|
عضو متواجد
|
رقم العضوية : 21828
|
الإنتساب : Aug 2008
|
المشاركات : 87
|
بمعدل : 0.01 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
المنتدى العقائدي
رؤية الإمام الصادق (ع) في الصحابة
بتاريخ : 21-10-2008 الساعة : 04:44 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الهم صل على محمد وآل محمد
رؤية الإمام الصادق (ع) في الصحابة
المسألة:
روى الصدوق في كتابه الخصال (ص640) قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال: حدثنا علي ابن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (ع) قال: "كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله اثني عشر ألفا ثمانية آلاف من المدينة، و ألفان من مكة، وألفان من الطلقاء، ولم ير فيهم قدري ولا مرجي ولا حروري ولا معتزلي، ولا صاحب رأي، كانوا يبكون الليل والنهار ويقولون: اقبض أرواحنا من قبل أن نأكل خبز الخمير".
وقد راجعت رجال سندها فوجدتهم ثقاة.
هذه الرواية من الروايات التي يستدل بها بعض أهل السنة لإثبات عدالة الصحابة من كتب الشيعة.
فما هو الجواب؟
الجواب:
الرواية المذكورة لا دلالة لها على عدالة عموم الصحابة، فهي ليست متصديّة لإفادة هذا المعنى، وإنما هي مسوقة لغرض الاحتجاج على مَن يدَّعون الاقتداء بالصحابة، فمساق الرواية هو إلزامهم بما يلتزمون به والاحتجاج عليهم بما يرونه حجَّة، فحيث انهم يرون انّ فعل الصحابة وقولهم حجة لا أقل في ظرف التوافق لهذا صحَّ الاحتجاج عليهم بذلك، فلأن الصحابة كما يرونهم لم يكن أحدٌ منهم قدرياً، ولم يكن أحدٌ منهم يدين بمذهب الرأي أو الإرجاء أو الخوارج أو الاعتزال، وكانوا من الزهد بحيث انَّهم كانوا يبكون الليل والنهار رغبةً عن الدنيا في الآخرة. فلأنهم كانوا كذلك بنظرهم فهذا يقتضي عدم التديُّن بغير ما كانوا عليه، فهل انَّ مَن يدَّعي الاقتداء بهم التزم بما يراه في فيهم أو انه شطَّ عنهم فاعتقد بغير ما يراه ان الصحابة معتقدين به وسلك غير الطريق الذي يرى انهم كانوا يسلكونه.
فالإمام (ع) أراد ان يقول لهؤلاء إنَّكم ترون لزوم الاقتداء بالصحابة وترون انَّ أحدهم لم يكن قدرياً ولا مرجئاً ولا حرورياً ولم يكن أحدهم يدين بمذهب المعتزلة أو الرأي وترونهم من الزهد في الدنيا بحيث لم يكن أحد منهم راغباً فيها، فحيث انَّ هذا هو رأيكم في الصحابة فذلك يقتضي نبذ ما أنتم عليه من مذاهب، فليس أحدكم إلا وهو إما قدري أو معتزلي أو من الخوارج أو من المرجئة أو من أهل الرأي أو هو مقبل على الدنيا شرهٌ في تحصيل حطامها.
فإذا كانت الرواية مسوقة لغرض الإلزام والاحتجاج فهي إذن لا تعبِّر عن رؤية الإمام (ع) في الصحابة، فمساقها مساق قول المسلم للنصراني: إنَّ المسيح عيسى بن مريم قُتل مصلوباً، والقتيل لا يكون ربّاً. فقول المسلم لذلك لا يعبِّر عن اعتقاده بأن المسيح قد قُتل، وذلك لأنه إنَّما ساق هذا الكلام لغرض الإلزام والاحتجاج على النصراني حيث انه يؤمن بأنَّ المسيح (ع) قد قُتل فناسب انْ يحتج عليه بما هو مقتضى إيمانه بذلك، وهكذا الحال بالنسبة للإمام (ع)، فلأنه كان في مقام الاحتجاج على أصحاب الفرق الضالة ولان هذه الفرق على اختلاف مذاهبها تعتقد بلزوم الاقتداء بالصحابة لذلك ناسب انْ يحتجَّ عليهم بما يدينون به ويعتقدونه في الصحابة. فلا ظهور لكلامه في انه يُصحِّح هذا الذي يعتقدونه فيهم.
