ولقد نظر رسول الله صلى الله عليه وآله يوما وعليه السلاح تام،فضحك رسول الله صلى الله عليه وآله ثم قال - يكنيه -: (أبا فلان، اليوم يومك)!!
فقال الأشعث: ما أعلمني بمن تعني إن ذلك يفر منه الشيطان (1) قال عليه السلام: يا بن قيس، لا آمن الله روعة الشيطان إذ قال!
____________
(1). يريد بذلك عمر، وقد اختلقوا له حديثا: (إن الشيطان يفر منه).
التعديل الأخير تم بواسطة الجابري اليماني ; 15-11-2019 الساعة 07:17 PM.
ألا إن العجب كل العجب من جهال هذه الأمة وضلالها وقادتها وساقتها إلى النار لأنهم قد سمعوا رسول الله صلى الله عليه وآله يقول عودا وبدءا: (ما ولت أمة رجلا قط أمرها وفيهم أعلم منه إلا لم يزل أمرهم يذهب سفالا حتى يرجعوا إلى ما تركوا)، فولوا أمرهم قبلي ثلاثة رهط ما منهم رجل جمع القرآن ولا يدعي أن له علما بكتاب الله ولا سنة نبيه.
وقد علموا يقينا أني أعلمهم بكتاب الله وسنة نبيه وأفقههم وأقرأهم لكتاب الله، وأقضاهم بحكم الله.
وأنه ليس رجل من الثلاثة له سابقة مع رسول الله صلى الله عليه وآله ولا عناء معه في جميع مشاهده، فلا رمى بسهم ولا طعن برمح ولا ضرب بسيف جبنا ولؤما ورغبة في البقاء.
وقد علموا أن رسول الله صلى الله عليه وآله قاتل بنفسه فقتل أبي بن خلف وقتل مسجع بن عوف. وكان من أشجع الناس وأشدهم لقاء وأحقهم بذلك.
وقد علموا يقينا أنه لم يكن فيهم أحد يقوم مقامي، ولا يبارز الأبطال ولا يفتح الحصون غيري، ولا نزلت برسول الله صلى الله عليه وآله شديدة قط ولا كربة أمر ولا ضيق ومستصعب من الأمر إلا قال: (أين أخي علي، أين سيفي، أين رمحي، أين المفرج غمي عن وجهي)، فيقدمني، فأتقدم فأفديه بنفسي ويكشف الله بيدي الكرب عن وجهه. ولله عز وجل ولرسوله بذلك المن والطول حيث خصني بذلك ووفقني له.
التعديل الأخير تم بواسطة الجابري اليماني ; 15-11-2019 الساعة 07:18 PM.
وإن بعض من سميت ما كان ذا بلاء ولا سابقة ولا مبارزة قرن ولا فتح ولا نصر غير مرة واحدة، ثم فر ومنح عدوه دبره ورجع يجبن أصحابه ويجبنونه وقد فر مرارا!
فإذا كان عند الرخاء والغنيمة تكلم وتغير وأمر ونهى.
ولقد نادى ابن عبد ود - يوم الخندق - باسمه، فحاد عنه ولاذ بأصحابه (1) حتى تبسم رسول الله صلى الله عليه وآله مما رآى به من الرعب وقال صلى الله عليه وآله: (أين حبيبي علي؟ تقدم يا حبيبي يا علي).
____________
(1). روى ابن شهرآشوب في المثالب (مخطوط) ص 336: إن عمرو بن عبد ود رآى بيد عمر بن الخطاب (يوم الخندق) قوسا فقال: يا بن صهاك، واللات لئن نقل عن يدك سهم لأقطعنها فتناثر النبل من يده ورجع القهقرى.
التعديل الأخير تم بواسطة الجابري اليماني ; 15-11-2019 الساعة 07:18 PM.
وهو القائل يوم الخندق لأصحابه الأربعة - أصحاب الكتاب والرأي -: (والله إن ندفع محمدا إليهم برمته نسلم من ذلك، حين جاء العدو من فوقنا ومن تحتنا) كما قال الله تعالى: (وزلزلوا زلزالا شديدا)، (وظنوا بالله الظنونا)، (وقال المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا). فقال له صاحبه: (لا، ولكن نتخذ صنما عظيما نعبده لأنا لا نأمن أن يظفر ابن أبي كبشة فيكون هلاكنا ولكن يكون هذا الصنم لنا ذخرا فإن ظفرت قريش أظهرنا عبادة هذا الصنم (1) وأعلمناهم أنا لن نفارق ديننا، وإن رجعت دولة ابن أبي كبشة كنا مقيمين على عباد ة هذا الصنم سرا).
فنزل جبرئيل عليه السلام فأخبر النبي صلى الله عليه وآله بذلك، ثم خبر به رسول الله صلى الله عليه وآله بعد قتلي ابن عبد ود. فدعاهما فقال: (كم صنم عبدتما في الجاهلية)؟ فقالا: يا محمد، لا تعيرنا بما مضى في الجاهلية. فقال صلى الله عليه وآله لهما: (فكم صنم تعبدان يومكما هذا)؟ فقالا: والذي بعثك بالحق نبيا ما نعبد إلا الله منذ أظهرنا من دينك ما أظهرنا.
فقال: يا علي، خذ هذا السيف، فانطلق إلى موضع كذا وكذا فاستخرج الصنم الذي يعبدانه فاهشمه. فإن حال بينك وبينه أحد فاضرب عنقه.
فانكبا على رسول الله صلى الله عليه وآله فقالا: استرنا سترك الله. فقلت أنا لهما: (اضمنا لله ولرسوله أن لا تعبدا إلا الله ولا تشركا به شيئا). فعاهدا رسول الله صلى الله عليه وآله على ذلك.
وانطلقت حتى استخرجت الصنم من موضعه وكسرت وجهه ويديه وجذمت رجليه، ثم انصرفت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله. فوالله لقد عرفت ذلك في وجههما علي حتى ماتا!
___________
(1). قد أورد قصة عبادتهما للصنم المرندي في (مجمع النورين): ص 229 عن كتاب المحتضر.
التعديل الأخير تم بواسطة الجابري اليماني ; 15-11-2019 الساعة 07:19 PM.
والعجب لما قد أشربت قلوب هذه الأمة من حبهم وحب من صدهم عن سبيل ربهم وردهم عن دينهم!
والله، لو أن هذه الأمة قامت على أرجلها على التراب ووضعت الرماد على رؤوسها وتضرعت إلى الله ودعت إلى يوم القيامة على من أضلهم وصدهم عن سبيل الله ودعاهم إلى النار وعرضهم لسخط ربهم وأوجب عليهم عذابه - بما أجرموا إليهم - لكانوا مقصرين في ذلك.
التعديل الأخير تم بواسطة الجابري اليماني ; 15-11-2019 الساعة 07:21 PM.