الادارة
|
رقم العضوية : 84
|
الإنتساب : Aug 2006
|
المشاركات : 39,169
|
بمعدل : 5.86 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
اسئله يجيب عليها أمير المؤمنين 00عليه السلام
بتاريخ : 18-12-2008 الساعة : 03:55 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد وعجِّل فرجهم وعجِّل فرجنا بفرجهم برحمتك يا أرحم الراحمين
هل رأيت ربك ؟
1- سأل ذعلب اليماني الإمام علي (ع) : هل رأيت ربـّك يا أمير المؤمنين ؟
فقال (ع) : أفأعبد مالا أرى ؟
فقال : وكيف تراه ؟ فقال (ع) :
ويلك ياذعلب : لاتراه العيون بمشاهدة العيان , ولكن تدركه القلوب بحقائق الإيمان , معروف بالدلالات , منعوت بالعلامات , لا يقاس بالناس , ولايدرك بالحواس .
ياذعلب , إن ربي قريب من الأشياء غير مـُلامس , بعيد منها غير مباين , متكلم لابروية , ظاهر لابتأويل المباشرة , متجلٍّ لا باستهلال رؤيةٍ , بائن لابمسافةٍ , قريب لابمداناة , مريد لابهمة , صانع لابجارحة , درّاك لابخديعة , لطيف لا يوصف بالخفاء , كبير لايوصف بالجفاء , عظيم العظمة لا يوصف بالعـِظـَم ِ , جليل الجلالة لايوصف بالغلظ , سميع لا يوصف بآلة بصير لايوصف بالحاسة , رحيم لايوصف بالرقة .
قبل كل شيء فلا يقال : شيء قبله , وبعد كل شيء فلا يقال : له بعده , هو في الأشياء كلها غير متمازج بها , ولابائن عنها , موجود لا بعد عدم ٍ , فاعل لا باضطرار , مـُقـَدِّرٌ لا بحركة ٍ , لاتحويه الأماكن , ولاتضمَّنـَهُ الأوقات , ولاتحـُدُّهُ الصـِّفات , ولا تأخذه السـِّناتُ .
سبق الأوقات كونهُ , والعدم وجودهُ , والإبتداءَ أزلهُ كان ربـَّاً إذ لا مربوب , وإلهاً إذ لا مألوه , وعالماً إذ لامعلوم , وسميعاً إذ لامسموع , تعنو الوجوه لعظمتهِ , وتـَجِلُ القلوبُ مِن مخافتهِ , وتتهالكُ النفوسُ على مراضيهِ
بماذا عرفت ربك ؟
وسأله رجل : بماذا عرفت ربك ؟
فقال عليه الصلاة والسلام :عـَرَفْتُ اللهَ ــ سبحانه ـــ بـِفـَسْخ ِ العزائم ِ , وَحـَلِّ العـُقـُودِ ,
ونـَقض ِ الـهـِمم ِ .
لـَمـّا هـَمـَمـْتُ فـَحيلَ بيني وبينَ هـَمّي , وَعـَزَمـْتُ فـَخـَالـَفَ عـَزْمي , عـَلـِمـْتُ أنَّ المـُدَبِّرَ غيري .
بماذا شكرت نعماءه ؟
قال له رجل : فبماذا شكرت نعماءه .
فقال عليه السلام : نظرتُ إلى البلاء قد صـَرَفـَهُ عـَنـّي , وأبلى بهِ غيري , فشكرتهُ .
لماذا أحببت لقاءهُ ؟
قال له رجل : فلماذا أحببت لقاءه ؟
فقال عليه السلام : لَـمـّا رأيتـُهُ قـَدِ اختارَ لي مِنْ دين ِ مـَلاَئـِكـَتـِهِ وَرُسـُلـِهِ وأنبيائـِهِ عـَلـِمـْتُ أنَّ الَّذي أكرَمـَني بـِهذ َا
لـَيـْسَ يـَنـْسـَاني , فـَأ َحـْبـَبـْتُ لـِقـَاءَهُ
ماذا عن القدر ؟
فقال عليه السلام :
طريقٌ مـُظلـِمٌ فلا تسلكوه , وبحرٌ عميقٌ فلا تـَلـِجوهُ , وسـِرُّ اللهِ ــ سبحانهُ ــ فلا تتكلـَّفوهُ .
