الكون قد أُظّلم ،، والسماء قد أحمرت ،، وتصافقت أبواب الدور ،، من شدة الرياح
السوداء التي عمت أرجاء السماء قد إكتسبت ثوب الحداد بعدما أمطرت أعينها دماً
عبيطاً ،،
مالأمر ؟؟!! مالذي حصل ؟؟!! مالذي جرى ؟؟!!
ساقتني قدماي الى التربة الحمراء ،، الى الأنّةِ الواهنة ،، إلى
الآهات المتعالية ،، الى الأنوار المُشَعة من تلك الأجساد المرملة بفلاتها ،، ذُهِلّتُ من ذلك الجسد الذي أنواره ربطت بين الأرض والسماء ،، وقد عطَر ذلك الوادي برائحته المسكية الطيبة الزاكية ،، حتى أني حسبت نفسي في جنان الخلد ،، وقفت هناك فسمعت حِواراً دار بين ذلك الجسد الشريف ورأسه الذي إختار الله له رأس القناة موضعه ،،
قال الرأس في شكوى حاله للجسد : قبل أيام ياجسدي ودّعّتُك لأرحل عنك وأنت مرمي على أرضٍ مخضباً بدمك ،، نظرت إليك من فوق قناة عارٍ مدمي نحرك مرمل بذاري الرمال ،، فودعتك بمدمعي آيا جسدي ،، وجئتك الآن بضعني لتحكي لي ماحل بك في مغيبي عنك ،، بعد أن اشرح لك ماجرى معي بدرب الشام ،، ذهبت عنك مشالاً على رأس رمح طويل في يدي الجَمَّال ،، إلتفت فأراك نائماً فوق الرمال ،، ثم إلّتفَتُ وأرى عيالي تضربها الأعداء فتناديني وأسمع نداءآتها وصرخاتها ،، فأتلوع وأئن بأنَاتها ،، أرعبوا عيالاتي ،، وشهروا بي في كل مكان ،، ليتك تعلم ياجسدي ،، ماذا فعـــل بي الطاغيـــة يزيد لعنه الله لعنه الله لعنه الله ،، منذ دخلت قصره قدموني له بطشت من ذهب فوسَّم مبسمي بخنصرته بعد ماجرحني بجارح كلماته ،، وفي هذه اللحظة أنظر حال إبني السجاد المكتف بالقيودِ والأغلال وتقوده الأنذال من جنده ،،
بعد ذلك رأيت الجسد الشريف قد إهتز وإهتز معه كل شيئ مخاطباً رأسه قائلاً :
رأسي قد جاء دوري لأحكي لك حكايتي من قلبي المجروح ،، فمن بعد مافصلوك عني ،، ظل دمي يجري من نحري ،، وإتخذوا صدري ميدان تجول عليه خيولهم ،، والتي نشبت بأحشائي فمردت كليتاي من شدة العطش ،، ولاأنسى السهم المثلث الذي شق الهواء الى قلبي ،، ففتحه وخلفني مطروحاً ،، كفني الذاري بعدما بعدما غسلني دمي المسفوح ،، قم يارأسي لنحسب كم جرحاً وكم طعنة طُعِنت بها بعد سحق صدري ،،
وآلمني توديع عائلتي فلا أنا سائر معهم ولا أنا بمدفون ،، لاتعلم مالذي جرى بعدما تركتوني ورحلتم ،، كنت أتحسس خطواتك ،، وأعضائي تتحسس خطوات أيتامي ،، فلم يستطع قلبي البقاء معي ،، أمشي على إثّركم ،، أجبني أي ألم أشد غربتي أم سبي الشام بعائلتي ؟؟!!
بقيت في غربة بعد إثركم ،، أترقب طريق العودة