ان مانعي الزكاة بعد وفاة رسول الله (ص) إنما منعوها بتأويل ويدل على ذلك أن ابا بكر لما ثبت على قتالهم قال عمر كيف تقاتلهم وقد قال النبي(ص): أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله.
وأيضاً قول عمر لخالد بن الوليد لما قتل مالك بن نويرة ـ مانع الزكاة بزعمهم ـ ونزى على امرأته: يا عدو نفسه أعدوت على أمرئ مسلم فقتلته ثم نزوت على امرأته؟
والله لنرجمنك بأحجارك (تاريخ الطبري 3: 279).
فهذه الاعترافات من أصحاب الشأن وافية بأن مالك بن نويره كان متأولاً في منعه للزكاة لما سمعه من رسول الله(ص) بأن الخلافة من بعده هي لعلي(ع) دون غيره ومن هنا توقف في اعطاء حق الزكاة لغيره.. خلاف محاربة أمير المؤمنين(ع) للناكثين والقاسطين والمارقين الذين ثبت النص بمقاتلتهم فضلاً عن كونه(ع) الامام المفترض الطاعة في زمانه والذي لا تجوز معارضته والخروج عليه بالاتفاق ولم يكن قتال أهل صفين أو الجمل أو النهروان من باب منع الزكاة.
ذكر ابن الأثير في (النهاية) أن الفلتة هي الفجأة، وقال: إن مثل هذه البيعة جديرة أن تكون مهيجة للشر والفتنة فعصم الله من ذلك ووقى، والفلتة كل شيء فعل من غير روية وإنما بودر بها خوف أنتشار الأمر، ثم قال: وقيل أراد بالفلتة الخلسة أي أن الإمامة يوم السقيفة مالت إلى توليها إلا الأنفس ولذلك كثر فيها التشاجر فما قلدها أبو بكر إلا انتزاعاً من الأيدي واختلاساً.
فبيعة أبي بكر إما أن نقول أنها حصلت فجأة من دون تروي وإنما أستبق إليها أبو بكر استباقاً، أو نقول إن ربيعة حصلت خلسة بين جماعة اجتمعت في السقيفة ، فأية فضيلة تكون لبيعة تحصل خلسة أو تسرق من أصحابها سرقة ً ، ولو لم تكن بمثل هذا السوء لما قال عمر (وقى الله شرها) ونهى عن العودة لمثلها.
ومن معاني الفلتة هو الزلة فبيعة أبي بكر عند عمر عند قوله ذاك كانت زلة ، والذي يرجع هذا المعنى هو وصفها بالشر من قبل عمر، ويعرف مدى قبح تلك البيعة حتى عند عمر من قوله: (فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه).