لا شك أن التوبة باب من أبواب رجمة الله تعالى ، وكما قال الإمام السجاد عليه السلام في الصحيفة السجادية : << أنت الذي فتحت لعبادك باباً إلى عفوك سميته التوبة .
وجعلت على ذلك الباب دليلاً لئلا يضلوا عنط فقلت تبارك اسمك :
بسم الله الرحمن الرحيم
(( توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ))
صدق الله العلي العظيم
فما عذر من أغفل دخول ذلك المنزل بعد فتح الباب وإقامة الدليل >>
وحقاً ماذا كان يمكن أن يحدث لو لم يفتح الله عز وجل هذا الباب من رحمته مع ما نجد من حالات الغفلة واتباع الشهوات ، وارتكاب المعاصي ومخالفة الأوامر الإلهية واتباع الشهوات ، وارتكاب المعاصي ومخالفة الأوامر الإلهية والنواهي .؟
لا شك كنا من الهالكين جميعاَ ، لكن رحمة الله المطلقة فتحت لنا باباً يدخل منه أصحاب الفطر السليمة ، والضمائر الحية ، مستجيبين لنداء الله عز وجل ونداء رسله بالتوبة عما صدر عنهم من خطايا وذنوب .
مشتاق لعودة المذنبين :
ورد في حديث قدسي أن الله عز وجل قال : (( لو علم المدبرون عني كيف اشتياقي لهم لماتوا شوقاً )) .
وقد ورد في حديث نبوي ما مضمونه أن الله تعالى يفرح بعودة عبده المذنب إليه أكثر من فرح من فقد كل مايملك في مركب وضاع منه هذا المركب ثم وجده .
العبد تائب والله عز وجل تواب :
نعم ، بمجرد أن يتوب الإنسان سيجد الله عز وجل تواباً ، ومن تقدم إلى الله بخطوة أقبل الله عليه بعشر خطوات .
ويعود العبد إلى الله عز وجل مقدماً عذره كما قال الإمام السجاد عليه السلام في دعاء أبي حمزة الثمالي : (( وقد جعلت الاعتراف إليك وسائل عللي ))
والتوبة في الحقيقة هي إلى الفطرة السليمة ، وررفع لكل آثار التلوث التي حصلت في القلب نتيجة المعاصي والذنوب .
إن فطرة الإنسان لو كانت سليمة وكان ضميره حياً لعاش العذاب عندما يرتكب المعصية ، ولشعر بالندم والأسف عما صدر منه ، أما الله عز وجل فإنه يعود عليه بالتوبة والمغفرة ، وما أكثر قصص المذنبين العائدين إلى ساحة الإيمان والصلاح بتوبة منه جل وعلا ثناؤه .
مراتب التوبه رجوعاً إلى الفطرة :
[/size]
إن توبة كل أحد تكون خاصه به ، فتوبة الناس العاديين تكون من الذنوب ، وتوبة الخواص تكون من المكروهات ، وتوبة
خواص الخواص تكون من الغفلات ومن التوجه إلى النفس وكما قيل : (( التوبة عام وخاص وأخص ))
إن جميع مراتب التوبة هذه هي في الحقيقة تعبر عن عودة الإنسان إلى فطرته السليمة ، فضميره الحي يأمره بأن يقلع عن ا
لذنب وعما يكره الله عز وجل ، ويدعوه إلى ترك هذه المخالفة ، وترك كل ما نهى
الله عنه ، أو الأتيان بكل ما أمر به سواء اكان واجباً أو مستحباً ، أو كان حراماً او مكروهاً .
وعندما يسمو الأنسان في حالته الروحية وتزداد إدراكاته الإيمانية فإنه يعرض
عن غير الله تعالى ، بل ويعرض عن نفسه أيضاً ، ويحل محل ذلك حب الله
تعالي في قلبه ، والتوبة يعبر عنها بتوبة خاص الخاص وهي في الحقيقة رجوع إلى الفطرة أيضا .