ألا إنَّ القدرَ سـِرٌّ مـِنْ سـِرِّ اللهِ , وسترٌ من ستر اللهِ , وحـِرزٌ من حرز اللهِ , مرفوعٌ في حجابِ اللهِ , مـَطويٌ عن خلق ِ اللهِ , مختومٌ بخاتم ِ اللهِ , سابقٌ في عـِلم ِ اللهِ , وَضـَعَ اللهُ عن العبادِ عـِلمـَه , ورفعهُ فوق شهاداتهم ومبلغ ِ عقولهم , لأنهم لاينالونهُ بحقيقةِ الربانيةِ , ولابقدرة الصمدانية , ولابعظمة النورانية , ولابعزة الوحدانية , لأنه بحرٌ زاخرٌ خالصٌ للهِ ــ عزَّ وجلَّ ــ , غمقهُ مابين السماء والأرض , عرضهُ مابين المشرق والمغرب , أسودٌ كالليل الدامس , كثيرُ الحيّاتِ والحيتان , يعلو مرة ويسفلُ أخرى , في قعرهِ شمسٌ تـُضيءُ , لاينبغي أن يَطـَّلـعَ إليها إلاّ اللهُ الواحدُ الفردُ . فمن تـَطـَّلعَ إليها فقد ضادَّ الله ــ عزَّ وجلَّ ــ في حكمهِ , ونازعهُ في سلطانهِ , وكـَشـَفَ عن سـِتـْر ِهِ وسـِرِّهِ وَ(بآء بغضبٍ مـِنَ اللهِ ومأواهُ جهنـَّمُ وبـِئـْسَ المصيرُ) .
وقيل له : أنبئنا عن القدر فقال عليه السلام : ( مايفتح ِ اللهُ للناس ِ مـِن رحمةٍ فلا مـُمـسـِكَ لها وما يـُمـسِـك فلا مـُرسلَ لهُ من بعدهِ وهو العزيزُ الحكيمُ )
فقيل له : يا أمير المؤمنين , إنما سألناك حدّ الإستطاعة التي نقوم بها ونقعد .
فقال عليه السلام : إستطاعة ٌ تـَمـْلـِكُ مـَعَ اللهِ أمْ دُون اللهِ ؟ إنْ قـُلـْتـُمْ : إنكم تـَمـْلـِكونها مَعَ اللهِ قـَتـَلـْتـُكـُمْ , وإنْ قـُلـْتـُمْ : دُونَ اللهِ قـَتـَاـْتـُكـُمْ .
فقالوا : كيف نقول يا أمير المؤمنين ؟
فقال عليه السلام : تـَملـِكـُونها بالذي يـَمـْلـِكـُها دُونـَكمْ , فإنْ أمـَدَّكُمْ بـِها كانَ ذلكَ مِنْ عطائهِ , وإنْ سـَلـَبـَها كانَ ذلكَ مِنْ بـَلا َئهِ .
إنـَّما هو المالكُ لـِمـَا مـَلـَّكـَكـُمْ , والقادرُ لـِمـَا عليهِ أقدَرَكُمْ . أما تسمعونَ مايقولُ العبادُ , ويسألونهُ الحولَ والقوة َ , حيثُ يقولونَ : لاحول ولاقوة إلا باللهِ ! .
فسئل عن تأويلها , فقال عليه السلام : لا حولَ عن معصيتهِ إلاّ بـِعـِصـْمـَتـِهِ , ولاقُوَّة َ على طـَاعـَتـِهِ إلاّ بـِعـَوْنـِهِ .
معنى قضاء الله وقدره ؟
لما سأله رجل : أكان مسيرنا إلى الشام بقضاء وقدر من الله ؟
فقال عليه السلام :
نعم , يا أخا أهل الشام , والذي فلق الحبة وبرأ النسمة , ماعلونا تلعة , ولاهبطنا بطن واد , وما وطئنا موطئاً إلا ولله فيه قضاء وقدر .
