات الأولى للحياة وأن العوامل المرتبطة بالتنشئة النفسية قد تكون هي السبب في إصابة الطفل التوحدي حيث إن وجود الطفل التوحدي في المنزل يسبب تغيراً في حياة الأسرة على عدة مستويات فهي تؤثر في الوالدين والأخوات كأفراد يعيشون معه وكيفية التعامل معه وكيف يتفاهمون معه . وتتأثر أيضا العلاقات بين كل أعضاء الأسرة وأنماط التفاعل الأسرى كوحدة واحدة وتتأثر حركة الأسرة وإمكانيتها المالية وفرص الترويح .
ويؤكد العلماء على أهمية دور الأسرة وأثرها العميق في ارتقاء شخصية الطفل التوحدي وأثر التفاعلات بينهما وسلوكهما نحو الطفل التوحدي وعلى أهمية دور كل فرد من أفراد الأسرة في عملية النمو النفسي والاجتماعي والعقلي للطفل خاصة في سنواته الأولى . وأن التفاعلات بينهما لها الأهمية الأولى والأساسية في تشكيل نموه وعلاقته بأخوته أيضا لها الأثر في شخصيته ، حيث تسهم العلاقات الأسرية في تطبيع الطفل وتنشئته على الخصائص الاجتماعية والسلوكيات السائدة في البيئة المحيطة به .
و يجب على الوالدين أن يؤمن كل منهما بأن طفلهما المعاق لدية إمكانيات وقدرات يجب استغلالها والاستفادة منها وأن له الحق في الرعاية المناسبة والتأهيل وله حقوق مثل باقي الأطفال العاديين .