بداية العبرر والقصص :
التوب والتوبة والمتاب كلها يمعنى الرجوع
ان العبد الذي تعرض لغضب الجبار بارتكابه الذنوب ، وما حصل في قلبه من ندم وحسرة لا أمل له إلا أن يتوجه إلى الباب
الذي فتحه الله له من رحمته ودعاه لوروده آملاً بتبديل سيئاته حسنات ، كما قال جل وعلا
بسم الله الرحمن الرحيم
{ إلا من تاب وآمن وعمل صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات }1
صدق الله العلي العظيم
فتطهر القلوب ويتحول ما فيها من ظلمات إلى نور ، كل ذلك برحمته ورأفته وتوبته
بسم الله الرحمن الرحيم
{ ثم تاب عليهم إنه بهم رؤوف رحيم }
صدق الله العلي العظيم
وهذه الفرصة باقية ما دام نفس الإنسان يصعد ويهبط ، وعليه أن يستثمرها قبل فوات الأوان وانتقاله إلى العالم الآخر ،
عالم الحسرة والندامة حيث لا فائدة جينها .
وقد روي في الجزء الثاني من كتاب الكافي عن الإمام الصادق عليه السلام عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه
قال :
( " من تاب قبل موته بسنه قبل الله توبته ، ثم قال : إن السنه لكثيرة ، من تاب قبل موته بشهر قبل الله توبته ثم قال : إن الشهر لكثير ، من تاب قبل موته بجمعه تاب الله عليه ، ثم قال ان الجمعه لكثير ، من تاب قبل موته بيوم قبل الله توبته ثم قال ان اليوم لكثير ، من تاب قبل أن يعاين قبل الله توبته "2 )
فالويل لي ولأمثالي إن لم نستفد من هذا الباب من أبواب رحمه الله ، فلا يغفر لي وأموت عاصياً حيث لا ينفع التوبة والإيمان :
بسم الله الرحمن الرحيم
{ ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يوا العذاب الأليم }
صدق الله العلي العظيم
حينها لا يقبل منه ان يقول : (( إني تبت الآن )) ولا يبقى أمامه إلا الشفاعة والرحمة الإلهية . أللهم اغفر لعبادك ذنوبهم واشملنا برحمتك الواسعة[/COLOR]
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: ::::::::::::::::
(( " وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفوا عن السيئات ويعلم ما تفعلون " ))
يتبع
الندم سبب لترك الذنب
لا شك أن الإيمان بالله عز وجل بالآخرة والتصديق بما أخبر به النبي - صلى الله علية وآله وسلم - والأئمة الأطهار ( عليهم السلام )
كلما ازداد لدى الإنسان كلما اشتد ندمه على الذنوب ، ويلزم هذه الحسرة والندامة العزم على ترك الذنب وإلا لم يكن ندماً حقيقياً
قال أمير المؤمنين الإمام علي ( عليه السلام ) : " إن الندم على الشر يدعو إلى تركه "
وأيضاً ينتج عن الندم الحقيقي على الذنب السعي في الإصلاح لما فسد بسبب ذلك الذنب ، فلو كان ذنباً في حق الله عز وجل
كترك الصلاة والصيام والحج والزكاه فعليه أن يقضي ما فاته منها ، وإن كان في حق الناس كالأمور المالية فعليه إعادتها لأصحابها
وإن كانو أمواتاً فلوريتهم ، وإذا لم يكن يعرفهم فيعطيها للفقراء صدقة نيابة عنهم ، وإن كان حقاً عرضياً فعلية استرضاه صاحبه
وإن كان قصاصاً أو دية فعليه أن يسلم نفسه للقصاص أو لدفع الدية أو العفو عنه ، وإن كان حقاً فيه حد كالقذف فعليه
أن يسلم نفسه لصاحب الحق ، إما ان يقيم عليه الحد أو يعفو عنه.
أما الذنوب التي جعل الله عليها الحد كالزنا مثلاً فلا يجب عليه أن يقر لدي حاكم الشرع ليجري عليه الحد بل يكفيه ندمه عليه ،
وعزمه على عدم العودة للذنب ، واستغفاره منه ، كما يشمل ذلك الكبائر التي لم يعين لها حد كاستماع الغناء والموسيقى ،
ويظهر من الآيات والروايات أن الاستغفار بعد الندم واجب .