فقال الرجل : فعند الله أحتسب عنائي , ماأرى أن لي من الأجر شيئاً في سعيي إذا كان الله قضاه عليّ وقدّره لي .
فقال عليه السلام : مه , فوالله لقد أعظم لكم الأجر على مسيركم وأنتم سائرون , وعلى مقامكم وأنتم مقيمون , وفي منحدركم وأنتم منحدرون , وفي منصرفكم وأنتم منصرفون , ولم تكونوا في شيء من حالاتكم مكرهين ولا إليها مضطرين .
فقال الرجل : وكيف لم نكن مكرهين ولا مضطرين وكان بالقضاء والقدر مسيرنا ومنقلبنا ومنصرفنا ؟
فقال عليه السلام : ويحك ــ يا أخا أهل الشام ــ , لعلك ظننت قضاءاً لازماً وقدراً حاتماً , ولو كان ذلك كذلك لبطل الأمر والنهي من الله ــ عزَّ وجلَّ ــ والثواب والعقاب , وسقط معنى الوعد والوعيد . فلم يكن لمسيء لائمة من الله , ولالمحسن منه محمدة , ولما كام المحسن أولى بثواب الإحسان من المسيء , ولا كان المسيء أولى بعقوبة المذنب من المحسن .
لاتظن ذلك , فإن القول به مقالة عبدة الأوثان , وحزب الشيطان , وخصماء الرحمن , وشهود الزور , وأهل العمى عن الصواب , وهم قدرية هذه الأمة ومجوسها .
إن الله ــ سبحانه ــ أمر عباده تخييراً , ونهاهم تحذيراً , وكلف يسيراً ولم يكلف عسيراً , وأعطى على القليل كثيراً , ولم يعص مغلوباً , ولم يطع مكراً , ولم يملك مفوضاً , ولم يرسل الأنبياء إلى خلقه مبشرين ومنذرين لعباً , ولم ينزل الكتب للعباد عبثاً , ولاخلق السموات والأرض وما بينهما باطلاً ( ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار )
فسأله الرجل : فما القضاء والقدر عندك ؟
فقال عليه السلام : الأمر من الله ــ تعالى ــ بالطاعة , والنهي عن المعصية , والتمكن من فعل الحسنة وترك السيئة , والمعونة على القربة إليه , والخذلان لمن عصاه , والوعد والوعيد . كل ذلك قضاء الله في أفعالنا وقدره لأعمالنا . ثم تلا قوله تعالى : ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغنَّ عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً ) وقوله تعالى : ( ماكان على النبي من حرج فيما فرض الله له سـُنـَّة الله في الذين خلوا من قبل وكان أمر الله قدراً مقدوراً ) ثم قال عليه السلام :
فأما غير ذلك فلا تظنه , فإن الظن له محبط للأعمال
معنى الإيمان والنفاق ؟
قال عليه السلام : الإيمانُ معرفة ٌ بالقلبِ , وإقرارٌ باللسان ِ , وعـَمـَلٌ بالأركان ِ . إنَّ الإيمانَ يبدو لـُمـْظـَة ٌ في القلبِ , فإذا عـَمـِلَ العـَبـْدُ الصالحاتِ نـَمـَا وزادَ , وكـُلـَّمـَا ازدادَ الإيمانُ ازداداتِ اللـُمـْظـَة ُ حتى يبيـَضَّ قلبـُهُ كـُلـُّهُ .
فـَمـِنَ الإيمان ِ مايكونُ ثابتاً مستقراً في القلوب , ومنهُ ما يكونُ عـَواريَ بينَ القـُلـُوبِ والصـُّدور ِ إلى أجل ٍ معلوم ٍ .
وعـَلامة ُ الإيمان أنْ تـُؤْثـِرَ الصـِّدقَ حيثُ يـضُـرُّكَ على الكذبِ حيثُ ينفعُك , وأنْ لايكونَ في حديثكَ فضلٌ عنْ عـَمـَلـِكَ , وأنْ تـَتـَّقي الله في حديث ِ غيرك , فإذا كانتْ لكمْ بـَراءة ٌ منْ أحدٍ فـَقـِفـُوهُ حتى يحضـُرَهُ الموتُ , فعـِندَ ذلكَ يـَقـَعُ حدُّ البراءَة ِ .
