الشيخ الخويلدي يناقش المنبر الحسيني بين الموروث والفكر لمعاص
بتاريخ : 22-11-2008 الساعة : 08:47 PM
الشيخ حسن الخويلدي ومدير الندوة الأستاذ فؤاد آل مرهون
إذا كان الإعلام يمثل السلطة الرابعة فإن المنبر يعتبر السلطة الأولى في الوجدان الشيعي على مر الزمان... كانت تلك مقاربة حاول من خلالها الأستاذ فؤاد آل مرهون ملامسة عنوان الأمسية الثقافية التي أقامها منتدى الوسطية باستضافته أحد أعمدة المنبر الحسيني- لا أقلا - في منطقة القطيف الشيخ حسن الخويلدي حيث كان عنوان الحلقة «المنبر الحسيني بين الموروث والفكر المعاصر».. بعد تلك المقاربة الآنفة الذكر أخذ الأستاذ المرهون يبن اهمية المنبر الحسيني المتربع على أكبر قاعدة جماهيرية من خلال موقعة كمحافظ على الهوية الشيعية وامتداد لمقولة أن «الإسلام محمدي الوجود وحسيني البقاء» ..هذا المنبر الذي لم يبقى جامدا على بداياته البسيطة والتي ابتدأت بالشعر ولكنها لم تتوقف على حدوده بل تجاوزته الى الطرح الموضوعي المتعدد للعناوين المختلفة.
المنبر الحسيني لم يعد المنبر الوحيد في الساحة الفكرية في عالم اليوم فالعولمة فرخت الكثير من المنافسين الممنهجين والمحترفين الأمر الذي يجعل المنبر الحسيني أمام تحد حقيقي يحتم عليه التفكير في أدوات حديثة تمكنه من الحفاظ على موقعه السلطوي، فخيارات اليوم الإعلامية أضحت تغزو وبدون استئذان فكر الشرائح المختلفة من المجتمع وتغذيها بما تشاء وكيف ما تشاء. وعليه فإنا أصبحنا الآن بحاجة الى الفلتر الحسيني بنفس حاجتنا الى المنبر الحسيني كحالة انشطارية طبيعية للمشهد الفكري المعاصر.
جرت الأمسية الثالثة من أمسيات هذا الموسم الثقافي على خلاف السابق حيث كانت ليلة حوارية بإمتياز من باكورتها حيث كانت في البداية بين الأستاذ المرهون والشيخ ومن ثم بين الجمهور وسماحته وليس كما جرت العادة سابقا حيث يقوم الضيف بتقديم كلمته ومن ثم يشرع الحضور في توجيه الأسئلة. تابو القداسة الدينية على صعيدي المنبر والمتصدين له لم يقف حائلا أمام النقد وانما برزوا جميعا كأدوات تكاملية في حلبة الفكر فلا شيء فوق النقد كما أنه لا نقد خلف اسوار الاحترام والأدب، هذا التمازج الذي مهد له الشيخ الخويلدي كان مغريا الى الحد الذي فتح الباب أمام بعض الحضور ليتفسوا بعض أسئلتهم، حيث قام بشكر البعض على شجاعته في ممارسة النقد كحالة تكاملية ينبغي لنا الارتقاء لخشبتها منكرا على التخندقات تواريها وجبنها فالكل يتحمل مسؤوليته الاجتماعية.
وقعت شبكة الأسئلة التي شرع فيها الأستاذ المرهون تحت مظلة بعض العناوين العامة:
عولمة الخطاب الحسيني
بعد تنويهه بقراءة الفاتحة لخدمة المنبر الحسيني وشكر القائمين على المنتدى لإتاحة الفرصة عبر الشيخ في معرض إجابته عن السبيل لعولمة الخطاب الحسيني مؤكدا على وحدة السنخية بين الحسين وجده فعالمية الرسالة المحمدية توازي في مضمونها عالمية الرسالة الحسينية فالحسين جاء امتدادا طبيعيا لجده ولذا فعولمة الخطاب الحسيني يمكن أن تتأتى من خلال التخصص ضمن المنبر الحسيني «كخطيب الدمعة و......» وكذلك الموسوعية التي ينبغي للخطيب أن يتحلى بها كصفة مهمة للوصول الى ذلك المبتغى.
تغييب الجانب الحضاري والمدني في الملحمة الحسينية
أكد سماحته على اهمية السؤال من منطلق تعدد وتنوع الشرائح المستمعة للمنبر وبالتالي مسألة التكامل الخطابي مهمة وضرورية مأصلا إجابته بخطب أمير المؤمنين والتي كان يعدد من خلالها أغراض الطرح المنبري، كما شدد سماحته على أهمية اشتراك المجتمع في الهم المنبري في توجيه الخطيب الى مسألة التعدد بإعتبارها مسؤولية الجميع وليست مسؤولية فردية.