وقوله (ع): "كان أصحاب رسول الله (ص) اثني عشر ألفاً..." كان لغرض التأكيد على ان الذي سيذكره لا يختص بشريحةٍ من الصحابة دون غيرها، فهم كانوا جميعاً رغم تفاوت منازلهم غير معتقدين بشيء من المذاهب التي أنتم عليها فكيف تدَّعون انَّهم القدوة لكم، أليس من المناسب وأنتم ترونهم كذلك ان تنبذوا ما أنتم عليه من رأي وسلوك.؟!
هذا هو مفاد الرواية، فهي أجنبية تماماً عما يروم الأخوة إثباته منها.
ثم انَّه لا يخفى على أحدٍ ممَّن نظر فيما ورد عن الإمام الصادق (ع) رأيه في الصحابة، فهو وشيعته تبعٌ له يرون انَّ صحابة رسول الله (ص) هم من أفضل عباد الله عزَّ وجلَّ، فكان فيهم الأتقياء والأوفياء الصابرون المجاهدون الذين بذلوا مهجهم واموالهم من أجل إعلاء كلمة عز وجل وإحياء دينه إلا انَّه لم يكن جميعهم كذلك، فهم كسائر عباد الله متفاوتون، فمنهم مَن كان إيمانه يزن الجبال الراسيات، ومنهم مَن هو دون ذلك، ومنهم مَن كان على خير ثم إنَّ الدنيا غرَّته فأخلد إليها، ومنهم مَن خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً، ومنهم مَن نشبت فيه حميةُ الجاهلية فعتا وطغا، ففيهم مَن ألَّب على عثمان حتى قُتل، وفيهم من شهر سيفه في وجه إمام زمانه فقاتل علياً في صفين والجمل وكان في البغاة الذين قتلوا عمار بن ياسر وأويس القرني، وفيهم مَن كان يسبُّ علياً جهاراً، وقد كان فيهم من أُقيم عليه الحد أيام رسول الله (ص) وفيهم من أُقيم عليه الحد بعد وفاته، وفيهم من وصفه القرآن بالفسق، وفيهم من فرَّ من الزحف يوم أحدٍ ويوم حنين وقد قال الله تعالى: ﴿وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾( ).
فإذا كان كلٌّ ذلك هو مفاد ما ورد عن الإمام الصادق (ع) وعموم أهل البيت (ع) فذلك يقتضي صرف ظهور هذه الرواية في تعديل عموم الصحابة هذا لو كان لها ظهور في عموم التعديل، أي أنَّه لو كان لها ظهور بدوي في عموم التعديل فإن هذه الروايات الكثيرة تقتضي حمل هذه الرواية على عدم إرادة هذا الظهور كما هو مقتضى الصناعة الأصولية.
ثم انه لو سلّمنا جدلاً ان هذه الرواية ظاهرة فيما يدَّعيه القوم من عدالة عموم الصحابة ودون استثناء فحينئذٍ لا بدَّ من طرحها لمنافاتها مع صريح القرآن والسنة القطعية، وقد صحّ عن الإمام الصادق (ع) وعن أهل البيت (ع) ان "كل شيء مردود إلى الكتاب والسنة، وكل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف"( )، وورد عن الإمام الصادق (ع) بسندٍ معتبر انه قال: "ما لم يوافق الحديث القرآن فهو زخرف"( )، وورد عنه أيضاً بسندٍ معتبر انه قال: "إنَّ على كلِّ حق حقيقة وعلى كلِّ صواب نوراً فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فدعوه"( ). فحيث ان ذيل الرواية المذكورة منافٍ للقرآن الكريم كقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ﴾( )، وقوله تعالى: ﴿لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ﴾( )، وقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ﴾( )، وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾( )
فهذه بعض الآيات والتي هي صريحة في انَّ بعض الصحابة كان يتثاقل عن الجهاد، وكان متاع الدنيا أحظى عنده من ثواب الآخرة، وصريحة في انَّ بعضهم فرَّ من الزحف والذي هو من الموبقات حيث قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ / وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾( ) والآية الثالثة صريحة في انَّ بعض الصحابة كانوا يُسرُّون بالمودة لأعداء الله عز وجل وقد فضحهم القرآن وأفاد انهم يُلقون إلى أعداء الله تعالى بالمودة ثم وصفهم بالضلال عن سواء السبيل، وأما الآية الرابعة فتحكي عن حديث الإفك والذي افتراه قوم من الصحابة على بعض نساء الرسول الكريم (ص).
وثمة آيات أخرى يجدها من تأمل القرآن الكريم ولاحظ السنَّة الشريفة التي تصدَّت لشرحها وبيان سبب نزولها.
