السؤال :
ورد في العديد من مصادر الحديث الشيعية أن الأئمة الإثنى عشر والسيدة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانوا يحدّثون من قبل الملائكة وذلك مما يؤمن به الشيعة الإثنى عشرية قاطبة ، ومن هنا قال بعض مناوئي الشيعة أنهم - أي الشيعة - لا يؤمنون بختم النبوة ، فكيف تردون على ذلك ؟
الجواب :
لقد صحّت الروايات وتظافرت على أنّ الأئمة الطاهرين من أهل البيت عليهم السلام محدّثون ، كما صحّت الرّوايات أنهم عليهم السلام كانوا يتلقون بعض العلوم والتوجيهات عن طريق تحديث الملك لهم ، والقول بكل ذلك لا يلزم منه عدم الاعتقاد والإيمان بختم النبوة لأنه لا تلازم بين تحديث الملك والنبوّة ، بمعنى أنه ليس كل من حدّثته الملائكة يلزم أن يكون نبياً حتى يقال عن الشيعة - بحسب قولهم بتحديث الملائكة لأئمتهم وما ورد عندهم من روايات صحيحة في ذلك - أنهم لا يعتقدون بختم النبوة أو يدّعون النبوّة لأئمتهم !
فالقرآن الكريم يحدثنا أن الملائكة حدثت السيدة مريم عليها السلام ، وأخبرتها باصطفاء الله لها وتطهيرها قال تعالى : ( وَإِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ) ويخبرنا أن الملائكة حدثتها وبشرتها بابنها المسيح عليه السلام قال تعالى : ( إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ) ، ويخبرنا بنزول جبرئيل عليه السلام عليها وتحديثه لها وإخباره لها بأن الله سبحانه وتعالى أرسله إليها ليهب لها غلاماً زكيا ، قال سبحانه : ( فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيّاً * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيّاً ) .
ويخبرنا أن الملائكة حدثت زوجة إبراهيم عليه السلام وبشّرتها بأن الله سبحانه وتعالى سيرزقها الولد قال تعالى : ( وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ * قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ * قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ) .
ويخبرنا أن الله سبحانه وتعالى أوحى إلى أم موسى عليه السلام ، قال سبحانه : ( وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ) .
فهذه نماذج من النساء حدثنا القرآن الكريم عنهن ولم يكنّ نبيات ومع ذلك شاهدن الملائكة وحدثنهم أو أوحي إلى بعضهن بطريق آخر غير التحديث ، لما أسلفنا من عدم التلازم بين النبوة وتحديث الملائكة ، والشيعة كغيرهم من المسلمين لا يقولون بنبوّة أحد بعد نبي الإسلام محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وعقيدتهم بل من ضروريات مذهبهم أن النبوة ختمت به ، وأن الأئمة الطاهرين من أهل البيت عليهم السلام أئمة وخلفاء له صلى الله عليه وآله وليسوا بأنبياء ، ويحكمون بكفر كل من يزعم ويدعي نبوة أحد بعد نبي الإسلام صلى الله عليه وآله وعلى هذه العقيدة إجماعهم .
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين