هناك سؤال قد يتبادر إلى بعض الأذهان وهو : لماذا لم يَخرج عبدالله بن جعفر مع الإمام الحسين ( عليه السلام ) في رِحلته إلى العراق ؟
لإجابة هذا السؤال : هناك أكثر من إحتمال ، لأنّنا لا نَعلم ـ بالضبط ـ الجواب الصحيح ، لكنّ الذي يتبادر إلى ذهني ـ والله العالم ـ : أنّه كان من اللازم أن تَبقى بقيّة من أهل البيت في المدينة المنوّرة ، لكي لا يَنجح بنو أميّة في إكمال خطّتهم الرامية إلى استئصال شجرة آل الرسول الكريم ، وكان اللازم أن تكون تلك البقيّة في مستوى رفيع من قوّة
الشخصية والمكانة الإجتماعية .. رجالاً ونساءً ، لكي يستطيعوا المحافظة على امتداد خط الإسلام الأصيل الذي يَنحصر في آل محمد وعلي ( عليهما وآلهما الصلاة والسلام ) ولكي يكونوا على درجة جيّدة بحيث يَحسب لهم الأعداء ألف حساب ، ولا يَسهُل عليهم إبادة تلك البقيّة.
من هنا .. فاننا نقرأ ـ اسماء ثلة من الذين بقوا في المدينة المنورة ، ولم يخرجوا مع الامام الحسين (ع). ومن جملة هذه الثلة الطيبة نقرا في القائمة.
1 ـ عبد الله بن جعفر ، مع الانتباه الى علاقاته الديبلوماسية الظاهرية المُسبَقة مع الطاغية معاوية ، والاحترام الفائق الذي كان معاوية يُظهره له.
2 ـ محمد بن الإمام أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) المشهور بـ « ابن الحنفيّة ».
3 ـ السيدة أم سلمة ، زوجة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ).
4 ـ أمّ هاني ، أخت الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ).
5 ـ السيدة أم البنين ، قرينة الامام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ووالدة أشباله الأربعة.
6 ـ السيدة المكرّمة ليلى ، قرينة الامام الحسين ( عليه السلام ) بناءً على القول بعدم وجودها في رحلة كربلاء.
7 ـ السيدة فاطمة بنت الإمام الحسين ( عليه السلام ) حيث كانت مريضة .. مرضاً يَصعُب معه السفر.
هذا .. وهناك احتمال بأنّ سبب عدم ذهاب عبد الله بن جعفر كان كِبَر السنّ ، ولكن قد يُضعّف هذا الاحتمال ما ثَبت ـ تاريخيّاً ـ من أن عمره ـ يومذاك ـ كان حوالي خمس وخمسين سنة ، ولا يُعتبر هذا المقدار من العمر كثيراً ، إلا إذا كانت الحياة مقرونة بعواصف نفسيّة أو جسميّة تُسرع الشيخوخة والهرم إلى الانسان.
وهناك إحتمال ثالث ذكره البعض : أن عبد الله بن جعفر كان قد فقد بصره قبل رحلة كربلاء ، وهذا الاحتمال يَصلح سبباً وجيهاً لعدم ذهابه ، لكن بشرط أن يَثبت تاريخياً. والله العالم بحقائق الأمور.