أثبت بضعة آلاف من شباب حزب الله في جنوب لبنان أن الدولة العبرية التي أرعدت الأنظمة العربية بتفوقها العسكري وشكلت لهم الهاجس الأكبر وجعلتهم يهرولون نحو الاستسلام لها هي ليست الدولة العظمى التي لا تقهر وليست المارد الذي لا يمكن اذلاله وقهره،
بل استطاعت المقاومة اللبنانية أن تبطل فاعلية هذا الجيش ميدانيا وتقهره ماديا ومعنويا، وتمارس استنزافا يوميا لجنوده وآلياته المدرعة، بل وتكسب المعركة اعلاميا ونفسيا بشهادة العدو نفسه الذي أعلن أكثر من مرة عن تبدل «تكتيكي» في أهدافه بدءا بسحق حزب الله وانتهاء بارجاع مقاتليه الى الخلف بعض كيلومترات لحفظ ماء الوجه.
هذا التفوق الذي خسّر الدولة الصهيونية وحليفتها أميركا مئات المليارات من الدولارات وبعد أن تكرس منهجا يحكم النفسية العربية، هاهو اليوم يتقهقر أمام صمود أبطال المقاومة ويتلاشى، بل أصبح تعويض هزيمة الصهاينة أمام حزب الله يتم من خلال قصف بيوت المدنيين عل وعسى يستمر المرتعدون من أنظمة الاستسلام في ارتعادهم!
نعم، استطاع العدو الصهيوني أن يدمر البنية التحتية اللبنانية واستطاع أن يرتكب مجازر عدّة مروعة في حق المدنيين، ولكن لم يعد هذا التدمير أو تلك المجازر الا معايير تقاس بها هزيمته من جانب، وتوحد الصفوف في لبنان خلف المقاومة وتزيد من شعبيتها بين العرب والمسلمين من جانب آخر.
ونحن أمام تجربة حزب الله الرائدة التي أثبتت فاعلية الدور الشعبي في الانتصار، أجد من الأهمية اليوم أن تتحد شعوب العالمين العربي والاسلامي بعيدا عن ارادة أنظمتها المتقاعس بعضها والمتواطئ بعضها الآخر، ولتعلن مبادرتها في مقاومة الاحتلال الصهيوني، ومحاسبته على جرائمه عبر استخدام سلاح المقاطعة للبضائع الأميركية.
فلولا دعم واسناد الادارة الأميركية للصهاينة لما تجرأوا على ضرب الأطفال والمدنيين، ولولا اصرار البيت «الأسود» الأميركي على استمرار الحرب لما تجرأت الطائرات الصهيونية الأميركية الصنع من الاستمرار في هدم بيوت المدنيين على رؤوسهم, لذلك، فلنتحد على مقاطعة بضائعهم كما اتحدوا على قتل أطفالنا ونسائنا في لبنان.
نعم، قد تستطيع الأنظمة العربية المتواطئة حماية الحدود الصهيونية، وقد تستطيع قمع الناس واطلاق الرصاص الحي عليهم كما حدث في بعض الدول العربية، ولكنها لا تستطيع أن تجبر الجماهير الغاضبة على شراء البضائع الأميركية، ولا تستطيع أن تعيد تأهيل الوجه الأميركي الأسود في نفوسنا من جديد وان كان بمنطق المصلحة تقتضي كما قال «أحدهم»!
وان كان مشروع رايس الجديد في الشرق الأوسط مبنياً على الافراط في القوة من أجل السيطرة الاقتصادية، فلتبدأ الشعوب العربية والاسلامية من حيث ينتهي الهدف، ولتستهدف الاقتصاد الأميركي الذي لا يقل هشاشة عن التفوق العسكري الصهيوني اذا ما قرر الجميع المقاومة بالمقاطعة!