وهذا الموضوع هو عبارة عن تلخيص لمحاضرات تلقيتها والفضل كل الفضل يعود للأستاذ الفاضل لا لي أنا فأنا فقط نقلته لكم كما لخصته وشكراً لكم أعزائي ..
قال تعالى : ( قال الرسول أن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا ) ، هذا القول خاص بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهي شكوى يبثها في يوم القيامة يقف الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وفي يده القرآن الكريم ويقول أن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا .
ظاهرة هجر القرآن :
تظهر عظمة القرآن الكريم في كثير من الآيات من شفاء ورحمة وغير ذلك ومن الآيات التي تتحدث عن فضل القرآن كما قالت تعالى : {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا} (174) سورة النساء ، وعلى الرغم من كثرة الآيات التي تتحدث عن أهمية القرآن بالنسبة لمن يقرأه ويتدبر في آياته نجد أن المسلمين مبتعدين عن القرآن الكريم.
وأن هجر القرآن له مظاهر معينة منها :
1- هجر القراءة والتلاوة :
هجر القراءة والتلاوة ظاهرة بارزة في مجتمعاتنا لأن القرآن لا يُتلى إلا في المناسبات كشهر رمضان أو في الفواتح أو على الأموات ولكن بعد انقضاء شهر رمضان هناك القليل من الناس من يواضب على قراءة القرآن الكريم على الرغم من وجود كثير من الآيات التي تؤكد مسألة قراءة القرآن : {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} (4) سورة المزمل، وأن الأشخاص الذين يجيدون القرآن هم قلة .
2- هجر الاستماع إلى القرآن الكريم :
في أثناء مجالس قراءة القرآن نادراً ما نجد من هو منصت لقراءة القرآن الكريم وهم قلة لا يتوقفون أبداً عن الحديث وكأن القرآن لا يعني لهم شيئاً لقوله تعالى : {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (204) سورة الأعراف ، وقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : ( يرفع عن قارئ القرآن بلاء الدنيا ويدفع عن مستمع القرآن بلاء الآخرة ) .
3- هجر حفظ القرآن الكريم :
كنا في الماضي نتعلم القرآن الكريم وقد كان في الماضي معلمين وكُتاب لتعليم القرآن الكريم وهناك جوائز لمن يحفظ سور معينة والعائلة تدفع مبالغ مالية لتعلم أبنائها ، ولكن في المرحلة المعاصرة بعد ظهور المدارس أصبح تعلم القرآن الكريم مسألة هامشية وحتى في داخل الأسرة قل تعليم القرآن الكريم ولا يوجد اهتمام لتعلمه كذلك نجد الشباب والأطفال يحفظ قصائد شعرية وأغاني تافهة لا تحوي قيم ولا أخلاق ولكن نادراً ما نرى اهتمام في حفظ القرآن ولكن ظهر اهتمام في وقتنا الحاضر في بعض الدول ولكن في مجتمعاتنا قل وندر الاهتمام بالقرآن الكريم ، قال تعالى : {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} (16) سورة القيامة ، وهناك كثير من الروايات التي تتحدث عن فضل وميزة حافظ القرآن قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : ( من أعطاه الله حفظ كتابه فضن أن أحداً أُعطي أفضل ما أفضل ما أعطي فقد غمط أفضل نعمة) ، ( أن من ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخراب ) وفي حديث عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال : ( الحافظ لــــــلقرآن والعامل به كسفرة الكرام البررة ) .
4- هجر التدبر :
هناك آيات تدل على وجوب التدبر ومنها : قال تعالى : {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } (17) سورة القمر ، وقال تعالى : {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} (29) سورة ص ، أن في هجر القرآن وهجر التدبر فيه أعظم وأكبر فكثير من الناس يقرأ القرآن ولا يتدبر في معانيه وفي الآية الثانية ذكرى لأصحاب العقول لتطبيق ما في القرآن من أحكام وفهم دلالاتها ولكننا نجد الغالب من الناس يقرأ القرآن كالهدرمة وعندما يبدأ في سورة معينة يكون همه منصب على متى ينهي هذه السورة وليس فهم معنى الآية كأنما القراءة لأجل القراءة وإسقاط واجب وليس لتدبر وتفهم معنى الآيات الكريمة ، وهناك أحاديث كثيرة حول مسألة هجر التدبر في القرآن الكريم كما قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : ( لا يكن هم أحدكم آخر السورة ) وفيما معنى قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : ( أقرأو القرآن وبكوا فإن لم تبكوا فتباكوا ) ، وإذا مر على آية فيها سؤال بطلب من الله السؤال وإذا مر على آية فيها مغفرة يطلب المغفرة من الله تعالى .
5- هجر الهم والعمل به :
أن يهتم الإنسان بالقرآن الكريم ويحاول أن يعمل بما في القرآن الكريم ويوجد لدينا أحاديث كثيرة تدل على ذلك ، قال تعالى : {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ } (121) سورة البقرة ، والمقصود من الآية أي يتلونه أي يتبعونه حق إتباعه فيما أمر به ، وقال تعالى : { وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (44) سورة المائدة ، أن الله أنزل في كتابه مجموعة من الأوامر و النواهي نزلت لأجل التطبيق والعمل بها .
وللحديث بقية ..
أسباب هجر القرآن الكريم
سماع : هو عبارة عن سُماع عابر من دون توجه والإلتفات .
الاستماع : قصد التوجه والإلتفات إلى القرآن الكريم .