تجاذب الخطباء والمثقفين
شق سماحتة الاجابة على هذا السؤال الى شقين رئيسيين يتعلق الأول بالنظر الى الخطيب بإنصاف واحترام من منطلق تخصصه ، والثاني بأحقية النقد الذي يوجهه المثقفون خصوصا في ظل الفلتات المنبرية التي تأتي من بعض الخطباء والتي يكون سببها عدم التثبت الروائي للطرح خصوصا في ظل وجود صنفين من المتلقين يحاول إما التعرف على الحقيقة أو استغلال المطروح لتشوية الحقيقة. فالعلاقة بين الخطيب والمثقف يجب ان تكون تكاملية في البناء المعرفي المنبري لا تنافرية مؤكدا على ضرورة ايصال الموعظة بالحكمة فهو –أي سماحته- تكون الملاحظات المرسلة اليه من محبيه محط استئناس.
تخليص التراث من الخرافة
عبر سماحته عن هذا السؤال بالجرح والذي ينبغي الوقوف عليه مليا منوها بمحاولة الشهيد المطهري «قدس» والتي تعرضت للكثير من النقد، تنقيح التراث مسؤولية يقع عاتقها على الفقهاء المحققون فهم ذوو التخصص في هذا الفن معبرا عن الحاجة الى وجود مراكز تنشغل بهذا الهم –الرواية التاريخية- المغفول الجانب في ظل الانشغال بالروايات الفقهيه والأصولية، حيث استعرض أحد الأمثلة التي عرضت للمرحوم الدكتور الوائلي حينما استدعاه السيد الخوئي «قدس» بعد أن سمعه يذكر احدى الروايات الضعيفة على المنبر والتي كانت تخالف مشهور العلماء. فالقضة الحسينية مسؤولية المتخصصين وعلى الخطباء أن لا يتطرقوا الى ما تتسارع العقول لإنكاره.
إستدرك الاستاذ المرهون اجابة سماحته بوجود الممانعة التي قد يتعرضها المحققون مستشهدا بتجربة السيد فضل الله فأجاب سماحته بأن على المصلح السعي بقدر الاستطاعة فالنهضة الحسينية لو طرحت بأسلوب جيد وعلى شكل لجان وطرحت على الحوزة فستلاقي قبولا.
تعليق للمحاور بأن سماحته تمكن قبل أعوام من خلال طرحه للخرافات التي يتعرض لهن النسوة في مجالسهن فتمكن من التأثير وبالتالي الفلترة لما يعرض.
مؤسسة لإدارة الحسينيات
حبذ سماحته الاقتراح مناديا بالنهوض لتطبيقه واضعا إستراتيجية مبدئية له من خلال التكامل ألثالوثي « أصحاب المآتم ، الخطباء والمستمعون» والسعي لوضع الآليات بعقد ورشة عمل لتطوير المآتم الحسينية.
عدم تصاعد مستوى الوعي الأخلاقي بالمنبر
أصل سماحته الى احتمالية عدم التأثير للمنبر بإحدى خطب أمير المؤمنين مؤكدا على ضرورة التكرار لتكريس المفاهيم المطلوبة.
الاستغناء عن اللهجة العراقية بالفصحى
عزا سماحته استخدام اللهجة العراقية الى المسحة الوجدانية المختزنة في مفرداتها فالدكتور الوائلي «ره» على الرغم من استخدامه للشعر الفصيح الا أنه كان يختم مجالسة باللهجة العراقية.
توالت بعد ذلك أسئلة الجمهور والتي يمكن إجمال إجاباتها في الآتي:
• أهل العلم مسئولون عن تقصير المنبر والعلم مصطلح أشمل وأوسع من الدراسة الدينية فأهل التخصصات المختلفة هم أيضا من أهل العلم وهذه المسؤولية تقع على عاتقهم كتفا بكتف مع الخطباء.
• وجود مستشارين حول الخطباء امر مطلوب وهنالك بعض الخطباء المتألقين الذين طبقوا ذلك.
• الدكتور الوائلي على موسوعيته كان يقر بأن مشكلته في عدم المامه بكل الأمور فكيف بمن هم أقل منه.
• على الخطيب ملاحظة كل ما يقوله وعدم إغفال أصحاب النظريات التي ينقل عنهم في غير إختصاصة.
• ينبغي للمثقفين النظر بعين موزونة للطرح المنبري في عدم التشكيك ببعض الثوابت.
• الدكتور الوائلي ظل كالجبل الراسخ في تثبيت عقائدة بالرغم من أنه يعتبر مجددا منبريا فرسائله للأئمة لخير دليل.
• التجديد في المحضرات شيء مطلوب .
• حسن الظن بالخطباء مطلوب وينبغي تقويمهم من خلال المقترحات وعدم الاكتفاء بلومهم.