وإنَّ النـِّفاقَ نـُكـتـَة ٌ سوداءُ , فإذا انتهكـْتَ الحـُرُماتِ نـَمـَتْ وزادتْ حتى يـَسـوَدَّ القلبُ فـَيـُطـْبـَعُ بذلكَ الختمُ ثم تلا : ( كلاَّ بـَل رانَ على قلوبهم مـَّا كانوا يكسبونَ )
ماقواعد الإسلام ومعنى الاستغفار ؟
ألقاها الإمام عليه السلام لكميل بن زياد رحمه الله :
قواعد الإسلام سبعة : فأولها : العقل , وعليه بـُنـِي الصبـْرُ . والثانية : صـَونُ العـِرض ِ . وصـِدقُ اللهجة . والثالثة : تـِلاوة ُ القرآن ِ على جـِهـَتـِهِ . والرابعة ُ: الحـُبُّ في اللهِ والبـُغضُ في الله . والخامسة : حـَقُّ محمد صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلـَّمَ ومعرفة ُ ولايتهمْ . والسادسة : حقُّ الإخوان ِ والمـُحـَامـَاة ُ عليهمْ . والسابعة : مـُجاورة ُ الناس ِ بالحـُسنى .
قلتُ : يا أمير المؤمنين , العبد يصيب الذنب فيستغفر الله منه , فما حدّ الإستغفار ؟
فقال عليه السلام : يابن زياد , التــوبة ُ .
قلتُ : بس ؟! .
قالَ عليه السلام : لا .
قلتُ : فكيف ؟ .
قال عليه السلام : إنَّ العبدَ إذا أصابَ ذنباً يقولُ : أستغفرُ اللهَ , بالتحريك ِ .
قلتُ : وما التحريك ؟.
قال عليه السلام : الشفتان ِ واللسان , يـُريدُ أنْ يـُتبعَ ذلكَ بالحقيقة َ .
قلتُ : ومالحقيقة ؟ .
قال عليه السلام : تصديقٌ في القلبِ , وإضمارُ أنْ لايعودَ إلى الذنبِ الذي استغفرَ منهُ
قلتُ : فإذا فعلت ذلك فأنا من المستغفرين ؟
قال عليه السلام : لا .
قلتُ : فكيف ذلك ؟ .
قال عليه السلام : لأنكَ لمْ تبلـُغ ِ الأصلَ بعدُ
معنى الاستغفار ؟
سمع رجلاً يقول : (استغفرالله) .
فقال عليه السلام : ثكلتكَ اُمـُّكَ , أتدري ماحدُّ الإستغفار ؟ .
الإستغفار الرُّجوعُ إلى التوبةِ مِنَ الذنبِ الذي استغفرتَ منهُ , وهي أولُ درجةِ العابدينَ العلـَّيـّينَ , وتركُ الذنبِ . والإستغفارُ هو اسمٌ واقعٌ على ستةِ معان ٍ : أوَّلـُها , الندمُ على مامضى . والثاني , العزمُ على تركِ العَوْدِ إليهِ أبداً . والثالثُ , أنْ تـُؤدِّيَ إلى المخلوقينَ حقوقهم التي بينكَ وبينهم حتى تلقى الله ــ عزَّ وجلَّ ــ أملـَسَ ليسَ عليكَ تـِبعـَة ٌ . والرابعُ , أنْ تعمـَدَ إلى كـُلِّ فريضةٍ عليكَ ضـَيـَّعـْتـَها فتؤدي حـقـَّها . والخامسُ , أنْ تعمـَدَ إلى اللحم ِ الذي نـَبـَتَ على السـُّحتِ والحرام ِ والمعاصي فتـُذيبـَهُ بالأحزان ِ , حتى يلتصقَ الجـِلدُ بالعظم ِ , وينشأَ فيما بينهما لحمٌ جديدٌ . والسادسُ , أنْ تـُذيقَ الجـِسمَ ألمَ الطاعةِ كما أذقتهُ حـَلاوة َ المعصية ِ , فعـِندَ ذلكَ تقولُ: أستغفرُ الله .
