|
شيعي حسيني
|
رقم العضوية : 480
|
الإنتساب : Oct 2006
|
المشاركات : 18,076
|
بمعدل : 2.75 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
المنتدى الإجتماعي
تربية الاولاد .....المسؤلية الاساسيه للوالدين
بتاريخ : 11-11-2006 الساعة : 08:11 PM
أن للوالدين من خلال جهدهما التربوي تأثير مباشر في رسم طبيعة المستقبل الذي ينتظر الطفل ، سواء كان ذلك باتجاه السعادة أو الشقاء .
و لكن هل يعني ذلك أن التربية هي المقدمة الضرورية والشرط الوحيد في تحديد مستقبل الطفل نحو السعادة والشقاء ؟ و بتعبير آخر: هل التربية من خلال جهد الوالدين و تأثيرهما، هي (العلة التامة) فيما ينطوي عليه سلوك الطفل و مستقبله من سعادة أو شقاء ؟ أم ثمة عوامل أخرى لها أثرها في تحديد بصمات هذا المستقبل ؟
إننا في الوقت الذي نؤكد فيه على التأثير الخطير للتربية و جهد الوالدين في تحديد مستقبل و مصير الأولاد ، فإننا نعترف أن هذا العامل لا يمثل على أهميته الفائقة (علة تامة) أو شرطاً وحيداً لتعيين هوية مستقبل الطفل باتجاه السعادة أو الشقاء . و لا يتحكم بمفرده في تحديد سلوكه ، أياً كان هذا السلوك . و إنما ننظر إلى جهود الوالدين و تأثيرهما في تربية الأولاد ، بوصفها مقتضيات لبناء أرضية مناسبة لمستقبل الطفل في مراحل حياته المختلفة . إذ عادة ما يقود سلوك الوالدين الملتزم و تدخلهما في تربية أولادهما إلى نتائج إيجابية طيبة تؤثر على مستقبلهم .
و عكس ذلك بالنسبة للوالدين غير الملتزمين ، اللذين يهملان تربية أولادهما و رعاية أطفالهما ، إذ غالباً ما يقود هذا المسلك إلى نتائج سلبية على مستقبلهم .
و لكن ـ كما أشرنا ـ فإن الأمر الآنف الذكر لا يمثل قانوناً حتمياً لا يمكن الحياد عنه ، و بالتالي لا ينبغي أن ننظر إلى جهود الوالدين بوصفهما (علة تامة) في تحديد مستقبل الطفل ، إذ كثيراً ما يولد طفل من والد منحرف غير ملتزم ، و غير متقيد في مصادر لقمة عيشه ، حيث لا يبالي إذا كانت من حلال أم حرام ، الأمر الذي يعني أن هناك أرضية سلبية تنتظر الطفل المولود تقوده إلى الانحراف .
لكنا نرى أن هذا الطفل عندما يشب و يظفر بمحيط سالم خارج البيت ، و يعيش في وسط علمائي إيماني و يندمج فيه ، فإن عوامل التغيير تعتمل في داخله و تقوده بإرادته نحو السعادة والخير .
و نلاحظ العكس ـ أيضاً ـ إذ نرى ثمة أطفالاً مهيئة لهم كل شروط السعادة والخير ، من خلال التزام والديهم بأصول الإسلام و أحكامه و رعايتهم لهم ، و من خلال سلامة الجو الأسري . إلا أن عوامل أخرى تلعب دورها في حياتهم ، كأن ينخرطوا في جو متخلف غير ثوري ، أو يندمجوا في علاقات سيئة مع رفاق السوء ، مما يؤدي إلى انحرافهم رغم الأرضية السليمة التي هيأها لهم الوالدان .
إننا نحاول أن نتعرف على موقع التربية و تأثير الوالدين في مستقبل الأولاد ، و ليس الهدف ـ مطلقاً ـ التقليل من أهمية هذا الدور ، إذ ينبغي للوالدين أن يمهدا لأولادهما الأرضية المناسبة التي تنقلهم نحو مستقبل سعيد زاهر ، و يتركا البقية إلى الله تبارك و تعالى و مدى التوفيق الذي يمنحه للأولاد في ذلك .
و نؤكد مرة أخرى على أن رعاية الوالدين للأطفال من الواجبات المؤكدة بالنسبة لهما ، أما المستقبل و ما سيؤول إليه مصير الأولاد فهو أمر موكول لإرادة الله و توفيقه .
و بعبارة أخرى : ينبغي للوالدين أن يراعيا مقتضيات واجبهما إزاء الأولاد ، و يبذرا البذور الصالحة و يرعياها بكل ما يؤدي بها إلى الينوع والإثمار ، من دون أن يصيبهما اليأس مما سيؤول إليه مستقبل الولد .
إن ولد الزنا ـ مثلاً ـ يولد و هو يواجه أمامه أرضية تقوده قوداً نحو الشقاء ، و لكنه يستطيع ـ لو صح منه العزم والإرادة والتوكل ـ أن ينفلت من أرضية الشقاء هذه ، و يتجه نحو مستقبل زاهر مملوء بالخير ، و ذلك باندماجه في وسط سليم و معاشرته لقرناء الخير و علماء الدين ، بل و يستطيع أن يرقى إلى مراقي القرب الإلهي و ينال الجنة .
و كذلك يقال لمن يولد في أسرة موبوءة لا تقيم وزناً لمصادر عيشها و رزقها ، و لا لأحكام الدين الأخرى . فعلى مثل هذا الإنسان أن لا ييأس أو يقنط من الوصول إلى مقام الرضا الإلهي ، لأن له إرادته التي يستطيع أن يرتقي من خلالها إلى أعلى المقامات أو ينحدر إلى أسفل السافلين .
* المظاهري
|
|
|
|
|