جواب أمير المؤمنين عليه السلام على رسالة معاوية اللعين
فكتب إليه علي عليه السلام: أما بعد، فإنه أتاني كتابك تذكر فيه حسدي للخلفاء، وإبطائي عليهم، والنكير لامرهم فلست أعتذر من ذلك إليك ولا إلى غيرك، وذلك أنه لما قبض النبي صلى الله عليه [وآله] واختلف الامة، قالت قريش: منا الامير، وقالت الانصار: بل منا الامير، فقالت قريش: محمد صلى الله عليه [وآله] منا، ونحن أحق بالامر منكم، فسلمت الانصار لقريش الولاية والسلطان، فإنما تستحقها قريش بمحمد صلى الله عليه [وآله] دون الانصار، فنحن أهل البيت أحق بهذا من غيرنا.. إلى قوله عليه السلام: وقد كان أبوك أبو سفيان جاءني في الوقت الذي بايع الناس فيه أبا بكر، فقال لي: أنت أحق بهذا الامر من غيرك، وأنا يدك على من خالفك، وإن شئت لاملان المدينة خيلا ورجلا على ابن أبي قحافة، فلم أقبل ذلك، والله يعلم أن أباك قد فعل ذلك فكنت أنا الذي أبيت عليه مخافة الفرقة بين أهل الاسلام، فإن تعرف من حقي ما كان أبوك يعرفه لي فقد أصبت رشدك، وإن أبيت فها أنا قاصد إليك، والسلام (5).
(5) انظر: المستدرك للحاكم 3 / 78، والاستيعاب 4 / 87، وكنز العمال 3 / 141.. وغيرها
مصادر أخرى :
1- وإذا كان عمر قد احتج على الأنصار بقوله: ولكن العرب لا تمتنع أن تولي أمورها من كانت النبوة فيهم. فإن هذا القول يوجب عليه التنحي مع صاحبه وإفساح الطريق أمام أهل بيت النبي (صلى الله عليه وسلم) فإنهم أرقى بيوت قريش، فلا هو ولا صاحبه يمثلان بيتا راقيا في قريش. وهذا هو ما استفز أبو سفيان ودفعه لتحريض الإمام بقوله: ما بال هذا الأمر في أذل قبيلة من قريش وأقلها..
وتأمل تعليق ابن حجر على قول عمر لسعد بن عبادة: اقتلوه. قتله الله..
ولم يكن الصراع على الحكم ينحصر بين الأنصار وبين قطاع أبو بكر وعمر من المهاجرين إنما كانت هناك قطاعات أخرى تتطلع إلى الحكم من قريش على رأسها قطاع السفيانيين الذين تزعمهم أبو سفيان بن حرب الذي فقد سلطانه ونفوذه بعد فتح مكة..
ولم يكن أمام أبو سفيان الذي لا توجد له شوكة في المدينة سوى تحريض الإمام علي على المجتمعين في السقيفة..
يروي الطبري أن أبا سفيان قال للإمام: ما بال هذا الأمر (الخلافة) في أذل قبيلة من قريش وأقلها. والله لئن شئت لأملأنها عليه خيلا ورجالا..
وكان جواب الإمام: ما زلت عدوا للإسلام وأهله فما ضر ذلك الإسلام وأهله شيئا. والله ما أريد أن تملأها عليه خيلا ورجالا ولو رأينا أبا بكر لذلك أهلا ما خليناه وإياها. يا أبا سفيان إن المؤمنين قوم نصحه بعضهم لبعض متوادون. وإن بعدت ديارهم وأبدانهم وأن المنافقين قوم غششة بعضهم لبعض.. (20)
(20) أنظر الطبري ح 2 / 449 الإستيعاب لابن عبد البر.
الصفحة 57
2- وبعد أن بويع لأبي بكر بالخلافة تميَّز في مجتمع المدينة ومكَّة ، عن سائر الناس ، فريقان :
الفريق الأول : فريق أظهر كلَّ ما كان يخفيه من نفاق وسعى إلى إثارةالفتنة ، يقابله فريق آخر لم يظهر الحقَّ بكلِّ ما يملك من قدرة..
]فأمَّا الفريق الأول فهم الكائدون للإسلام ، أولهم وعلى رأسهم أبوسفيان الذي قدم على أمير المؤمنينعليه السلاميحرِّضه من مناجزة القوم الذينكانوا مع أبي بكر ، فيقول له : والله لئن شئت لأملأنَّها عليه خيلاً ورَجِلاً. فردَّه عليه السلام : « والله إنَّك ما أردت بهذه الا الفتنة ، وإنَّك والله طالما بغيتللإسلام شرَّاً ، لا حاجة لنا في نصيحتك » (1) .
]ومن هذا القسم أيضاً مسلمو الفتح : ـ الطلقاء ، والمؤلَّفة قلوبهم ـوكان في طليعتهم : سهيل بن عمرو ، والحارث بن هشام ، وعكرمة بن أبيجهل ، والوليد بن عقبة بن أبي معيط ، سعوا في الفتنة أيضاً ، يحرِّضونقريشاً على الأنصار لهتافهم باسم عليٍّ ، يريدون إلزامهم بتجديد البيعة والافليقتلوهم!