التوبة الكاملة
قال أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) لقاءل بحضرته : أستغفر الله : ثكلتك أمك أتدري ما الاستغفار ؟! الاستغفار درجة
العليين ، وهو اسم واقع على ستة معان :
أولها : الندم على ما مضى .
والثاني : العزم على ترك العود إلية أبداً
والثالث : أن تؤدي إلى المخلوقين حقوقهم حتى تلقى الله أملس ليس عليك تبعة
والرابع : أن تعمد إلى كل فرسضة عليك ضيعتها فتؤدي حقها
والخامس : أن تعمد إلى اللحم الذي نبت على السحت فتذيبه بالأحزان حتى تلصق الجلد بالعظم ، وينشأ بينهما لحم جديد
والسادس : أن تذيق الجسم ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية ، فعند ذلك تقول : أستغفر الله
::::::::::::::::::::::::::
نهج البلاغة : 253 الحكمة 417
صدق الله العلي العظيم
التوبة
:::::::::::::::::::::::
بسم الله الرحمن الرحيم
(( " يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا "))
صدق الله العلي العظيم
لا يخفى على ذوي البصائر أن التوبة شعبة من الفضل الإلهي العظيم على الأنسان،وباب من أبواب رحمه الله فحها لعباده،
ولولاها لما نجا أحد من الناس ، فإن الإنسان معرض للتلوث بالمعاصي والآثام بشكل لا يستطيع معه - عادة - التخلص منها
سواء في الأعمال الجوارحية أو القبلية إلا ماشاء الله أن يحفظه منها .
وفي الحقيقة لا يمكننا أن نجد إنساناً حافظاً لفطرته السليمة من التلوث بنبوع من أنواع المعاصي والأخطاء حتى بعض
الأنبياء ( وطبعاً تختلف أخطاء الأنبياء عن أخطاء الآخرين )
ولذا جعل الله عز وجل بحكمته ورحمته التوبة دواء للروح ، وعلاجاً للأمراض القلبية ، وتطهيراً لأنواع التلوثات كي يطهر
الإنسان بعد ارتكابه الذنب ويكون من الناجين
والسعيد من اغتنى بهذا الباب واستفاد منه وأدى شكر هذه الموهبة الإلهية ، أما الشقي فهو من كان هذا الباب فقط
إتماماً للحجة الإلهية علية ، فإذا وقف في عرصات القيامة للحساب واعتذر عن ذنوبه بجهله وعدم مقاومته للشهوة أو
الغضب واتباعه الهوى وعجزه عن مقاومة الوساوس الشيطانية لأجيب عن ذلك : ألم نفتح لك باب التوبة .! وهل كلفت
أكثر من طاقتك .! أم كانت شروط التوبة بعيدة عن قدرتك .!
وهنا نشير إلى بعض المسائل المهمة في موضوع التوبة :
حقيقة التوبة
قال النبي -صلى الله علية وآله وسلم - : (( الندم على الذنب توبة ))
وعن الباقر ( عليه السلام ) قال : (( كفى بالندم توبة ))
وعن الصادق ( عليه السلام ) قال : (( ما من عبد أذنب ذنباُ فندم عليه إلا غفر الله له قبل أن يستغفر ))
وعلى هذا فإن حقيقة التوبة هو الندم على الذنب لقبحه عند الله عز وجل ومخالفته لرضاه ، كالعبد الذي يعمل عملاً
لا يرضى به مولاه ، وغفل عن إطلاعه عليه ، فلو انتبه إلى أن سيده عارف بما قام به لندم ندماً شديداً
كالتاجر لو أجرى معاملة خسر فيها كل ما يملك وأصبح مديناً فكم هو ندمه على تلك المعاملة الخاسرة وعلى الأخص لو
كان أحد أصدقائه قد نصحه بتركها
وأيضاً كالمريض لو حذره الطبيب من تناول طعام ما فأكل ووقع في المحذور فكم هو ندمه .!