أسباب هجر القرآن الكريم :
1- منهج التعاطي الخاطئ مع القرآن الكريم :
كانوا المسلمون الأوائل يتعاملون مع القرآن تعامل صح ، وأن المسلمون الأوائل هم المقصودين في آيات وأحكام في جهودهم ونضالهم وقد كانوا يجدون القرآن هو الملجأ الأمن ليستفيدوا منه في كل أمور حياتهم لأن نظرتهم نظرة إيجابية لذلك فإن القرآن هو أساس الحياة ومنهج لكل حياتهم لذلك فإنهم كانوا يهتمون بالقرآن الكريم ويفهمونه ويتدبرونه ويعملون به ، فقد كان الصحابة عندما تعلموا من النبي عشر آيات فهم لا يتجاوزوها حتى يتدبروها ويطبقونها علماً وعملاً وأنهم كانوا ينظرون إلى القرآن هو منهج لحياتهم في كل شؤون حياتهم الاقتصادية والاجتماعية ، قال تعالى : {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا } (59) سورة مريم ، أما في زماننا الحاضر لم ينظروا إلى القرآن الكريم كما كانوا في السابق ينظرون إليه لذلك أدى ذلك إلى هجر القرآن .
2- النظرة التأطيرية الضيقة من حيث أفاق الآيات ودلالاتها :
حيث أن المسلمون الذين جاءوا وبعد الصحابة والتابعين نظروا إلى القرآن بنظرة ضيقة وحجزوه في فترة تاريخية معينة بخلاف أساس القرآن لأن القرآن لم يأت لزمان معين ولفئة معينة من الناس وكان الكل يتفاعل مع القرآن وكانت القصص التي في القرآن كانوا يعملون بها لأنها كانت تقصدهم في بعضهم أما الآن فأنهم أطروا القرآن في إطار معين باعتبار أن القرآن نزل في أشخاص وأماكن معينة فهم يحسبون أنهم غير معنيون بتلك الأحداث فأدى إلى عدم تطبيق القرآن الكريم : {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ } (111) سورة يوسف ، والقرآن حينما يقص القصص ويكررها في أكثر من موضع وفي كل موضع تركز على جانب معين فهو ليس إعتباط وعبث إنما للاستفادة من العضة والعضة والعبرة ، ومعنى العبرة العبور من تلك الحالة والاستفادة من تلك القصة لذلك هجر القرآن .
3- الهيبة الخاطئة للقرآن الكريم :
النظر إلى القرآن كأنما هو فوق إدراك البشر وأنه مجموعة من الألغاز ولا يفهمه إلا العلماء وأهل الذكر وأن هؤلاء هم الذين يعرفون القرآن ، فتصعيب القرآن على الفهم أدى إلى الابتعاد عن القرآن الكريم أن : ( من فسر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار ) ، لذلك فإن الإنسان يعتبر نفسه وكأنه يفسر القرآن برأيه وهو منهي عنه في الروايات فيقول لماذا نعرض أنفسنا لذلك فابتعد الناس عن القرآن الكريم .
وأن تفسير القرآن يتم إما بروايات عن أهل البيت أو باجتهاد الشخص وفهمه ورجوعه إلى اللغة .
اعتبار الناس أن التدبر هو بمثابة التفسير بالرأي لذلك أبتعد الناس عن القرآن والهيبة في مقابل هؤلاء يؤدي إلى هجر القرآن الكريم .
4- غياب القرآن في المراكز العلمية والإسلامية :
وهو حقيقة وإنها من الأمور الغريبة لأن المراكز العلمية والحوزات التي من المفترض أن تعلم القرآن الكريم غاب عنها ولا يكون لها دور إلا لفترة محدودة .
5- تراجع دور الأسرة في الاهتمام بالقرآن الكريم :
كان للأسرة دور في الاهتمام بالقرآن الكريم فقد كانوا يرسلون أولادهم إلى المعلم فكان هناك تحضير لحفظ القرآن الكريم بالرغم من الجهل المطبق على المجتمعات الجاهلية .
وبعد تطور العلم وتأسيس المدارس وتعلم الناس فأصبح تراجع للقرآن الكريم وكذلك ضعف دور الأسرة في هذا المجال ونجد من النادر ما توجد أسرة تشجع أبناءها على القرآن الكريم وعلى حسب ما رأيته أنا فإنا تشجيع الأبناء على حفظ القرآن يكون للمسابقات التي توزع الجوائز فيكون الهدف المال والمصيبة أن الأم تدفع أبنها للمشاركة وحفظ الأجزاء فقط لأجل المال .
وكذلك فإن الآباء غير مهتمين بالقرآن فينعكس على الأولاد قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بما معناه : ( نوروا بيوتكم بتلاوة القرآن ولا تتخذوها قبوراً كما فعلت اليهود والنصارى صلوا في الكنائس .... فإن البيت إذا كثر فيه تلاوة القرآن كثر خيره واتسع أهله وأضاء لأهل السماء كما تضيء نجوم السماء لأهل الدنيا ) ، وقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بما معناه : ( ثلاثة يشكون إلى الله مسجد خراب لا يُصلى فيه أهله وعالم دين بين جهال ومصحف معلق قد وقع عليه الغبار لا يقرأ فيه ) .
6- تأثير وسائل الإعلام :
له دور كبير وأن تركيز وسائل الإعلام على برامج التسلية والغناء والبرامج الهشة الفارغة و السخيفة ونادراً ما نجد أشياء هادفة وإشغال المرأة بأشياء تافهة وتجاهل القرآن الكريم .
7- انشغال الناس بالأمور الحياتية :
الركض إلى الأمور المعيشية والدنيوية يخلق حالة ضعف لذلك لا نجد مكان للقرآن الكريم .