وأما السنة الشريفة فيكفي في ذلك روايات الحوض والتي وردت من طرق الفريقين بأسانيد صحيحة متظافرة بل هي متواترة خصوصاً إذا ضُم ما ورد من طرق السنة مع ما ورد من طرق الشيعة.
فمن هذه الروايات: ما رواه البخاري في صحيحه عن أنس عن النبي (ص) قال: "ليرِدنَّ عليَّ ناس من أصحابي الحوض حتى عرفتُهم اختلجوا دوني فأقول أصحابي فيقول: لا تدري ما أحدثوا بعدك.
ومنها: ما رواه البخاري في صحيحه بسنده عن سهل بن سعد قال: قال النبي (ص): "إني فرطَكم على الحوض مَن مرَّ عليَّ شرِب، ومَن شرِب لم يظمأ أبداً، ليرِدن عليَّ أقوام أعرفهم ويعرفوني ثم يُحال بيني وبينهم"، قال أبو حازم: فسمعني النعمان بن أبي عياش فقال: هكذا سمعت من سهل؟، فقلت: نعم، فقال: أشهد على أبي سعيد الخدري لسمعته وهو يزيد: "فأقولُ إنَّهم مني فيُقال إنَّك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول سحقاً لمن غيَّر بعدي.."
ومنها: ما رواه مسلم في صحيحه بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص): "ترِدُ عليَّ أمتي الحوض وأنا أذود الناس كما يذود الرجل إبل الرجل عن إبله: قالوا: يا نبي الله أتعرفنا؟، قال: "نعم لكم سيما ليست لأحدٍ غيركم، ترِدون عليَّ غرَّاً محجَّلين من آثار الوضوء وليُصدَّن عني طائفةٌ منكم فلا يَصلون، فأقول يا رب هؤلاء أصحابي فيُجيبني ملك فيقول: وهل تدري ما أحدثوا بعدك".
ومنها: ما رواه مسلم في صحيحه بسنده عن عبد الله قال: قال رسول الله (ص): "أنا فرطكم على الحوض ولانازِعنَّ أقواماً ثم لأُغلبنَّ عليهم عليهم فأقول يا رب أصحابي، فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك".
ومنها: ما رواه البخاري بسنده عن ابن أبي مليكة عن أسماء بنت أبي بكر قالت: قال النبي (ص): "إني على الحوض حتى أنظر مَن يَرِد عليَّ منكم، ويُؤخذ ناس دوني، فأقول: يا رب منِّي ومن أمتي، فيقال: هل شعرت ما عملوا بعدك، والله ما برحوا يرجعون على أعقابهم". فكان ابن أبي مليكة يقول: "اللهم إنا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا أو نُفتن عن ديننا".
ومنها: ما رواه البخاري بسنده عن أبي هريرة أنه كان يُحدِّث أنَّ رسول الله (ص) قال: "يرِد عليَّ يوم القيامة رهط من أصحابي فيُحلَّئون عن الحوض، فأقول: يا رب أصحابي، فيقول: إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى".
وليس المراد من الإرتداد هو الشرك بعد الإيمان وإنما هو الانصراف عن مقتضيات الإيمان كما تدلُّ على ذلك روايات عديدة كالتي رواها البخاري بسنده عن عقبة ابن عامر قال: صلَّى رسول الله (ص) على قتلى أُحد بعد ثماني سنين كالمودِّع للأحياء والأموات ثم طلع المنبر فقال: "إني بين أيديكم فرط وأنا عليكم شهيد وإنَّ موعدكم الحوض وإني لأنظر إليه من مقامي هذا وإني لستُ أخشى عليكم أن تُشركوا ولكني أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوها" قال: فكان آخر نظرة نظرتُها إلى رسول الله (ص)، ورواه مسلم بسنده عن عقبة إلا أنه ورد في ذيله: "إني لست أخشى عليكم ان تُشركوا بعدي ولكني أخشى عليكم الدنيا ان تنافسوا فيها وتقتتلوا فتهلكوا كما هلك من كان قبلكم".
وثمة روايات أخرى كثيرة يقف عليها المتابع لما ورد في السنة الشريفة ويمكن ملاحظة ما نقلناه في مقالنا: ﴿محمد رسول الله وَالَّذِينَ مَعَهُ...﴾ ( ) مناقشة في الإطلاق.
والحمد لله رب العالمين
الشيخ محمد صنقور
منقول
نسألكم الدعاء
|
|
|
|
|