معنى ( رجالٌ لا تـُلهيهم تجارة ٌ ولابيعٌ عن ذكر ِ اللهِ)
قال عليه السلام عند تلاوته رجالٌ لا تـُلهيهم تجارة ٌ ولابيعٌ عن ذكر ِ اللهِ) .
إنَّ الله ــ سبحانه وتعالى ــ جعلَ الذ ِّكرجـِلاءاً للقلوبِ , تسمعُ بهِ بعدَ الوقرة ِ , وتـُبصـِرُ بهِ بعدَ العشوة ِ , وتنقادُ بهِ بعدَ المـُعاندة ِ , ومابـَر ِحَ للهِ ــ عزَّتْ آلاؤهُ ــ في البرهةِ بعدَ البرهةِ , وفي أزمان ِ الفتراتِ , عـِبادٌ ناجاهم في فكرهم , وكلـَّمهم في ذاتِ عقولهمْ , فاستصبحوا بنور ِ يقظة ٍ في الأبصار ِ والأسماع ِ والأفئدةِ , يـُذ َكـِّرونَ بأيام اللهِ , ويـُخوِّفونَ مقامهُ , بمنزلة ِ الأدلة ِ في الفلواتِ . من أخذ َ القصدَ حـَمـِدواإليه ِ طريقهُ وبـَشـَّرُوهُ بالنجاة ِ , ومن أخذ َ يميناً وشمالاً ذ َمـُّوا إليه ِ الطريقَ وحـَذ َّروهُ من الهلكة ِ , وكانوا كذلكَ مصابيحَ تلكَ الظـُلـُماتِ , وأدلة تلكَ الشبهاتِ .
وإنَّ للذكر ِ لأهلاً أخذوه من الدنيا بدلاً , فلمْ تشغلهـُم تـِجارة ٌ ولابيعٌ عنهُ , يقطعونَ بهِ أيامَ الحياةِ , ويهتِفونَ بالزواجر ِ عن محارم ِ اللهِ في أسماع ِ الغافلينَ , ويأمرونَ بالقسطِ ويأتمرونَ بهِ , وينهونَ عن المنكر ِ ويتناهونَ عنهُ , فكأنما قطعوا الدنيا إلى الآخرةِ وهـُمْ فيها , فشاهدوا ماوراءَ ذلكَ , وكأنما اطـَّلـَعـُوا غـُيـُوبَ أهل ِ البرزخ ِ في طول ِ الإقامةِ فيهِ , وحـَقـَّقتِ القيامة ُ عليهمْ عـِداتـِها , فكشفوا غـِطاءَ ذلكَ لأهل ِ الدُنيا حتى كأنهمْ يرونَ مالا يرى الناسُ , ويسمعونَ مالا يسمعونَ .
فـَلـَوْ مثـَّلـْتـَهـُمْ لـِعـَقلـِكَ في مقاو ِمـِهمْ المحمودة ِ , ومجالسهمْ المشهودةِ , وقدْ نشروا دواوينَ أعمالهمْ , وفرغوا لـِمـُحاسبةِ أنفـُسـِهـِمْ , على كـُلِّ صغيرةٍ وكبيرةٍ أمـِرُوا بها فقـَصـَّروا عنها , أو نـَهـُوا عنها ففرَّطوا فيها , وحـَمـَّلوا ثـِقلَ أوزار ِهـِمْ ظـُهـُورهمْ , فضعفوا عن الإستقلال ِ فيها , فنشـَجوا نشيجاً , وتجاوبوا نحيباً , يـَعـِجـُّون إلى ربهم من مقام ِ ندم ٍ واعترافٍ , لرأيتَ أعلامَ هـُدى , ومصابيحَ دُجى , قد حـَفـَّتْ بهمُ الملائكة ُ , وتـَنـَزَّلتْ عليهمُ السكينة ُ , وفـُتـِحـَتْ لهم أبوابُ السـَّماءِ , وأ ُعدَّتْ لهم مقاعـِدُ الكراماتِ , في مقعدٍ اطـَّلـَعَ اللهُ عليهمْ فيهِ فرَضـِيَ سـَعـْيـَهـُمْ , وحـَمـدِ مقامهمْ , يتنسمونَ بـِدُعائهِ رَوحَ التـَّجاوز ِ , رَهـَائـِنُ فاقةٍ إلى فضلـِهِ , وأ ُسارى ذِلـَّةٍ لـِعـَظـَمـَتـِهِ , جـَرَحَ طـُولُ الأسى قـُلـُوبـَهـُمْ , وَطـُولُ البـُكاء ِ عـُيـُونـَهـُمْ , لـِكـُلِّ بابٍ رغـْبـَةٍ إلى اللهِ مـِنهمْ يدٌ قارعة ٌ , يسألونَ مِنْ لا تـَضيقُ لـَدَيهِ المنـَادِحُ , ولايخيبُ عليهِ الراغبونَ .