]وظهر أبو سفيان مرَّة أُخرى قائلاً : يا معشر قريش ، إنَّه ليس للأنصارأن يتفضَّلوا على الناس ، حتى يُقرُّوا بفضلنا عليهم.. وأيم الله لئن بطرواالمعيشة ، وكفروا النعمة ، لنضربنّهم على الإسلام كما ضربونا عليه!
ولم يذكر لنا التاريخ في هذه الحوادث موقفاً إيجابياً واحداً لأبي بكر أوعمر لردع الفتن!]هؤلاء هم الذين طالما كادوا للإسلام بسيوفهم عشرين عاماً أو تزيدفدخلوا الإسلام عنوةً ، فلمَّا لم يجدوا بدَّاً من الكيد بأيديهم كادوه بألسنتهم.
1) تاريخ الطبري 3 : 209 ، الكامل في التاريخ 2 : 189.
وما أجمل قول حسَّان بن ثابت :
تنـادى سهيلٌ ، وابن حربٍ وحارثٌ * وعكـرمـة الشاني لنا ابنُ أبي جهلِ
أولئك رهـطٌ من قريـشٍ تبايعــوا * على خطَّةٍ ليست من الخططِ الفضـلِ
وكلُّهم ثــانٍ عـن الحـقِّ عطفــه * يقول اقتلوا الأنصار ، يا بئس من فعلِ
وأعجب منهـم ، قابلــوا ذاك منهـم * كأنَّـا اشتملنا من قريش على ذحلِ (1)
وللفائدة فهذا جواب أمير المؤمنين عليه السلام على سبب سكوته عن حقه (بحار الأنوار )
ج (2): روي أن أمير المؤمنين عليه السلام كان جالسا في بعض مجالسه بعد رجوعه عن النهروان (3) فجرى الكلام حتى قيل: لم (4) لاحاربت أبا بكر وعمر كما حاربت طلحة والزبير ومعاوية ؟. فقال عليه السلام: إني كنت لم أزل مظلوما مستأثرا على حقي، فقام إليه أشعث بن قيس فقال: يا أمير المؤمنين ! لم لم تضرب بسيفك وتطلب بحقك ؟ ! فقال: يا أشعث ! قد قلت قولا فاسمع الجواب وعه واستشعر الحجة، إن لي اسوة بستة من الانبياء صلوات الله عليهم أجمعين:
أولهم: نوح عليه السلام حيث قال: [أني مغلوب فأنتصر] (1)، فإن قال قائل: إنه قال لغير (2) خوف فقد كفر، وإلا فالوصي أعذر. وثانيهم: لوط عليه السلام حيث قال: [لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد] (3). فإن قال قائل: إنه قال هذا لغير خوف فقد كفر، وإلا فالوصي أعذر. وثالثهم: ابراهيم خليل الله حيث قال: [وأعتزلكم وما تدعون من دون الله] (4). فإن قال قائل: إنه قال هذا لغير خوف فقد كفر، وإلا فالوصي أعذر. ورابعهم: موسى عليه السلام حيث قال: [ففررت منكم لما خفتكم] (5). فإن قال قائل: إنه قال هذا لغير خوف فقد كفر، وإلا فالوصي أعذر. وخامسهم: أخوه هارون عليه السلام حيث قال: [ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني] (6). فإن قال قائل: إنه قال هذا (7) لغير خوف فقد كفر، وإلا فالوصي أعذر. وسادسهم: أخي محمد سيد البشر (8) صلى الله عليه وآله حيث ذهب إلى الغار ونومني على فراشه، فإن قال قائل: إنه ذهب إلى الغار لغير خوف فقد كفر، وإلا فالوصي أعذر. فقام إليه الناس بأجمعهم فقالوا: يا أمير المؤمنين ! قد علمنا أن القول قولك ونحن المذنبون التائبون، وقد عذرك الله !.
توضيح ( باقري):أولا :الخوف من الله وعلى دين الله صفة كل أنبياء الله تعالى وأوصيائه بل وحتى المؤمنين العاديين فخوفه هنا عليه السلام كان على سلامة وأستمرارية دين محمد (ص) ومن ضياعه بين منافقين لايطلبون ألا الدنيا والحكم والخلافة ولو بظرب السيف ... وأبسط عقليه لاتنكر شجاعة قالع باب خيبر والذي بات بفراش الرسول الكريم ليفديه وهو مازال فتى ؟؟؟!! وثانيا : ليحترس الشيعة ممن يثير شبهة سكوت أمير المؤمنين لأنه الحفيد البار للعين أبو سفيان المحرض على الفتن وأتبعوا سلوك أميركم الأمام علي عليه السلام ... فردَّه عليه السلام : « والله إنَّك ما أردت بهذه الا الفتنة ، وإنَّك والله طالما بغيت للإسلام شرَّاً ، لا حاجة لنا في نصيحتك