معنى ( يا أيها الإنسانُ ما غرَّكَ بـِربـِّكَ الكـَريم )
قال عليه السلام عند تلاوته : ( يا أيها الإنسانُ ما غرَّكَ بـِربـِّكَ الكريم ) أدحضُ مـَسْؤ ُول ٍ حـُجـَّة , وأقطـَعُ مـُغـْتـَرٍّ مـَعذِرَة ً , لقدْ أبرَحَ جـَهـَالـَة ً بـِنـَفـْسـِهِ .
يا أيها الإنسانُ , ما جـَرَّأكَ على ذنبـِكَ , وما غـَرَّكَ , وما آنـَسـَكَ بـِهـَلـَكـَةِ نـَفـْسـِكَ ؟!
أمـَا مِنْ دائـِكَ بـُلـُولٌ , أم لـَيسَ مِنْ نـَومـَتـِكَ يـَقـْظـَة ٌ ؟!
أما تـَرْحـَمُ مِنْ نفسكَ ماترحمُ مِنْ غيركَ ؟ فلرُّبما ترى الضـّاحي مِنْ حـَرِّ الشـَّمس ِ فتـُظـِلـُهُ , أو ترى المـُبتـَلى بألم ٍ يـُمـِضُّ جـَسـَدَهُ فتبكي رحمة ً لهُ , فما صبـَّرَكَ ــ أيـُّها المـُبتلى ــ على دائـِكَ , وجـَلـَّدَكَ على مـُصابـِكَ , وَعزّاكَ عن ِ البـُكاء ِ على نفسـِكَ , وهي َ أعـَزُّ الأنـْفـُس ِ عـَلـَيـْكَ ؟! وكيفَ لا تـُوقـِظـُكَ آياتُ نـِعـَم ِ اللهِ خـَوْفَ بـَيـَاتِ نـِقـَمـِهِ , وقدْ تـَوَرَّطتَ بـِمعـَاصيهِ مـَدَار ِجَ سـَطـَوَاتـِهِ ؟! .
فـَتـَدَاوَ مِنْ دَاء ِ الفترَة ِ في قلبـِكَ بـِعزيمةٍ , ومِنْ كـَرَى الغـَفـْلـَةِ في ناظِر ِكَ بـِيـَقـْظـَةٍ , وكـُنْ للهِ ــ سبحانهُ ــ مـُطيعاً , وبـِذِكر ِهِ أنيساً , وتـَمـَثـَّلْ في حـَال ِ تـَوَلـّيكَ عنهُ إقبالهُ عـَلـَيكَ , يدعـُوكَ إلى عـَفـْو ِهِ , ويـَتـَغـَمـَّدكَ بـِفضلـِهِ , وأنتَ مـتول ٍ عنهُ إلى غيره ِ .
فتعالى اللهُ مِنْ قويٍّ ما أكرمهُ , وتواضعتَ منْ ضعيفٍ ما أجرَأكَ على معصيتهِ ! .
وأنتَ في كَنفِ سـِتر ِهِ مـُقيمٌ , وفي سـَعـَةِ فضلـِهِ مـُتـَقـَلـِّبٌ , فلمْ يمنعكَ فَضْلـَهُ , ولمْ يـَهـْتـِكْ عـَنـْكَ سـِتـْرَهُ , بلْ لمْ تـَخـْلُ مِنْ لـُطـْفـِهِ مـَطـْرَفَ عين ٍ , في نـِعـْمـَةٍ يـُحدِثـُهـَا لكَ , أوْ سـَيـِّئـَةٍ يستـُرُها عـَلـَيكَ , أو بليةٍ يصرفـُها عنكَ .
فما ظـَنكَ بـِهِ لوْ أطـعـتـَهُ ؟!
وأيم اللهِ , لو أنَّ هذهِ الصـِّفة َ كانتْ في مـُتـَّفـِقين في القـُوَّة ِ , مـُتوَاز ِيين في القـُدرَة ِ لـَكـُنتَ أوَّلَ حاكـِم ٍ على نفسكَ بذميم ِ الأخلاق ِ ومساو ِىء ِ الأعمال ِ .
وحقـّاً أقولُ : مالدُّنيا غـَرَّتكَ , ولكنْ بـِها اغتررتَ , وضما العاجـِلـَة ُ خـَدَعتكَ , ولكنْ بـِها انخدعتَ , ولقد كاشـَفـَتـْكَ العـِظاتُ , وآذنتكَ على سـَوَاء ٍ , ولهيَ بـِما تـَعـِدُكَ مِنْ نـُزُول ِ البلاء ِ بـِجـِسـْمـِكَ , والنقص ِ في قـُوَّتـِكَ , أصدَقُ وأوفى مِنْ أنْ تـَكذِبـَكَ أو تـَغـُرَّكَ , وَلـَرُبَّ ناصح ٍ لـَهـَا عـِندَكَ مـُتـَّهـَمٌ , وَصادِق ٍ مِنْ خـَبـَر ِها مـُكـَذَّبٌ , وَلـئـِنْ تـَعـَرَّفـْتـَها في الدِّيار ِ الخاويةِ , والرُّبـُوع ِ الخاليةِ , لـَتـَجـِدَنـَّهـَا مِنْ حـُسـْن ِ تذكير ِكَ , وبـَلاَغ ِ موعـِظـَتـِكَ , بـِمـَحـَلـَّةِ الشـَّفيق ِ عليكَ , والشحيح ِ بـِكَ .
وَلـَنـِعـْمَ دَارُ مَنْ لم يـَرضَ بـِها دَاراً , وَمـَحـَلُّ مَنْ لمْ يـُوَطـِّنـْهـَا محلاً , وإنَّ السـُّعداءَ بالدنيا غداً هـُمُ الهـَاربونَ منها اليومَ , إذا رَجـَفـَتِ الرّاجـِفة ُ , وحقـَّتْ بـِجلائـِلها القـِيامة ُ , وَلـَحـِقَ بـِكـُلِّ مـَنـْسـَكٍ أهلـُهُ , وبـِكـُلِّ معبودٍ عبـَدتـُهُ , وبـشكـُلِّ مـُطاع ٍ أهلُ طاعـَتـِهِ , فلمْ يـَجـُرْ في عدلـِهِ وقـِسطـِهِ يومئذٍ خـَرْقُ بـَصـَر ٍ في الهواء ِ , ولا هـَمـْسُ قـَدَم ٍ في الأرض ِ , إلاّ بـِحـَقـِّهِ .
فـَكـَمْ حـُجـَّةٍ يومَ ذ َاكَ دَاحـِضـَة ٌ , وعـَلائـِق ِ عـُذ ْر ٍ مـُنـْقـَطـِعـَة ٌ ؟! فـَتـَحـَرَّ مِنْ أمر ِكَ مايـَقـومُ بـِهِ عـُذ ُرُكَ , وتـَثـْبـُتُ بـِهِ حـُجـَّتـُكَ , وَخـُذ ْ ما يبقى لكَ مـِمـّا لا تـَبقى لـَهُ , وتـَيـَسـَّرْ لـِسـَفـَر ِكَ , وَشـِمْ بـَرْقَ النـَّجاة ِ , وارْحـَلْ مـَطـَايا التـَّشـْمـِير ِ .
معنى النعيم ؟
في قوله تعالى ( ثـُمَّ لـَتـُسـئـَلـُنَّ يـَومـَئـِذٍ عـَن ِ النـَّعيم )
قال عليه السلام : هو الأمنُ والصـِّحـَّة ُ والعافـِية
لا تنسونا من خالص الدعاء
|